الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾، قال المفسرون: (هذا رد لقول الكفار: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ [[في النسخ (ما هي) بدلاً من (إن)، وهو تحريف، وفي الجاثية الآية 24، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ الآية.]] [[في (أ): (حيوتنا) بدلًا من (حياتنا).]]، فقال الله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ [[في (أ): (الحيوة) حسب رسم المصحف.]] [[ذكره عامة المفسرين أن الآية رد على منكري البعث.
انظر: الطبري 7/ 180، وابن عطية 5/ 179، والرازي 12/ 200، والقرطبي 6/ 414، و"الخازن" 2/ 129، و"البحر" 4/ 108.]]، قال ابن عباس: (يريد حياة المشركين وأهل النفاق وأهل الكفر بالله: ﴿إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ يريد: باطل وغرور) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 12/ 200، والقرطبي 6/ 415، و"الخازن" 2/ 129، وأبو حيان في "البحر" 4/ 108.]]، وإنما خص ابن عباس هذا بحياة الكافر؛ لأن حياة المؤمن فيها أعمال صالحة لا تكون [[في (ب): (يكون). وانظر: "تفسير الرازي" 12/ 200.]] لعبًا ولهوًا.
وقال مقاتل في قوله: (﴿إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ يلهون في الدنيا) [["تفسير مقاتل" 1/ 558، وفيه قال: (﴿إِلَّا لَعِبٌ﴾ إلا باطل، ﴿وَلَهْوٌ﴾ يكون في الدنيا) ا. هـ.]].
وهذا يؤكد أن المراد بهذا حياة الكافر؛ لأن المؤمن لا يشتغل باللهو في الدنيا عن عمل الآخرة.
وقال آخرون: (هذا عام في حياة المؤمن والكافر، والمراد بقوله: ﴿لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ أنها تنقضي وتفنى ولا تبقى كاللعب واللهو، يكون لذة فانية عن قريب) [[انظر: "الطبري" 7/ 180، والرازي 12/ 200، والقرطبي 6/ 414.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ﴾ قال ابن عباس: (يريد الجنة) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 12/ 203، وأبو حيان في "البحر" 4/ 109.]]، وهو قول الكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 14، وهو قول السمرقندي 1/ 481، وابن الجوزي 3/ 27، والقرطبي 6/ 415، وغيرهم.]]. ﴿وَالْآخِرَةُ﴾ صفة ﴿وَلَلدَّارُ﴾ وسميت ﴿الْآخِرَةُ﴾ لأنها بعد الدنيا [[انظر: "تفسير القرطبي" 6/ 415.]]. وقرأ ابن عامر: (ولدار الآخرة) بالإضافة [[قال ابن الجزري في "النشر" 2/ 257: (قرأ ابن عامر: (ولدار) بلام واحدة وتخفيف الدال. (الآخرة) بخفض التاء على الإضافة، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام. وقرأ الباقون بلامين مع تشديد الدال للإدغام وبالرفع على النعت، وكذا هو في مصاحفهم) ا. هـ وانظر: "السبعة" ص 256، و"المبسوط" ص 167، و"التذكرة" 2/ 397، و"التيسير" ص 102.]].
قال الفراء: (يضاف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، كقولهم: بارحة الأولى، ويوم الخميس، وحق اليقين؛ فإذا اتفقا لم تقل العرب: هذا حق الحق ولا يقين اليقين، وذلك أنهم يتوهمون إذا اختلفا في اللفظ أنهما مختلفان في المعنى، ولا يتوهمون ذلك إذا اتفق اللفظ) [["معاني الفراء" 1/ 330 - 331، وقال الأزهري في "معاني القراءات" 1/ 351: (من قرأ: (ولدار الآخرة) فإنه أضاف الدار إلى الآخرة، والعرب تضيف الشيء إلى نعته، وهو كثير فصيح جيد) ا. هـ. بتصرف. واختار هذا التوجيه البغوي 3/ 139.]].
وعند البصريين [[انظر: "الأصول" 2/ 8، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 67، و"الإنصاف" ص 353، و"المغني" لابن هشام 2/ 626، واختار هذا التوجيه أكثرهم. انظر: "المشكل" 1/ 251، و"البيان" 1/ 319، و"الفريد" 2/ 141.]] لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه وإن اختلف اللفظ، وقالوا في قراءة ابن عامر: (لم يجعل ﴿الْآخِرَةُ﴾ صفة ﴿وَلَلدَّارُ﴾؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه، ولكنه جعلها صفة الساعة، وكأنه قال: ولدار الساعة الآخرة، وجاز وصف الساعة بالآخرة كما جاز ذلك في اليوم في قوله تعالى: ﴿وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ [العنكبوت: 36]، فإن قيل: على هذا التقدير الذي ذكرتم يكون قد أقام ﴿الْآخِرَةُ﴾ التي هي الصفة مقام الموصوف الذي هو الساعة، وذلك قبيح! قيل: لا يقبح ذلك إذا كانت الصفة قد استعملت استعمال الأسماء و ﴿الْآخِرَةُ﴾ صارت كالأبطح [[الأبطح: مسيل والتسبيح فيه دقاق الحصى. انظر: "القاموس" ص 213، (بطح).]] والأبرق [[الأبرق: كثير التهديد والتوعد. انظر: "القاموس" ص 866. (برق).]] في استعمالهما [[في (أ): (استعمالها).]] أسماء. ألا ترى أنه قال تعالى ذكره: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ [الضحى: 4]، فليست ﴿الْآخِرَةُ﴾ كالصفات التي لم تستعمل استعمال الأسماء [[قال السمين في "الدر" 4/ 600، في توجيه كلام البصريين: (وحسن ذلك أيضًا في الآية كون هذه الصفة جرت مجرى الجوامد في إيلائها العوامل كثيراً. وكذلك كل ما جاء مما توهم فيه إضافة الموضف إلى صفته، وإنما احتاجوا إلى ذلك لئلا == يلزم إضافة الشيء إلى نفسه وهو ممتنع، لأن الإضافة إما للتعريف أو للتخصيص، والشيء لا يعرف نفسه ولا يخصصها) ا. هـ. وانظر: "التبيان" للعكبري 1/ 330.]]، ومثل ﴿الْآخِرَةُ﴾ في أنها استعملت استعمال [الأسماء] [[لفظ: (الأسماء) ساقط من (أ).]] الدنيا.
والاختيار قراءة العامة [[واختار قراءة العامة أيضًا الأزهري في "معاني القراءات" 1/ 351، ومكي في "الكشف" 1/ 430.]]؛ لأن الأولى أن تجعل ﴿الْآخِرَةُ﴾ صفة ﴿وَلَلدَّارُ﴾، وإذا كانت صفة لها وجب أن يجري عليها في الإعراب ولا يضاف إليها، والدليل على كونها صفة ﴿وَلَلدَّارُ﴾ قوله تعالى: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى﴾ فقد علمت بإقامتها مقامها أنها هي وليست غيرها فيستقيم أن يضاف إليها [[هذا معنى قول أبي علي في "الحجة" 3/ 300 - 302، لكنه لم يذكر اختيار قراءة العامة. وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 246، و"تفسير ابن عطية" 5/ 179، والرازي 12/ 203، والقرطبي 6/ 415، و"البحر المحيط" 4/ 109.]].
قوله تعالى: ﴿خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ قال ابن عباس: (يريد اتقوا الله ولم يشركوا به شيئًا) [[ذكر الرازي 12/ 203، وأبو حيان في "البحر" 4/ 109، عنه نحوه بلفظ: (خير لمن اتقى الكفر والمعاصي)، وفي "تنوير المقباس" 2/ 15: (خير لمن اتقى الكفر والشرك والفواحش).]].
وقال مقاتل: (للذين اتقوا الشرك) [["تفسير مقاتل" 1/ 558.]].
وقال الكلبي: (للذين يتقون الكفر والشرك والفواحش) [["تنوير المقباس" 2/ 15، والمعاني متقاربة، وهي من باب التنبيه على بعض أجزاء التقوى، فأول ما يتقى الكفر، ثم الشرك؛ ثم الفواحش والمعاصي. انظر: الطبري 7/ 180، والسمرقندي 1/ 481، والبغوي 3/ 139، والقرطبي 6/ 315.]].
وقوله تعالى: ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [[في (ش): (تعقلون)، وهي قراءة سبعية.]] معناه: أفلا يعقل الذين يتقون أن الدار الآخرة خير لهم من هذه الدار، فيعملوا لما ينالون به الدرجة الرفيعة والنعيم الدائم، فلا يفترون في طلب ما يوصل إلى ذلك [[هذا قول أبي علي الفارسي في "الحجة" 3/ 297، في توجيه القراءة بالياء. وانظر: الطبري 7/ 180، والبغوي 3/ 139.]].
وقرئ: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ بالتاء [[قرأ ابن عامر ونافع وحفص عن عاصم: (تعقلون) بالتاء، والباقون بالياء. انظر: "السبعة" ص 256، و"المبسوط" ص 167، و"التذكرة" 2/ 397، و"التيسير" ص 102، و"النشر" 2/ 257.]] على معنى قل لهم [[في (أ): (على معنى وقل لهم).]]: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، أو يكون قد وجه الخطاب في ذلك إلى الذين خوطبوا، أي ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أيها المخاطبون أن ذلك خير [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 3/ 297 - 300، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 350، و"إعراب القراءات" 1/ 155، و"الحجة" لابن خالويه ص 138، ولابن زنجلة ص 246، و"الكشف" 1/ 429، و"تفسير ابن عطية" 6/ 38، و"البحر" 4/ 110، و"الدر المصون" 4/ 600، ونقل قول الواحدي الرازي 12/ 167.]].
{"ayah":"وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق