الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ الآية.
قد شرحنا هذه الآية إلى قوله تعالى: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾ في سورة البقرة [[انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 1/ ل 105، 106.]].
فأما المنخنقة يقال: خنقه فاختنق (وانخق [[في (ش): (والخنق).]]) والانخناق انعصار الحلق [["تهذيب اللغة" 1/ 1116، وانظر: "اللسان" 3/ 1280 (خنق).]].
قال ابن عباس: المنخنقة التي تنخنق فتموت [["تفسيره" ص 169، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 68 من طريق علي أيضًا.]].
ورُوي عنه قتادة أنه قال: كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة، حتى إذا ماتت أكلوها [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 68 مقطوعًا على قتادة.]].
وقال في رواية عطاء: يريد التي تخنق حتى تموت [[لم أقف على هذه الرواية" وقد ثبت عن ابن عباس نحوها كما تقدم قريبًا.]].
وقال الحسن وقتادة والضحاك: هي التي تخنق بحبل الصائد أو غيره حتى تموت [[أخرجه بمعناه عن قتادة والضحاك: الطبري في "تفسيره" 6/ 68، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 11، و"زاد المسير" 2/ 279.]].
وقال السدي: هي التي تدخل رأسها بين عودين في شجرة فتخنق فتموت [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 68.]].
وقال الزجاج: هي التي تختنق برقبتها، أي بالحبل الذي تشد [[في "معاني الزجاج" 2/ 145 تشك، ولعله تصحيف.]] به، وبأي وجه اختنقت فهي حرام [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 145.]].
فهذه ألفاظ المفسرين في تفسير المنخنقة، وقد أجملها الزجاج بقوله: وبأي وجه اختنقت فهي حرام [[المرجع السابق.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْمَوْقُوذَةُ﴾.
قال الفراء: هي المضروبة حتى تموت ولم تُذكَّ [["معاني القرآن" 1/ 301، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 138، و"تهذيب اللغة" 4/ 3930 (وقذ).]].
وقال أبو إسحاق: هي التي تقتل ضربًا، يقال: وقذتُها أقِذُها وقْذًا وقذة، وأوقذتُها إيقاذًا، إذا أثخنتها ضربًا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 145.]].
وذكر اللغتين أيضًا في باب الوفاة من: (فعلت، وأفعلت) أبو عبيد عن الأحمر: الموقودة والوقيذة: الشاة تُضرب حتى تموت ثم تؤكل [["تهذيب اللغة" 4/ 3930، وانظر: "اللسان" 8/ 4889 (وقذ).]]، وأنشد:
... إذا وَقَد النُّعاَس الرُّقَّدا [[البيت للأعشى في "ديوانه" ص 54، وتمامه:
يلوينني دَيني النهار واجتزي ... ترى لعظام ما جمعت صليبا]]
أي صاروا كأنهم سُكارى من النوم. ويقال: ضربه على موقذ من مواقذه [[من "تهذيب اللغة" 4/ 3930، وانظر: "اللسان" 8/ 4889 (وقذ).]].
أبو سعيد: الوَقْذ الضرب بالفأس [[في (ش): (على فأس)، وانظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3930، و"لسان العرب" 8/ 4889 (وقذ). وأبو سعيد هذا لعله الأصمعي.]] على القفا فتصير هدتها إلى الدماغ فيذهب العقل، يقال: رجل موقوذ. وقد وقذه الحِلم، أي سكنه [["تهذيب اللغة" 4/ 3930، وانظر: "اللسان" 8/ 4889 (وقذ).]].
قال ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك والسدي: هي المضروبة بالخشب ونحوه حتى تموت [[أخرجه بنحوه الطبري في "تفسيره" 6/ 69، 70]].
وقوله تعا لي: ﴿وَالْمُتَرَدِّيَةُ﴾.
معنى التردي في اللغة التهور في مهواة [["تهذيب اللغة" 2/ 1387 (ردأ)، وانظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 311، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 138، والطبري في "تفسيره" 6/ 70.]]. وقيل في معنى قوله تعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ [الليل: 11] أي سقط في النار [["غريب القرآن" لابن قتية ص 138، و"تهذيب اللغة" 2/ 1387 (ردأ).]].
أبو زيد: يقال: ردى فلان في القليب يردى، وتردّى من الجبل تردّيا [["تهذيب اللغة" 2/ 1387، وانظر: "اللسان" 3/ 1630.]].
فالمتردية: هي التي تقع من جبل، أو تطيح في بئر، أو تسقط من مُشْرِف فتموت. كذلك قال ابن عباس والحسن والضحاك والسدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 70، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 414، و"زاد المسير" 2/ 280.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالنَّطِيحَةُ﴾، قال ابن عباس: يريد التي تنطحها شاة أو كبش فتموت قبل أن تُذَكَّى [[بنحوه في "تفسيره" ص 169، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 70، 71.]].
وكذلك قال الحسن وقتادة والضحاك والسدي [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 70، 71.]].
وأما دخول الهاء في هذه الحروف إلى: (النطيحة) فإنما دخلت لأنها صفات لموصوف مؤنث وهو الشاة، كأنه قيل حرمت عليكم الشاة المنخنقة والموقوذة والمتردية [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 70، 71.]]. وخصت لأنها من أعم ما يأكله الناس للحمه، والكلام يخرج على ما هو الأغلب والأعم ثم يلحق به غيره.
وأما النطيحة فقال ابن السكيت: إذا كان فَعِيل نعتًا للمؤنث وهو في تأويل المفعول كان بغير هاء، نحو: لحية دهين، وكف خضيب؛ لأنها في تأويل: مخضوبة مدهونة [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 70، 71]].
هذا كلامه وقد انتهى، وإنما كان كذلك لأن نقله عن لفظ المفعول المبني على الفعل إلى: فعيل يأخذه عن حيّز الأفعال فيقربه من الأسماء وذلك يوجب حذف علامة التأنيث، إذ التأنيث لتقدير الفعل وقد ارتفع، فعلى هذا كان يجب أن يقال: النطيح بغير هاء، وعلة دخول الهاء ما ذكره ابن السكيت، وهو أنه قال: وقد تأتي فعيلة بالهاء وهي في تأويل مفعول بها، تخرج مخرج الأسماء ولا يذهب بها مذهب النعوت نحو: النطيحة، والذبيحة، والفريسة، وأكيلة السبع، ومررت بقبيلة بني فلان (¬1). انتهى كلامه.
قال العلماء من النحويين: إنما تحذف الهاء من الفعيله إذا كانت صفة لموصوف يتقدمها، فإذا لم تذكر الموصوف وذكرت الصفة موضع الموصوف فقلت: رأيت قبيلة بني فلان بالهاء؛ لأنك إن [[في (ش): (اذً).]] لم تدخل الهاء لم يعرف أرجل هو أم امرأة، فعلى هذا إنما أدخلت الهاء في النطيحة لأنها صفة لمؤنث غير مذكور وهي الشاة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 72، وانظر ابن كثير في "تفسيره" 2/ 13.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾.
قال قتادة: كان أهل الجاهلية إذا جرح السبع شيئًا فقتله أو أكل منه أكلوا ما بقي منه، فحرمه الله تعالى (¬1).
والسبُعُ: اسم يقع على ما له ناب ويَعْدُو على الناس والدواب فيفترسها، مثل الأسد والذئب والنمر والفهد، ومنه يقال: سبَعَ فلانًا، إذا عضه بسنه، وسبع الذئب الشاة، إذا فرسها، وهذا هو الأصل، ثم يقال: سبعه، إذا وقع فيه وعابه [[من "تهذيب اللغة" 2/ 1618 (سبع) بتصرف، وانظر: "مقاييس اللغة" 3/ 128، و"اللسان" 4/ 1925 (سبع)، وابن كثير في "تفسيره" 2/ 13.]].
ويجوز التخفيف في السبع فيقال: سَبْع [[انظر: "اللسان" 4/ 1926 (سبع).]].
وفي الآية تقديره: وما أكل منه السَّبعُ؛ لأن ما أكله السبع قد فُقِد ولا حكم له، وإنما الحكم للباقي منه.
وكل هذه الأشياء المحرمة حكمها حكم الميتة، واسم الميتة يعمها، إلا أنها ذُكِرَت بالتفصيل؛ لأن العرب كانت لا تعدّ الميت إلا ما مات من مرض. قاله السدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 74.]].
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾.
الظاهر أن هذا الاستثناء من جميع هذه المحرمات التي ذكرت من قوله: ﴿وَالْمُنْخَنِقَةُ﴾. وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس والحسن وقتادة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 72، وانظر ابن كثير في "تفسيره" 13/ 2.]].
قال ابن عباس: يقول: ما أدركت من هذا كله وفيه روح، فاذبح، فهو حلال [["تفسيره" ص 169، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 72.]].
وقال الكلبي: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ استثنى من ذلك كله، أي إلا ما ذبحتم. [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 107.]]
وحكى أبو العباس عن بعضهم أن الاستثناء مما أكل السبع خاصة [[انظر: "زاد المسير" 2/ 280، و"البحر المحيط" 3/ 424، و"الدر المصون" 4/ 196.]].
والقول هو الأول [[وهذا أيضًا اختيار الطبري في "تفسيره" 6/ 73 وانظر: "زاد المسير" 2/ 280.]].
وأما كيفية إدراكها فقال أكثر أهل العلم من المفسرين: إن أدركت ذكاته بأن يوجد له عين تطرف أو ذَنَب متحرك، فأكله جائز [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 72 - 73، و"معاني الزجاج" 2/ 145، و"زاد المسير" 2/ 280.]].
قال ابن عباس وعُبَيد بن عُمَير [[لعله أبو عاصم عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، ولد على عهد النبي ﷺ ويعد من كبار التابعين، وكان قاص أهل مكة ومن العباد، وقد أُجْمِع على توثيقه. مات رحمه الله قبل ابن عمر رضي الله عنه. انظر: "مشاهير علماء الأمصار" 134 (592)، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 156، و"التقريب" ص 377 (4386).]]: إذا طرفت بعينها، أو مصعت بذَنَبِها أو ركضت برجلها، أو تحركت، فاذبح، فهو حلال [[أخرجه عنهما الطبري في "تفسيره" 6/ 72 - 73]].
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا أخرج السبع الحشوة أو قطع الجوف قطعًا تؤس معه الحياة فلا ذكاة لذلك، وإن كان به حركة ورمق؛ لأنه صار إلى حالة لا يؤثر في حياته الذبح [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 73 "معاني الزجاج" 2/ 145، و"تهذيب اللغة" 2/ 1286 (ذكا).]].
وهو مذهب مالك [[أخرج قوله الطبري في "تفسيره" 6/ 73.]] واختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 145.]] وابن الأنباري [[لم أقف عليه.]].
واحتجوا بقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾، فقال أبو إسحاق: معنى التذكية: أن يدركها وفيها بقية تشخُبُ معها الأوداج، وتضطرب اضطراب المذبوح.
قال: وأصل الذكاء في اللغة: تمام الشيء، فمن ذلك الذكاء في السن والفهم، وهو تمام السن، (قال الخليل [[في (ش): (قال: وقال الخليل)، ولا يؤثر ذلك في المعنى.]]): الذكاء في السن أن يأتي على قروحه [[قال الجوهري: وقرح الحافر قروحًا، إذا انتهت أسنانه، وإنما تنتهي في خمس سنين؛ لأنه في السنة الأولى حولي، ثم جذع، ثم ثنى، ثم رباع، ثم قارح. "الصحاح" 1/ 395 (قرح).]] سنة، وذلك تمام استكمال القوة، وأنشد لزهير:
يُفَضَّله إذا اجتَهَدا عليه ... تَمام السَّنَّ منهُ والذَّكَاء [["ديوانه" ص 69، و"الكامل" 1/ 386، وفي الديوان: يفضله إذا اجتهدت، والتفصيل في السرعة لتمام السن، والذكاء حدة القلب، ويقال الذكاء في السن.]]
وقيل: جَرْيُ المُذَكَّياَت غِلابٌ [[أي أن المذكي يغالب مجاريه لقوته. وهذا مثلٌ يضرب لمن يوصف بالتبريز على أقرانه في حلبة الفضل. "مجمع الأمثال" 1/ 281.]]، أي جري المسانّ التي قد أسنّت. وتأويل تمام السن النهاية في الشباب، فإذا نقص عن ذلك أو زاد فلا يقال له الذَّكاء. والذكاء في الفهم أن يكون تامًا سريع القبول، وذكّيت النار إنما هو من هذا، تأويله: أتممت إشعالها، فكذلك قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ أدركتم ذبحه على التمام [["معاني الزجاج" 2/ 145 - 146.]].
قال الأزهري: وقد جود أبو إسحاق فيما فسر، وشفى وبالغ في الشفاء، ولقد كان له حظ من البيان موفور [[لم أقف عليه.]].
وقال ابن الأنباري: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ معناه: إلا ما أدركتموه وقد بقيت فيه بقيّة من الحياة حسنة تشخب معها أوداجه عند الذبح وينهر دمه، فإذا قطع السبع بطنه وأخرج حشوته بطلت التذكية؛ لأنه بعد أن يقع به هذا لا يضطرب اضطراب المذبوح ولا ينهر ولا تشخب أوداجه.
ومعنى التذكية: تتميم الشيء، فإذا قال القائل: قد ذكى فلان الشاة، فمعناه قد ذبحها الذبح التام الذي يجوز معه الأكل ولا يحرم، وإذا قيل: فلان ذكيّ، فمعناه تام الفطنة، وذكت النار تذكو، إذا استحكم وقودها، وأذكيتها أنا، والتذكية بلوغ غاية الشباب وتمام القوة، يقال: جريُ المُذكَّيات غِلابٌ، أي جري المسانّ مغالبة، وذلك أن الفرس الذي يبلغ نهاية الشباب والقوة يُحمل [[في النسختين (ج)، (ش) بدون إعجام، وكأنها: محمل -بالميم-.]] على السهل والحزن للثقة به [[لم أقف على كلام ابن الأنباري.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾.
النصب: جمع نِصاب مثل: حِمار وحُمُر، وجائز أن يكون واحدًا وجمعه: أنصاب، مثل: طُنُب وأطناب. قاله الزجاج [["معانى القرآن وإعرابه" 2/ 146.]] وابن الأنباري [[لم أقف عليه.]].
(قال أبو بكر) [[ليس في (ج).]]: ويجوز أن يكون النصب جمع نَصْب في الواحد، مثل: سَقْف وسُقُف، ورَهْن ورُهُن [[لم أقف عليه.]].
وقال الليث: النصب جماعة النصيبة، وهي علامة تنصب للقوم [["العين" 7/ 136، و "تهذيب اللغة" 4/ 3581 (نصب).]]
الأزهري: وقد جعل الأعشى النصب واحداً فقال:
وذا النُّصبَ المنصوبَ (لا تنسُكَنّه) [[في (ج): (لا تعبدنه)، وما أثبته هو الموافق لما في "الديوان"، و"تهذيب اللغة".]] ... لعاقبةٍ والله ربَّكَ فاعبُدا [[من "تهذيب اللغة" 4/ 3581 نصب، والبيت في "ديوان الأعشى" ص 46، وعجزه في "الديوان": ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا.]]
هذا قول أهل اللغة.
وأما التفسير: فقال ابن عباس: يريد الأصنام التي تنصب وتعبد من دون الله تعالى [[بمعناه في "تفسيره" ص 169، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 75، وانظر: "زاد المسير" 2/ 283.]].
وقال الكلبي: النصب: حجارة كانوا يعبدونها [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 107.]].
وقال الفراء: النصب: الآلهة التي كانت تُعبد من أحجار [[من "تهذيب اللغة" 4/ 3581 (نصب)، وانظر: "معاني القرآن" 1/ 301، و"زاد المسير" 2/ 283.]].
وقال الزجاج: النصب: حجارة كانت لهم يعبدونها، وهي الأوثان [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 146، وانظر: "زاد المسير" 2/ 283.]].
وقال مجاهد وقتادة وابن جريج: كانت حول البيت أحجار كان أهل الجاهلية يذبحون عليها، ويُشَرّحُون اللحم عليه، وكانوا يعظمون هذه الحجارة ويعبدونها [[أخرجه بمعناه الطبري في "تفسيره" 6/ 75، وانظر: "زاد المسير" 2/ 284.]].
قالوا: وليست هي بأصنام، إنما الصنم ما يُصوَّر وُينقَش [[هذا ما ذهب إليه ابن جريج وقرره الطبري في "تفسيره" 6/ 75، وانظر: "البحر المحيط" 3/ 424.]].
فإذا أخذنا بهذا وهو أنهم كانوا يذبحون على هذه الحجارة فـ (على) في قوله تعالى: ﴿عَلَى النُّصُبِ﴾ بمعناه، وإن قلنا: إن النُّصُب أوثان كانوا يتقربون إليها بالذائح عندها فمعنى قوله تعالى: ﴿عَلَى النُّصُبِ﴾ أي على اسمها.
وقال قطرب: معناه ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ (على) بمعنى اللام: وهما يتعاقبان في الكلام، قال الله تعالى: ﴿فَسَلَامٌ لَكَ﴾ [الواقعة: 91] أي: عليك، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ [الإسراء: 7] أي فعليها [[انظر: "زاد المسير" 2/ 283.]].
قال ابن زيد: (وما ذبح على النصب) (وما أهل لغير الله به) [[في (ش): (أهل به لغير الله).]] واحد [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 75.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾.
معناه: وأن تطلبوا على ما قُسِم لكم بالأزلام [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 75]].
قال المفسرون: وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا أراد أحدهم سفرًا أو غزوًا أو تجارة أو غير ذلك من الحاجات أجال القداح، وهي سهام مكتوب على بعضها: أمرني ربي، وعلى بعضها: نهاني ربي، فإن خرج السهم الآمر مضى لحاجته، وإن خرج الناهي لم يمض في أمره [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 76، ومعاني الزجاج 2/ 146.]].
قال أبو عبيدة [[في (ج): (أبو عبيد).]]: (الاستقسام طلب القسمة، وكانوا يسألون الأزلام بأن تقسم لهم [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 152.]].
وقال المبرد) [[ما بين القوسين ساقط من (ش).]]: الاستقسام: أخذ كل واحد قسمه. وقال: الاستقسام إلزام أنفسهم ما تأمرهم به القِداح كقَسَم اليمين [[لم أقف عليه.]].
وقال الأزهري: معنى قوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا﴾ أي: تطلبوا من جهة الأزلام ما قسم لكم من أحد الأمرين [["تهذيب اللغة" 3/ 2961، وانظر: "اللسان" 6/ 3629 (قسم).]]. وهذا أشفى العبارات.
وقال ابن السكيت: يقال قسم فلان أمره يقسمه قسمًا، أي يقدره، ينظر كيف يعمل فيه [["تهذيب اللغة" 3/ 2962 (قسم).]]، وأنشد للبيد:
فقُولا لهُ إن كَانَ يَقْسِمُ أمره ... أَلَمَّا يَعِظْك الدهُر أمُّك هَابِلُ [["ديوانه" ص 254، و"تهذيب اللغة" 3/ 2962 (قسم).
والبيت من قصيدة يرثى فيها النعمان بن المنذر، والمراد بـ (أمك هابل): الدعاء، يقال: هبلته أمه، أي ثكلته.]] وقالوا: فلان جيد القسم، أي جيد الرأي، ومعنى: قسم أمره إذا ميّل فيه الرأي: أيفعله أم لا [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2962 (قسم).]]. ويقال: تركت فلانًا يستقسم، أي يفكر ويروّي بين أمرين، ومنه الاستقسام بالأزلام، وهو طلب الرأي الذي ميل فيه من جهة الأزلام، ولذلك بني على الاستقسام.
وأما الأزلام فهي أسماء هذه القداح التي كانت لقريش في الجاهلية، وقد زُلّمت أي سويت ووضعت في الكعبة يقوم بها سدنة البيت، فإذا أراد الرجل أمرًا أتى السادن فقال له: أخرج إلي زَلمًا، فيخرجه، فإن خرج قدح الأمر مضى على ما عزم عليه، وإن خرج قدح النهي قعد عما أراده، وربما كان مع الرجل زَلمان قد وضعهما في قرابه، فإذا أراد إلاستقسام أخرج أحدهما [[من "تهذيب اللغة" 2/ 155 (زلم)، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 152، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 139، والطبري في "تفسيره" 6/ 75 - 76، و"زاد المسير" 2/ 284.]]. قال الحُطَيئة:
لا يزجُر الطيرُ إنْ مرَّت بِه سُنُحًا ... ولا يُفِيض على قِسْمٍ بأزلامِ [["ديوانه" ص 227، و"تهذيب اللغة" 2/ 1552 (زلم).
ومعنى لا يزجر: لا يتطير، وسنحا جمع سانح وهو ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر أو غير ذلك.
انظر: "اللسان" 4/ 2112، ويفيض من الإفاضة وهي الضرب بالاقداح، وقوله: قسم من قولك: يقسم أمره إلي: ينظر فيه ويحيله أيفعله أم لا.]]
وقال طَرَفَه:
أخذ الأزلامَ مقتسمًا ... فأتى أغواهُما زُلَمُه [["ديوانه" ص72، و"تهذيب اللغة" 2/ 1552 (زلم).]] ويقال للرجل إذا كان مخففًا رجل مُزَلَّم، وامرأة مزلّمة. ويقال: قدح مُزلَّم وزليم، إذا طرّ وأجيد قده وصنعته، وعصا مزلّمة، وما أحسن ما زلم سهمه [["تهذيب اللغة" 2/ 1552 (زلم).]]. قال ذو الرَّمَّة:
كأرحاءِ رقطٍ زَلَّمَتْها المَنَاقِرُ [[عجز بيت لذي الرمة في "ديوانه" ص 250، وصدره:
تفض الحصى عن مجمرات وقيعة
واستشهد به في "الصحاح" 5/ 1943 (زلم). وأرحاء جمع رحى، والمناقر: المعادل. انظر: "اللسان" 12/ 270 (زلم).]]
أي سوَّتها وأخذت من حروفها [["تهذيب اللغة" 2/ 1552، وانظر: "اللسان" 3/ 1857 (زلم).]].
ويقال لقوائم البقر أزلام، شبهت بالقداح للطافتها [["تهذيب اللغة" 2/ 1552، وانظر: "اللسان" 3/ 1858 (زلم).]]، ومنه قول لَبيِد:
بَكَرَت تَزِلّ عن الثرى أزلامُها [[عجز بيت للبيد في معلقته وصدره:
حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت
"ديوان لبيد" ص 310، و"شرح المعلقات السبع" ص90.
ومعنى بكرت: غدت بكره، وأزلامها: قوائمها، شبهها بالقداح أي لم تعد تثبت قوائمها على الثرى لأن الطين زلق.]]
وواحد الأزلام زَلَم، وزُلَم. ذكره الأخفش [["معاني القرآن" 2/ 461.]].
وكل ما ذكرنا في الأزلام هو قول أهل اللغة [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1552، و"اللسان" 3/ 1857 - 1858 (زلم).]] وابن عباس [[انظر: "تفسيره" ص 169.]] والمفسرين [[انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة 1/ 152، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 139، والطبري في "تفسيره" 6/ 76، و"زاد المسير" 2/ 284.]].
وقال الزجاج: أعلم الله عز وجل أن الاستقسام بالأزلام حرام، ولا فرق بين ذلك وبين قول المُنَجَّمين: لا تخرج من أجل نجم كذا، واخرج من أجل طلوع نجم كذا؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا﴾ [لقمان: 34]، ولذلك دخول في علم الله عز وجل الذي هو غيب، فهو حرام كالأزلام التي ذكرها الله [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 146، 147.]].
وقد روى أبو الدرداء عن رسول الله ﷺ أنه قال: "من تكهن أو استقسم أو تطير طيرة ترده عن سفره لم ينظر الدرجات العلى من الجنة يوم القيامة" [[رواه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 174، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 118، وقال: رواه الطبراني بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات.]].
وذهب المؤرج وكثير من أهل اللغة إلى أن الاستقسام ههنا هو في معنى الميسر المنهي عنه، وأن الأزلام قداح الميسر.
وليس الأمر كذلك عند أهل العلم الموثوق بعلمهم [["تهذيب اللغة" 3/ 2962 (قسم).]].
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾.
قال الزجاج: أي الاستقسام هنا بالأزلام فِسق، وهو كل ما يخرج به عن الحلال إلى الحرام [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 147، وانظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 78.]].
وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ﴾.
قال المفسرون: يئسوا أن ترتدوا راجعين إلى دينهم [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 78، و"معاني الزجاج" 2/ 148.]].
وقال الكلبي: نزلت لما دخل رسول الله ﷺ مكة في حجة الوداع ييئس أهل مكة أن ترجعوا إلى دينهم [[انظر: "زاد المسير" 2/ 185، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 107.]].
وقال الزجاج: يئسوا من بطلان الإسلام، وجاءكم ما كنتم توعدون من قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التوبة: 33] [[هكذا بالياء في النسختين، وفي رسم المصحف: (واخشون) بدونها.]].
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ﴾.
قال ابن عباس: فلا تخشوهم في اتباع محمد واخشوني في عبادة الأوثان [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 107.]].
وقال الزجاج: أي فليكن خوفكم لله عز وجل، فقد أمنتم في أن يظهر دين على الإسلام [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 148.]].
وهو قول ابن جريج، قال: فلا تخشوهم أن يظهَروا عليكم [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 79، وانظر: "زاد المسير" 2/ 286.]].
وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾.
أجمعوا على أن المراد باليوم ههنا: يوم عرفة، وأن هذه نزلت يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع سنة عشر، والنبي ﷺ. واقف بعرفات على ناقته العضباء. قاله ابن عباس وغيره [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 80279، و"بحر العلوم" 1/ 415، و"زاد المسير" 2/ 287.]].
وأما معنى إكمال الدين في ذلك: فقال عطاء عن ابن عباس: اليوم أكملت لكم دينكم حيث لم يحج معكم مشرك، وخلا الموسم لله ولرسوله ولأوليائه [[لم أقف عليه.]]، وهذا قول سعيد بن جبير وقتادة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 80، وانظر: "زاد المسير" 2/ 287.]].
وقال آخرون: أكملت لكم دينكم ببيان الفرائض والسنن والحدود والأحكام والحلال والحرام، فلم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ولا شيء من الفرائض.
وهذا معنى قول ابن عباس [[في "تفسيره" ص 170، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 79.]]، والسدي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 79.]]، وهو الاختيار؛ لأن كمال الدين يكون ببيان الأحكام.
قال أرباب المعاني: والكمال على وجهين: كمال مشروح وهو بيان الرسول، وكمال مُبهَم وهو اجتهاد أهل العلم إلى قيام الساعة، (فما عُدِم نصه) [[لم تظهر في (ش).]] لم يُعدَم دليله من الكتاب والسنة [[لم أقف عليه.]].
وقال بعضهم: كمال دين هذه الأمة أن لا يزول ولا يُنسخ، وأن شريعتهم باقية (إلى يوم [[لم تظهر في (ش).]]) القيامة [[انظر: "زاد المسير" 2/ 288.]].
وقيل: الكمال هو أن هذه الأمة آمنوا بالكُلّ ولم يفرقوا ، ولم يكن هذا لغيرهم [[لم أقف عليه.]].
وقال الزجاج: معنى قوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ أي الآن أكملت دينكم بأن كفيتكم خوف عدوكم، وأظهرتكم عليه، كما تقول: الآن كمل لنا الملك (وكمل لنا [[غير ظاهر في (ش).]]) ما نريد، بأن كُفِينا من كنا نخافه. قال: وقد قيل: (المعنى [[ليست في (ج).]]) أكملت لكم فرض ما تحتاجون إليه في دينكم، وذلك جائز (حسن) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 149، وانظر: "زاد المسير" 2/ 288.]].
وقد شرح ابن الأنباري هذين القولين شرحًا حسنًا فقال في القول الأول للزجاج: المعنى أكملت لكم (نصر دينكم [[غير ظاهر في (ش).]]) بأن كفيتكم ما كنتم تخافونه عليه. وقال في القول الثاني: اليوم أكملت لكم شرائع دينكم من غير نقصان قبل (هذا [[غير واضح في (ش).]]) الوقت، وذلك أن الله عز وجل يتعبد خلقه بالشيء في وقت ثم يزيد عليه في وقت آخر، فيكون الأمر الأول تامًا في وقته وكذلك الثاني، كما يقول القائل: عندي عشرة كاملة، ومعلوم أن العشرين أكمل منها، و (الشرائع [[غير ظاهر في (ش).]]) التي تعبد الله بها عباده في الأوقات المختلفة مختلفة، وكل شريعة منها كاملة في وقت التعبد بها، (فكمل [[غير ظاهر في (ش).]]) الله الشرائع في اليوم الذي ذكره وهو يوم عرفة، ولم يوجب ذلك أن الدين كان ناقصًا في وقت من الأوقات [[لم أقف عليه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾.
قال عطاء عن ابن عباس: يريد أنه حكم لهم بدخول الجنة [[لم أقف عليه.]].
وقال (المفسرون [[غير ظاهر في (ش).]]): يريد أنه أنجز لهم ما وعدهم في قوله تعالى: ﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: 150]، وكان من تمام (نعمته أن دخلوا مكة [[طمس في (ج).]]) آمنين، وحجوا (مطمئنين [[غير ظاهرة في (ش).]])، لم يخلطهم أحد من المشركين [[هذا قول الحكم وقتادة وسعيد بن جبير واختيار الطبري في "تفسيره" 6/ 80، وانظر: "زاد المسير" 2/ 288.]].
وقال السدي: يعني أظهرتكم على العرب [[انظر: "زاد المسير" 2/ 288.]].
وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾.
قال ابن عباس: (فمن اضطر) إلى ما حرّم مما سمي في صدر هذه السورة في مجاعة [[بنحوه في "تفسيره" ص 170، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 85.]].
ومعنى ﴿اضْطُرَّ﴾ أصيب بالضر الذي لا يمكنه الامتناع معه من الميتة. وقال الزجاج: فمن دعته الضرورة في مجاعة [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 148.]].
والمخمصة: المجاعة في قول ابن عباس وجميع المفسرين [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 153، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 139، والطبري في "تفسيره" 6/ 85.]].
وقال أهل اللغة: الخَمْص والمَخْمَصَة: خلاء البطن من الطعمام جوعًا [["تهذيب اللغة" 7/ 155.]]، وأنشدوا:
يرى الخُمص تعذيبًا وإن يلق شِعبةً ... يَبِتْ قلبُه من قلة الهمّ مُبْهَمَا [[البيت لحاتم الطائي في "ديوانه" 82، و"النوادر" لأبي زيد ص 111.]]
وأصله من الخَمص الذي هو ضمور البطن، يقال: رجل خَميص وخُمصان، وامرأة خَمِيصة وخُمصانة، والجمع [[في (ش): (الجميع).]] خمائص وخُمصانات [[انظر: "الصحاح" 3/ 1038، و"اللسان" 3/ 1266 (خمص).]]، قال الأعشى:
تبيتُون في المشتَى مِلاءً بُطونُكم ... وجاراتكم غَرثَى يَبِتْن خَمَائِصا [["ديوانه" ص 100، و"مجاز القرآن" 1/ 153. وفي الديوان: جوعى بدل غرثى والمعنى واحد.]]
وقوله تعالى: ﴿غَيْرَ مُتَجَانِفٍ﴾.
يجوز أن ينتصب (غير لمحذوف مقدر على معنى: فتناول غير متجانف و [[ما بين القوسين ساقط من (ج).]]) يجوز أن ينتصب بقوله (اضطرّ) ويكون المقدر متأخرًا، على معنى: فمن اضطر غير متجانف لإثم (فتناول ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 301، و"الدر المصون" 4/ 200.]].
ومعنى غير متجانف لإثم) [[ما بين القوسين ليس في (ش).]] غير متعمد، في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي وابن زيد [[انظر: "تفسير ابن عباس" ص170، والطبري في "تفسيره" 6/ 86، و"النكت والعيون" 2/ 13.]].
وروى عن قتادة: غير مُتعرّض لمعصية [[أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/ 86.]].
وأصله في اللغة: من الحيف الذي هو: الميل [[انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 139.]].
قال الزجاج: غير مائل [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 149، والطبري في "تفسيره" 6/ 86، و"الصحاح" 4/ 1339 (جنف).]].
وقال أبو عبيدة: غير مُنحرف [["مجاز القرآن" 1/ 153.]].
ومعنى الإثم ههنا في قول أهل العراق: أن يأكل فوق الشبع تلذذًا [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 149، و"بحر العلوم" 1/ 416.]].
وفي قول أهل الحجاز أن يكون عاصيًا بسفره [[هذا معنى قول مجاهد كما في الطبري في "تفسيره" 6/ 86، ورجحه أبو يعلى انظر: "زاد المسير" 2/ 289.]] على ما بينا في سورة البقرة.
وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: 3].
قال ابن عباس: يريد غفر له ما أكل مما حرم عليه حين اضطر إليه، رحيم (بأوليائه [[غير ظاهر في (ش).]]) حيث أحل لهم ما حرم عليهم في المخمصة إذا اضطروا إلى أكلها [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 107.]].
{"ayah":"حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَن تَسۡتَقۡسِمُوا۟ بِٱلۡأَزۡلَـٰمِۚ ذَ ٰلِكُمۡ فِسۡقٌۗ ٱلۡیَوۡمَ یَىِٕسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن دِینِكُمۡ فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ وَٱخۡشَوۡنِۚ ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ فَمَنِ ٱضۡطُرَّ فِی مَخۡمَصَةٍ غَیۡرَ مُتَجَانِفࣲ لِّإِثۡمࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق