الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ﴾، قال ابن عباس [[أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 3/ 57/ أ -بسند جيد- قال: (وروي عن مجاهد والسدي والضحاك وقتادة مثل ذلك) ا. هـ. وهذا هو قول الجمهور، ورجحه ابن عطية 5/ 124، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 387، وانظر "تفسير الطبري" 7/ 146، والسمرقندي 1/ 473.]] والمفسرون: (يعني آدم والخلق من نسله، ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾، يعني أجل الحياة إلى الموت وأجل الموت إلى البعث وقيام الساعة)، وهو قول الحسن [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 203، والطبري في "تفسيره" 7/ 146، بسند ضعيف.]]، وسعيد بن المسيب [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 7، وابن الجوزي 3/ 3.]]، وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 203، والطبري في "تفسيره" 7/ 146، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1262، من طرق جيدة.]]، والضحاك [[أخرجه الطبري 7/ 146 بسند لا بأس به.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 549.]]، واختيار الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 228، واختاره الطبري في "تفسيره" 7/ 147، وقال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" 14/ 489: (قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾: الأجل الأول وهو أجل كل عبد الذي ينقضي به عمره. والأجل المسمى عنده هو أجل القيامة العامة) ا. هـ.]]، ونحو ذلك قال ابن عباس في رواية عطاء: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾، قال: يريد: من مولده إلى مماته، ﴿وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾: يريد: من الممات إلى المبعث، لا يعلم ميقاته أحد سواه. وقال: وذلك أن الله تعالى قضى لكل نفس أجلين من مولده إلى موته ومن موته إلى مبعثه، فإذا كان الرجل صالحًا واصلًا لرحمه، زاد الله في أجل الحياة من أجل الممات إلى المبعث، وإذا كان غير صالح ولا واصل نقصه الله من أجل الحياة وزاد في [أجل] [[لفظ: (أجل) ساقط من (أ).]] المبعث، قال: وذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ﴾ [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 7، والبغوي في "تفسيره" 3/ 127، و"الخازن" 2/ 118، و"البحر المحيط" 4/ 71، وأخرج الطبري في "تفسيره" 7/ 147، وابن أبي حاتم 4/ 1262، بسند جيد عنه قال: (﴿قَضَى أَجَلًا﴾ يعني: أجل الموت، والأجل المسمى: أجل الساعة والوقوف عند الله) ا. هـ. وأخرج الحاكم في "المستدرك" 2/ 315 عنه في الآية قال: (هما أجلان: أجل في الدنيا، وأجل في الآخرة، مسمى عنده لا يعلمه إلا هو). قال الحاكم: (حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) ا. هـ. ووافقه الذهبي في "التلخيص".]] [فاطر: 11]. وقال أهل المعاني: (في قوله: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾: يجوز أن يكون الحكم بهذا الأجل كان بعد خلق آدم، ويجوز أن يكون قبله لسبق علمه [[قال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" 14/ 490 - 492 في الآية: (إن الله يكتب للعبد أجلا في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب، والمحو والإثبات في صحف الملائكة، وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا هو فيه ولا إثبات) ا. هـ ملخصًا.]] بذلك قبل أن يخلق الخالق، وعلى هذا يحمل قوله: ﴿ثُمَّ﴾ لسبق الخبر الثاني على الخبر الأول، كقول الشاعر [[الشاهد لأبي نواس في "ديوانه" ص 222. وبلا نسبة في "رصف المباني" ص 250، و"الدر المصون" 3/ 220، و"المغني" لابن هشام 1/ 117، و"تفسير ابن كثير" 2/ 139، وفي الديوان: قلْ لمنْ سادَ ثم سادَ أبُوهُ ... قبله ثم قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ قال السمين عن الشاهد: (الترتيب يعود إلى الخبر لا إلى الوجود). وحكى ابن هشام: (أن الجد أتاه السؤدد من قبل الأب، والأب من قبل الابن) ا. هـ وظاهر كلام ابن القيم في "مختصر الصواعق" 2/ 130: أن البيت لشاعر لا يحتج به. وقال في ص 129 (القول بأن (ثم) تأتي لترتيب الخبر لا لترتيب المخبر، فيجوز أن يكون ما بعدها سابقًا على ما قبلها في الوجود وإن تأخر عنه في الإخبار لا يثبت ولا يصح به نقل، ولم يأت في كلام فصيح، ولو قدر وروده فهو نادر، لا يكون قياسًا مطردًا تترك الحقيقة لأجله).]]: قلْ لمنْ سادَ ثم سادَ أبُوهُ ... ثُمَّ قد سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهْ والجد سابق للأب، والأب سابق للممدوح) [[انظر: "إعراب النحاس" 1/ 535، وقال ابن فارس في "الصاحبي" ص 216: (قوله جل ثناؤه: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا﴾ وقد كان قضى الأجل، فمعناه أخبركم أني خلقته من طين، ثم أخبرك أني قضيت الأجل، كما تقول: كلمتك اليوم ثم قد كلمتك أمس، أي: أني أخبرك بذلك ثم أخبرك بهذا) ا. هـ.]]. وقوله: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ﴾ أي: بعد هذا البيان تشكون يا معشر المشركين وتكذبون بالبعث. والمرية [[المرية والامتراء: الشك في الأمر، وقال الراغب في "المفردات" ص 766: (المرية: التردد في الأمر وهو أخص من الشك، والامتراء والمماراة: المحاجّة فيما فيه مرية) ا. هـ وانظر: "العين" 8/ 295، و"الجمهرة" 2/ 806، و"تهذيب اللغة" 4/ 3384، و"الصحاح" 6/ 2491، و"المجمل" 3/ 828، و"مقاييس اللغة" 5/ 314، و"اللسان" 8/ 4189 (مرى).]] والامتراء: الشك. والآية حجة على منكري البعث بأن الذي ابتدأ الخلق يصح أن يعيده كما ابتدأه وقدر الأجلين له [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 147، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 473، والماوردي 2/ 93.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب