الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ﴾ هذه لام القسم، كأنه قيل: والله ليجمعنكم [["معاني الزجاج" 2/ 87، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 373، و"زاد المسير" 2/ 152.]]، ومعنى ليجمعنكم: أي: في الموت، أو في النشور إلى يوم القيامة، أي: ليضمنكم إلى ذلك اليوم ويجمعن بينكم وبينه بأن يجمعكم فيه [[انظر: الطبري 5/ 191، و"معاني الزجاج" 2/ 87، و"بحر العلوم" 1/ 373.]]. قال أبو إسحاق: جائز أن تكون سميت القيامة؛ لأن الناس يقومون من قبورهم، وجائز أن تكون سميت القيامة؛ لأنَّ الناس يقومون للحساب، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [المطففين: 6] [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 87 بتصرف، وانظر: "النكت والعيون" 1/ 514، و"زاد المسير" 2/ 152.]]. وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾. قال ابن عباس: "يريد موعدًا" [[أورده المؤلف في "الوسيط" 2/ 645، ولم أقف عليه.]]. أي: لا يخلف لوعده. وقال مقاتل: لا أحد أصدق من الله في أمر البعث [["تفسيره" 1/ 394، وانظر: "البحر المحيط" 3/ 312.]]. وإنما جاء النفي ههنا بأداة الاستفهام؛ لأن جوابه يكون على معنى النفي فيما تقتضيه حجة العقل، فجاء هذا على المظاهرة برد الإنسان فيه إلى حجة عقله، وكان ذلك أبلغ من إخباره به، وهذا كما يقول القائل: ومن أفضل منِّي؟ فيقول من يصدقه ويعرف صدقه في ذلك: لا أحد أفضل منك. فكان هذا أبلغ من أن يقول: أنا أفضل الناس. ومضى مثل هذا فيما تقدم. والحديث ما يُحَدِّث به المحدث، والحديث الجديد من الأشياء [["تهذيب اللغة" 1/ 756، وانظر: "الصحاح" 1/ 278 (حدث).]] الذي لم يكن فحدث، وبه سمي حديثًا لأنه ذكرٌ لم يكن ثم حدث، وما يخبر الله تعالى به يجوز أن يسمى حديثًا على معنى حدوثه بالإخبار عنه، فقوله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ كقولك: ومن أصدق من الله إخبارًا أو خبرًا وقلًا وقيلًا، كلها متقارب. ومن هذا المعنى سمي القرآن حديثًا في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ [الزمر: 23] لحدوث تلاوته فيما بيننا، فأما نفس كلام الله تعالى فقديم، لم يزل الباري تعالى ذكره متكلمًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب