﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ وأَنْ على هذا القول في محل النصب بقوله: (وفي) [[انظر: "تنوير المقباس" 5/ 300، و"تفسير مجاهد" 2/ 632، و"تفسير مقاتل" 131 ب، و"جامع البيان" 27/ 42 - 43، و"معاني القرآن" للفراء 3/ 101، و"تفسير غريب القرآن" ص 429.]].
وقال آخرون: معنى: (وفي) أكمل ما يجب لله تعالى عليه بالطاعة في كل ما أمر وامتحن به من ذبح الولد والإلقاء في النار والكلمات التي ابتلي بها في قوله: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ﴾ [البقرة: 124] الآية، والاختتان، ومناسك الحج التي أمر بها، وفاها كلها وأتمها بالطاعة والصبر، فأثنى الله تعالى عليه لقيامه بجميع ذلك بقوله: (وفي)، وهذا قول جماعة من المفسرين [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 101.]]، وهو اختيار أبي إسحاق، وعلى هذا موضع أَنْ في قوله: ﴿أَلَّا تَزِرُ﴾ خفض على البدل من قوله: ﴿بِمَا في صُحُفِ﴾، والمعنى: ألم ينبأ بأن لا تزر، وقال: يجوز أن يكون في موضع رفع على إضمار هو، كأنه لما قيل: بما في صحف موسى، قيل: ما هو؟ فقيل: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ ومعناه: أن لا تؤخذ نفس بإثم غيرها [[انظر: "جامع البيان" 24/ 43 عن ابن عباس، وإبراهيم النخعي والقرظي، و"الكشف والبيان" 12/ 15 ب، و"معالم التنزيل" 4/ 254، و"الدر" 6/ 129.]].
قال عكرمة عن ابن عباس: لا يؤخذ الرجل بذنب غيره [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 75، و"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 273، و"مشكل إعراب القرآن" 2/ 694.]]، وفي هذا إبطال لقول من قال للوليد بن المغيرة: أعطني شيئًا وأحمل عنك ذنوبك. أخبر الله تعالى أنه لا يؤخذ أحد بجناية غيره، وأن هذا مما أنزل على إبراهيم وموسى [[انظر: "جامع البيان" 27/ 42، و"الدر" 6/ 129.]].
وذكره [[في (ك): (وذكر).]] المفسرون [[وهو المروي عن ابن عباس، وعمرو بن أوس، والنخعي. انظر: "جامع البيان" 27/ 42، و"معالم التنزيل" 4/ 254.]] فقالوا: كان من لدن نوح إلى زمان إبراهيم يؤخذ الرجل بذنب أخيه وابنه حتى بلّغهم إبراهيم ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وهذا عام في الدنيا والآخرة، وقد أخبر الله تعالى بذلك [[(بذلك) ساقطة من (ك).]]، وذكره رسولنا محمد -ﷺ- أن من دعا إلى ضلالة كان عليه مثل أوزار من اتبعه، وذلك في قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ [النحل: 25].
قوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت: 13] وهذا في رؤساء الكفر والضلالة يزاد لهم الوزر بسبب إضلالهم، فأما أن تحمل نفس ذنب أخرى حتى يصير المحمول منها كأنها لم تأت بذنب، فليس ذلك في شريعة.
{"ayah":"أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ"}