الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ قال ابن عباس [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 108، والبغوي 3/ 183، وابن الجوزي في 3/ 115، وأخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 18، 19، وابن أبي حاتم 4/ 1378 بسند جيد، عن ابن عباس قال: (يريد: الميتة)، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 78.]]: (يريد: الميتة ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾ [المائدة: 3]) [[يشير إلى الآية الثالثة من سورة المائدة، والمنخنقة هي التي تموت بالخنق، والموقوذة: هي التي تضرب بشيء ثقيل غير محدد حتى تموت، والمتردية: هي التي تقع من موضع عال أو شاهق فتموت، والنطيحة: هي التي ماتت بسبب نطح غيرها لها، وقد كان بعض أهل الجاهلية يستحلون ذلك ويأكلونه، فحرم الله ذلك على المؤمنين. انظر: السمرقندي 1/ 414، وابن كثير 2/ 13.]]، وقال الكلبي: (يعني: ما لم يُذكّ ومات قبل أن تدرك ذكاته أو ذبح لغير الله) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 108.]]، وقال الزجاج: (أي: مما لم يخلص ذبحه الله) [["معاني الزجاج" 2/ 287، ومثله ذكره النحاس في "معانيه" 2/ 480.]]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ الهاء تعود على الأكل المدلول عليه، يعني: وإن الأكل لفسق، أي: أكل ما لم يذكر اسم الله عليه من الميتة [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 352، و"تفسير الطبري" 8/ 20، السمرقندي 1/ 510، و"الدر المصون" 5/ 132.]]. قال [ابن عباس] [[لفظ: (ابن عباس) ساقط من (أ)، وملحق بالهامش.]]: (يريد: عصيان) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 20، وابن أبي حاتم 3/ 106، بسند ضعيف.]]، ومعنى الفسق في اللغة [[الفسق، بكسر الفاء وسكون السين: الخروج عن الطاعة إلى العصيان والترك لأمر الله عز وجل والميل إلى المعصية. قال الراغب في "المفردات" ص 636: (وهو أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير، لكن تعورف فيما كان كثيراً، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه). اهـ. وانظر: "العين" 5/ 82، و"الجمهرة" 2/ 847، و"تهذيب اللغة" 3/ 2788، و"الصحاح" 4/ 1543، و"المجمل" 3/ 721، و"اللسان" 6/ 3414 مادة (فسق).]]: الخروج عن الحق والدين [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 287، وانظر: "معاني النحاس" 2/ 482.]]. وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ أي: يوسوس الشيطان لوليه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل، وهو ما ذكرناه من أن المشركين جادلوا المؤمنين في الميتة [[هذا نص كلام الزجاج في "معانيه" 2/ 287.]]، وأكثر المفسرين: (على أن المراد بالشياطين هاهنا: إبليس وجنوده، وسوسوا إلى أوليائهم من المشركين وأهل الضلالة ليخاصموا محمدًا ﷺ وأصحابه في أكل الميتة) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 23، من عدة طرق، عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وعبد الله بن كثير، وقتادة والسدي والضحاك. وانظر: "الدر المنثور" 3/ 78 - 79.]]. وقال عكرمة [[أخرجه الطبري 8/ 20، وابن أبي حاتم 4/ 1379 بسند جيد، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" ص 226، ورجح الطبري 8/ 23 - 24، العموم وتعاونهم في ذلك، لأن الله تعالى جعل للأنبياء أعداء من شياطين الإنس والجن، وانظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 335.]]: (﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ﴾ يعني: مردة المجوس ﴿لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ﴾ من مشركي قريش، قال: وذلك أن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تعالى تحريم الميتة كتبوا إلى مشركي قريش -وكانوا أولياءهم في الجاهلية، وكانت بينهم مكاتبة- أن محمدًا وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ثم يزعمون أن ما ذبحوا فهو حلال وما ذبح الله فهو حرام، فوقع في أنفس ناس [من المسلمين] [[لفظ: (من المسلمين) مكرر في (ش).]] من ذلك شيء، فأنزل الله هذه [الآية] [[لفظ: (الآية) ساقط من النسخ، وملحق في (أ) بأعلى السطر.]]. ثم قال: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ﴾ يعني: في استحلال الميتة ﴿إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾. قال أبو إسحاق: (وفي هذا دليل أن كل من أحل شيئًا مما حرم الله، أو حرم شيئًا مما أحل الله فهو مشرك، وإنما سمي مشركًا لأنه اتبع غير الله عز وجل، فأشرك به غيره) [["معاني الزجاج" 2/ 287، وذكره النحاس في "معانيه" 2/ 482، عن أهل النظر، وانظر: "تفسير الطبري" 8/ 15 وما بعدها، والسمرقندي 1/ 510.]]. فإن قال قائل: كيف أبحتم ذبيحة المسلم التارك للتسمية والآية كالنَّص في التحريم؟ قيل: إن جميع المفسرين فسروا الآية بالميتة، وأشباهها، مما ذكره ابن عباس ولم يحملها أحد على ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية، وفي الآية أشياء تدل على أن الآية في تحريم الميتة، منها قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ ولا يفسق أكل ذبيحة المسلم الذي ترك التسمية بالإجماع، وإنما التفسيق في أكل الميتة مع اعتقاد التحريم، ومنها قوله: ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾ وهذه المناظرة إنما كانت في مسألة الميتة بإجماع من أهل التفسير، لا في هذه المسألة، ومنها قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾، والشرك في [استحلال الميتة لا في [[ما بين المعقوفين ساقط من (ش).]]] استحلال الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها [[ذكر مثل هذا الواحدي في "الوسيط" 1/ 109، والرازي في "تفسيره" 13/ 138، وقال الطبري في "تفسيره" 12/ 85: (الصواب: إن الله عني بذلك ما ذبح للأصنام والآلهة، وما مات أو ذبحه من لا تحل ذبيحته، وأما من قال: عني بذلك ما ذبحه المسلم فنسي ذكر اسم الله فقول بعيد عن الصواب؛ لشذوذه وخروجه عما عليه الحجة مجمعة من تحليله، وكفى بذلك شاهدًا على فساده). اهـ. وانظر: البغوي 3/ 183، وابن عطية 6/ 140.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب