الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ (الكَرْبُ: الغم الذي يأخذ بالنفس [[في (ش): (يأخذ النفس).]]، يقال: كرَبه الغم، وإنه لمكروب، والكربة: الاسم، والكريب: المكروب، وأمر كارب، ذكر ذلك الليث) [[ذكره عن الليث الأزهري في "تهذيب اللغة" 4/ 3119، وهو في "العين" للخليل 5/ 360، وانظر: "جمهرة اللغة" 1/ 327، و"الصحاح" 1/ 211، و"مجمل اللغة" 3/ 783، و"مقاييس اللغة" 5/ 174، و"المفردات" 706، و"اللسان" 7/ 3845 (كرب).]]. قال أبو إسحاق: (أعلمهم الله تعالى أن الله الذي دعوه وأقروا به هو ينجيهم ثم هم يشركون معه الأصنام التي قد علموا أنها من صنعتهم [و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (ش).]] أنها لا تضر ولا تنفع ولا تقدر أن تنجي من كربة ويله [[(ويله) غير واضحة في النسخ ولم ترد عند الزجاج.]]. ثم أعلمهم أنه قادر على تعذيبهم فقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام:65] [["معاني الزجاج" 2/ 259 بتصرف.]]. قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: من السماء كما حُصب قوم لوط وكما رمي أصحاب الفيل، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يريد: كما خُسف بقارون) [["تنوير المقباس" 2/ 28، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 58، وابن الجوزي 3/ 59.]]. وهو قول السدي [[أخرجه الطبري 7/ 220 بسند جيد.]] وابن جريج [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 58.]] ومجاهد [[ذكره السيوطي في "الدر" 3/ 283، وأخرج الطبري 7/ 220 بسند جيد عنه قال: (﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: الخسف).]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 565.]]، قالوا: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الصيحة والحجارة والريح والغرق بالطوفان وكل عذاب من السماء، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ الرجفة والخسف. وقال في رواية عكرمة: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ الأمراء ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ السفلة [[ذكره الرازي 13/ 22، عن عكرمة عن ابن عباس، وأخرج الطبري 7/ 220 بسند جيد عنه قال: ﴿مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ يعني: من أمرائكم ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾ يعني: سفلتكم) اهـ، وأخرج الطبري وابن أبي حاتم 4/ 1310 - 1311 بسند جيد عنه قال: (﴿مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: أئمة السوء، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: خدم السوء) ا. هـ. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 31.]]، وهو قول الضحاك: ﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ (من قبل كباركم ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: من أسفل منكم) [[ذكره النحاس في "معانيه" 2/ 440، والثعلبي 179 أ، والبغوي 3/ 153.]]، ونحو هذا روى عبد الوهاب بن مجاهد [[عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر المخزومي القرشي، روى عن أبيه وعطاء، وروى عنه عبد الرزاق وغيره، وهو متروك، وقيل: لم يسمع من أبيه، انظر: "الجرح والتعديل" 6/ 69، و"ميزان الاعتدال" 2/ 682، و"تهذيب التهذيب" 6/ 453، و"تقريب التهذيب" ص 368 (4263).]] عن أبيه: (﴿عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾: السلاطين الظلمة، ﴿أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ﴾: العبيد السوء) [[ذكره الثعلبي 179 أ، والبغوي 3/ 153، والقرطبي 7/ 9، والظاهر: أن المراد بالعذاب من فوق الرجم وما أشبهه، ومن تحت الخسف وما أشبهه؛ لأنه == هو المعروف عند العرب من معنى فوق وتحت، فحمله على الأغلب والأشهر أولى، وإن كان غيره له وجه من الصحة، وهذا اختيار أكثرهم، وقال ابن عطية 5/ 231: (الأقوال في الآية كلها أمثلة لا أنها هي المقصودة؛ إذ هي وغيرها داخلة في عموم اللفظ) ا. هـ. بتصرف. وانظر: "معاني الفراء" 1/ 338، و"تفسير غريب القرآن" ص 164، والطبري 7/ 220، وابن كثير 2/ 159، و"البحر" 4/ 151.]]. وقوله تعالى: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ الشيع [[انظر: "العين" 2/ 190، و"معاني الزجاج" 2/ 308، و"تهذيب اللغة" 2/ 1808، و"الصحاح" 3/ 1240، و"مقاييس اللغة" 3/ 235، و"المفردات" ص 470، و"اللسان" 4/ 2377 (شيع).]]: جمع شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، والجمع شِيع وأشياع، قال الله عز وجل: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: 54]، وأصله من التشييع، وهو التتبع، ومعنى الشيعة: الذين يتتبع بعضهم بعضًا. قال الربيع بن أنس: (يخلطكم [[في (أ): (يخلكم)، ثم كتب فوقها: يجعلكم.]] فرقًا) [[لم أقف عليه]] وقالوا [[يعني المفسرين، قال ابن عطية 5/ 231: (قال المفسرون: هو افتراق الأهواء والقتال بين الأمة) ا. هـ.]] جميعًا: (يعني: يبث فيكم الأهواء المختلفة فتصيرون فرقًا يقاتل بعضكم بعضًا ويخالف بعضكم بعضًا)، وهو قول ابن عباس [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 221، وابن أبي حاتم 4/ 1311 بسند جيد، قال: (يعني بالشيع: الأهواء المختلفة). وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 32.]] ومجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 216 - 217، قال: (يعني: ما فيهم من الاختلاف والفتن)، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 221، وابن أبي حاتم 4/ 1311 بسند جيد، وفي رواية عند الطبري قال: (الأهواء المفترقة).]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 565، قال: (يعني: فرقًا أحزابًا أهواء مختلفة كفعله بالأمم الخالية) ا. هـ.]] والسدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 221، وابن أبي حاتم 4/ 1312 بسند جيد، قال: (يفرق بينكم).]] قال أبو إسحاق: (معنى ﴿يَلْبِسَكُمْ﴾: يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط اتفاق، فيجعلكم فرقًا لا تكونون فرقة واحدة، فإذا كنتم مختلفين قاتل بعضكم بعضًا، وهو معنى قوله تعالى: ﴿وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ﴾) [[انظر: "معاني القرآن" 2/ 260، وفيه زيادة قال: (يقال: لبَسْت الأمر ألبسه: لم أبينه، وخلطت بعضه ببعض. ويقال: لبِستُ الثوب ألبَسه) اهـ، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 194، و"تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص 164، و"معاني النحاس" 2/ 441.]]. وقوله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ﴾ نبين لهم الآيات في القرآن، ﴿لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ﴾ يَعلمون [[انظر:"تفسير السمرقندي" 1/ 492، وابن عطية 5/ 232، والقرطبي 7/ 11.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب