الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾. قال مقاتل: يعني القرآن، لم ينزله عبثًا [["تفسير مقاتل بن سليمان" 1/ 481.]].
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ﴾. قال ابن عباس: يريد كل كتاب أنزله الله على الأنبياء [[انظر: "زاد المسير" 2/ 370.]].
قال مقاتل: يعني: شاهدًا أن الكتب التي أنزلت قبله أنها من الله [["تفسيره" 1/ 481.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾.
اختلفت الروايات عن ابن عباس في تفسير المهيمن، فقال في رواية الوالبي: شاهدًا عليهم [["تفسيره" ص 181 بلفظ: شهيداً، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 266، وانظر البغوي في "تفسيره" 3/ 65، "الدر المنثور" 2/ 513.]].
وهو قول السدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 266، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 45، والبغوي في "تفسيره" 3/ 65.]] والكسائي [[انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3800 (همن)، والبغوي في "تفسيره" 3/ 65.]]، ورواية عطاء عنه أيضًا: شاهدًا على جميع الكتب [[انظر: "الدر المنثور" 2/ 513.]].
وقال فيما روى عنه أبو عبيدة بإسناد له: مؤتمنًا [[أخرج هذا القول لابن عباس: الطبري في "تفسيره" من طرق كثيرة في "جامع البيان" 6/ 266 - 267، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 168، "الدر المنثور" 2/ 512.]] وهو قول سعيد بن جبير [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 267.]].
وقال في رواية عطية (عنه) [[ما بين القوسين ساقط من (ش).]]: أمينًا [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 267، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 513.]] وهو قول قتادة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 267.]] ومجاهد [[قول مجاهد أن المعنى: مؤتمن، "تفسيره" 1/ 198، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 26.]].
وقال الحسن [[في الطبري في "تفسيره" 6/ 267: الحسين، ولعله تصحيف.]]: مصدقًا لهذه الكتب أمينًا عليها [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 267، وأبو علي في "الحجة" 1/ 229، وانظر: البغوي في "تفسيره" 3/ 65، و"زاد المسير" 2/ 371، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 74 - 75.]].
هذا كلام المفسرين [[وهي متقاربة من حيث المعنى.]].
فأما أهل اللغة فقال المبرد: إن الهاء بدل من الهمزة، وأن أصله: مؤيمن، فجعلت الهاء بدلًا من الهمزة، كما قالوا: هَرَقْت وأَرَقْت، وإياك وهياك [["معاني الزجاج" 2/ 180، "الزاهر" لابن الأنباري 1/ 86، "معاني النحاس" 2/ 318، "تهذيب اللغة" 4/ 3800 (همن).]].
قال أبو إسحاق: وهذا على مذهب العربية حسن وموافق لبعض ما جاء في التفسير؛ لأن معناه مؤتمن [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 180، وقد قال الأزهري مثل قول الزجاج في "تهذيب اللغة" 4/ 3800 (همن).]].
وقال ابن الأنباري [[في "الزاهر" 1/ 86، 87.]] -وحكى قول أبي العباس- ثم قال: ومهيمن وزنه مفيعل، وقد جاء في كلام العرب حروف على مثاله، منها: المسيطر، وهو المسلّط، والمبيطر، وهو البيطار [[المبيطر والبيطار: معالج الدواب. انظر: "اللسان" 1/ 301 (بطر).]]، والمبيقر [[في "الزاهر" 1/ 87: والمبيقر من قولهم: قد بيقر الرجل يبيقر بيقرة، إذا فسد.]] من قوله:
بأنَّ امرأ القَيسِ بنَ تَملكَ بَيْقَرا [[عجز بيت لأمرئ القيس، وصدره: ألا هل أتاها والحوادث جمة
"ديوانه" ص 62، "الزاهر" 1/ 87.]]
والمديبر من الإدبار والتخلف، والمجيمر اسم جبل في قوله:
كأن ذُرَى رأسِ المُجَيمر غُدْوَةً [[صدر بيت لأمرئ القيس من معلقته، وعجزه: من السيل والأغثاء فلكة مغزل "ديوانه" ص 122، "الزاهر" 1/ 87، "شرح القصائد المشهورات" 1/ 48، 49. والأغثاء: ما يحيله السيل من الأشياء، وفكلة مغزل: أي أن الماء استدار حوله فصار كفلكة المغزل.]] ... ................... [["الزاهر" 1/ 86، 87، وانظر: "الحجة" لأبي علي 1/ 230، والبغوي في "تفسيره" 3/ 65.]] وقال الأزهري: الذي قاله المبرد في المهيمن أنه في الأصل: مؤيمن له مخرج من العربية حسن [[انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3800 (همن)، وما بعد ذلك فهو من تعليق المؤلف على ما يظهر، حيث إنه لا وجود له في "التهذيب"، والله أعلم.]]. وذلك أن آمن يؤمن كان في الأصل: آمن مؤيمن، وكذلك يفعل في الأصل: يوفعل، فاستثقلوا هذه الهمزة وحذفوها، كما حذفوا الهمزة الأصلية من: أرى ويرى، فأما المهيمن فإنهم ردوا الهمزة إلى الكلمة، ثم قلبت هاء؛ لأن الهاء أخف من الهمزة؛ لأن للهمزة ضغطة في الحلق ليست للهاء.
فالمهيمن على هذا التأويل بمعنى: المؤمن، وهو المصدق، وهو الأمين، كما قال المفسرون.
وقال ابن جريج: (ومهيمنًا) أمينًا على الكتب قبله، فما أخبر أهل الكتاب بأمر، فإن كان في القرآن فصدقوا وإلا فكذبوا [[لم أقف عليه، وقد تقدم قريبًا عن ابن عباس وغيره نحوه.]].
هذا طرق أهل اللغة في معنى المهيمن وأصله، فالمهيمن عندهم بمنزلة الأمين.
قال الأزهري: وكان النبي ﷺ يسمى الأمين، يعرف به قبل الإسلام، فقال العباس فيه يمدحه:
حتى احتوى بيتُك المُهَيمنُ مِن ... خِندِفَ عَلياءَ تحتَها النُّطُقُ [[البيت في "تهذيب اللغة" 4/ 3800، "اللسان" 8/ 4705 (همن)، والنطق أوساط الجبال العالية.]]
وبيته شرفه ومجده، أراد: حتى احتويت أنت أيها المهيمن من خِندِفَ علياء، أي: الشرف [["تهذيب اللغة" 4/ 3800 بتصرف، وانظر: "اللسان" 8/ 4705 (همن).]].
فجعل العباس المهيمن في بيته صفة للنبي، أراد به الأمين.
وقال جماعة من أهل اللغة: المهيمن: الرقيب الحافظ، يقال: قد هيمن الرجل يهيمن هيمنة، إذا كان رقيبًا على الشيء. وهو قول الخليل وأبي عبيد [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 179، "معاني النحاس" 2/ 318، "تهذيب اللغة" 4/ 3800 (همن)، "زاد المسير" 2/ 371، "اللسان" 13/ 437 (همن).]].
وقال أبو عبيدة: المهيمن: الشاهد المصدق [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 168.]]، واحتج بقول حسان [[تقدمت ترجمته.]]:
إن الكتاب مهيمنٌ لنبينا ... والحق يعرفه ذوو الألباب [[في "ديوانه" ص 35، لكن صدره: أخوات أمك قد علمت مكانها]]
وقوله تعالى: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾. يعني: بين اليهود بالقرآن، والرجم على الزانيين.
﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾. قال ابن عباس: يريد ما حرفوا وبدلوا، يعني: من أمر الرجم [[انظر: "زاد المسير" 2/ 371، "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 116. وقد ثبت عن ابن عباس أنه قال: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ قال: بحدود الله، ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾. "تفسيره" ص 181، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 269.]].
وقوله تعالى: ﴿عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾.
يقول: لا تتبعهم عما عندك من الحق فتتركه وتتبعهم، كما تقول: لا تتبع زيدًا عن رأيك، يعني لا تترك رأيك وتتبعه.
ويجوز أن تكون (عن) في قوله: (عما) من صلة معنى: ﴿وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ وذلك أن معناه: لا تَزغ، فكأنه قيل: لا تزغ عما جاءك (من الحق) [[في (ج): (بالحق).]] باتباع أهوائهم.
وقوله تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [[في (ج): بعد (ومنهاجا): ومنها، ولعلها زائدة أو تكرار لبعض كلمة: (منهاجا).]].
الشَّرعة والشريعة واحدة، وأصلها من الشرع وهو البيان والإظهار، قال الله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ﴾ [الشورى: 13] [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 168، "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 143، الطبري في "تفسيره" 6/ 269، "معاني النحاس" 2/ 319.]]. قال ابن الأعرابي: شرع أي أظهر. قال: وشرع فلان، إذا أظهر الحق وقمع الباطل [["تهذيب اللغة" 2/ 1858.]].
قال الأزهري: معنى (شرع) بين وأوضح، مأخوذ من شَرَع الإهاب [["تهذيب اللغة" 2/ 1858.]].
قال ابن السكيت: الشرع مصدر شَرَعت الإهاب إذا شققت ما بين الرِّجلين وسلختَه [["تهذيب اللغة" 2/ 1858، وانظر: "الصحاح" 3/ 1236 (شرع).]].
وقال غيره: الشارع والشرعة والشريعة: الطريقة الظاهرة. وتسمى معالم الدين شريعة لوضوحها [[انظر: "معاني النحاس" 2/ 319، "النكت والعيون" 2/ 1857.]].
وقال قوم: أصل الشريعة من الشروع، وهو الدخول في الأمر [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 269، "تهذيب اللغة" 3/ 1860، "الصحاح" 3/ 1236 (شرع).]]، والشرعة والشريعة في كلام العرب المَشْرَعَة التي يشرعها الناس فيشربون ويسقون بها [["تهذيب اللغة" 2/ 1858 (شرع).]].
قال الليث: شرعت الواردةُ الشريعةُ، إذا تناولت الماء بفيها، والشريعة: المَشْرَعة. قال: وبها سُمّي ما شرع الله للعباد: شريعةً، من الصلاة والصوم والنكاح والحج وغيره [[من "تهذيب اللغة" 2/ 1858، وانظر: "العين" 1/ 252، 253.]].
فعلى هذا معنى الشِّرعة والشَّريعة: الطريقة لشروع الناس فيها.
والمنهاج: الطريق الواضح، ومنهج الطريق: وَضَحه، ونهج الأمر وأنهج، لغتان، (إذا وضح) [[في (ش): (إذا أوضح)، وما أثبته هو الموافق لـ"العين" 3/ 392.]]. قاله الليث [["العين" 3/ 392، "تهذيب اللغة" 4/ 3672 (نهج)، وانظر: الطبري في "تفسيره" 10/ 384.]].
وقال ابن بُزُرج [[هو عبد الرحمن بن بزرج -بضم الباء- عالم لغوي له مؤلفات وتعليقات أفاد منها الأزهري في "تهذيب اللغة"، وقد عده الأزهري من متأخري الطبقة الثانية من علماء اللغة الذين اعتمد عليهم في كتابه، ولم تذكر سنة وفاته.
انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3672 المقدمة، "إنباه الرواة" 2/ 161، "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 155، 156.]]: استَنْهَج الطريقُ: صار نهجًا، ويقال: نهجت لك الطريق وأنهجته، لغتان، فهو منهوج ومُنهَج، وهو نَهجٌ ومُنهج [["تهذيب اللغة" 4/ 3672، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 269.]].
وأما الكلام في الجمع بين الشرعة والمنهاج فقال الأكثرون: إنها بمعنى واحد، وجمع بينهما للتأكيد في اللفظ. وهذا قول مجاهد [[قال مجاهد في تفسيرهما: الشرعة: السنة. والمنهاج السبيل.
"تفسيره" 1/ 198، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 271 من طرق، وانظر: "النكت == والعيون" 2/ 45.
وقد ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" 3/ 503 عن مجاهد أنه قال: الشرعة والمنهاج دين محمد ﷺ.]] والزجاج.
قال الزجاج: الشرعة والمنهاج جميعًا: الطريق، والطريق ههنا: الدين، ولكن اللفظ إذا اختلف أتى به بألفاظ تؤكد بها القصة والأمر. قال: وقال بعضهم: الشرعة: الدين والمنهاج: الطريق [[قول الزجاج في "تهذيب اللغة" 2/ 1857، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 441، ولم أجد في "معاني القرآن" له شيئاً من ذلك.]].
وقال ابن الأنباري: الشرعة: ابتداء الطريق، والمنهاج: الطريق الواضح كله المستمر، فصح النسق للمخالفة بينهما [[انظر: "زاد المسير" 2/ 372، "البحر المحيط" 3/ 503، "الدر المصون" 4/ 293.]].
وهذا قول محمد بن يزيد. حكاه الزجاج عنه [[في "تهذيب اللغة" 2/ 1857 (شرع)، وانظر: "معاني النحاس" 2/ 919، "زاد المسير" 2/ 372، "البحر المحيط" 3/ 503، "الدر المصون" 4/ 293.]].
وأما التفسير: فقال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾: سبيلًا وسنة [["تفسيره" ص 181، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 270 - 271 من طرق، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 45.]]، ورُوي: سنة وسبيلًا [[أخرج هذه الرواية الطبري في "تفسيره" 6/ 270 - 271 من طرق.]].
وهو قول الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك في تفسير الشرعة والمنهاج [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 271 - 272، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 45.]].
وأما معنى الآية فقال قتادة في قوله: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً﴾ الخطاب للأمم الثلاث، أمة موسى، وأمة عيسى، وأمة محمد (عليهم السلام) [[ساقط من (ج).]] ولا يعني به قوم كل نبي؛ لأن الشريعة [[في (ش): (الشرائع).]] لم تختلف من لدن موسى إلى عيسى، وإنما اختلفت على لسان عيسى، ثم لم تختلف إلى زمن محمد، ثم اختلفت على لسانه، ألا ترى أن ذكر هؤلاء الثلاثة قد تقدم في قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ﴾ الآية [المائدة: 44]، ثم قال: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: 46]، ثم قال: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾، ثم قال: ﴿لكلٍ [[في (ج): (ولكل).]] جَعَلْنا مِنكُم شِرْعَةً ومنهَاجًا﴾ يعني: شرائع مختلفة، للتوراة [[في (ش): (التوراة).]] شريعة، وللإنجيل [[في (ش): (الإنجيل).]] شريعة، وللقرآن [[في (ش): (القرآن).]] شريعة، والدين واحد لا يقبل الله إلا الإخلاص [[أورده المؤلف في "الوسيط" 3/ 899 مختصرًا، وأخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" 6/ 270، وانظر البغوي في "تفسيره" 3/ 66، "الدر المنثور" 2/ 513.]].
وقال مجاهد: ﴿شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ السبيل الجادة [[الجادة أي الطريق. انظر: "اللسان" 1/ 561 - 562 (جدد).]]، من دخل في دين محمد فقد جعل له شرعة ومنهاجًا، والقرآن له شرعة ومنهاج [[أخرجه بنحوه الطبري في "تفسيره" 6/ 270، وانظر: "زاد المسير" 2/ 373.]].
وعلى هذا القول المراد (بالشرعة) [[في (خ): (بالشرع).]] والمنهاج: القرآن، ودين محمد ﷺ وهو الذي جعل منهاجًا للكل وندب إليه الجميع، وليس المراد الإخبار عن اختلاف الشرائع، واختصاص كل أمة بشريعة، كما ذكره قتادة.
والقول الأول أظهر وعليه المفسرون، فقد قال مقاتل: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ﴾ يعني: من المسلمين وأهل الكتاب [["تفسيره" 1/ 481، 482.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾. قال الحسن: لو شاء لجمعكم على الحق [["النكت والعيون" 2/ 45، وانظر: "تفسير الهواري" 1/ 478.]].
وقال الكلبي: ولو شاء (الله) [[ساقط من (ج).]] لجعلكم أمة واحدة على أمر واحد ملة الإسلام [[أورده المؤلف في "الوسيط" 3/ 900 غير منسوب، ولم أقف عليه.]].
﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ﴾. ليختبركم فيما أعطاكم من الكتاب والسنن.
ومضى الكلام في ابتلاء الله عز وجل عند قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة: 249].
وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾. قال مقاتل: (يقول) [[ساقط من (ج).]]: سارعوا في الأعمال الصالحة [["تفسيره" 1/ 482، "زاد المسير" 2/ 374.]].
وقال الكلبي: يقول: سابقوا الأمم الماضية إلى السنن والفرائض والصالحات من الأعمال [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 116.]].
والاستباق في اللغة بين اثنين، يجتهد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه كقوله تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ [يوسف: 25] يعني يوسف وصاحبته تبادر إلى الباب؛ فإن سبقها يوسف فتح الباب وخرج، وإن سبقت هي أغلقت الباب لئلا يخرج يوسف [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1620 (سبق).]].
وقوله تعالى: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا﴾.
قال مقاتل: أنتم وأهل الكتاب ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ من الدين والفرائض والسنن [[بنحوه في "تفسيره" 1/ 482.]]. وقاله الكلبي [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 116.]].
وقال أهل المعاني: يعني أن الأمر سيؤول إلى ما تزول معه الشكوك بما يحصل من اليقين عند مجازاة المحسن بإحسانه، والمسيء باساءته [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 272، "التفسير الكبير" 12/ 13.]].
{"ayah":"وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِۖ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ عَمَّا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةࣰ وَمِنۡهَاجࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَكُمۡ فِی مَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰتِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق