الباحث القرآني
[قوله تعالى] [[في (أ): (قوله عز وجل).]]: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ الآية، ذكرنا معنى القسم [[انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 1/ 229 ب.]] عند قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ﴾ [النساء: 8] والاستقسام في سورة المائدة [[انظر: "البسيط" صورة في مكتبة جامعة الإمام 3/ 9 أ.]] والإقسام من ذلك الأصل أيضًا، وذلك أن اليمين موضوعة لتوكيد الخبر الذي يخبر به الإنسان إما مثبتًا للشيء أو نافيًا. ولما كان الخبر يدخله الصدق والكذب لم يأمن المخبر بالشيء عن نفسه أن يرد خبره ولا يقبل، فأكّد خبره باليمين، ولما كان التنازع يكثر في الإقسام، والدعاوى في الأشياء لا تنقطع إلا بالتوكيد، اشتقوا لفظه من القسم، وبنوها على أَفَعَل، فقالوا: أَقْسَم [[القَسَم: بالفتح، اليَمين والحَلف، وأصله من القَسَامَة، بالفتح، وهي أيمان تقسم علي أولياء المقتول، ثم صار اسمًا لكل حَلِف؛ يقال: أَقْسَم بسكون القاف وفتح == السين، يُقْسِم: بكسر السين، إقسامًا، والجمع أقْسَام.
انظر: "العين" 5/ 86، (الجمهرة) 2/ 852، و"الاشتقاق" لابن دريد ص 62، و"تهذيب اللغة" 3/ 2963، و"الصحاح" 5/ 2010، و"المجمل" 3/ 752، و"المفردات" ص 670، و"اللسان" 6/ 3630 مادة (قسم).]] فلان بالله، يقسم إقسامًا، وأرادوا أنه حاز القسم الذي وقع التنازع فيه، بذكر الله، وبنوا الفعل على أفعل؛ لأنهم قصدوا قصد رجل أمال الشيء إلى جانبه باليمين، واسم اليمين القَسَم، والجمع الأقسام.
وهذا الذي ذكرنا في معنى القسم مذهب الزجاج وأبي علي الفسوي [[ذكره الرازي في "تفسيره" 13/ 117 عن الواحدي، ولم أقف عليه عند الزجاج وأبي علي الفارسي بعد طول بحث.]] وغيرهما ممن يوثق بعربيتهم، قال المفسرون: (8) (لما أُنزل قوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: 4] أقسم المشركون بالله ﴿لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا﴾ وسأل المسلمون رسول الله ﷺ أن ينزلها الله عليهم حتى يؤمنوا، وعلم الله تعالى منهم أنهم لا يؤمنون، فأنزل هذه الآية: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [[ذكره الفراء في "معانيه" 1/ 349، و"النحاس" 2/ 474، والسمرقندي 1/ 506، وقال ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 103: (رواه أبو صالح عن ابن عباس) ا. هـ. وحكاه الماوردي 2/ 156، عن الكلبي، وانظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 228.]]، قال الكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 51، وذكره الثعلبي 182 ب، والواحدي في "الوسيط" 1/ 99، والبغوي 3/ 177، والرازي 13/ 143 عن الكلبي ومقاتل.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 583.]]: (إذا حلف الرجل بالله فهو جهد يمينه)، وقال الزجاج: (اجتهدوا في المبالغة في اليمين) [["معاني الزجاج" 2/ 281، وذكر النحاس في "معانيه" 2/ 472، نحوه، والجهد: بفتح الجيم، وسكون الهاء المبالغة والغاية، وقيل: الوسع والطاقة، وقيل: المشقة. انظر: "اللسان" 2/ 708 مادة (جهد).]]، وقال عطاء [[ذكره ابن الجوزي 2/ 380، عن ابن عباس وذكره البغوي 3/ 69، بلا نسبة.]]: (يريد. بأغلظ الأيمان).
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ أي: إنه هو القادر على الإتيان بها [[هذا قول الطبري في "تفسيره" 7/ 311، والثعلبي في "الكشف" 182 ب، والبغوي في "تفسيره" 3/ 177، وابن الجوزي 3/ 104.]]، وقيل: (معناه: إنها عند الله يأتي بها متى شاء، وليس لكم أن تتحكموا في طلبها) [[انظر: "تفسير الرازي" 13/ 114.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ قال أبو علي: (ما) استفهام وفاعل ﴿يُشْعِرُكُمْ﴾ ضمير ما، والمعنى: وما يدريكم إيمانهم، فحذف المفعول، وحذف المفعول كثير، والتقدير: وما يدريكم إيمانهم، أي: هم لا يؤمنون مع مجيء الآية إياهم [["الحجة" لأبي علي 3/ 377: (وعليه تكون ما استفهامًا إنكاريًّا مبتدأ، وجملة (يشعركم) خبرها. و (يشعركم) مضارع فاعله ضمير يعود على ما، وكم مفعول أول، والثاني محذوف، والتقدير: وما يدريكم إيمانهم وقت مجيئها). انظر: "البيان" 1/ 530، و"الفريد" 2/ 210، و"الدر المصون" 5/ 101.]].
ونحو هذا ذكره ابن الأنباري [[لم أقف عليه وفي إيضاح الوقف والابتداء 2/ 642 - 643، قال في الآية: (من قرأ (إنها) بالكسر وقف على (وما يشعركم) وابتدأ (إنها)، ومن قرأ (أنها) بالفتح كان له مذهبان أحدهما: أن يكون المعنى: وما يشعركم بأنهم يؤمنون أو لا يؤمنون ونحن نقلب أفئدتهم، فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على (يشعركم)؛ لأن (أن) متعلقة به، والوجه الآخر أن يكون المعنى: وما يشعركم لعلها إذا جاءت لا يؤمنون، فيحسن الوقف على (يشعركم) والابتداء بأن مفتوحة، حكي عن العرب: ما أدرى أنك صاحبها، المعنى: لعلك صاحبها، وقرئ: (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) على خطاب الكفرة إليكم) ا. هـ. وقال في (الأضداد) ص 211 - 216: (لا جحد محض، وأن دخلت إيذانا بالقول إذ لم يصرح لفظه، وتكون لا بمعنى الإثبات وما للتوكيد، والمعنى: أنها إذا جاءت يؤمنون) ا. هـ. ملخصًا.]] فقال: (كأن الكلام انقطع عند ﴿يُشْعِرُكُمْ﴾ بتقدير مفعول معه يراد به، أي شيء يشعركم إيمانهم، ويوقع في أنفسكم صحة ما حلف عليه الكفار)، وهذا معنى قول الزجاج: (أي لستم تعلمون الغيب، ولا تدرون أنهم يؤمنون) [["معاني الزجاج" 2/ 282.]]، ألا ترى أنه ذكر مفعول الإشعار، وقال مجاهد: (وما يدريكم [أنكم] [[في (ش): (أنهم يؤمنون). وعليه يكون الخطاب للمؤمنين وهو أحد قولي مجاهد، كما في "تفسيره" 1/ 221، قال: (وما يدريكم أنهم يؤمنون، ثم أوجب عليهم أنهم لا يؤمنون) ا. هـ.]] تؤمنون، ثم استقبل يخبر فقال: ﴿أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 312، وابن أبي حاتم 4/ 1368 من عدة طرق جيدة، وذكر السيوطي في "الدر" 3/ 73.]].
وقوله تعالى: ﴿أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قرأ ابن كثير [[قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية (إنها) بكسر الهمزة، وقرأ الباقون بفتحها. انظر: "السبعة" ص 265، و"المبسوط" ص 173، و"التذكرة" 2/ 407، و"التيسير" 106، و"النشر" 261.]] وأبو عمرو (إنها) بكسر الهمزة على الاستئناف، وهي القراءة الجيدة. قال سيبويه: (سألت الخليل عن هذه القراءة، فقلت: ما منع أن تكون كقولك: ما يدريك أنه لا يفعل؟ فقال: لا يحسن ذلك في هذا الموضع إنما قال: ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ ثم ابتدأ فأوجب فقال: (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) ولو قال: (وما يشعركم أنها) بالفتح كان ذلك عذرًا لهم [["الكتاب" 3/ 123.]]، انتهى كلامه.
ومعنى قوله: (كان [ذلك] [[لفظ: (ذلك) ساقط من (أ).]] عذرًا لهم) أنك لو فتحت أن وجعلتها التي في نحو: بلغني أن زيدًا [[انظر: "الكتاب" 3/ 122.]] منطلق، لكان عذرًا لمن أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون، لأنه إذا قال القائل: إن زيداً لا يؤمن، فقلت: وما يدريك أنه لا يؤمن، كانت المعنى: انه يؤمن، وإذا كان كذلك كان عذرًا لمن نفى الإيمان عنه، وليس المراد في الآية عذرهم وأنهم يؤمنون [[هذا شرح لأبي علي في "الحجة" 3/ 378، وقال السمين في "الدر" 3/ 102: (وقد شرح الناس قول الخليل وأوضحوه فقال الواحدي وغيره)، ثم ذكر هذا الشرح، وانظر: "تفسير الرازي" 13/ 145.]]، ألا ترى أن الله سبحانه قد أعلمنا في الآية الثانية أنهم لا يؤمنون بقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا﴾ إلى قوله: ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الأنعام: 111] وقرأ الباقون (أنها) بالفتح.
قال الخليل: (هي بمنزلة قول العرب: أئت السوق أنك تشتري لنا شيئًا، أي: [لعلك] [[في (ش): (لعل).]] فكأنه قال: لعلها إذا جاءت لا يؤمنون) [["الكتاب" 3/ 123.]]، انتهى كلامه. وأن بمعنى [[من معاني أن المشددة المفتوحة أنها تكون بمعنى لعل عند الأكثر. انظر: "حروف المعاني" ص 57، و"معاني الحروف" ص 112، و"الصاحبي" ص 176، و"رصف المباني" ص 207، و"مغني اللبيب" 1/ 40.]] لعل كثير في كلامهم كقوله [[الشاهد مختلف في نسبته، وهو لحاتم الطائي في "ديوانه" ص 45، ولمعن بن أوس المزني في "ديوانه" ص 80، ولدريد بن الصمة الجشمي في "ملحق ديوانه" ص 116، والطبري 7/ 313، والثعلبي ص 182/ ب، ولحطائط بن يعفر النهشلي في "مجاز القرآن" 1/ 55، و"الحماسة" لأبي تمام 2/ 358، و"عيون الأخبار" 3/ 181، و"الشعر والشعراء" ص 147، 157 - 158، والطبري 3/ 78، و"الحجة" لأبي علي 2/ 225، و"الدر المصون" 2/ 117، وذكر في "اللسان" 1/ 158، أنن، نسبته إلى هؤلاء، وهو بلا نسبة في "الإبدال" لابن السكيت ص85، و"أمالي القالي" 2/ 79، و"سر صناعة الإعراب" 1/ 236، والرازي == 13/ 144. والشاهد: (لأنني) أراد: لعلني، وفي الدواوين وأكثر المراجع: (لعلني) بدل (لأنني)، وعليه فلا شاهد فيه.]]: أرِيني جَوَادًا مَاتَ هَزْلًا لأَنَّنِي ... أَرَى مَا تَرَيْنَ أَوْ بَخِيلًا مُخَلَّدا
وقال آخر [[الشاهد للفرزدق في "ديوانه" 2/ 290، و"الحجة" لأبي علي 3/ 379، و"اللسان" 7/ 4049 مادة (لغن)، وهو لجرير في "ملحق ديوانه" ص 1039، و"اللسان" 1/ 158 مادة (أنن)، و"الدر المصون" 5/ 103، وبلا نسبة في "الإنصاف" 1/ 184، والقرطبي 4/ 154. وعائجون: أي مائلون. والعرصات: جمع عرصة، وهو وسط الدار.
والشاهد: لأنا يريد: (لعنا)، وفي ديوانه الفرزدق وأكثر المراجع، (لعلنا) بدل (لأنا) وفي بعض المراجع (لِغنا) بالغين والفتح، وهي لغة في لعل.]]:
هَل أَنْتُمْ عَائِجُونَ بِنَا لأنا ... نَرَى العَرَصاتِ أَوْ أَثَرَ الخيامِ
وقال عدي [[عَدي بن زيد بن حمار بن زيد العبادي التميمي أبو عمير، من أهل الحيرة، شاعر جاهلي فصيح، نصراني، مقدم على شعراء عصره؛ لكونه أول من كتب بالعربية والفارسية لدى كسرى، قتله النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وقال ابن قتيبة: (علماؤنا لا يرون شعره حجة).
انظر: "طبقات فحول الشعراء" 1/ 135 - 140، و"الشعر والشعراء" ص130، و"معجم المرزباني" ص 73، و"الأعلام" 4/ 220.]] بن زيد:
أَعاذِل ما يُدْرِيكِ أَنَّ مَنِيَّتِي ... إلى ساعَةٍ في اليَومِ أو في ضُحى الغَدِ [["ديوانه" ص 103، و"الشعر والشعراء" ص 131، والطبري 7/ 313، و"جمهرة أشعار العرب" ص 179، و"المدخل للحدادي" ص 449، والثعلبي 182 ب، والبغوي 3/ 178، وابن الجوزي 3/ 105، والرازي 13/ 144، والقرطبي 7/ 64، و"اللسان" 1/ 158 مادة (أنن)، والخازن 2/ 172، و"الدر المصون" 5/ 103، وابن كثير 2/ 184، وفي (الديوان): (إلا تظنُّنا) بدل (أن منيتي)، وعليه فلا شاهد فيه.]] وفسر علي: لعل منيتي، ويدل على صحة هذا وجودته في المعنى أنه قد جاء في التنزيل لعل بهذا [[في "الحجة" لأبي علي 3/ 380 (لعل بعد العلم).]] العلم كقوله تعالى: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: 3] ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ﴾ [الشورى: 17]، وهذا الذي ذكره الخليل من أن [[هكذا في النسخ، والأولى: (من أن - أن بمعنى لعل).]] بمعنى لعل مذهب الفراء أيضًا قال: (وللعرب لغة في لعل بأن، وهو وجه جيد أن تجعل أن في موضع لعل) [["معاني الفراء" 1/ 350، وهو قول الأخفش في "معانيه" 2/ 285 قال: (قرأ بعضهم (أنها) وبها نقرأ وفسر على لعلها ..) اهـ.]]، ثم ذكر وجهًا آخر لهذه القراءة: (وهو أن تجعل لا صلة قال: ومثله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ [الأعراف: 12] معناه: أن تسجد، فيكون التقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون) [["معاني الفراء" 1/ 350.]]، والمعنى على هذا: أنها لو جاءت لم يؤمنوا [[هذا قول أبي علي في "الحجة" 3/ 380 عند شرح هذا الوجه.]].
قال الزجاج: (والذي ذكر أن لا لغوٌ [[لغو: أي زائدة وانظر: "الإغفال" ص 677.]] غالط؛ لأن ما كان لغوًا لا يكون غير لغو، ومن قرأ (إنها) بالكسرة لم يكن لا لغوًا، فليس يجوز أن يكون معنى لفظه مرة النفي ومرة الإيجاب) [["معاني الزجاج" 2/ 283، وحكى كونها زائد النحاس في "معانيه" 2/ 473، عن الكسائي ثم قال: (وهذا عند البصريين غلط؛ لأن أن لا تكون زائدة في موضع تكون فيه نافية) ا. هـ، وقال الزجاج في "معانيه": (قد أجمعوا أن معنى (أن) هاهنا إذا فتحت معنى لعل، والإجماع أولى بالاتباع) ا. هـ، وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى" 10/ 10 - 11 ، 13/ 246، 14/ 495، في شرح الآية: (هذا استفهام نفي وإنكار، أي: وما يدريكم (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) وأنا ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾. على قراءة من قرآ (إنها) بالكسر تكون جزمًا == بأنها ﴿إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾، وأشكلت قراءة الفتح على كثير بسبب أنهم ظنوا أن الآية بعدها جملة مبتدأة، وليس كذلك، لكنها داخلة في خبر أن، والمعنى: إذا كنتم لا تشعرون أنها إذا جاءت لا يؤمنون وأنا أفعل بهم هذا لم يكن قسمهم صدقًا بل قد يكون كذبًا، وهو ظاهر الكلام المعروف أنها أن المصدرية ولو كان (ونقلب) إلى آخره كلامًا مبتدأ لزم أن كل من جاءته آية قُلب فؤاده، وليس كذلك بل قد يؤمن كثير منهم، ومن فهم معنى الآية عرف خطأ من قال: أن (أن) بمعنى لعل واستشكل قراءة الفتح، بل يعلم حينئذ أنها أحسن من قراءة الكسر) ا. هـ وانظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 316، وابن كثير 2/ 184.]].
قال أبو علي: (يجوز أن يكون لا في تأويل زائدة، وفي تأويل غير زائدة، كقول الشاعر [[لم أعرف قائله، وهو في: "معاني الأخفش" 2/ 294، والطبري 8/ 129، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 211، و"الإغفال" ص 690، و"كتاب الشعر" 1/ 117، و"الخصائص" 2/ 35، 283، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 537، 542، وابن عطية 5/ 316، و"اللسان" 8/ 4485 مادة (نعم) و15/ 466 (لا)، و"مغني اللبيب" 1/ 248.]]:
أَبَى جُوده لا البُخْلَ واستَعْجَلَتْ بِهِ ... نَعَمْ مِنَ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُودَ قاتِلهْ
ينشد: لا البخلِ ولا البخلَ، فمن نصب البخلَ جعلها زائدة كأنه قال: أبي جوده البخل، ومن قال: لا البخلِ أضاف لا إلى البخل. ومثل هذه الآية في أن لا فيها يجوز أن يكون زائدة ويجوز أن لا يكون قوله تعالى: ﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [الأنبياء: 95]، [["الحجة" لأبي علي 3/ 380 - 381، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 379، و"إعراب القراءات" 1/ 167، و"الحجة" لابن خالويه ص 147، ولابن زنجلة ص 265، و"الكشف" 1/ 444.]]، وسنذكر الوجهين في الآية إذا انتهينا إليها إن شاء الله [[انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 3/ 250 ب.]].
واختلفوا في قوله ﴿لَا يُؤْمِنُونَ﴾ فقرأ [[قرأ ابن عامر وحمزة ﴿لَا تُؤْمِنُونَ﴾ بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر: "السبعة" ص 265، و"المبسوط" ص 173، و"التذكرة" 2/ 408، و"التيسير" ص 106، و"النشر" 2/ 261.]] بعضهم بالياء، وهو وجه القراءة؛ لأن قوله: [و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (أ).]] أَقْسَمُوا بالله) الآية [الأنعام: 109] إنما يراد به قوم مخصوصون يدلك على ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾ الآية [الأنعام: 111] وليس كل الناس بهذا الوصف، [و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (أ).]] المعني: وما يشعركم أيها المؤمنون لعلهم إذا جاءتهم الآية التي اقترحوا لم يؤمنوا، فالوجه الياء؛ لأن الذين نفى عنهم الإيمان هم الغُيّب المقسمون، أي: لا يؤمنون هؤلاء الغيب المقسمون، وقرأ حمزة وابن عامر بالتاء، وهو على الانصراف من الغيبة إلى الخطاب، والمراد بالمخاطبين في (يؤمنون) هم الغُيّب المقسمون الذين أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون [[ما تقدم هو كلام الفارسي في "الحجة" 3/ 382 - 383، إلا أنه لم يختر القراءة بالياء بل وجه القراءة فقط. وانظر: "معانى القراءات" 1/ 380، و"إعراب القراءات" 1/ 167، و"الحجة" لابن خالويه ص 147، ولابن زنجلة ص 267، و"الكشف" 1/ 446.]].
وذهب مجاهد وابن زيد [[ذكره ابن عطية في "تفسيره" 5/ 315، والرازي 13/ 245، والقرطبي 7/ 64، وأبو حيان في "البحر" 4/ 201.]] إلى أن الخطاب في قوله ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ للكفار الذين أقسموا، قال مجاهد: (وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت) [[سبق تخريجه.]]، وهذا يقوي [قراءة] [[لفظ: (قراءة) مكرر في (أ).]] من قرأ (تؤمنون) بالتاء، على ما ذكرنا أولاً الخطاب في قوله ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ﴾ للمؤمنين، وذلك أنهم تمنوا نزول الآية ليؤمن المشركون، وهو الوجه؛ لأنه قيل للمؤمنين: تمنون ذلك، وما يدريكم أنهم يؤمنون، على ما شرحنا وبينا [[انظر: "تفسير الرازي" 13/ 145، فقد نقل عامة الأقوال التي ذكرها الواحدي، وكذلك نص كلام الواحدي في التوجيه، دون نسبة.]].
{"ayah":"وَأَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ لَىِٕن جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ لَّیُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡـَٔایَـٰتُ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَا یُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَاۤ إِذَا جَاۤءَتۡ لَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق