الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ الآية. الصغو في اللغة معناه: المَيْل، صغى إلى كذا يصغى إذا مال إليه [[انظر: "العين" 4/ 432، و"الجمهرة" 2/ 890، و"الصحاح" 6/ 2400، و"المجمل" 2/ 534، و"مقاييس اللغة" 3/ 289، و"المفردات" ص 485 (صغا).]]. أبو عبيد عن الكسائي: (صَغَوت أَصْغُو، وصغيت أصْغَى [ثم وصغيت أصغِي] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]] وهو أكثر الثلاث) [["تهذيب اللغة" 2/ 2020، وفيه: (أبو عبيد عن الكسائىِ: صَغَوْتُ بالفتح، وصَغَيْتُ. وقال شمر: صَغَوت، وصغَيت بالفتح، وصغيت بكسر العين، وأكثره صغيت بالكسر) ا. هـ. ولعل الواحدي جمع بين القولين.]]، ابن السكيت: (صَغَيْتُ إلى الشيء، أصْغى صِغيًا إذا ملت إليه، وصَغَوت أصغُو صُغُوًّا) [["إصلاح المنطق" ص 215، و"تهذيب اللغة" 2/ 2020، وصَغَيْت بالفتح، أَصْغَى صُغِيًّا بالكسر، وصَغَوت أصغُو صُغُوًّا بالضم.]]، الأصمعي (وصَغا) [["تهذيب اللغة" 2/ 2021، وفيه: (صَغَا يَصْغو صَغْوًا وصَغًا) بالفتح.]]، وزاد الفراء: (صُغيًّا مشدّدًا وصُغُوًّا) [[ذكره السمين في "الدر" 5/ 119، وهو ليس في معاني الفراء، ولعله من كتاب المصادر المفقود، وصُغيا بالضم، وكسر العين، وفتح الياء المشددة، وصغوا بالضم وفتح الواو المشددة.]]، أبو زيد [["تهذيب اللغة" 2/ 2021، وفيه: (صَغْوه وصَغاه وصِغْوه معه) فقط، والباقي لابن السكيت، وصَاغية بكسر الغين، وصَغْواء بفتح الصاد وسكون الغين. والخلاصة: أن الصَّغا مادة تدل على الميل، يقال: صغوت بالواو وفتح الغين، وصغيت بالياء وكسر الغين وفتحها، فاللام واو أو ياء، ومع الياء تكسر عين الماضي وتفتح، ومضارع الأفعال الثلاثة يصغى بفتح الغين، وحكى صغوت أصغو بالضم، ومصدر الأول: صَغْو، والثاني: صُغِيٌّ بكسر الغين، والثالث: صغا بالفتح، وحكى في مصدر صغا بالفتح يصغو صغا بالفتح، فهو ليس مختصًا بكونه مصدرًا لصغي بالكسر، وحكى صِغِيًّا بكسر الغين، وفتح الياء المشددة، وصغوا بضم الغين وفتح الواو المشددة. انظر: "معاني الزجاج" 2/ 284، والقرطبي 7/ 69، و"البحر" 4/ 205، و"الدر المصون" 5/ 119.]]: (يقال: صَغْوهُ معه، وصِغْوُهُ وصَغَاهُ، وصَاغِية الرجل الذين يميلون إليه ويغشونه، وعين صَغْواء مائلة، قال الأعشى [[ديوان الأعشى: ميمون بن قيس ص 187، و"شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ص 327، و"تهذيب اللغة" 2/ 2020، والثعلبي ص 183/ أ، و"اللسان" 4/ 2454 مادة (صغا)، و"الدر المصون" 5/ 119، وهو يصف الناقة، وصغواء: مائلة، والمؤق بالضم: طرف العين مما يلي الأنف. انظر: "اللسان" 7/ 4120 مادة (مأق)، والقطيع، بفتح القاف، وكسر الطاء: السوط يقطع من جلد، ونحوه. والقطيع المحرم. السوط الذي لم يمرن ويُليَّن بعد. انظر: "اللسان" (قطع) 6/ 3678.]]: ترَى عَيْنَها صَغْواءَ في جَنْبِ مُؤقِهَا ... ترَاقِبُ كَفِّي والقَطِيعَ المحَرَّمَا) قال ابن عباس [[أخرجه الطبري 8/ 7، وابن أبي حاتم 4/ 1373 بسند ضعيف بلفظ (لتميل)، وهو في مسائل نافع بن الأزرق ص 163، وأخرج ابن حسنون في "اللغات" ص 54، و"الوزان" 9 أبسند جيد عنه قال: (صغا مال بلغة خثعم) ا. هـ، وفي "تنوير المقباس" 2/ 53 قال: (لكي تميل إلى هذا الزخرف والغرور) ا. هـ، وانظر: "الدر المنثور" 3/ 75.]]، والسدي [[أخرجه الطبري 8/ 7 بسند جيد بلفظ: (تميل إليه قلوب الكفار) ا. هـ. وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 74.]]، [وابن زيد [[لفظ (ابن زيد) ساقط من (أ) والأثر أخرجه الطبري 8/ 7، وابن أبي حاتم 4/ 1373، بسند جيد عنه، بلفظ: (وليهووا ذلك، يقول الرجل للمرأة: صغيت إليها: هَوِيتها) اهـ.]]] وغيرهم [[هو قول الأكثر. انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 285، و"مجاز القرآن" 1/ 205، و"غريب القرآن" ص 142، والطبري 8/ 7، والسمرقندي 1/ 508، والماوردي 2/ 159.]]: (وَلِتَصْغَى) (ولتميل هواها)، قال ابن الأنباري: (اللام في (لتصغى) متعلقة بفعل مضمر تأويله: وفعلنا بهم ذلك لكي تصغى إلى الباطل أفئدتهم وليرضوا المذموم من أجل عنادهم الحق) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 103، ابن الجوزي 3/ 109.]]، وقال غيره من النحويين [[هذا ظاهر كلام الطبري 8/ 4، والقرطبي 7/ 69، ورجحه الرازي 13/ 157، وأكثرهم على أنها لام كي الجارة، وهي معطوفة على الغرور، أي: للغرور، ولأن تصغى. قال ابن عطية 5/ 324 - 325: (اللام في الأفعال الثالثة لام كي معطوفة على (غرورًا) أو متعلقة بفعل مؤخر تقديره: فعلوا ذلك أو جعلنا ذلك، فهي لام صيرورة، قاله الزجاج: ولا يحتمل أن تكون لام الأمر وضمنها الوعيد) ا. هـ. ملخصًا، وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" 2/ 174 - 175: (اللام على بابها للتعليل وإن كانت تعليلًا لفعل العدو، وهو ايحاء بعضهم إلى بعض فظاهر، == وعلى هذا فيكون عطفًا على قوله (غرورًا) فإنه مفعول لأجله، أي: ليغروهم بهذا الوحي ولتصغى إليه أفئدة من يلقى إليه فيرضاه ويعمل بموجبه، فيكون سبحانه قد أخبر بمقصودهم من الإيحاء، وهو أربعة أمور: غرور من يوحون إليه، وإصغاء أفئدتهم إليهم، ومحبتهِم لذلك، وانفعالهم عنده بالاقتراف، وإن كان ذلك تعليلًا لجعله سبحانه ﴿لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا﴾ فيكون هذا الحكم من جملة الغايات والحكم المطلوبة بهذا الجعل، وهي غاية وحكمة مقصودة لغيرها؛ لأنها مفضية إلى أمور هي محبوبة مطلوبة للرب سبحانه، وفواتها يستلزم فوات ما هو أحب إليه من حصولها، وعلى التقديرين، فاللام لام التعليل والحكمة) اهـ، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 33، و"الزجاج" 2/ 284، و"إعراب النحاس" 1/ 576، و"العسكريات" ص 100، و"كتاب الشعر" 1/ 206، و"المحتسب" 1/ 227، و"البيان" 1/ 335، و"التبيان" ص 355، و"الفريد" 2/ 216، و"الدر المصون" 5/ 117.]]: (اللام متعلقة بقوله ﴿يُوحِي﴾: [الأنعام:112] وتقديره: يوحي بعضهم إلى بعض [ليغروهم] [[في (أ): (لتغروهم).]] ﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾)، والكناية في (إليه) تعود إلى ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ﴾ [[انظر: "الدر المصون" 5/ 118.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا﴾ يقال: اقترف أي: اكتسب [[الاقتراف بسكون القاف، وكسر التاء وفتح الراء أصله قَشْرُ اللحاء والجلدة عن الجرح، ثم استعير للاكتساب حسنًا كان أو سيئًا، إلا أنه في السوء أغلب. انظر: "الجمهرة" 2/ 786، و"الصحاح" 4/ 1414، و"المجمل" 3/ 748، و"معجم مقاييس اللغة" 5/ 73، و"المفردات" ص 667، و"اللسان" 6/ 3600، و"عمدة الحفاظ" ص 453 مادة (قرف).]]. الليث [["تهذيب اللغة" 3/ 2941. وانظر: "العين" 5/ 146.]]: (اقترف ذنبًا، أي: أتاه وفعله). ابن الأنباري [[ذكره السمين في "الدر" 5/ 122، وفي "الزاهر" 1/ 446، قال في معنى الآية: (أي: وليكتسبوا وليلصقوا بأنفسهم) ا. هـ. ثم أنشد البيت.]]: (قَرَف واقْتَرَف إذا كسب، وأنشد [[الشاهد للبيد في ذيل "ديوانه" ص 221، و"الكشف" للثعلبي 183 أ، وبلا نسبة في "الدر المصون" 5/ 122.]]: وإِنِّي لآتٍ مَا أَتَيْتُ وإنَّنِي ... لِمَا اقْتَرفَتْ نَفْسِي عليَّ لَرَاهِبُ أي: لما اكتسبت)، ونحو ذلك قال ابن عباس [[أخرجه الطبري 8/ 8 بسند جيد، وهو في "تنوير المقباس" 2/ 53، و"الدر المنثور" 3/ 75، وهو في مسائل نافع بن الأزرق ص 161 مع ذكر الشاهد للبيد.]] وابن زيد [[ذكره القرطبي 7/ 70، عن ابن عباس والسدي وابن زيد، وأخرج الطبري 8/ 8، وابن أبي حاتم 4/ 1373، 1374، بسند جيد عن ابن زيد والسدي قالا: (ليعملوا ما هم عاملون) ا. هـ.]]: (وليكتسبوا). وقال الزجاج: (وليقترفوا) (أي: ليختلقوا وليكذبوا) [["معاني الزجاج" 2/ 285، وفيه ذكر القول الأول ثم ذكر هذا، وفي "مجاز القرآن" 1/ 205، قال: (مجازه التهمة والادعاء) ا. هـ. وفي "غريب القرآن" لليزيدي قال: (يدعون الكذب) وفي تفسير "غريب القرآن" ص 158، و"تفسير المشكل" ص 79: (أي: ليكتسبوا ويدعوا) ا. هـ. وذكر هذا القول الماوردي 2/ 159، وقال: (هذا قول محتمل) ا. هـ.]]، وهو معنى قول عطاء [[لم أقف عليه. وقوله: (وليخترقوا) التَّخرُّق لغة في التخلُّق من الكذب وخَرَقَ الكذب وتَخَرَّقه اختلقه وافتعله وافتراه. انظر: "اللسان" 2/ 1142 (خرق).]]: (ليخترقوا في القرآن مثل قولهم: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: 103]). قال مقاتل: ﴿وَلِتَصْغَى﴾: (ولتميل إلى ذلك الزخرف ولغرور قلوب الذين لا يصدقون بالبعث، ﴿وَلِيَرْضَوْهُ﴾: ليحبوه، ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا﴾ ليعملوا ما هم عاملون) [["تفسير مقاتل" 1/ 585.]]، وهذا الآية دليل على تكذيب القدرية، إذ قال الله تعالى: جعلنا لهم شياطين لتصغى قلوبهم إلى وحي الشياطين وليرضوه [[انظر: "تفسير الرازي" 13/ 158.]]. وحكى أبو بكر [[أبو بكر هو: محمد بن القاسم بن الأنبارىِ، تقدمت ترجمته.]] مثل قول الزجاج، فقال: (وقال بعضهم: تأويله: وليختلقوا ما هم مختلقون) [[لم أقف عليه، وفي "الزاهر" 1/ 465: (وقولهم: قد قَرف فلان فلانا، معناه: قد ألصق به عيبًا وأكسبه ذمًّا) اهـ.]] ثم قال: (والأول هو الأثبت في اللغة) [[وهو الراجح عند الجمهور، ومنهم الفراء في "معانيه" 1/ 351، والطبري في "تفسيره" 8/ 8، والنحاس في "معانيه" 2/ 478، والسمرقندي في "تفسيره" 1/ 508، والبغوي 3/ 180، وابن الجوزي 3/ 109، وحكى القول الثاني عن الزجاج الرازي في "تفسيره" 13/ 158، ثم قال: (والأول أصح) ا. هـ.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب