الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ﴾. قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: على حالاتكم التي أنتم عليها) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 184 ب، والبغوي في "تفسيره" 3/ 191، من قول عطاء فقط، وأخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 39، وابن أبي حاتم 4/ 1390، بسند جيد عن ابن عباس قال: (يعني: على ناحيتكم)، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 88.]]، قال الزجاج: (المعنى: اعملوا على ما أنتم عليه، يقال للرجل إذا أمرته أن يثبت على حاله: على مكانتك يا فلان، أي: أثبت على ما أنت عليه) [["معاني الزجاج" 2/ 293، وفيه: (المعنى: اعملوا على تمكنكم، ويجوز أن يكون المعنى: اعملوا على ما أنتم عليه ..) ثم ذكر ما ذكر الواحدي.]]. وقال مقاتل: (على جديلتكم) [["تفسير مقاتل" 1/ 590.]]، وهذا القول راجع إلى ما ذكرنا؛ لأن الجديلة [[الجديلة؛ بفتح الجيم وكسر الدال: الطريقة، والناحية، والشاكلة. انظر: "اللسان" 1/ 571 (جدل).]] معناها: الطريقة، والطريقة يراد بها هاهنا: ما هم عليها، ومثل هذا قول مجاهد: (على وتيرتكم) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 184 ب. والوتيرة، بفتح الواو وكسر التاء: الطريقة، والصفة. انظر: "اللسان" 8/ 4760 (وتر).]]، وقول الكلبي: (على منازلكم) [[ذكره الثعلبي 184 ب.]] وقول يمان: (على مذاهبكم) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 184 ب.]]. وقال أبو إسحاق: (المعنى: اعملوا على تمكنكم وجهتكم التي كنتم عند أنفسكم في العلم بها) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 293، وفيه: (المعنى: اعملوا على تمكنكم). وانظر: "معاني النحاس" 2/ 493.]]. قال أبو علي: (المكانة في اللغة: المنزلة والتمكن، كأنه اعملوا على قدر منزلتكم وتمكنكم في دنياكم فإنكم لن تضرونا [[في (ش): (يضرونا).]] بذلك شيئًا) [["الحجة" لأبي علي 3/ 407.]]، قال ابن عباس: (وهذا وعيد وتهدد) [[لم أقف عليه.]]، يريد: أن هذا الأمر أمر وعيدٍ، كقوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ﴾ [هود: 121]. قال الزجاج: (ومعنى هذا الأمر: المبالغة في الوعيد؛ لأن ما بعده يدل على الوعيد، وقد أعلمهم بقوله: ﴿لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ أن من عمل بعملهم فالنار مصيره، فكأنه قيل لهم: أقيموا على ما أنتم عليه من الكفران رضيتم بعذاب النار) [["معاني الزجاج" 2/ 294.]]. وقرئ (مكانتكم) و (مكاناتكم) [[قرأ عاصم في رواية: (على مكاناتكم)، بألف بعد النون على الجمع. وقرأ الباقون (على مكانتكم) بدون ألف على التوحيد. انظر: "السبعة" ص 269، و"المبسوط" ص 175، و"الغاية" ص 250، و"التذكرة" 2/ 411، و"التيسير" ص 107، و"النشر" 2/ 263.]]، والوجه الإفراد؛ لأنه مصدر، والمصادر في أكثر الأمر مفردة، وقد تجمع في بعض الأحوال، والأمر العامّ على الوجه الأول [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 3/ 407 - 408، وانظر: "معاني القراءات" == 1/ 386، و"إعراب القراءات" 1/ 169، و"الحجة" لابن خالويه ص 149، ولابن زنجلة ص 272، "الكشف" 1/ 452، ونقل قول الواحدي الرازي في " تفسيره" 13/ 203.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنِّي عَامِلٌ﴾. قال مقاتل: (أي: عامل على جديلتي التي أمرت بها) [["تفسير مقاتل" 1/ 590.]]، يريد ﴿اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ﴾ على مكانتي: فحذفت الثانية لدلالة الأولى في ذلك الجانب على الثانية في هذا الجانب، وجملة المعنى: اعملوا ما أنتم عاملون إني عامل مما أمرني به ربي ، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ موضع (من) نصب بوقوع العلم عليه، ويجوز أن يكون رفعًا على معنى: تعلمون أينا ﴿تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ كقوله: ﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ﴾ [الكهف: 12]، والوجهان ذكرهما الفراء [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 355، والنصب على أن (من) موصولة، فهي في محل نصب مفعول به، والرفع على أن (من) استفهامية، فتكون في محل رفع بالابتداء، انظر: "إعراب النحاس" 1/ 580، و"المشكل" 1/ 271، و"البيان" 1/ 342، و"التبيان" ص 359، و"الفريد" 2/ 231، و"الدر المصون" 5/ 158.]]. قال ابن عباس: (﴿مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ﴾ يعني: الجنة. ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ من له الجنة أنتم أم أوليائي وأهل طاعتي) [["تنوير المقباس" 2/ 62، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 122.]]، فإن قيل: أليس الكافر أيضًا له عاقبة في الآخرة، فكيف قيل: إن [[في (ش): (فكيف قيل له عاقبة الدار للمؤمنين)، وهو تحريف.]] عاقبة الدار للمؤمنين؟ قيل: العاقبة تكون على الكافر ولا تكون له، كما يقال: لهم الكرة، ولهم الظفر، وفي ضده يقال: عليهم الكرة والظفر [[انظر: "تفسير الرازي" 13/ 203.]]. وقرئ [[قرأ حمزة والكسائي: (من يكون له عاقبة الدار) بالياء على التذكير، وقرأ الباقون (من تكون) بالتاء على التأنيث. انظر: "السبعة" ص 270، و"المبسوط" ص 175، و"الغاية" ص 250، و"التذكرة" 2/ 411، و"التيسير" ص 107، و"النشر" 2/ 263.]]: (تكون) بالتاء، والياء؛ لأن العاقبة مصدر كالعافية، وتأنيثه غير حقيقي فمن أنث فكقوله: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ﴾ [الحجر: 73] ومن ذكر فكقوله: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ [هود: 67]، وقال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ﴾ [يونس: 57] وفي أخرى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ﴾ [البقرة: 275] [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 3/ 408، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 387، و"إعراب القراءات" 1/ 170، و"الحجة" لابن زنجلة ص 272، و"الكشف" 1/ 453، ونقل هذا الواحدي الرازي في "تفسيره" 13/ 203.]]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: لا يسعد من كفر نعمتي وأشرك بي) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 123، والبغوي في "تفسيره" 3/ 192، والخازن 2/ 187.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب