الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾. قد مضى الكلام في معنى: باء [[عند قوله تعالى: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: 61].]]. قال ابن عباس والحسن وقتادة وابن مسعود: تحتمل إثم قتلي وإثمك الذي كان منك قبل قتلي [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 192 - 193، وانظر: "النكت والعيون" 2/ 30، والبغوي في "تفسيره" 3/ 43، "زاد المسير" 2/ 335.]]. وقال الزجاج: ترجع إلى الله بإثم قتلي وإثمك الذي من أجله لم يتقبل قربانك [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 167، وانظر القرطبي في "تفسيره" 6/ 137.]]. قال ابن الأنباري: وإنما فصل الإثمين وهما على واحد لاختلاف سببهما [[لم أقف عليه.]]. فإن قيل: كيف قال ابن آدم: إني أريد أن تبوء بالإثمين فجاز أن يريد منه الإثم، وليس للإنسان أن يريد معصية الله من غيره كما ليس له أن يريدها من نفسه؟ والجواب: عن هذا من وجوه: أحدها ما ذكره ابن الأنباري، وهو أن قابيل لما قال لأخيه: ﴿لَأَقْتُلَنَّكَ﴾، وعظه هابيل وذكره الله واستعطفه، وقال: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ﴾ الآية، فلما رآه هابيل قد صمم وأخذ له الحجارة يرميه بها، قال له عند الضرورة: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ﴾ أي إذا قتلتني ولم يندفع قتلك إياي إلا بقتلي إياك فمحبتي أن يلزمك إثم قتلي إذا قتلتني، فكان هذا عدلًا من هابيل [[لم أقف على قول ابن الأنباري، وقد ذكر ابن الجوزي له قولاً خلافه. انظر: "زاد المسير" 2/ 336، 337.]]. وإلى هذا أشار الزجاج فقال: أي إن قتلتني فأنا مريد ذلك [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 167]]. فهذه الإرادة منه بشرط أن يكون قاتلا له، والإنسان إذا تمنى أن يكون إثم دمه على قاتله لم يلم على ذلك [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 193، والبغوي في "تفسيره" 3/ 43.]]. وهذا التأويل قال بعضهم معناه: إني أريد أن ترو بعقاب إثمي وإثمك، ثم حذف المضاف، ومن باء بإثم باء بعقاب ذلك الإثم [[انظر القرطبي في "تفسيره" 6/ 138.]]. وقوله تعالى: ﴿فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ قال عطاء: يريد إن جهنم جزاء من قتل أخاه وظلمه [[لم أقف عليه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب