قوله ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ قال الليث: السمود في الناس الغفلة والسهو عن الشيء، وهذا قول المبرد، قال: السمود الاشتغال عن الشيء يكون لهم أو فرح يتشاغل به وأنشد فقال:
رَمى الحِدْثانُ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ ... بمقدارٍ سَمَدْنَ له سُمودا [[البيت لعبد الله بن الزبير بن الأشيم الأسدي، أو للكميت بن معروف. انظر: "الحماسة" لأبي تمام 1/ 464، و"أمالي القالي" 3/ 115، و"الأضداد" ص 36، و"مجالس ثعلب" ص 439، و"تهذيب اللغة" 1/ 3772، و"اللسان" 2/ 198 (سمد). ونسبه ابن كثير في "البداية والنهاية" 8/ 144 لأيمن بن خزيم.]]
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: السمود الغناء في لغة حمير [[حمير: بطن عظيم من القحطانية ينسب إلى حمير بن سبأ، من بلادهم في اليمن شام، وذمار، ورفع .. قدم رسول ملوك حمير سنة تسع من الهجرة على رسول الله -ﷺ-: انظر: "معجم قبائل العرب" 1/ 304 - 305.]]، يقال: اسمدي لنا، أي غني لنا [[انظر: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 255، و"جامع البيان" 27/ 48، و"المصنف" لابن أبي شيبة 10/ 471.]]، ومنه قول أبي زبيد أنشده أبو عبيدة فقال:
وكأن العَزِيفَ فِيهَا غِنَاءً ... لِلنَدَامَى مِنْ شَارِبٍ مَسْمُودٍ [[انظر. "الأضداد" لابن الأنباري ص 36، و"الأضداد" للسجستاني ص 144.]]
فالمسمود الذي غني له، والسامد أيضًا القائم في تحير، قال المبرد: ومما يأثر العرب من أشعار عاد [[عاد بن عوص من العرب العاربة البائدة، يقال لهم عاد الأولى، وكانت منازلهم == بالأحقاف وهو الرمل ما بين عمان إلى الشحر إلى حضرموت إلى عدن أبين. انظر: "معجم قبائل العرب" 2/ 700.]]: قَيْلُ قُم فَانْظُر إلَيْهِمْ ... ثُمَّ دع عَنْكَ السُّمُودَا [[من شعر هزيلة بنت بكر، وهي تبكي قوم عاد. انظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص 36، و"الأضداد" للسجستاني ص 144، و"الدر" 6/ 132، وعزاه للطستي في "مسائله"، و"روح المعاني" 27/ 72، و"تهذيب اللغة" 12/ 378، و"اللسان" 2/ 199 (سمد).]]
ومنه حديث علي -رضي الله عنه- أنه دخل المسجد والناس ينتظرون الصلاة، قال: مالي أراكم سامدين [[أخرجه عبد الرزاق، وابن جرير، وعبد بن حميد، وذكره المهدوي. انظر: "جامع البيان" 27/ 49، و"الجامع لأحكام القرآن" 17/ 123 و"الدر" 6/ 132، و"الأضداد" لابن الأنباري ص 36 - 37.]].
قال أبو عبيدة: يعني: القيام، وكل رافع رأسه فهو سامد، قال ابن الأعرابي: السامد اللاهي، والسامد الغافل، والسامد الساهي، والسامد المتكبر، والسامد القائم، هذا كلام أهل اللغة في السمود [[انظر: "تهذيب اللغة" 12/ 377، و"اللسان" 2/ 197 (سمد).]].
والمفسرون قالوا: لاهون غافلون معرضون، ونحو هذا روي عن ابن عباس في جميع الروايات [[انظر: "تنوير المقباس" 5/ 303، و"معالم التزيل" 4/ 257، و"زاد المسير" 8/ 85، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 260.]] إلا ما روى عكرمة أنه الغناء، قال: وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا.
وروى شمر بإسناد عن ابن عباس أنه قال: مستكبرون. قال: ويقال للفحل إذا اغْتَلم: قد سمد [[قال ابن كثير: وفي رواية عن ابن عباس: تستكبرون، وبه يقول السدّي، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 260، وانظر: "تهذيب اللغة" 12/ 377 (سمد). والمراد باغتلام الفحل هيجانه للضراب.]]، وهذا معنى قول الضحاك: أشرون بطرون، وقول مجاهد: غضاب مبرطمون [[انظر: "جامع البيان" 27/ 49، و"معالم التنزيل" 4/ 257.
والبرطمة هي: الانتفاخ من الغيظ والغضب.
قال ابن القيم بعد ذكره لما تقدم في معنى الغناء: فالغناء يجمع هذا كله ويوجبه. فهذه أربعة عشر اسمًا سوى اسم الغناء.
انظر: "إغاثة اللهفان" 1/ 258.]].
{"ayah":"وَأَنتُمۡ سَـٰمِدُونَ"}