الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ﴾، قال عطاء عن ابن عباس: يريد بصيده ما أصاب من داخل البحر [[أخرجه الطبري 7/ 63 بمعناه من طرق أخرى.]].
وجملة ما يصاد من البحر ثلاثة أجناس: الحيتان وأنواعها، وكلها حلال، والضفادع وأنواعها، وكلها حرام [["تفسير البغوي" 3/ 100، 101، وعند مالك يباح كل ما فيه من ضفدع وغيره. "زاد المسير" 2/ 428.]].
واختلفوا فيما سوى هذين، فقال بعضهم: إنه حرام وهو مذهب أبي حنيفة [["تفسير البغوي" 3/ 101، "زاد المسير" 2/ 428.]]، وقال بعضهم: حلال [[وهذا قول الجمهور. "تفسير البغوي" 3/ 101.]]، وعنى بالبحر جميع المياه، والأنهار داخلة في هذا، والعرب تسمي النهر بحرًا، والقرية التي فيها ماء جارٍ عندهم بحر، ومنه قوله تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الروم: 41] [["تفسير الطبري" 7/ 64.]]، وهذا الإحلال عام لكل أحد، محرمًا كان أو محلًا [["تفسير الطبري" 7/ 64.]].
وقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُهُ﴾، اختلفوا في طعام البحر ما هو، فقال عطاء عن ابن عباس: هو ما لفظه البحر، وقال أيضًا: هو ما حسر عنه الماء وألقاه إلى الساحل [[أخرجه بنحوه من طرق: الطبري 7/ 65، و"تفسير البغوي" 3/ 100، و"الدر المنثور" 2/ 586.]]، ونحو ذلك قال الكلبي [["النكت والعيون" 2/ 69، و "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 123.]] وعكرمة [[أخرجه الطبري 7/ 66.]].
وقال أبو بكر الصديق: طعامه ميتته [[أخرجه الطبري 7/ 65، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ. "الدر المنثور" 2/ 585.]]، وعلى هذا فالصيد ما صيد بعلاج حيًا، والطعام ما يؤخذ مما لفظه البحر، أو نضب عنه الماء، أو طفا ميتًا من غير معالجة في أخذه، واختلفوا في السمك الطافي، فعند أهل الكوفة لا يحل أكله، لأنه مات حتف أنفه [["تفسير البغوي" 3/ 100، والقرطبي 6/ 318.]]، وعند غيرهم يجوز أكله [[هذا هو المرجح. وانظر: البغوي 3/ 101، والقرطبي 6/ 319، وابن كثير 2/ 114 - 116.]]، لقوله ﷺ: "أحلت لنا ميتتان ودمان" [[أخرجه الإمام أحمد 2/ 97، وابن ماجه (3218) كتاب: الصيد، باب: صيد الحيتان والجراد ولفظه "أحلت لنا ميتتان: الحوت والجراد"، والبغوي في "شرح السنة" 11/ 244.]]، وقوله في البحر: "هو الطهور ماؤُه الحل ميتته" [[أخرجه أبو داوود (83) كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، والترمذي (69) كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في ماء البحر، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه، (386) كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر. وصححه الألباني: "صحيح الجامع" 6/ 61 رقم 6925.]].
وقال سعيد بن جبير وإبراهيم وابن المسيب ومقاتل وقتادة: (صيد البحر) الطبري (وطعامه) المليح منه [["تفسير الطبري" 7/ 66 - 68، "النكت والعيون" 2/ 69، البغوي 3/ 100.]]، فسمى الطبري صيدًا لأنه صيد، وسمي المليح طعامًا؛ لأنه لما ملح وصار عتيقًا سقط عنه اسم الصيد، وحكى الزجاج عن بعضهم: (وطعامه) قال: هو كل ما يسقي الماء فنبت عن ماء البحر فهو طعام البحر. أعلمهم الله أن الذي أُحِلّ لهم كثير في البر والبحر، وأن الذي حُرِّمَ عليهم هو صيد البر في حال الإحرام، وصيد الحرم بسنة النبي ﷺ ليكون قد أعذر إليهم في الانتقام ممن عاد فيما حرم (عليه) [[ساقطة من (ج).]] مع كثرة ما أحل له [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 209، "زاد المسير" 2/ 428.]]، والاختيار أن المراد بالطعام ما نضب عنه الماء ولم يُصَد؛ لأن المملح صيد وإن عتق [["تفسير الطبري" 7/ 68، "بحر العلوم" 1/ 459، 460.]].
وقوله تعالى: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ﴾، قال عطاء: يريد منافع لكم تأكلون وتبيعون ويتزود عابر السبيل [["الوسيط" 2/ 231.]]، وقال ابن عباس والحسن وقتادة: منفعة للمقيم والمسافر، فالطري للمقيم، والمالح للمسافر [["تفسير الطبري" 7/ 69، "النكت والعيون" 2/ 69.]].
قال أبو إسحاق: و (مَتَاعًا) منصوب مصدر مؤكد؛ لأنه لما قيل: (أحل لكم) (كان دليلًا على متعتم به) [[هكذا في النسختين، وفي "معاني الزجاج" 2/ 209: (كان دليلاً على أنه قد متعهم به).]]، كما أنه لما قال ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: 23]، كان دليلًا على أنه كتب عليهم ذلك فقال: ﴿كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: 24].
وقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾،
ذكر في هذه السورة تحريم الصيد على المحرم في ثلاثة مواضع: قوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ [[الآية الآولى من السورة.]]. وقوله: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [[الآية السابقة (95).]] وقوله تعالى: ﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا﴾ [[هذه الآية التي يفسرها.]]، فكل صيد صاده المحرم أو صيد له بأمره لم يحل له أكله، فإن صاده حلال بغير أمره ولا له، ولم يوجد من المحرم سبب في إتلافه بإشارة أو دلالة أو إعانة أو دفع سلاح، حل أكله عند عامة الفقهاء [["تفسير البغوي" 3/ 99.]]، لما روي عن جابر أن النبي ﷺ قال: "صيد البحر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يُصَد لكم" [[أخرجه أبو داود (1851) كتاب: المناسك، باب: لحم الصيد للمحرم، والترمذي (846) كتاب: الحج، باب: ما جاء في أكل الصيد للمحرم، كتاب: الحج، باب: 25 ما جاء في أكل الصيد للمحرم 3/ 195 رقم 846، والنسائي 5/ 187، كتاب: الحج، باب: إذا أشار المحرم إلى الصيد.]].
وكرهه بعضهم لحديث الصَّعْب بن جَثًامة، حيث أهدى للنبي ﷺ رِجْلَ حمار وحشي، فرده وقال: إنا محرمون [[أخرجه البخاري (1825) كتاب: جزاء الصيد، باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًا ولفظه: "إنا لم نرده إلا أنا حرم"، وكذا مسلم (1193)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم وغيرهما.]]، وهذا يحمل على أنه صيد لأجله، فلذلك رده، وفي هذا مسائل كثيرة يذكرها الفقهاء في أماكنها، وشرطنا أن نشرح ما دل عليه لفظ الكتاب.
وقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المائدة: 96]، قال عطاء: يريد خافوا الله الذي إليه تبعثون [[انظر: "الوسيط" 2/ 231.]]، وقال غيره: (واتقوا الله) فلا تستحلوا الصيد في الإحرام [["تفسير الطبري" 7/ 75.]]، لم حذرهم بقوله: {الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي: فيجزيكم بأعمالكم.
{"ayah":"أُحِلَّ لَكُمۡ صَیۡدُ ٱلۡبَحۡرِ وَطَعَامُهُۥ مَتَـٰعࣰا لَّكُمۡ وَلِلسَّیَّارَةِۖ وَحُرِّمَ عَلَیۡكُمۡ صَیۡدُ ٱلۡبَرِّ مَا دُمۡتُمۡ حُرُمࣰاۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِیۤ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق