الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا﴾
معنى هذه الآية صرف المؤمنين الذين كانوا يُحسنون الظنَّ بهم عما هم عليه، واخبار بما يوجب العداوة لهم والبراءة منهم.
وقوله تعالى: ﴿فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ رفع بالنسق على تكفرون، لأن المعنى: ودوا لو تكفرون وودوا لو تكونون، فالفاء عاطفة، ولم يقصد بها جواب التمني، ولو أراد أن تكون جوابًا، على تأويل إذا كفروا استووا، لكان نصبًا [["الكشف والبيان" 4/ 96 أبتصرف، وانظر: "التفسير الكبير" 10/ 221، و"البحر المحيط" 3/ 314، و"الدر المصون" 4/ 62.]].
ومثل هذا قوله: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: 9] [["الكشف والبيان" 4/ 96 أ.]].
ولو قيل: فيدهنوا، على الجواب لكان صوابًا في العربية [[انظر: "الكشاف" 1/ 288، و"الدر المصون" 4/ 62، 63.]]، ومثله قوله: ﴿وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً﴾ [النساء: 102] ونذكره في موضعه.
ومعنى قوله: ﴿فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ أي في الكفر، والمراد: فتكونون وهم سواءً [[انظر: الطبري 5/ 196.]]، فاكتفى بذكر المخاطبين عن غيرهم؛ لوضوح المعنى بتقدم ذكرهم.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. نهى عن مباطنة هؤلاء وموالاتهم، وهذا الحكم جارٍ في جميع المشركين، والمنافقين، والمستسرِّين الزندقة والإلحاد، لا يجوز نُسلِّم موالاة أحدٍ منهم.
وحكم المستسر بنوع من أنواع الكفر حكم المنافق، لا يُقتل ما دام يُظهر كلمة الشهادتين. ولو ثبت إلحاد أحد بإقراره ثم تاب قبلت توبته وحقن دمه بظاهر الشهادة، ولا سبيل إلى ما في قلبه، كما قال رسول الله ﷺ للمقداد: "هلا شققت عن قلبه" [[إنما قال الرسول ﷺ ذلك لأسامة بن زيد، حيث كان في سرية بعثه فيها رسول الله ﷺ يقول: "فأدركت رجلًا. فقال: لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك. فذكرته للنبي ﷺ فقال رسول الله ﷺ:- "أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟! قال: قلت: يا رسول الله! إنما قالها خوفا من السلاح. قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟! ". الحديث أخرجه مسلم (96) كتاب "الإيمان"، باب: تحريم قتال الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، ح 1158/ 96. أما عن المقداد فقد ورد عن مسلم في هذا الباب بمعناه.]].
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾.
ابن عباس والأكثرون قالوا: المراد بالهجرة ههنا الرجوع إلى المدينة ودار الهجرة ثانيًا، ومهاجرة دار الشرك [[أخرج الأثر عن ابن عباس عن طريق العوفي عنه الطبري 5/ 196، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 274، و"الكشف والبيان" 4/ 96 أ، و"زاد المسير" 2/ 156، وابن كثير 1/ 585.]].
ونحو ذلك قال الزجاج: حتى يرجعوا إلى النبي ﷺ [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 88، وانظر: "زاد المسير" 2/ 155.]]. وهذا هو الظاهر. وقال قوم: معناه حتى يخرجوا في سبيل الله مع رسول الله ﷺ صابرًا محتسبًا، وهو هجرة المنافقين [[من "الكشف والبيان" 4/ 96 أ، ولم ينسبه الثعلبي لأحد، وانظر: البغوي 2/ 260، والقرطبي 5/ 308.]].
والهجرة أنواع: فأعلاها وأفضلها هجرة المهاجرين دورهم ومساكنهم بمكة إلى المدينة، وهم الذين ذكرهم الله في قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ [التوبة: 100]، وذكرهم في القرآن كثير [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 96 أ، و"البغوي" 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، و"القرطبي" 5/ 308.]]. وهجرة المنافقين ما ذكرنا.
وهجرتان ثابتتان إلى يوم القيامة [[انظر: القرطبي 5/ 308.]]، وهي هجرة من أسلم من الكفار في دار الكفر، يلزمه أن يهاجر إلى المسلمين، ولا يحل له المساكنة بين أظهرهم والاستسرار بالدين [[انظر: "الطبري" 5/ 196، و"البغوي" 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، والقرطبي 5/ 308.]]، لقوله ﷺ: "أنا بريء من كل مسلم مع مشرك" [[أخرج أبو داود (2645) كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، والنسائي واللفظله (4780) كتاب: القسامة، باب القود بغير حديدة، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" 2/ 16.]]. وهجرة المسلم عما نهى الله عنه [["الكشف والبيان" 4/ 96 أ، وانظر: البغوي 2/ 260، و"التفسير الكبير" 10/ 221، والقرطبي 5/ 308.]]، لقوله ﷺ: "والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه" [[أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما (10) كتاب: الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده بلفظ: "والمهاجر من هجر" الحديث.]].
ومعنى ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ قال ابن عباس: "في طاعة الله" [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 92.]].
قال أهل المعاني: وسبيل الله هو الطريق الذي أمر بسلوكه، وهو العمل بطاعة الله [[انظر: الطبري 5/ 83، 169.]]، وإنما جُعل كالطريق لأنه يُستمر عليه في الطريق، ويؤدي إلى البغية كما يؤدي الطريق [[انظر: "المفردات" ص 223.]].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾، أي: عن الهجرة ولزموا الإقامة على ما هم عليه [["معاني الزجاج" 2/ 88، وانظر: الطبري 5/ 197، و"بحر العلوم" 1/ 374، و"الكشف والبيان" 4/ 96 أ.]]، ﴿فَخُذُوهُمْ﴾ بالأسر [[انظر: "بحر العلوم" 1/ 374، و"الكشف والبيان" 4/ 96 أ، والبغوي 2/ 260، و"زاد المسير" 2/ 156.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ قال ابن عباس: "يريد لا تتولوهم ولا تستنصروا بهم على عدوكم" [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 92.]].
{"ayah":"وَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟ فَتَكُونُونَ سَوَاۤءࣰۖ فَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنۡهُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَخُذُوهُمۡ وَٱقۡتُلُوهُمۡ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡۖ وَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنۡهُمۡ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق