الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ المستقر: يجوز أن يكون موضع الاستقرار [[المستقر: يكون مصدرًا بمعنى: الاستقرار، واسم مكان، أي: موضع الاستقرار، واسم زمان، أي: وقت الاستقرار. انظر: الرازي 13/ 24، و"الفريد" 2/ 167، و"الدر المصون" 4/ 674.]]، ويجوز أن يكون نفس الاستقرار؛ لأن ما زاد على الثلاثي كان المصدر منه على زنة اسم المفعول نحو المدخل والمخرج بمعنى: الإدخال والإخراج كقول الشاعر: إنَّ المُوَقَّى مِثلُ مَا وُقَّيتُ [[هذا رجز لرؤبة بن العجاج في "ديوانه" ص25، و"الكتاب"4/ 97، و"المخصص" 14/ 200، وتكملته: (أَنْقَذَنيِ مِنْ خَوْفِ مَا خَشِيتُ)، والشاهد مجيء الموقى بمعنى: التوقية، انظر: "شرح أبيات سيبويه" للنحاس ص 186.]] يعني: التوقية، قال المفسرون: (يقول: لكل خبر يخبره الله وقت ومكان يقع فيه من غير خُلف ولا تأخير، وإذا جعلت المستقر مصدرًا كان المعنى: لكل وعدٍ ووعيدٍ من الله وقوع واستقرار لابد ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ إذا نزل) [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 227، والسمرقندي 4/ 1314، وابن عطية 6/ 72 ، والرازي 13/ 21.]]. قال الكلبي: (لكل قول حقيقة ما كان منه في الدنيا فستعرفونه وما كان منه في الآخرة فسوف يبدو لكم) [["تنوير المقباس" 2/ 28 - 29، وذكره الثعلبي في "الكشف" 179 أ، والبغوي 3/ 154، وأخرج الطبري 11/ 435، وابن أبي حاتم 3/ 79 ب بسند جيد عن مجاهد مثله.]]. وقال الضحاك: (لكل حديث وخبر منتهى وأجل يتبين فيه صدقه عند وقوعه) [[ذكره شيخ الإِسلام في "الفتاوى" 17/ 370 عن بعضهم.]] يعني: العذاب الذي وعدهم في الدنيا [و] [[لفظ: (الواو)، ساقط من (أ).]] الآخرة، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: 88]. وقال الحسن: (لكل عمل جزاء فمن عمل عملًا من الخير جوزي به الجنة، ومن عمل عمل سوء جوزي به النار، ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ يا أهلِ مكة) [[ذكره هود الهواري في "تفسيره" 1/ 534، والثعلبي في "الكشف" 179 ب، والماوردي في "النكت والعيون" 1/ 534، وشيخ الإسلام في "الفتاوى" 17/ 371.]]، وقال السدي: (استقر بهم القرار [يوم] [[لفظ (يوم): ساقط من (ش).]] بدر بما كان [[في (أ): (بما هو يعدهم).]] يعدهم من العذاب) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 227، وابن أبي حاتم 4/ 1313 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 37.]]. قال أبو إسحاق: (يقول: لا آخذكم بالإيمان على جهة الحرب واضطراركم إليه ومقاتلتكم عليه، فلكل ﴿نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ أي: وقت معلوم، ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ جائز أن يكون وعدهم بعذاب الآخرة، وجائز أن يكون وعدهم بالحرب وأخذهم بالإيمان إن شاؤوا أو أبوا) [["معاني القرآن" 2/ 260، وفيه: (وأخذهم بالإيمان شاؤوا أو أبوا، إلا أن يعطي أهل الكتاب الجزية) ا. هـ.]]، هذا الذي ذكرنا قول جماعة المفسرين [[انظر: "معاني النحاس" 2/ 442.]]. وقال ابن عباس في رواية عطاء ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾: (يريد: خبري وخبركم سوف يستقر عند رب العالمين، فيحكم بيني وبينكم ﴿وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ من له الحجة على صاحبه) [[لم أقف عليه، وأخرج الطبري في "تفسيره" 7/ 227، وابن أبي حاتم 4/ 1313 بسند جيد عنه قال: (﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ﴾ يقول: حقيقة)، وأخرج الطبري بسند ضعيف عنه قال: (فعل وحقيقة ما كان منه في الدنيا وما كان منه في الآخرة)، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 37.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب