الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾ الآية. قال الزجاج: (عزى الله نبيه ﷺ وصبره [[في (ش): (فصبر).]] بأن أخبره أن الرسل قبله قد كذبتهم أمم من قبله) [["معاني الزجاج" 2/ 243، وانظر: "تفسير الطبري" 7/ 183، والسمرقندي 3/ 223.]]، قال ابن عباس: (من لدن نوح إليك ﴿فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا﴾ رجاء ثوابي، ﴿وَأُوذُوا﴾ حتى نشروا بالمناشير وحرقوا بالنار) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 30، وابن الجوزي 3/ 30، وأبو حيان في "البحر" 4/ 112.]]. وقوله تعالى: ﴿حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ معنى النصر: المعونة على العدو [[انظر: "العين" 7/ 108، و"الجمهرة" 2/ 744، و"تهذيب اللغة" 4/ 3584 و"الصحاح" 2/ 829، و"المجمل" 3/ 870، و"مقاييس اللغة" 5/ 435 ، و"المفردات" ص 808، و"اللسان" 7/ 4440 (نصر).]]، قال المفسرون: (معنى النصر هاهنا: تعذيب الأمم المكذبة وإهلاكهم) [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 183، والسمرقندي 1/ 482، والبغوي 3/ 140، وابن الجوزي 3/ 30، وكلهم اقتصر على هذا المعنى.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ قال الكلبي [[ذكره الثعلبي 177 أ، وفي "تنوير المقباس" 2/ 15 نحوه.]] وعكرمة: (يعني الآيات التي وعد فيها نصر الأنبياء على أعدائهم، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: 171] الآيات، وقوله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: 21] [[لم أقف عليه. وانظر: "الماوردي" 1/ 108، وابن الجوزي 3/ 31، وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" 2/ 147: (أي: لا مبدل لعذاب الله أو لا مبدل لمقتضى عذاب الله) ا. هـ. والظاهر العموم، وحمل الكلمات على الحقيقة أي لا مبدل لكلام الله تعالى الذي به يأمر وينهى ويشرع، وهو صفة من صفاته العلية التي لا تتناهى كسائر صفاته سبحانه وتعالى.]]، قال ابن عباس: (يريد لا ناقض لحكمي) [[ذكر ابن الجوزي 3/ 31، وأبو حيان في "البحر" 4/ 112، عنه في الآية قال: (لا خلف لمواعيده)، وانظر: ابن عطية 5/ 185، والقرطبي 6/ 417.]]، يعني: أنه قد حكم في كتابه بنصر أنبيائه، فليس ينقضه أحد، ولهذا قال الزجاج في قوله تعالى: ﴿[و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (ش).]] لا مبدل لكلمات الله﴾: (أي: لا يخلف وعده، ولا يغلب أحد أولياءه) [["معاني الزجاج" 2/ 243، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 544.]]. وتفسير ابن عباس يدل على أن قوله: ﴿وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ معناه: لا ناقض لحكمه في كل مما حكم به من وعد ووعيد وثواب وعقاب، فليس يخص هذا الحكم الواحد، وهو نصر المرسلين، وإذا كان كذلك فالتقدير عند النحويين في الكلمات: ذوي الكلمات أي: يخبر بها عنه. يقول: لا مبدل لما أخبرت عنه بكلماتي ليس يريد أنه لا مبدل للكلمات التي هي عبارات؛ هذا معنى قول أبي علي [["الحجة" 2/ 34، وفيه قال: (والكلمات تقديرها: ذوي الكلمات، أي: ما عبر == عنه بها من وعد ووعيد وثواب وعقاب) ا. هـ. وانظر: تفسير ابن عطية 5/ 185.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾ أي: خبرهم في القرآن كيف نجيناهم ودمرنا قومهم [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 183، والسمرقندي 1/ 482.]]. قال الأخفش: (﴿مِن﴾ هاهنا صلة كما تقول: أصابنا من مطر) [["معاني القرآن" 2/ 274، وفيه: (كما تقول: قد أصابنا من مطر، وقد كان من حديث) ا. هـ. وانظر: المصدر نفسه 1/ 98 - 99، 223، واقتصر على هذا القول البغوي في "تفسيره" 3/ 140.]]. وقال غيره [[انظر: "الكتاب" 2/ 315 - 316، 4/ 225، و"المقتضب" 4/ 136 - 138، و"الأصول" 1/ 409 - 411، و"حروف المعاني" للزجاجي ص 50.]]: (لا يجوز ذلك؛ لأنها لا تزاد في الواجب [[الواجب ما تقع له حالة الوجوب، والموجب الكلام المثبت غير المنفي، وهو المراد هنا. انظر: "معجم المصطلحات النحوية والصرفية" للدكتور محمد اللبدي ص 238، 239.]]، وإنما تزاد مع النفي، كقولك: ما أتاني من أحدٍ [[انظر: "معاني الحروف" للرماني ص 97، و"الصاحبي" ص 271، و"المغني" 1/ 322 - 325، وقال المالقي في "رصف المباني" ص 391: (وقد تكون من زائدة عند الكوفيين في الواجب، وحكوا: قد كان من مطر وهو عند البصريين غير الأخفش مؤول، أي: حادث من مطر أو كائن من مطر، وبعد فهو قليل لا يقاس) ا. هـ. وحكى ابن فارس في "الصاحبي" زيادتها في الواجب عن أبي عبيدة أيضًا.]]. و ﴿مِّن﴾ هاهنا للتبعيض وفاعل جاء مضمر، أضمر لدلالة المذكور عليه، تقديره: ولقد جاءك من نبأ المرسلين نبأ [[انظر: "غرائب الكرماني" 1/ 357، و"البيان" 1/ 320، و"التبيان" ص 330، و"الفريد" 2/ 143، و"البحر" 4/ 113، و"الدر المصون" 4/ 606، وعندهم التقدير: (ولقد جاءك نبأ من نبأ المرسلين).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب