الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ الآية قال [قتادة] [[لفظ: (قتادة) غير واضح في (أ).]] [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 215 بسند جيد.]] والمفسرون [[أخرجه الطبري 7/ 309، وابن أبي حاتم 5/ 312 من طرق جيدة عن ابن عباس وقتادة والسدي، وهو قول مقاتل 1/ 583، والسمرقندي 1/ 506، وحكاه هود الهواري 1/ 551 عن الحسن والكلبي. وانظر: "أسباب النزول" للواحدي ص 225، و"الدر المنثور" 3/ 72.]]: (كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فنهاهم عن ذلك لئلا يسبوا الله). وقال الزجاج: (نهوا في ذلك الوقت قبل القتال أن يلعنوا الأصنام التي كانت يعبدها المشركون) [["معاني الزجاج" 2/ 280.]]. وقال أبو بكر [[لم أقف عليه.]] بن الأنباري: (هذه آية منسوخة أنزلها الله [عز وجل] [[في (ش): (جل وعز).]] والنبي بمكة، فلما قواه بأصحابه نسخ هذه الآية ونظائرها بقوله: ﴿فَاقْتُلُوا [[في النسخ: (واقتلوا)، وهو تحريف.]] الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: 5] [[هذا قول ابن حزم في "ناسخه" ص 38، و (ابن سلامة) ص 69، والظاهر عدم النسخ وأن الآية محكمة، وهو اختيار أكثرهم، قال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 329: (لا أرى النسخ بل يكره للإنسان أن يتعرض بما يوجب ذكر معبوده بسوء أو نبيه) ا. هـ، وقال القرطبي 7/ 61: (قال العلماء: الآية حكمها باق على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يُسب الإِسلام أو النبي ﷺ أو الله عز وجل فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم ولا دينهم ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية) ا. هـ وانظر: "أحكام القرآن" للكيا الهراس 3/ 325، وابن عطية 5/ 313، وابن كثير 2/ 183.]]. وقوله تعالى: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ أي: فيسبوا الله ظلمًا بالجهل، يقال: عَدَا [[العَدَاء: بالفتح والمد: تجاوز الحد والظلم والجور، يقال: عَدَا -بفتح العين والدال-، فلان عَدْوًا: بفتح العين وسكون الدال، وعُدُوًّا بضم العين والدال وتشديد الواو المفتوحة، وعُدْوانا، بضم العين، وسكون الدال، وعَدَاء: بفتح العين والدال. انظر: "العين" 2/ 213، و"الجمهرة" 2/ 666، و"الصحاح" 6/ 2420، و"المجمل" 3/ 652، و"مقاييس اللغة" 4/ 249، و"المفردات" ص 553، و"اللسان" 5/ 2832 مادة (عدا).]] فلان عَدْوًا وعُدُوًا وعُدْوانًا وعَدَاء، أي: ظلم ظلمًا جاوز القدر [[هذا كلام الزجاج في "معانيه" 2/ 281، والأزهري في "تهذيب اللغة" 3/ 3347 مادة (عدا)، وانظر: "الزاهر" 1/ 216.]]. قال السدي: (معناه: لا تسبوا الأصنام فيسبوا من أمركم بما أنتم عليه من عيبها) [[أخرج الطبري 7/ 310، وابن أبي حاتم 4/ 1366، بسند جيد عنه نحوه، وذكره الماوردي 1/ 552، والواحدي في "الوسيط" 1/ 98. وقال ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/ 743: (اتفق العلماء على أن المعنى: لا تسبوا آلهة الكفار فيسبوا إلهكم، وكذلك هو، فإن السب في غير الحُجَّة فعل الأدنياء) ا. هـ. وقال ابن الجوزي 3/ 102: (المعنى: فيسبوا من أمركم بعيبها، فيعود ذلك إلى الله تعالى لا أنهم كانوا يصرحون بسب الله تعالى؛ لأنهم كانوا يقرون أنه خالقهم وإن أشركوا به) ا. هـ. وانظر: "بدائع التفسير" 2/ 170.]]. وقال آخرون: (معنى ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ فيحملهم الغيظ والجهل على أن يسبوا من تعبدون، كما سببتم من تعبدون) [[هذا قول الطبري في "تفسيره" 7/ 309، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 203، و"معاني الأخفش" 1/ 285، و"غريب القرآن" لليزيدي ص 141.]]. هذا معنى ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ﴾ لا أنهم كانوا يصرحون بسب الله لأنهم كانوا يقرون أن الله خالقهم وإن أشركوا به. قال الزجاج: (وعدوا) منصوب على المصدر؛ لأن المعنى: فيعدوا عدوًا [[عدوا: بفتح العين وسكون الدال، وتخفيف الواو المفتوحة.]]، قال: ويكون بإرادة اللام [[وعليه يكون مفعولًا من أجله، أي: لأجل العدو. انظر: "إعراب النحاس" 1/ 573، و"المشكل" 1/ 265، و"التبيان" 1/ 353، و"الفريد" 2/ 210، و"الدر المصون" 5/ 100.]] والمعنى: فيسبوا الله للظلم) [["معاني الزجاج" 2/ 281 ، ومثله قال الأزهري في "تهذيب اللغة" 3/ 2347 مادة (عدا).]]. وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ قال المفسرون [[وهو الأظهر وقول الأكثر، انظر: "تفسير الطبري" 7/ 311، و"معاني النحاس" 2/ 472، والسمرقندي 1/ 506، والبغوي 3/ 177، وابن عطية 5/ 313، وابن الجوزي 3/ 103، وابن كثير 2/ 184.]]. (يعني: كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام والأوثان وطاعة الشيطان بالحرمان والخِذلان ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ﴾ من الخير والشر والطاعة والمعصية)، قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: زينت لأوليائي وأهل طاعتي محبتي وعبادتي، وزينت لأعدائي وأهل معصيتي كفر نعمتي وخذلتهم حتى أشركوا) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 98، والقرطبي 7/ 61 - 62.]]، قال الزجاج: (وهذا هو القول، لأنه بمنزلة [[في النسخ: (بل طبع الله على قلوبهم)، وهو تحريف. وفي سورة النساء آية 155 ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم﴾، وفي "معاني الزجاج" 2/ 281: (الأجود أنه بمنزلة ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [النحل: 108]، فذلك تزيين أعمالهم، قال الله ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِم﴾) ا. هـ.]]: ﴿وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [التوبة: 93]، والدليل على هذا قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [فاطر: 8] [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 281.]]. وهذه الآية بتفسير هؤلاء دليل على تكذيب القدرية [[القدرية تزعم أن العبد يخلق فعله، والكفر والمعاصي ليست بتقدير الله تعالى، وقولهم باطل. انظر مذهبهم والرد عليهم في: "الإبانة" للأشعري ص 56، و"الشريعة"، للآجري ص 128، و"شرح الطحاوية" لابن أبي العز 2/ 355.]] حيث قالوا: لا يحسن من الله خلق الكفر وتزيينه [[ذكر نحوه القرطبي 7/ 62، والخازن 2/ 170، وانظر: "الفتاوى" 14/ 290، == وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" 2/ 170 - 171: (يضاف التزيين إليه سبحانه خلقًا ومشيئة، وحذف فاعله تارة، ونسبه إلى سببه، ومن أجراه على يده تارة، وهذا التزيين ابتلاء واختبار للعبد، ليتميز المطيع منهم من العاصي، وعقوبة منه له على إعراضه وإيثاره سيئ العمل على حسنه، وحجة الله قائمة عليه بالرسالة وبالتعريف الأول، فتزيِن الرب تعالى عدل، وعقوبته حكمة، وتزيين الشيطان إغواء وظلم، وهو السبب الخارج عن العبد، والسبب الداخل فيه حبه وبغضه وإعراضه، والرب سبحانه خالق الجميع، والجميع واقع بمشيئته وقدرته) ا. هـ. ملخصًا.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب