الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾.
قال الزجاج: المعنى: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وإنما جاز ذلك لأن (في [[ليست في (ج).]]) الكلام والاستعمال دليلًا على معنى الإرادة، ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [النحل: 98]، المعنى: إذا أردت أن تقرأ [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 152، وانظر: "معاني القرآن" للنحاس 2/ 268، و"بحر العلوم" 1/ 418، و"رصف المباني" ص 441.]].
قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: إذا اتجرت فاتجر في البزّ، وإذا آخيت فآخ أهل الحسب. تريد إذا أردت التجارة، وإذا أردت مؤاخاة الناس.
قال: ويجوز أن يكون المعنى: إذا قمتم إلى الطهور، فذكر الصلاة وهو يريد الطهور؛ لأن الصلاة لا تكون إلا بطهور وهو مقدمتها التي لا تكون صلاة مُجازَةً إلا بها. قال: والأول هو المختار [[انظر: "زاد المسير" 2/ 298.]].
وقال أبو الفتح الموصلي [[هو ابن جني كما في "سر صناعة الإعراب" 2/ 633.]]: معنى قوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾: إذا عزمتم الصلاة [[في "سر صناعة الإعراب": (عزمتم على الصلاة).]] وأردتموها ، وليس الغرض والله أعلم في (قمتم) النهوض والانتصاب؛ لأنهم قد أجمعوا على أنه لو غسل أعضاءه قبل الصلاة قاعدًا أو نائمًا [[في "سر صناعة الإعراب": (قائمًا أو قاعدًا)، وهو أولى.]] لكان قد أدى فرض هذه الآية [["سر صناعة الإعراب" 2/ 633.]].
ونظير قمتم في هذا الموضع قوله سبحانه: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ [النساء: 34] وليس يراد هنا -والله أعلم- القيام الذي هو المثول، وإنما هو من: قمت (بأمرك [[ما بين القوسين ساقط من (ش).]])، وعليّ القيام بهذا الأمر، فكأنه [[في (ج): (وكأنه).]] قال: الرجال متكلِّفون لأمر النساء ومعنيون بشؤونهن، فكذلك قوله: ﴿إِذَا قُمْتُم﴾ (أي [[ساقط من (ج).]]) إذا هممتم بأمر الصلاة، وتوجهتم إليها بالعناية، وكنتم غير متطهرين فافعلوا كذا، فقوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ يريد: إذا قمتم إلى الصلاة ولستم على طهارة، فحذفُ ذلك للدلالة عليه، وهذا أحد الاختصارات التي في القرآن، وهو كثير جدًّا.
ومثل ذلك قول طَرَفَة:
فإن مُتُّ فانعِيني بما أنا أهلُه ... وشُقِّي عليَّ الجَيبَ يابنة مَعْبَدِ [["ديوانه" ص 29، والبيت من معلقته كما في "شرح القصائد المشهورات" ص 92 و"شرح المعلقات السبع" ص 68، ومعنى انعيني: أشيعي خبر موتي، ويقصد بابنة معبد ابنة أخيه معبد بن العبد.]]
تأويله: فإن مُتُّ قبلك. لابد من أن يكون الكلام معقودًا على هذا؛ لأنه معلوم أنه لا يكلفها نعيه والبكاء عليه بعد موتها [["سر صناعة الإعراب" 2/ 634، 635.]].
وقوله تعالى ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾.
قال أبو الفتح: كان أبو سهل بن زياد القطان [[هو أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان البغدادي، الإِمام المحدث الثقة مسند العراق، وكان كثير التلاوة حسن الانتزاع لمعانيه، توفي رحمه الله سنة 350 هـ. انظر: "سير أعلام النبلاء" 15/ 521، و"البداية والنهاية" 11/ 238، و"شذرات الذهب" 3/ 2.]] يحتج بهذه الآية على وجوب الترتيب في الطهارة. قال: لأن الفاء للترتيب، وقد قال: ﴿فَاغْسِلُوا﴾ فوجب أن يُرتب الغَسل على القيام، يبدأ به دون غيره.
فقال أبو الفتح: قد بينا أن المراد بالقيام ههنا: العزم والإرادة، فالفاء إذًا إنما (رتب [[في "سر صناعة الإعراب": (رتبت)، وهو أصوب.]]) الغسل والمسح عَقِيب الإرادة والعزم، ولم يجعل للغسل مزية في المتقدم على المسح؛ لأن المسح معطوف على الغسل بالواو [["سر صناعة الإعراب" 2/ 633 بتصرف.]].
والواو لا توجب الترتيب، وليس فيها دليل على (المبدوء به [[في (ش): (البدء به)، وما أثبته هو الموافق لـ"سر صناعة الإعراب".]]) في المعنى؛ لأنها ليست مرتبة، ألا ترى إلى قول لبيد:
أُغْلي السِّباءَ بكُلِّ أدكنَ عاتقٍ ... أو جَونةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها [["ديوانه" ص 314، والبيت من معلقته كما في "شرح القصائد المشهورات" 1/ 162، و"شرح المعلقات السبع" ص 94.
ومعنى: أغلي: أشتري غاليًا، والسباء: اشتراء الخمر، والأدكن: الذي فيه دكنة كالخز الأدكن، والعاتق: الخالصة، والجونة: الخابية السوداء، وقدحت. غرفت، والفض: الكسر.]]
قوله قدحت (أي غُرِفَت [[بياض في (ش).]])، وإنما يُفَضّ الخَتم قبل الغرف، فقد علمت أن قُدِحَت مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى، وعلى هذا يتوجه قوله تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ﴾ الآية [آل عمران: 43] فبدأ بالسجود قبل الركع لفظًا وهو مؤخر عني [["سر صناعة الإعراب" 2/ 632، 633 بتصرف.]].
وإذا كان كذلك جرى قوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ ﴿وَامْسَحُوا﴾ مجرى قولك: فاضرب زيدًا واشتم جعفرًا، فلو بدأ بالشتم قبل الضرب كان جائزًا، فالفاء لم ترتب الغَسل قبل المَسح، ولا الضرب قبل الشتم، ولم ترتب أيضًا نفس المغسول؛ لأن المغسول معطوف بعضه على بعض بحرفٍ لا يوجب الترتيب وهو الواو.
وقوله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾.
المِرفق مكسور من اليد والمتكأ، ومن الأمر كقوله تعالى: ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ [الكهف: 16]، والارتقاء التوكؤ بمِرفقك على مَرفَق [["العين" 5/ 149، و"تهذيب اللغة" 2/ 1444 (رفق).]].
(فأما قوله: ﴿إِلَى﴾ فإن أبا العباس [[لعله المبرد.]]) [[في (ج): (فأما قوله فإن العباس).]] وجماعة من النحويين جعلوا (إلى) ههنا بمعنى: مع، وأوجبوا غسل المرافق [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 153، و"بحر العلوم" 1/ 418، والبغوي في "تفسيره" 3/ 21، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 27، و"الدر المصون" 4/ 208.]]، وهو مذهب الشافعي وأكثر العلماء [[انظر: "الأم" 1/ 25، والطبري 6/ 123، و"معاني الزجاج" 2/ 153، و"بحر العلوم" 1/ 418، والبغوي في "تفسيره" 3/ 21، و"زاد المسير" 2/ 300، == و"المغني" لابن قدامة 1/ 172، والقرطبي في "تفسيره" 6/ 86، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 27.]].
وقال المبرد: وهو قول الزجاج: اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف، والرجل من الأصابع إلى أصل الفخذين، فلما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل وخارجة مما لا يغسل، ولو كان: مع المرافق، لم يكن في ذكر المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، ولكن لما قيل: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ اقتطعت في الغسل من حد المرفق [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 153.]].
قال الزجاج: والمرفق في الحقيقة في اللغة ما جاوز الإبرة [[الإبرة بالكسر: عظم وترة العرقب، وطرف الذراع من اليد، وما انحدّ من عرقوب الفرس. "مختار القاموس" ص 11.]]. وهو المكان الذي يرتفق به، أي يتكَّأ عليه، فالمرافق هي في الحقيقة حد ما ينتهي إليه في الغسل، وليس يحتاج إلى تأويل (مع). انتهى كلامه [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 153.]].
وقد حصل من قوليهما أن الحد إذا كان من جنس المحدود كان داخلًا في جملة المحدود، وهو قولهما: لما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل، ومثل هذا قولك: بعتك الثوب من هذا الطرف إلى ذاك الطرف، دخل الطرفان في البيع إذا كان من جنس المبيع.
وحصل من قول الزجاج: أن المِرفق ما جاوز الإبرة، وأنه حد ما ينتهي إليه الغسل. وما جاوز الإبرة لا يجب غسله بالإجماع.
وقوله تعالي: ﴿وَامْسَحُوا [[في (ش): (فامسحوا).]] بِرُءُوسِكُمْ﴾.
المسح مسحك شيئًا بيدك كمسحك الرشح عن جبينك، وكمسحك رأسك في وضوئك. قاله الليث [["تهذيب اللغة" 4/ 3388، وانظر: "اللسان" 7/ 4196 (مسح).]].
والظاهر [[في (ش): (فالظاهر).]] من مقتضى الآية أن التعميم لا يجب في مسح الرأس، وأنه غير محدود أيضًا، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه؛ لأنه إذا مسح البعض وإن قل، فقد حصل من طريق اللسان ماسحًا [[انظر: "الأم" 1/ 25، والبغوي في "تفسيره" 3/ 22، وقد قال بقول الشافعي الحسن والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي وهو رواية عن الإمام أحمد، والرواية الأخرى عن أحمد أنه يجب مسح جميعه، وهو مذهب مالك.
انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 124 - 125، والبغوي في "تفسيره" 3/ 22، و"المغني" 1/ 175.]]، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن الباء توجب التعميم؛ لأن ذلك لا يعرفه أهل النحو، بل الباء للإلصاق، كما بينا في أول الكتاب عند قوله: ﴿بِسْمِ اللهِ﴾.
وقوله تعالى: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾.
في الأرجل قراءتان: النصب والخفض [[قراءة النصب لنافع وابن عامر والكسائي ويعقوب وحفص، وقرأ الباقون بالخفض، انظر: "الحجة" 3/ 214، و"النشر" 2/ 254.]].
أما النصب فهو ظاهر؛ لأنه عطف على المغسول، لوجوب غسل الرجلين بإجماع، لا يقدح فيه قول من خالف.
وأما الكسر فقد اختلفوا في وجهه: فقال أبو حاتم وابن الأنباري وأبو علي: الكسر بالعطف على الممسوح، غير أن المراد بالمسح في الأرجل الغسل [[انظر: "الحجة" 3/ 215، و"معانى القراءات" 1/ 327.]]. روي ذلك عن أبي زيد أنه قال: المسح خفيف الغسل. قالوا: تمسّحت للصلاة، وهات ما أتمسّح به للصلاة في معنى: أتوضأ [[من "الحجة" 3/ 215 بتصرف، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 327، و"زاد المسير" 2/ 301.]].
قال أبو حاتم: وذلك أن المتوضئ لا يرضى بصبّ الماء على أعضائه حتى يمسحها مع الغسل، فسمي الغسل مسحًا [[لم أقف عليه.]].
فعلى هذا الرأس والرجل ممسوحان؛ لأن المسح في أحدهما وهو الرأس، دون المسح في الرجل.
والذي يدل على أن المراد بالمسح في الرجل الغسل: ذكر التحديد وهو قوله تعالى: ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ والتحديد إنما جاء في المغسول، ولم يجيء في الممسوح، فلما وقع التحديد مع المسح علم أنه في حكم الغسل لموافقته الغسل في التحديد. ذكره الزجاج [[في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 154 بنحوه.]] وابن الأنباري [[لم أقف عليه.]] (وأبو [[ما بين القوسين ساقط من (ج).]] علي) [["الحجة" 3/ 215.]].
فإن قيل: إن كان المراد بالمسح الغَسل فهلا عطفت على المغسول فيكون أظهر في إيجاب الغسل؟ قيل: إن من قرأ بالكسر وجد في الكلام عاملين، أحدهما: الغسل والآخر الباء الجارة، ووجد العاملين إذا اجتمعا في التنزيل أن يحمل على الأقرب منهما دون الأبعد، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا﴾ [الجن: 7]، ونحو قوله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾ [النساء: 176]، [[لعل الشاهد في الآية الأولى أن يكون التقدير: وأنهم ظنوا أن لن يبعث الله أحدًا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدًا وفي الآية الثانية: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ﴾، وهكذا في بقية الآيات.]]، ونحو قوله تعالى: ﴿هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ﴾ [الحاقة: 19]، وقوله تعالى: ﴿آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾ [الكهف: 96]، فلما رأى العاملين إذا اجتمعا حُمِل الكلام على أقربهما إلى المعمول حمل في هذه الآية أيضاً على أقربهما وهو الباء، ولم يُخَف الالتباس لشيوع الغسل في الآثار، وقيام الدلالة على أن المراد بالمسح في الرجل الغسل [["الحجة" 3/ 214، 215.]]. وهو ما قدمنا ذكره.
وقال الجماعة من أهل المعاني: إن الأرجل معطوفة على الرؤوس في الظاهر، والمراد فيها الغسل، وقد ينسق بالشيء على غيره والحكم فيهما مختلف، كما قال الشاعر:
يا ليتَ بَعلَك قد غَدا ... مُتَقَلِّدًا سيفًا ورُمحًا [[البيت لعبد الله بن الزبعري كما في "الكامل" 1/ 334، وبلا نسبة في "معاني الفراء" 1/ 121، و"معاني الأخفش" 2/ 466، و"معاني الزجاج" 2/ 154.]]
المعنى: وحاملًا رمحًا، وكذلك قول الآخر: علّفتُها تِبنًا وماءً باردًا [[عجز هذا البيت:
حتى شتت همالة عيناها
وفي رواية: غدت همالة، ومعنى شتت: أي أقامت في الشتاء والمراد: صارت. والبيت من شواهد "تأويل مشكل القرآن" ص 213، و"الخصائص" 2/ 431، و"الإنصاف" ص 488، و"شذور الذهب" ص 240.]]
المعنى: وسقيتُها ماءً باردًا. ذكره الزجاج [[في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 154، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 466، و"تأويل مشكل القرآن" ص 213، و"زاد المسير" 2/ 301.]].
قال أبو بكر: وكما قالوا: أكلت خبزًا وماء، وهم يريدون: وشربت ماء، فحذفوا شربت، كذلك المعنى في الآية: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾ واغسلوا ﴿أَرْجُلَكُمْ﴾، فلما لم يذكر الغسل عطفت الأرجل على الرؤوس في الظاهر، واكتفى بقيام الدليل أن الأرجل تغسل من الآية والخبر [[لم أقف على قول ابن الأنباري.]].
وهذا الذي ذكرنا مذهب أبي عبيدة [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 155.]] والأخفش [[انظر: "معاني القرآن" 2/ 465، 466.]] في هذه الآية.
وقوله تعالى: ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ قد مضى الكلام في كيفية التحديد.
وأما تفسير الكعبين فقال الليث: كعب الإنسان ما أشرف فوق رُسْغِه عند قدمه [["العين" 1/ 207، و"تهذيب اللغة" 4/ 3152 (كعب)]].
وقال أبو عبيد عن الأصمعي: الكعبان الناشزان من جانبي القدم. وأنكر قول الناس أنه في ظهر القدم [["تهذيب اللغة" 4/ 3152 (كعب).]].
وروى الأزهري أن واحداً [[في "تهذيب اللغة" أنه: ابن جابر.]] سأل أحمد بن يحيى عن الكتب، فأومأ إلى المَنْجَمَين [[في "تهذيب اللغة" 4/ 3152 (كعب): فأومأ ثعلب إلى رجله إلى المفصل منها بسبابته فوضع السبابة عليه ... قال: ثم أومأ إلى المنجمين.
قال ابن منظور: والمَنْجِمَان والمِنْجَمَان: عظمان شاخصان في بواطن الكعبين يقبل أحدهما على الآخر إذا صفت القدمان. ومنجما الرجَّل: كعباها. "اللسان" 7/ 4358 (نجم)، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 136.]]. وقال: هذا قول أبي عمرو بن العلاء والأصمعي [["تهذيب اللغة" 4/ 3525 (نجم).]].
ولا يعرج على قول من يقول: إن الكتب في ظهر القدم، فإنه خارج من اللغة والأخبار وإجماع الناس [[أخرج الطبري في "تفسيره" عن الإِمام مالك -رحمه الله- أنه قال: (الكعب) الذي يجب الوضوء إليه هو الكعب الملتصق بالساق المحاذي العقب، وليس بالظاهر في ظهر القدم. "جامع البيان" 6/ 136.]].
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾.
قال الزجاج: معناه فتطهروا، إلا أن التاء تدغم في الطاء؛ لأنهما من مكان واحد، فإذا أدغمت التاء في الطاء (سكن [[في "معاني الزجاج" 2/ 155: سقط.]]) أول الكلمة، فتزيد فيها ألف الوصل فابتدأت فقلت: اطهروا [[انتهى من "معاني الزجاج" 2/ 155، وانظر: "زاد المسير" 2/ 304.]].
قال مقاتل: يقول: فاغتسلوا [["تفسيره" 1/ 455.]].
ومضى الكلام في هذا الحرف عند قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ [البقرة: 222] في الآية مشروح في سورة النساء إلى قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ [[الظاهر أنه عند تفسير الآية (43) من سورة النساء، وهو ضمن القسم المفقود.]].
ومعنى (منه) ههنا استعمال بعض تراب الصعيد في التيمم، خلافًا لمن جوز في التيمم ضرب اليد على موضع لا يعلق بيده منه غبار؛ لأنه إذا فعل ذلك لم يمسح بوجهه من الصعيد، وإنما مسح بوجهه كفًّا فارغة من الصعيد وترابه، وذلك عبث [[هذا على القول بأن الصعيد لا يقع إلا على التراب ذي غبار، وهو قول الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة ومالك يجوز بكل ما كان من جنس الأرض.
انظر: "الأم" 1/ 50، والطبري في "تفسيره" 5/ 108 - 109، و"المغني" 1/ 324، والقرطبي في "تفسيره" 5/ 236، و"زاد المسير" 2/ 94.]].
وقوله تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾.
يعني: من ضيق في الدين [[انظر: "تفسير مجاهد" 1/ 187، و"معاني النحاس" 2/ 276، والبغوي في "تفسيره" 3/ 25.]]، ولكن جعله واسعًا حين رخص في التيمم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ﴾.
قال الزجاج: دخلت اللام لتبيين الإرادة، المعنى: إرادته (لتطهيركم [[في "معاني الزجاج": ليطهركم.]]) [["معاني الزجاج" 2/ 155، وانظر: "زاد المسير" 2/ 304.]].
قال المفسرون: يريد ليطهركم من الأحداث والجنابات والذنوب والخطيئات؛ لأن الوضوء يكفر الذنوب [[انظر البغوي في "تفسيره" 3/ 25، و"زاد المسير" 2/ 304]].
روى أبو أمامة أن النبي ﷺ قال: "الطهور يكفر ما قبله ويصير الصلاة نافلة" [[أخرجه أحمد في "مسنده" 5/ 251، 261 بلفظ: الوضوء يكفر .. الحديث، وحسنه الألباني. انظر: "صحيح الجامع" (7156).]].
وقوله تعالى: ﴿وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ﴾. أي تبيان الشرائع [[انظر: "زاد المسير" 2/ 306.]].
وقال القرظي: أي: بغفران الذنوب، بيانه قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ [الفتح: 2] فلم يتم عليه النعمة حتى غفر له [[أخرجه بمعناه ابن المبارك في الزهد وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان". انظر البغوي في "تفسيره" 3/ 25، و"زاد المسير" 2/ 305، و"الدر المنثور" 2/ 468.]].
وفسر النبي ﷺ تمام النعمة بدخول الجنة والنجاة من النار [[أخرج الترمذي عن معاذ بن جبل قال: سمع النبي ﷺ رجلاً يدعو يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة. فقال: "أي شيء تمام النعمة؟ " قال: دعوة دعوت بها أرجو بها الخير. قال: "فإن من تمام النعمة دخول الجنة، والفوز من النار" الحديث.
أخرجه الترمذي (3527) كتاب الدعوات، باب (99): 5/ 541، وقال: هذا حديث حسن. وانظر: "الدر المنثور" 2/ 468.]].
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].
قال عطاء: يريد لكي تشكروا نعمتي، وتطيعوا أمري [[لم أقف عليه.]].
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُوا۟ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَیۡنِۚ وَإِن كُنتُمۡ جُنُبࣰا فَٱطَّهَّرُوا۟ۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰۤ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَاۤءَ أَحَدࣱ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَاۤىِٕطِ أَوۡ لَـٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَلَمۡ تَجِدُوا۟ مَاۤءࣰ فَتَیَمَّمُوا۟ صَعِیدࣰا طَیِّبࣰا فَٱمۡسَحُوا۟ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَیۡدِیكُم مِّنۡهُۚ مَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیَجۡعَلَ عَلَیۡكُم مِّنۡ حَرَجࣲ وَلَـٰكِن یُرِیدُ لِیُطَهِّرَكُمۡ وَلِیُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَیۡكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق