الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ قال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 303.]] وابن الأنباري [[لم أقف عليه.]]: (موضع (ما) نصب بـ (أتْل)، أي: اتل الذي حرمه ربكم).
قال أبو إسحاق: (ويكون ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ منصوبة بمعنى طرح اللام، أي: أبيّن لكم الحرام لئلا تشركوا به شيئًا؛ لأنهم إذا حرموا ما أحل الله عز وجل فقد جعلوا غير الله في القبول منه بمنزلة الله جل وعز فصاروا بذلك مشركين.
قال: ويجوز أن يكون ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ﴾ [[في (ش): ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾.]] محمولًا على المعنى، فيكون أتلو عليكم ألا تشركوا [والمعنى: أتلو عليكم تحريم الشرك، قال: وجائز أن يكون على معنى أوصيكم ألاّ تشركوا [[ما بين المعقوفين ساقط من (ش).]]] به شيئًا؛ لأن قوله: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ محمول على معنى: أوصيكم بالوالدين إحسانًا) [["معاني الزجاج" 2/ 304.]].
قال أبو بكر: (وقال آخرون: موضع أن نصب بعلى على [[في (ش): (نصب بمعنى على معنى)، وهو تحريف.]] معنى الإغراء، والكلام انقطع عند قوله: ﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ﴾ والابتداء ﴿عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ كما قال تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [المائدة: 105] قال: ويجوز أن يكون أن في موضع رفع بعلى، كما تقول: عليكم الصيام والحج) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 138، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 147، والسمين في "الدر" 5/ 216 - 217، واستبعد أبو حيان في "البحر" 4/ 250، والسمين في "الدر" 5/ 217، النصب على الإغراء قال السمين: (هذا ضعيف لتفكك التركيب عن ظاهره، ولأنه لا يتبادر إلى الذهن) اهـ.]].
وأما موضع (تشركوا) فذكر الفراء فيه قولين: (أحدهما: وهو الظاهر أنه نصب بأن، ويجوز أن يكون في موضع جزم بلا على النهي كقولك: أمرتك ألا تذهبَ إلى زيد بالنصب وأن لا تذهبْ بالجزم، كما قال الله تعالى ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ﴾ [الأنعام: 14] فنصب أوله، ونهى في آخره. قال: والجزم في هذه الآية أحب إليّ لقوله: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ [الأنعام: 152] وأمّا ما نسقته على ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا﴾ من قوله: ﴿تَقْرَبُوا﴾ و ﴿تَقْتُلُوا﴾ [الأنعام: 151] فجائز أن يكون نصبًا وجزمًا على ما ذكرنا، وجائز أن يخالف بينهن فتحكم على بعض بالنصب، وعلى بعض بالجزم) [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 364، و"تفسير الطبري" 8/ 81، 82، و"إعراب النحاس" 1/ 191، و"المشكل" 1/ 277، و"غرائب التفسير" 1/ 391، و"البيان" 1/ 349، و"التبيان" 1/ 364، و"الفريد" 2/ 248، وأطال السمين في "الدر" 5/ 213 - 218: في إعراب هذه الآية، وذكر في (ما) ثلاثة أوجه: وفي محل (أن لا تشركوا) ثلاثة أوجه، الجر من وجه واحد، والرفع من ثلاثة أوجه، والنصب من ستة أوجه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ قد ذكرنا [أنه على] [[لفظ: (أنه على) ساقط من (ش).]] معنى: أوصيكم ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ وقال أبو بكر: (التقدير: أن لا تشركوا به شيئًا وأن تفعلوا ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ فحذف الفعل لوضوح معناه) [[لم أقف عليه. وانظر: "المشكل" 1/ 102، و"البيان" 1/ 84.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد: مخافة الفقر) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 82، وابن أبي حاتم 5/ 1414 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 4/ 103، وهو في "مسائل نافع بن الأزرق" ص 115، و"تنوير المقباس" 2/ 73، وأخرج أبو عبيد في "اللغات" ص 98، وابن حسنون ص 24، و"الوزان" ص 3/ ب بسند جيد عن ابن عباس قال: (يعني: من جوع بلغة لخم) اهـ.]].
وقال الزجاج: (أي: من فقر، أي: من خوف فقر) [["معاني الزجاج" 2/ 304، ونحوه في "غريب القرآن" لليزيدي ص 143، و"تفسير غريب القرآن" ص 163، و"تفسير المشكل" ص 81، وقال الطبري في "تفسيره" 8/ 82: (الإملاق: مصدر من قول القائل: أملقت من الزاد، فأنا أملق إملاقًا. وذلك إذا فني زاده وذهب ماله، وأفلس) ا. هـ، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 208.]]، وقد صرح بذكر الخوف [[قال في الأنعام: ﴿مِنْ إِمْلَاقٍ﴾ لأنه فقر واقع. وفي الإسراء: ﴿خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾؛ لأنه فقر متوقع. انظر: "ملاك التأويل" 1/ 353، و"فتح الرحمن" ص 181.]] في قوله: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ﴾ [الإسراء: 31]، وهذا في النهي عن [الوأد] [[في (ش): (الولد)، وهو تحريف.]] كانوا يدفنون البنات أحياء، بعضهم للغيرة، وبعضهم خوف الفقر، فضمن الله [[لفظ: (الله) ساقط من (أ).]] لهم الرزق. وقال: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [الإسراء: 31] قال شمر: (أمْلق لازم ومتعدٍّ، يقال: أَمْلَق الرجلُ فهو مُملق إذا افتقر، فهذا لازم، وأملق الدَّهرُ ما بيده إذا أفسده، والإملاق: الإفساد) [["تهذيب اللغة" 4/ 3448، والظاهر من إيراد الأزهري أن البيت من كلام شمر وليس من كلام ابن شميل، وأيضًا قوله: (والإملاق: الإفساد) من قول ابن شميل، وانظر: في معنى الإملاق، و"إصلاح المنطق" ص 46، 275، و"الجمهرة" 2/ 975، و"الصحاح" 4/ 1556، و"المجمل" 3/ 840، و"اللسان" 7/ 4265 (ملق).]].
وقال ابن شميل أيضًا: (ومنه قول أوس بن حجر:
وَلَمَّا رَأَيْتُ الْعُدْمَ قَيَّدَ نَائِلي ... وَأَمْلَقَ ما عِندي خُطُوبٌ تَنَبَّلُ [["ديوانه" ص 94، و"تهذيب اللغة" 4/ 3448، و"اللسان" 7/ 4265 مادة (ملق)، و"الدر المصون" 5/ 218، والعُدْم -بضم فسكون-: فقدان الشيء وذهابه، والفقر، وغلب على فقد المال وقلته. انظر: "اللسان" 5/ 2848 مادة (عدم)، والخطوب: بالضم جمع خطب بفتح فسكون، وهو الشأن والأمر. انظر: "اللسان" 2/ 1194 (خطب)، وتنبل: بالفتح تأخذ الأنبل. انظر: "اللسان" 7/ 4330 (نبل).]]
[أي: تذهب بالمال تَنَبلَّتْ بما عندي، أي: ذهبت به [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، وملحق بالهامش.]]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ قال ابن عباس: (كانوا يكرهون أن يزنوا علانية فيفعلون ذلك سرًا فنهاهم الله عن الزنا سرًا وعلانية) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 83، وابن أبي حاتم 5/ 1416 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 104، وهذا من باب التمثيل، والآية عامة، وهو اختيار الجمهور، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في "الدر المنثور" 3/ 104، وقال ابن عطية في "تفسيره" 5/ 394: (الآية نهي عام عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي، وظهر وبطن حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء، وذهب بعضهم إلى تخصيص لا تقوم عليه حجة، بل هو دعوى مجردة) ا. هـ. ملخصًا. وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 83، والرازي 13/ 233، والقرطبي 7/ 133.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ قال: (إلا بالقود يريد: القصاص) [[(قال) كذا في "النسخ"، والمراد ابن عباس رضي الله عنهما، كما ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 139، وفي "تنوير المقباس" 2/ 73: (﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ بالعدل يعني: بالقود والرجم والارتداد) ا. هـ، ولعل ما ذكره الواحدي من باب التمثيل لبعض ما أباح الشارع به قتل النفس، فهذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة مؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها، وقد بينته الشريعة ومنها الردة، وقتل النفس، والزنا بعد الإحصان والحرابة، انظر: "تفسير الطبري" 8/ 84، والبغوي 3/ 203، وابن عطية 5/ 395، والقرطبي 7/ 133، وابن كثير 2/ 211.]].
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ قال الزجاج: (هذا يدل على أن معنى ﴿وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ محمول على معنى: وصاكم بأن لا تشركوا) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 304، وانظر: "أضواء البيان" 2/ 277 - 278، وفيه رجح هذا الوجه.]].
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام:152] قال عطاء، عن ابن عباس (يريد: إن كنت له وصيًا فأصلحت في ماله وقمت لله في ضيعته [[الضَّيْعة، بفتح فسكون: الحرفة، والصناعة، والمال، وسياسة الإبل والغنم. انظر: "اللسان" 5/ 2624 (ضيع).]] أكلت بالمعروف إن احتجت إليه، وإن كنت غنيًا عنه فعفّ عن أكله، وقد قال في سورة البقرة: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾ الآية [البقرة: 220]) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 140، وفي "تنوير المقباس" 3/ 73، و"زاد المسير" 3/ 149، نحوه عن ابن عباس رضي الله عنهما.]]. وقال الضحاك: (هو أن يبتغي له فيه من فضل الله ولا يأخذ من ربحه شيئًا) [[أخرجه الطبري 8/ 84، وابن أبي حاتم 5/ 1419، بسند ضعيف، وذكره الثعلبي في "الكشف" 186 أ، والماوردي في "تفسيره" 2/ 187، والبغوي 3/ 204.]].
وقال [[في (أ): (وهو مجاهد هو التجارة فيه)، وفي (ش): (وقال مجاهد هو من التجارة فيه).]] مجاهد: (هو التجارة فيه) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 84 بسند جيد، وذكره النحاس في "معانيه" 2/ 517، والثعلبي في "تفسيره" 186 أ، والماوردي 2/ 187، والبغوي 3/ 203 - 304.]]. قال أبو إسحاق: (﴿الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ حفظ ماله عليه وتثميره بما يوجد السبيل إليه) [["معاني الزجاج" 2/ 305، وفيه (بما يوجد إليه السبيل).]]. وهو قول السدي قال: (التي هي أحسن التثمير له) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 84 بسند جيد، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1419، ورجح هذا القول الطبري في "تفسيره" 8/ 84، والبغوي 3/ 203، وابن عطية 5/ 396، وقال القرطبي في "تفسيره" 7/ 134 في تفسير الآية: (أي: بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه، وهذا أحسن الأقوال == في هذا، فإنه جامع) اهـ.]].
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ قال [[كذا في "النسخ" والمراد الزجاج حيث جاء النص في "معانيه" 2/ 305.]]: (حتى محمولة على المعنى أي: احفظوه عليه حتى يبلغ أشده، فإذا بلغ أشده فادفعوا إليه ماله)، وأما معنى الأشد وتفسيره [[انظر: "العين" 6/ 213، و"الجمهرة" 1/ 111، و"الصحاح" 2/ 493، و"المجمل" 2/ 500، و"المفردات" ص 448 (شد).]] فقال الليث: (الأشُدُّ: مبلغ الرجل الحُنكة [[في (ش): (الحركة)، وهو تحريف.]] والمعرفة) [["تهذيب اللغة" 2/ 1843.]]، وقال أبو عبيد [["تهذيب اللغة" 2/ 1843، ولم أقف عليه في "معاني الفراء" بعد طول بحث، وهو في "الغريب المصنف" لأبي عبيد 1/ 379، من قوله دون ذكر الفراء، وكذا في "المخصص" 1/ 41، وحكى ثعلب في "مجالسه" 2/ 540 عن الفراء قال: (أشده: جمع شَدّ) ا. هـ. وهو في الجميع بفتح الشين، وقال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 2/ 99: (هو موضع جميع لا واحد له من لفظه، وقال الفراء والكسائي: واحد الأشد: شد. على فُعل وأفعل مثل بحر وأبحر، وأشد مضعف مشدد) ا. هـ. وانظر: 1/ 305، 1/ 378، و"تفسير الطبري" 8/ 85.]]: (قال الفراء: الأشُد واحدها شَدٌّ في القياس، ولم أسمع لها بواحد، وأنشد:
قد سادَ وَهْو فَتًى حَتَّى إذا بَلَغَتْ ... أَشُدُّه وعَلا في الأَمْرِ واجْتَمَعَا) [[الشاهد لعدي بن الرقاع في "الغريب المصنف" 1/ 379، و"الأفعال" لأبي عثمان السرقسطي 2/ 332، و"المخصص" 1/ 41، وبلا نسبة في: "تهذيب اللغة" 2/ 1843، و"اللسان" 4/ 2215 (شدد)، و"الدر المصون" 5/ 221، ولم أقف عليه في "ديوانه" المطبوع.]]
وقال أبو الهيثم: (واحدة الأشد: شِدَّة، كما أن واحدة الأَنعُم: نِعْمَة، والشِّدة: القوة والجلادة، والشديد: الرجل القوي، قال: وكأن الهاء في النعمة والشدة لم تكن في الحرف إذ [[في (ش): (إذا كانت).]] كانت زائدة وكأن الأصل نِعمٌ وشِدٌ فجمعا على أفعل [[انظر: "الكتاب" 4/ 245، وفي "الخصائص" 1/ 86، حكى عن سيبويه (أنه جمع شِدة بالكسر)، وهو قول أبي زيد في "النوادر" ص 54، وانظر: "تفسير المشكل" لمكي ص 112 - 113.]] كما قالوا: رِجل وأرْجلُ، وقِدح وأقْدُح، وضِرس وأضْرُس).
وحكى ابن الأنباري: (عن بعض أهل اللغة: [[في "المذكر والمؤنث" لابن الأنباري 1/ 597 - 598: (قال الفراء: أهل البصرة يزعمون أن الأشد اسم واحد مثل الآنك ..)، وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 253: (اختار ابن الأنباري في آخرين أنه مفرد لا جمع له وليس بمختار لفقدان أفعل في المفردات وضعًا) ا. هـ.]] أن الأشد اسم واحد، ولا واحد له بمنزلة الآنك [[يعني: أنه مفرد لا جمع، والآنك: بالمد وضم النون: الرصاص القلعي، أو خالصه، والقزدير. انظر: "تفسير الطبري" 8/ 85، و"اللسان" 1/ 154 (أنك).]] وذكر عن جماعة [[في "المذكر والمؤنث" 1/ 597، حكاه عن يونس بن حبيب الضبي فقط، وانظر: "تفسير الغريب" لابن قتيبة ص 215، و"نزهة القلوب" ص 78.]] من البصريين: أن واحده: شُدّ بضم الشين مثل قولك: هو وُدّى [[عند ابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" 1/ 597: (بمنزلة قولهم: الرجل وُدّ والرجال أُودّ) ا. هـ. وفي "اللسان" 8/ 4793 (ودد). (الود: الحب يكون في جميع مداخل الخير) ا. هـ.]] وهم أَوُدِّى).
قال الأزهري: (وبلوغ الأشد يكون من وقت بلوغ الإنسان مبلغ الرجال وإدراكه إلى أربعين سنة، فبلوغ الأشد [محصور الأول] [[لفظ: (محصور الأول) ساقط من (ش).]] محصور النهاية غير محصور ما بين ذلك، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: 15] [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1843، وانظر: "معاني الفراء" 3/ 52، و"تفسير غريب القرآن" ص 254.]]، وفسر بلوغ الأشد في هذه الآية بالاحتلام في قول يحيى [[يحيى بن يَعْمَر العَدْواني: أبو سليمان البصري قاضي مرو، إمام تابعي ثقة، فقيه مقرئ، نحوي أديب فصيح عالم باللغة، يقال: إنه أول من نقط المصاحف، مات قبل المائة، وقيل بعدها.
انظر: "معجم الأدباء" 20/ 42، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 441، و"غاية النهاية" 2/ 381، و"تهذيب التهذيب" 4/ 401.]] بن يعمر [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 186 أ، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 150، وأبو حيان في "البحر" 4/ 252.]] والسدي [[أخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 58، بسند جيد عن السدي قال: (الأشد: ثلاثون سنة، ثم جاء بعدها ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾) [النساء: 6]، وذكره ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 150، وقال: (فكأنه يشير إلى النسخ) ا. هـ. وعليه يكون المراد: الاحتلام، والله أعلم.]].
وقال أبو إسحاق: (وبلوغ أشده أن يونس منه الرشدَ مع أن يكون بالغًا وحينئذ يجب دفع المال إليه) [["معاني الزجاج" 2/ 305، ورجح هذا القول ابن عطية في تفسيره 5/ 397، وقال: (هذا أصح الأقوال وأليقها بهذا الموضع) ا. هـ وقال السمين في "الدر" 5/ 221: (المراد ببلوغ الأشد بلوغ الحلم في قول الأكثر؛ لأنه مظنة ذلك) ا. هـ ورجحه ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 150، والظاهر، أن بلوغ الأشد في اليتيم مقيد بالبلوغ مع الرشد وزوال السفه، وأكثر أهل العلم على أن سن البلوغ خمس عشرة سنة. انظر: "تفسير القرطبي" 7/ 134 - 136، وابن كثير 2/ 212، والشنقيطي 2/ 279.]]، وقد ذكرنا هذا الفصل مستقصى في أول سورة النساء.
وقوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ كل شيء بلغ تمام الكمال فقد وفي وتم يقال: درهم وافٍ، وكيل وافٍ، وأوفيته حقه ووفيته إذا تممته [[لعله: (إذا أتممته) كما في تفسير الرازي 13/ 234، فقد نقل نص الواحدي بدون نسبه.]]، وأوفى الكيل، أي: أتمه ولم ينقص منه شيئًا [[هذا من تهذيب اللغة 4/ 3924، وانظر: الصحاح 8/ 4885، و"اللسان" 15/ 398، و"وَفَى".]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْمِيزَانَ﴾ أي: وزن الميزان والوزن به؛ لأن المراد إتمام [[في (ش): (لأن المراد تمام الوزن).]] الوزن لا إتمام الميزان [[الميزان: اسم آلة، وأصله مصدر ثم أطلق على الآلة. انظر: "الجمهرة" 2/ 830، و"تهذيب اللغة" 4/ 3886، و"الصحاح" 6/ 2213، و"المجمل" 4/ 924، و"المفردات" 868، و"اللسان" 8/ 4828 (وزن).]]، كما أنه قال: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾، ولم يقل: المكيال، فهو من باب حذف المضاف [[قال العكبري في "التبيان" 364: (والكيل: هاهنا مصدر في معنى المكيل، والميزان كذلك، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف تقديره: مكيل الكيل، وموزون الميزان) ا. هـ، وذكر قول الواحدي والعكبري، السمين في الدر 5/ 221 - 222، وقال: (ولا حاجة إلى ما ادعاه من وقوع المصدر موقع اسم المفعول، ولا من تقدير المضاف؛ لأن المعنى صحيح بدونهما، وأيضاً فميزان ليس مصدرًا إلا أن يعضد قوله ما قاله الواحدي، والظاهر عدم الاحتياج إلى ذلك، وكأنه لم يعرف أن الكيل يُطلق على نفس المكيال حتى يقول: "ولم يقل المكيال"، والكيل والميزان: هما الآلة التي يكال بها ويوزن، وأصل الكيل المصدر، ثم أطلق على الآلة، والميزان مفعال من الوزن لهذه الآلة ..) ا. هـ. ملخصًا.]].
وقوله تعالى: ﴿بِالْقِسْطِ﴾ أي: بالعدل لا بخس ولا شطط [[انظر: "تفسير الطبري" 8/ 86، والسمرقندي 1/ 524.]].
وقوله تعالى: ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: قد علمت ما أحل لك، وحرم عليك، فكما تحب أن يوفيك من تشتري منه، فأوف من تبيع منه) [[لم أقف عليه. وأخرج ابن أبي حاتم في "تفسيره" 5/ 1420، بسند جيد عن ابن عباس في الآية قال: (هم المؤمنون وسع الله عليهم أمر دينهم فقال: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78]) اهـ.]]، قال أصحاب المعاني: (أمر الله تعالى المعطي بإيفاء ذي الحق حقه الذي هو له من غير زيادة، وأمر صاحب الحق بأخذ حقه من غير نقصان، فلم يكلف نفسًا إلا ما يسعها ولا يضيق [[في (أ): (تضيق) بالتاء.]] عنها، فلو كلف المعطي الزيادة لضاقت نفسه عنها، وكذلك لو كلف الآخد الرضى بالنقصان) [[هذا قول الطبري في "تفسيره" 8/ 86، وذكره الثعلبي في الكشف ص 186/ أ، عن أهل المعاني وهذا يدل على أن الطبري من أهل المعاني عند الثعلبي والواحدي حيث لم أجد هذا المعنى عند أحد من أهل المعاني فيما لدي من مراجع.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾، قال ابن عباس: (يريد: إذا شهدتم أو تكلمتم فقولوا الحق) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 141.]]، ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ (يريد: [[كأنه من قول ابن عباس حسب السياق، وفي "تنوير المقباس" 2/ 74 نحوه.]] ولدك وقرابتك أو من تحب فقل الحق واشهد به)، وهذا محذوف الاسم [[أي اسم كان مستتر تقديره: هو، أي: المقول فيه. انظر: "الدر المصون" 5/ 222.]]، قال الزجاج: (ولو كان المشهود له وعليه ذا قربى) [["معاني الزجاج" 2/ 205، وفيه: (أي: إذا شهدتم أو حكمتم فاعدلوا ، ولو كان المشهود عليه أو له ذا قربى) ا. هـ.]]، ومثله في المائدة: ﴿لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [المائدة: 106].
وقوله تعالى: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا﴾، ذكرنا معنى الوفاء بالعهد عند قوله: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي﴾ [البقرة: 40].
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، أي: ذلك الذي تقدم من ذكر مال اليتيم، وأن لا يقرب إلا بالتي هي أحسن، وإيفاء الكيل والوزن، واجتناب البخس، والتطفيف فيهما، وتحري الحق على مقدار الطاقة والاجتهاد، وهو معنى قوله: ﴿لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ والقول بالقسط والحق ولو كان المقول فيه ذا قربى، والوفاء بالعهد لينجز [[في (أ): (لتنجز) بالتاء.]] ما وعد عليه من قوله: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الفتح: 10] هذا كله مما وصى به ليتذكروه [[في (أ): (لتتذكروه وتأخذوا به).]]، ويأخذوا به فلا يطرحوه [[في (ش): (فلا يطرحوا)، وفي (أ): (فلا تطرحوه). وما ذكره هو نص كلام أبي علي في "الحجة" 3/ 428.]]، وتذكر مطاوع ذكر [[في (ش): (ذَكّره).]] تقول: ذكرته فتذكر، كما أن تفاعل مطاوع فاعل، والتذكر يستعمل في أشياء متكررة تتذكر وقتًا بعد وقت، وحالًا بعد حال، كالذي في هذه الآية فإنه أمر بأخذ بعد أخذ، ووقت [[في النسخ (ووقتًا) وأصل النص من "الحجة" 3/ 427 - 428، وأشار المحقق في الهامش إلى ورود (ووقتًا). في بعض النسخ.]] بعد وقت. و (تذكرون) إنما هو تتذكرون [[في (ش): (يذكرون إنما هو يتذكرون)، بالتاء.]] مخفف بالإدغام لاجتماع [[يعني اجتماع المتقارب وهو التاء والذال.]] المتقاربة.
وقرأ حمزة [[قرأ حمزة والكسائي، وعاصم في رواية حفص: (تذكرون) بتخفيف الذال. وقرأ الباقون بتشديدها انظر: "السبعة" 272 - 273، و"المبسوط" ص 176، و"التذكرة" 2/ 412، و"التيسير" ص 108، و"النشر" 2/ 266.]] والكسائي (تذكرون [[في (ش): (يذكرون)، بالياء.]]) خفيفة الذال، خفف بالحذف، كما خفف غيرهما بالإدغام، ويمكن أن يقال: إن الحذف أولي لأنه أخف في اللفظ، والدلالة على المعنى قائمة [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 3/ 430، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 394، و"إعراب القراءات" 1/ 173، و"الكشف" 1/ 457.]].
{"ayah":"۞ قُلۡ تَعَالَوۡا۟ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَیۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ وَبِٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنࣰاۖ وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَـٰقࣲ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِیَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلۡفَوَ ٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُوا۟ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَ ٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق