الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾. قال ابن عباس والأكثرون: من أهل الكتاب من آمن بمحمد عليه السلام، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ﴾ أعرض عنه ولم يؤمن [[هذا قول مجاهد ومقاتل والكلبي، انظر: "تفسير مجاهد" 1/ 162، الطبري 5/ 141، "بحر العلوم" 1/ 361، "زاد المسير" 2/ 111، ولم أقف عليه عن ابن عباس.]]. وتأويل الآية: أن اليهود مهما ذُكر منهم من البُخل والجهل والحسد، فقد آمن به بعضهم. ومن قال: إن الوعيد المذكور في قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا﴾ [النساء: 47] [[من القسم الساقط.]] إنما أوعدوا به في الدنيا، قال: ذلك الوعيد صرف عنهم بإيمان هذا الفريق الذين ذكرهم الله في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ ولذا قال: ﴿وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ أي: إن كان صرف بعض العقاب فكفى بجهنم عذابًا لمن لا يؤمن [[انظر: الطبري 5/ 141.]]. وقال السدي وجماعة: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ أي من أمة إبراهيم من آمن بإبراهيم، ومنهم من صدّ عنه كما أنكم في أمر محمد عليه السلام كذلك [[انظر: "معالم التنزيل" 2/ 236، "زاد المسير" 2/ 112، "الدر المصون" 4/ 7.]]. وفائدة هذا الكلام ههنا أنَّ تأويله ليس في ترك بعضكم الإيمان بمحمد عليه السلام توهين لأمره، كما لم يكن في ذلك توهين لأمر إبراهيم. وقال الفراء: لما تليت على اليهود قوله: ﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [النساء: 54] الآية كذب بذلك بعضهم وصدق بعضهم، وهو قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ﴾ أي بالنبأ عن سليمان وداود ومما أبيح لهما من النساء ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ﴾ بالتكذيب والإعراض [["معاني الفراء" 1/ 275 بتصرف.]]. وحكى الزجاج هذا الوجه أيضًا [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 64، 65.]]. (...) [[بياض في (ش) يحتمل أن يكون أصله: وقوله تعالى.]] ﴿وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا﴾ مضى الكلام في هذه الباء وفي انتصاب ما بعد كفى عند قوله: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ [النساء: 45] [[من القسم.]]. (.....) [[بياض في (ش) بقدر كلمتين تقريبًا، يحتمل أن يكون: "معنى تفسير ... " أو نحوه.]] السعير في أول السورة [[عند تفسيره للآية 10.]]. والسعير لا يدخله هاء التأنيث؛ لأنه مصروف من مسعورة، كما قالوا: كف خضيب ولحية (...) [[كلمة غير واضحة وقد تكون "دهين" أو "خضيب" مثل كف.]]، وذلك أنَّ نقله عن لفظ المفعول المبني على الفعل إلى فعيل يأخذه عن حيّز الأفعال فيُقرّبه من الأسماء، وذلك يوجب حذف علامة التأنيث لتقدير الفعل، وقد ارتفع.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب