الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾ الآية. معنى البينة: الدلالة التي تفصل الحق من الباطل [[انظر: "زاد المسير" 3/ 51.]] قال ابن عباس: (يريد: على يقين من ربي [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 50، وقال في "تنوير المقباس" 2/ 25: (على بيان من ربي وبصيرة من أمري وديني) ا. هـ.]]. وقال أبو إسحاق: (أنا على أمر بين لا متّبع لهوًى) [["معانى القرآن" 2/ 255 - 256.]]. وقال بعض أهل المعاني: (البيّنة هاهنا المعجزة يعني: القرآن) [[انظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 218.]] وقوله تعالى: ﴿وَكَذَّبْتُمْ بِهِ﴾ هذه الهاء كناية عن البيان، أيَ: وكذبتم بالبيان؛ لأن البيّنة والبيان بمعنى واحد، ويجوز أن تكون الكناية عن معنى البيّنة، وهو ما أتاهم به من القرآن؛ لأنه هو البيّنة، فيكون المعنى: وكذبتم بما أتيتكم به، هذا قول الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 256.]]. وقال غيره: (معناه: وكذبتم بربي؛ لأنه قد جرى ذكره) [[هذا قول الطبري 7/ 211، ورجحه أبو حيان في "البحر" 4/ 142، والسمين في "الدر" 4/ 657، وانظر: ابن الجوزي 3/ 51، والقرطبي 6/ 438.]]. وقوله تعالى: ﴿مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ﴾ قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 2/ 25، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 51، وابن الجوزي 3/ 51، عن ابن عباس والحسن.]] والحسن [[ذكره الماوردي 1/ 121.]] (يعني: العذاب، كانوا يقولون: يا محمد، ائتنا بالذي تعدنا، كقوله تعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ﴾ [الحج: 47]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا﴾) الآية [الأنفال: 32]. قال أبو إسحاق: (وجائز أن يكون الذي استعجلوا به الآيات التي اقترحوها عليه، فأعلم الله أن ذلك عنده فقال: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾) [["معاني الزجاج" 2/ 256، وأكثرهم على أن المراد العذاب والظاهر العموم من العذاب والآيات، انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 564، والطبري 7/ 213، و"معاني النحاس" 2/ 432، والسمرقندي 1/ 489، وابن عطية 5/ 219، والقرطبي 6/ 439، و"البحر" 4/ 142، وابن كثير 2/ 153.]]. قال ابن عباس: (يريد: أن ذلك عند ربي) [["تنوير المقباس" 2/ 25 وفيه: (ما الحكم بنزول العذاب إلا لله) ا. هـ]]. قال أهل المعاني: قوله تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ (أي: الحكم الذي يفصل به بين المختلفين بإيجاب الثواب والعقاب أو الحكم الذي يفصل كل حق من باطل لا يكون على هذا الإطلاق إلا لله جل وعز) [[انظر: "تفسير الرازي" 13/ 7.]]. وقوله تعالى: ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾، أي: يقول الحق، ومعناه: أن جميع ما أنبأ به وأمر به فهو من أقاصيص الحق [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 257.]]، كقوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾ [يوسف: 3]، هذه قراءة أهل الحجاز [[(قرأ ابن كثير وعاصم ونافع: (يَقُصُّ) بضم القاف وصاد مهملة مشددة مرفوعة، من القصص، وقرأ الباقون بسكون القاف وضاد معجمة مخففة مكسورة من القضاء، ولا خلاف أنه بغير ياء في الوصل). انظر: "السبعة" ص 259، و"المبسوط" ص 169، و"التذكرة" 2/ 400، و"التيسير" ص 103، و"النشر" 2/ 258.]] وقرأ الباقون ([يَقْضِ] الْحَقَّ) [[في النسخ (يقضي) بالياء، وهو خلاف الرسم.]] وكتب ([يَقْضِ] [[في (أ): (يقضي) بالياء، وهو خلاف الرسم.]] الْحَقَّ) في المصاحف بغير ياء؛ لأنها سقطت في اللفظ لالتقاء الساكنين [[انظر: "الحجة" لابن خالويه ص 140، و"الكشف" 1/ 434.]] كما كتبوا ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)﴾ [العلق: 18] و ﴿فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾ [القمر: 5]. وقوله تعالى: ﴿يَقُصُّ الْحَقَّ﴾ [[في النسخ (يقضي) بالياء.]] قال أبو إسحاق: (فيه وجهان: جائز أن يكون ﴿الْحَقَّ﴾ صفة للمصدر، المعنى: يقضي القضاء الحق، ويجوز أن يكون ﴿يَقْضِ الْحَقَّ﴾: يصنع الحق؛ لأن كل شيء صنعه الله عز وجل فهو حق) [["معاني القرآن" للزجاج 2/ 256، وفيه زاد: (فهو حق وحِكمةٌ، إلا أن ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ يدل على معنى القضاء الذي هو الحكم، فأما قضى في معنى صنع فمثله قول الهذلي ...) ا. هـ وبمثل قول الزجاج قال الأزهري في "معاني القراءات" 1/ 359 - 360، وأبو علي في "الحجة" 3/ 319.]]، وعلى هذا يكون (الحق) مفعولًا به وقضى بمعنى: صنع، كقول الهذلي [[الهذلي: خُوَيْلد بن خالد بن مُحرّث الهذلي، أبو ذؤيب، تقدمت ترجمته.]]: وَعَلَيْهَما مَسْروُدتانِ قَضاهُما ... داوُدُ ....................) [["شرح أشعار الهذليين" 1/ 39، و"مجاز القرآن" 1/ 52 - 275، و"معاني القراءات" 1/ 359، و"الحجة لأبي علي" 3/ 319، 4/ 254، و"اللسان" 1/ 418 (تبع)، و"الدر المصون" 2/ 86، وتكملته: (أو صَنَعُ السَّوابغ تُبَّعُ) وهو من قصيدة من عيون المراثي قالها في رثاء أبنائه الذين أصابهم الطاعون، المسرودتان: درعان، وأصل السَّرْد الخرز في الأديم، والصنع: الحاذق بالعمل، وتبع، بالضم: ملك تصنع له الدروع، انظر: "جمهرة أشعار العرب" 247.]] أي: صنعهما داود، واحتج أبو عمرو لهذه القراءة [[ذكره أبو علي في "الحجة" 3/ 318، وابن خالويه في "إعراب القراءات" 1/ 159 ، وابن زنجلة في "الحجة" ص 254.]] بقوله ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ قال: (والفصل في القضاء ليس في القصص) [["معاني القرآن للنحاس" 2/ 434 - 435.]]، قال أبو علي: (القصص هاهنا بمعنى القول، وقد جاء الفصل في القول أيضًا في نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ [الطارق: 13]، وقال: ﴿أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [هود: 1]، وقال: ﴿نُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ [الأنعام: 55] فقد حمل الفصل على القول واستعمل معه كما جاء مع القضاء) [["الحجة" لأبي علي 3/ 318 - 319.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب