﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾، وكذلك هو عند أهل التفسير.
وقال النحاس: يجوز أن يجعل جواب القسم: (إنا أنزلناه حم) فيكون تمام الكلام عند قوله: ﴿الْمُبِينِ﴾ وإن جعلت جواب القسم (إنا أنزلناه)، اتصل بالكلام الأول [[انظر: "القطع والائتناف" للنحاس ص 654، لكن بلفظ: إن جعلت جواب القسم ﴿حم﴾ كان هذا وقفًا، وإن جعلت الجواب: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ﴾ فالوقف: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾.]].
قال صاحب النظم: لولا أن قوله (إنا أنزلناه) صفة القرآن والذي أقسم به وأخبر عنه، لاحتمل أن يكون جوابًا للقسم، ولكن ليس من عادتهم أن يقسموا بنفس الشيء إذا أخبروا عنه.
قوله: ﴿فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ أي كثيرة الخير، والليلة التي أنزل فيها كتاب الله مباركة، بأن الخير ينمو فيها على ما دبره الله من علو مرتبتها بالخير الذي قسمه الله فيها، واختلفوا في الليلة المباركة فقال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي: إنها ليلة القدر [[ذكر ذلك الماوردي ولم ينسبه. انظر: 5/ 244، ونسبه ابن الجوزي للأكثرين. انظر: "زاد المسير" / 336، وذكره السمرقندي ولم ينسبه. انظر: تفسيره 3/ 115.]]. نزل القرآن جملة من عند ذي العرش إلى السماء الدنيا، وقد ذكرنا كيفية ذلك عند قوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ [البقرة: 185]، وهذا قول قتادة ومقاتل وابن زيد ومجاهد [[أخرج ذلك الطبري 13/ 107 عن قتادة وابن زيد. وانظر: "تفسير مقاتل" 3/ 817.]]، وبه قال الأكثرون: واختاره الزجاج [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 4/ 423.]] لقوله: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 1]، قال مقاتل: كان ينزل من اللوح المحفوظ كل ليلة قدرٌ من الوحي على مقدار ما ينزل به جبريل على النبي -ﷺ- في السَّنَة كلها إلى مثلها من العام المقبل، حتى نزل القرآن كله في ليلة القدر [[انظر: "تفسير مقاتل" 3/ 817.]].
وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان [[أخرج ذلك الطبري عن عكرمة. انظر: تفسيره 13/ 109، وذكره البغوي عن عكرمة.
انظر: تفسيره 7/ 22، ونسبه ابن الجوزي لعكرمة. انظر: "زاد المسير" 7/ 338، ونسبه القرطبي لعكرمة. انظر: "الجامع" 16/ 126.]].
قوله: ﴿إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾. قال ابن عباس: منذرين بالقرآن من عصى الله [[لم أقف عليه.]].
{"ayah":"إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةࣲ مُّبَـٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِینَ"}