قوله تعالى: ﴿مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾ يجوز أن يكون بدلاً من قوله: ﴿أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾، ويجوز أن يكون استئنافًا على: هو من خشي الرحمن ويجوز أن يكون ابتداء يراد به الجزاء، على معنى: من خشي الرحمن قيل له: ﴿ادْخُلُوهَا﴾ وادخلوها جواب للجزاء، أضمرت قبله القول وجعلته فعلاً للجميع وهو قوله: ﴿ادْخُلُوهَا﴾ ، لأن (من) يكون في مذهب الجمع ذكر ذلك الفراء [[انظر: "معاني القرآن" 3/ 79، "إعراب القرآن" للنحاس 3/ 223، "مشكل إعراب القرآن" 2/ 685.]].
ومعنى ﴿خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ﴾ قال ابن عباس: يقول يخافني ولا يرائي فكأنه يرائي [[انظر: "تنوير المقباس" 5/ 260، "الوسيط" 4/ 169، "معالم التنزيل" 4/ 225.]].
وقال مقاتل: أطاعه ولم يره [[انظر: "تفسير مقاتل" 125 أ.]]. وهذا كما ذكرنا في قوله: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: 3] ومعنى هذا الغيب: غيبته عن رؤية الله. وقال الضحاك والسدي والحسن: يعني: في الخلوة، حيث لا يراه أحد إذا أرخى الستر وأغلق الباب [[انظر: "الكشف والبيان" 11/ 182 ب، "معالم التنزيل" 4/ 225، "الجامع لأحكام القرآن" 17/ 21، "فتح القدير" 5/ 78.]]. وعلى هذا الغيب غيبته عن الناس ورؤيتهم.
قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ﴾ قال مقاتل: وجاء في الآخرة بقلب مخلص [[انظر: "تفسير مقاتل" 125 أ، "الوسيط" 4/ 169.]]. قال عطاء عن ابن عباس: راجع عن معاصي الله [[انظر: "الوسيط" 4/ 169، ولم ينسبه لقائل.]].
وقال أبو صالح عنه: مقبل إلى طاعة الله [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 225، "الجامع" للقرطبي 17/ 21، "فتح القدير" 5/ 78.]].
{"ayah":"مَّنۡ خَشِیَ ٱلرَّحۡمَـٰنَ بِٱلۡغَیۡبِ وَجَاۤءَ بِقَلۡبࣲ مُّنِیبٍ"}