الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾. ولم يقل: من النصارى، ليدل على أنهم ابتدعوا النصرانية وتسمَّوا لها. وهذا يُروى عن الحسن [[انظر البغوي في "تفسيره" 3/ 32، و"زاد المسير" 2/ 315. وقيل سموا بذلك نسبة إلى قرية كانوا بها اسمها: ناصرة. انظر: "تفسير الهواري" 1/ 457، و"زاد المسير" 2/ 315.]]. وقوله تعالى: ﴿أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ﴾. قال مقاتل: أخذ عليهم الميثاق كما أخذ على أهل التوراة أن يؤمنوا بمحمد ويتبعوه، وهو مكتوب عندهم في الإنجيل [["تفسيرمقاتل" 1/ 462.]]. قال الأخفش: وهذا كما تقول: من عبد الله أخذت الدرهم [["معاني القرآن" 2/ 467، وانظر: القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 6/ 117]]. وقوله تعالى: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾. قال الكلبي ومقاتل: فتركوا ما أُمِروا به من الإيمان بمحمد ﷺ فكان ذلك الحظ [["تفسير مقاتل" 1/ 462، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 110.]]. وتنكير الحظّ في الآية: يدل على أن المراد به حظ واحد، وهو ما ذكره المفسرون من الإيمان بمحمد، وإنما خص هذا الواحد مع كثرة ما تركوا مما أمروا به؛ لأن هذا هو المُعظم [[في (ش): (العظيم).]]، ولو وفوا بهذا الواحد ولم يتركوه لم يضرهم ترك سائر ما تركوا. وقوله تعالى: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾. يقال: غرِيتُ بالشيء أغرى به غرًى وغراءً ممدودًا أي أُولِعت به [["تهذيب اللغة" 3/ 2661، وانظر: "اللسان" 6/ 3250 (غرى).]]. وقال شَمر: يقال لما يلصق به الأشياء الغِراء والغَرى بفتح الغين مقصور، وأغرى فلان بفلان إغراءً، إذا أولع به، كأنه ألصق به، فأصل الباب هو اللصوق والإلصاق؛ لأن المولع بالشيء كالملصق به. ذكره الزجاج وغيره [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 161، وانظر: "زاد المسير" 2/ 315، و"اللسان" 6/ 3250 (غرى).]]. ثم يقال: أغريت الكلب، إذا آسدته [[في (ج): (أسددته)، وما أثبته هو الموافق لـ"تهذيب اللغة" 3/ 2661 (غرى).]]؛ لأنك تولعه بالصيد [["تهذيب اللغة" 3/ 2661، وانظر: "اللسان " 6/ 3250 (غرى).]]. فأما التفسير: فقال المؤرج: (أغرينا): حرشنا بعضهم على بعض [[انظر: "زاد المسير" 2/ 315، و"البحر المحيط" 3/ 443.]]. وقال الكسائي: سلطنا [[لم أقف عليه.]]. وقال النضر: هيجنا [[انظر: "زاد المسير" 2/ 315، و"البحر المحيط" 3/ 443.]]. وقال الكلبي: ألقينا بينهم العداوة والبغضاء [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 110.]]. فقوله: ﴿بَيْنَهُمُ﴾ ظرف للعداوة والبغضاء، أي العداوة التي بينهم أغريت بأن حرشت وهيجت، ويجوز أن يكون ﴿بَيْنَهُمُ﴾ بمنزلة بالصيد في قولك: أغريت الكلب بالصيد، فيكون المعنى: أغرينا العداوة والبغضاء بالحالة التي بينهم. واختلفوا في الضمير الذي في ﴿بَيْنَهُمُ﴾، فقال مجاهد وقتادة والسدي وابن زيد: الضمير [[تكررت الكلمة في (ج).]] يعود على اليهود والنصارى [[انظر: الطبري في "تفسيره" 6/ 159، و"زاد المسير" 2/ 315.]]. وقال الربيع: يعود على النصارى خاصة [[الطبري في "تفسيره" 6/ 159 - 160، وانظر: "زاد المسير" 2/ 315.]]. وذلك لما بين فرق النصارى من الاختلاف والعداوة. وهذا اختيار الزجاج [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 161، وقد اختاره الطبري في "تفسيره" أيضًا. انظر: "جامع البيان" 6/ 160.]]، قال: وتأويل ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ أي صاروا فَرقًا يكفر بعضهم بعضًا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 161.]]. وقوله تعالى: ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ وعيد لهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب