الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ﴾ الآية. الاستثناء راجع إلى القتل [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 281، و"مجاز القرآن" 1/ 136، والطبري 5/ 197، و"معاني الزجاج" 2/ 89.]]، لا إلى الموالاة، لأن موالاة المشركين والمنافقين حرام بكل حال.
واختلفوا في معنى قوله: ﴿يَصِلُونَ﴾، فالأكثرون قالوا: معنى قوله: ﴿يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ﴾ أي يتصلون بهم ويدخلون فيما بينهم بالحِلْف والجوار والالتجاء.
وبه قال الفراء [["معاني القرآن" 1/ 281.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 89.]]، وعليه تفسير ابن عباس فإنه قال في رواية عطاء: "يريد يلجؤون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق" [[ذكره البغوي 2/ 260، وأخرجه بمعناه من طريق عكرمة عن ابن عباس ابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" 2/ 342، وقد عزاه السيوطي أيضًا لابن جرير، ولم أجده عنده.]].
وقال أبو عبيدة: ﴿يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ﴾ أي ينتسبون، ووصل واتصل إذا انتسب [[من "مجاز القرآن" 1/ 136 كما يدل عليه مضمون سياقه لبيت الأعشى في تفسير هذِه الآية وكلامه عليهن وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص 130، و"الكشف والبيان" 4/ 96/ ب.]]، قال الأعشى:
إذا اتصلتْ قالتْ: أبكرَ بنَ وائلٍ ... البيت [[عجز هذا البيت هو:
وبكرٌ سَبتها والأنوفُ رواغمُ
وهو في ديوان الأعشى الكبير ص 180، و"مجاز القرآن" 1/ 136، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص130، والطبري 5/ 198، و"الكشف والبيان" 4/ 96 ب. والشاهد منه قوله: "إذا اتصلت" أي: انتسبت.]]
وبه قال ابن الأعرابي [["تهذيب اللغة" 2/ 235 (وصل).]] وعبد الله بن مسلم [[ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص130.]].
وكلا القولين صحيح، وإن قال بعض الناس [[لعله يريد الطبري كما في "تفسيره" 6/ 198 فقد رد هذا القول بشدة وتبعه في ذلك ابن عطية في "المحرر الوجيز" 4/ 164.]] منكرًا قول أبي عبيدة إن الانتساب لا يحقن الدم؛ لأنَّ الميثاق إذا عقد لقوم دخل في ذلك العهد كل من عد منهم في النسبة وانتسب إلى أبيهم.
واختلفوا في القوم الذين بينهم وبين (....) [[طمس في المخطوط بمقدار كلمتين تقريبًا ، ولعله: "وبينكم ميثاق" أو "المؤمنين ميثاق".]] فقال الحسن: هم بنو مُدْلِج [["تفسير الهواري" 1/ 407، و"النكت والعيون" 1/ 516، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 374، و"زاد المسير" 2/ 156، و"تفسير ابن كثير" 1/ 585، و"الدر المنثور" 2/ 342.]].
وقال ابن عباس في رواية الضحاك: هم بنو بكر بن زيد مَناة [[ذكره البغوي في "معالم التنزيل" 2/ 261، وابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 158.]].
وقال مقاتل: هم خزاعة وخزيمة بن عبد مناف، وبنو مُدلج [["تفسيره" 1/ 395، وانظر: "زاد المسير" 2/ 158.]].
وقال الكلبي: هم قوم هلال بن عويمر الأسلمي [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 96 ب، و"معالم التنزيل" 2/ 260، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 92.]].
وزاد عكرمة: وسراقة بن مالك بن جُعْشُم [[هو أبو سفيان سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك المدلجي الكناني، صحابي شاعر وكان قائفًا، وقصته حين أرسله أبو سفيان في طلب الرسول ﷺ مشهورة. توفي رضي الله عنه سنة 24 هـ.
انظر: "الاستيعاب" 2/ 148، و"أسد الغابة" 2/ 331، و"الإصابة" 2/ 19.]]، وكان سيد بني مُدلج [[أي: زاد عكرمة على قولي مقاتل والكلبي، والأثر أخرجه الطبري 5/ 198 ، عن عكرمة بلفظ: "قال: نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي، وسراقة بن مالك بن جعشم، وخزيمة بن عمر بن عبد مناف".]].
وقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ هذا وصف ثان معطوف على الوصف الأول للنكرة، وهو قوله: ﴿قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ﴾ [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 96 ب، و"الكشاف" 1/ 288، و"المحرر الوجيز" 4/ 163، و"الدر المصون" 4/ 64.]].
وحصرت معناه: ضاقت [["مجاز القرآن" 1/ 136، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ص 130، والطبري 5/ 198، و"الكشف والبيان" 4/ 96 ب.]]، وكل من ضاق صدره بأمر فقد حصر ومنه قول لبيد:
جَرداء يَحصُر دونَها جُرَّامُها [[عجز بيت للبيد وصدره كما في شعره ص (43)، و"اللسان" 2/ 195:
أعرضت وانتصبت كجذع منيفة
وقافيته في "اللسان": "صرامها" بالصاد، ومعنى جرداء: انجرد عنها سعفهان ويحصر: يتعب ويكل. وجرامها: قطاعها.]]
يصف نخلة طويلة، يضيق قلبُ صارم ثمرها إذا نظر إلى أعلاها أن يرقى فيها لطولها [[من "تهذيب اللغة" 1/ 837 - 838، وانظر: "اللسان" 2/ 195 (حصر).]].
وذكرنا ما في هذا الحرف عند قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: 196] [[انظر: "البسيط" (النسخة الأزهرية) 1/ ل 119، 120.]].
واختلفوا في موضع قوله: ﴿حَصِرَت﴾ فالأكثرون قالوا: إنه في موضع الحال بإضمار قد [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 89، و"معاني الحروف" للرماني ص 98، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 641، و"مشكل إعراب القرآن" 1/ 205، و"المحرر الوجيز" 4/ 165، و"البحر المحيط" 3/ 317، و"الدر المصون" 4/ 66.
وقد أشار كل من أبي حيان والسمين الحلبي إلى عدم الاحتياج إلى إضمار "قد" لكثرة ما جاء بدونها.]]، وذلك أن قد تقرب الماضي من الحال حتى تلحقه بحكمه، ألا تراهم يقولون: قد قامت الصلاة، قبل حال قيامها وعلى هذا قول الشاعر:
أمُّ صبيِّ قد حبا أو دارج [[هذا شطر من الرجز وقبله:
"يا ليتني علقت غير خارج ... قبل الصباح ذات خلق بارج"
وهو في "معاني القرآن" للفراء 1/ 214، و"اللسان" 3/ 1351 (درج)، إضافة إلى الآتي، وهو الذي أخذه منه المؤلف.]]
فكأنه قال: "أم صبي حاب أو دارج" [["سر صناعة الإعراب" 2/ 641.]]، ولذلك عطف الاسم على الفعل.
فتأويل قوله: ﴿حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ﴾ قد حصرت، والعرب كثيراً ما تجعل الفعل الماضي حالًا. قال الفراء: العرب تقول: أتاني فلان ذهب.
[.. الآيات من 91 - 93 ...] [[إلى هنا نهاية صفحة: (أ) من لوحة (18) في نسخة: (ش)، وفي صفحة (ب) تكميل لتفسير الآية (93) قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ [النساء: 93]، فالظاهر وجود سقط هنا، وقد جعلت تفسير الآية (93) في الصفحة التالية. وهذِه الجملة كاملة عند الفراء في "معاني القرآن" 1/ 282: "أتاني فلان ذهب عقله، يريدون: قد ذهب عقله ...]].
(.. [[ما بين القوسين غير واضح في المخطوط.
وهذا الكلام للمؤلف بعد سقط في المخطوط أشرف إليه آنفًا وهذا السقط من تفسير الآية (93) وهي قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)﴾ [النساء: 93].]] ..) وخلف الوعيد كرم، والله تعالى أكرم الأكرمين، وعندنا يجوز أن يخلف الله تعالى وعيد المؤمنين [[في هذا القول نظر لأنه مخالف لقوله تعالى: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [ق: 29] بعد قوله: ﴿وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾. == قال شيخ الإسلام ابن تيمية على هذِه الآية: "دليل على أن وعيده لا يبدل كما لا يبدل وعده ... لكن التحقيق الجمع بين نصوص الوعد والوعيد، وتفسير بعضها ببعض من غير تبديل شيء منها". "مجموع الفتاوى" 14/ 498.
وانظر: "أصول الدين" للبغدادي ص 243.]]. وقد ذكرنا هذا فيما مضى من هذا الكتاب. على أن هذا التغليظ إنما هو (.. [[كلمة غير واضحة، وأظنها: "للمبالغة" أو نحو ذلك.]] ..) في الردع والزجر عن إقدام على قتل (.. [[كلمة غير واضحة، والظاهر أنها: "مؤمن".]] ..).
وإلى هذا أشار الزجاج فقال: "هذا وعيد شديد في القتل، حرم الله عز وجل به وحظر الدماء [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 91.]].
وفي هذا يحمل (.. [[غير واضح في المخطوط، والظاهر أنه: "ما قاله" أو "ما ذهب إليه".]] ..) ابن عباس وغيره من السلف، أنهم قالوا: لا توبة للقاتل [[قال بهذا القول إضافة إلى ابن عباس: زيد بن ثابت والضحاك بن مزاحم، وروي عن ابن عمر وأبي هريرة. انظر: الطبري 5/ 220، و"بحر العلوم" 1/ 376، و"النكت والعيون" 1/ 520.
قال البغوي -رحمه الله-: "والذي عليه الأكثرون، وهو مذهب أهل السنة: أن قاتل المسلم عمدًا توبته مقبولة لقوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ [طه: 82]." ... وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما فهو تشديد ومبالغة في الزجر عن القتل". "معالم التنزيل" 2/ 267، وانظر: ابن كثير 1/ 589.]]؛ لأن [[في "الوسيط" للمؤلف 2/ 665: "فان" بالفاء.]] الأولى لأهل الفتوى سلوك سبيل التغليظ، [سيما في القتل] [[ما بيِن القوسين غير واضح في المخطوط، والتسديد من "الوسيط" للمؤلف 2/ 165.]] يدل على هذا ما روي أن سفيان [[هو ابن عيينة.]] سئل عن توبة القاتل، فقال: كان أهل العلم إذا سئلوا، قالوا: لا توبة له، وإذا ابتلي (الرجل قالوا له) [[ما بين القوسين غير واضح في المخطوط، والتسديد من "الوسيط" للمؤلف 2/ 665.]]: تُب [[أورده البغوي في "معالم التنزيل" 2/ 267، والسيوطي في "الدر المنثور" 2/ 353.]].
وسئل مسروق عن توبة القاتل فقال: "لا أغلق بابًا فتحه الله" [[لم أقف عليه.]].
{"ayah":"إِلَّا ٱلَّذِینَ یَصِلُونَ إِلَىٰ قَوۡمِۭ بَیۡنَكُمۡ وَبَیۡنَهُم مِّیثَـٰقٌ أَوۡ جَاۤءُوكُمۡ حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ أَن یُقَـٰتِلُوكُمۡ أَوۡ یُقَـٰتِلُوا۟ قَوۡمَهُمۡۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمۡ عَلَیۡكُمۡ فَلَقَـٰتَلُوكُمۡۚ فَإِنِ ٱعۡتَزَلُوكُمۡ فَلَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ وَأَلۡقَوۡا۟ إِلَیۡكُمُ ٱلسَّلَمَ فَمَا جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمۡ عَلَیۡهِمۡ سَبِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق