الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ﴾. قال أهل المعاني: قوله: ﴿وَلْيَحْكُمْ﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون التقدير: وقلنا: ليحكم أهل الإنجيل [[انظر: "الكشاف" 1/ 342.]]، فيكون هذا إخبارًا عما فرض عليهم في ذلك الوقت من الحكم بما تضمنه الإنجيل. ثم حذف القول؛ لأن ما قبله من قوله: ﴿وَكَتَبْنَا﴾ [المائدة:45]، ﴿وَقَفَّيْنَا﴾ [المائدة: 46] يدل عليه. وحذف القول كثير كقوله تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ﴾ [الرعد:23 - 24] [[انظر: "المسائل الحلبيات" ص 240، قال أبو علي في آية الرعد: أي يقولون.]]. والثاني: أن يكون قوله: ﴿وَلْيَحْكُمْ﴾ ابتداء أمر للنصارى بالحكم بما في كتابهم [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 265، "الحجة" 3/ 228، البغوي في "تفسيره" 3/ 65، "زاد المسير" 2/ 369.]]. فإن قيل على هذا: كيف جاز أن يؤمروا بالحكم بما في الإنجيل بعد نزول القرآن؟ قيل: إن أحكام الإنجيل كانت موافقة لأحكام القرآن [[ليس هذا على إطلاقه، بل الكثير من الإنجيل، أو الأكثر -خاصة في الفروع- منسوخ بالقرآن. انظر: القرطبي في "تفسيره" 6/ 209.]]. وقيل: إن المراد من هذا الحكم الإيمان بمحمد ﷺ لأنه كان في الإنجيل ذكر وجوب التصديق به، فهذا الأمر راجع إلى ذلك [[انظر: القرطبي في "تفسيره" 6/ 209.]]. والقول الأول أظهر. وقرأ حمزة: ﴿وَلْيَحْكُمْ﴾ بكسر اللام وفتح الميم [["الحجة" 3/ 227، "التيسير في القراءات السبع" ص 99.]]، جعل اللام متعلقة بقوله: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ﴾ [المائدة: 46] لأن إيتاءه الإنجيل إنزال ذلك عليه، فصار ذلك بمنزلة قوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 105] [[في "الحجة" 3/ 288: فكأن.]]، وكأن المعنى: آتيناه الإنجيل ليحكم [["الحجة" 3/ 227، 228.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب