الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾، قال ابن عباس: "يريد عملوا بما فيهما من التصديق بك، والوفاء لله بما عاهدوا فيهما" [[انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 208، "زاد المسير" 2/ 395، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 119.]]. وقال أهل المعاني في معنى ﴿أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾ قولين: أحدهما: أقاموا أحكامهما وحدودهما، كما يقال: أقام الصلاة، إذا قام بحقوقها، ولا يقال لمن لم يوف شرائطها: أقامها. والثاني أقاموها نصب أعينهم؛ لئلا يزلوا في شيء من حدودها [[انظر: "النكت والعيون" 2/ 52.]]، والأول الوجه، ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾، يعني القرآن في قول ابن عباس وغيره [[انظر: معاني القرآن للنحاس 2/ 337، "بحر العلوم" 1/ 448، "النكت والعيون" 2/ 52، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]. وقيل: يعني كتب أنبيائهم [[انظر: "بحر العلوم" 1/ 448، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]، أي لو عملوا بما في هذه الكتب وأظهروا ما فيها من ذكر النبي ﷺ، ﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾، قال ابن عباس: يريد لأنزلت عليهم القطر وأخرجت لهم من نبات الأرض كل ما أرادوا [[أخرجه بمعناه الطبري 6/ 305، "تفسير الوسيط" 2/ 208، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]، وهذا قول المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 6/ 305، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]. وقال أهل المعاني: هذا على وجه التوسعة، لا على أن هناك فوق أو تحت، والمعنى: لأكلوا أكلًا متصلًا كثيرًا، فذكر فوق وتحت للمبالغة فيما ينالون وما يفتح عليهم من الدنيا، كما يقول القائل: فلان في خير من قرنه إلى قدمه، يريد تكاثف الخير وكثرته عنده [[ذكر الطبري 6/ 306، هذا القول واستبعده قائلًا: "وتأويل أهل التأويل بخلاف ما ذكرنا من هذا القول، وكفى بذلك شهيداً على فساده".]]، وهذا قول الفراء [[معاني القرآن 1/ 315، "معاني القرآن" للنحاس 2/ 337، 338، "زاد المسير" 2/ 395.]]، والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 191، "زاد المسير" 2/ 395.]]، وابن الأنباري. قال الزجاج: قد دل الله تعالى بهذا على ما أصابهم من الجدب مما عاقبهم به حتى شكوا ذلك بقولهم: يد الله مغلولة. وأعلم أن التقى سبب التوسعة في الرزق، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾ الآية [الأعراف: 96] وقال: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]، وقال في قصة نوح: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ﴾ [نوح:10 - 11] [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 191، وانظر: "زاد المسير" 2/ 395.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾، قال عطاء: يريد قومًا أسلموا من اليهود والنصارى [[لم أقف عليه عن عطاء، وهو قول كثير من المفسرين كمجاهد وابن زيد، انظر: "تفسير الطبري" 6/ 306، "بحر العلوم" 1/ 448، "تفسير الوسيط" 2/ 208، "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]. وقال السدي: ﴿أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾ مؤمنة [[أخرجه الطبري 6/ 306، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 53، "الدر المنثور" 2/ 527.]]. وقال ابن عباس: هم العادلة غير الغالية ولا الجافية [[انظر: "النكت والعيون" 2/ 53، "تفسير الوسيط" 2/ 208، "تفسير البغوي" 3/ 78.]]، ومعنى الاقتصاد في اللغة: الاعتدال في العمل من غير غلو ولا تقصير [[انظر: "تفسير البغوي" 3/ 78، "زاد المسير" 2/ 395.]]، وأصله من القصد، وذلك أن القاصد إلى الشيء الذي يعرف مكانه، خلاف الطالب المتحير في طلبه، فهو يمر على الاستقامة إليه، وليس كالمتحير فيه، فالاقتصاد الاستواء في العمل المؤدي إلى الغرض [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2972 (قصد)، "اللسان" 6/ 3642 (قصد).]]. وقوله تعالى: ﴿سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾، يقول: بئس شيئًا عملهم [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 192.]]، قال ابن عباس: "عملوا القبيح وما لا يرضي الله مع التكذيب بالنبي ﷺ" [[انظر: "تفسير الوسيط" 2/ 208، "تفسير البغوي" 3/ 78.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب