الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ الآية. (أم) ههنا كالتي في الآية التي قبلها. والمراد بالناس هنا النبي ﷺ في قول ابن عباس والأكثرين [[انظر: "زاد المسير" 2/ 110.]] وإنما جاز أن يقع عليه لفظ الناس وهو واحد لأنه اجتمع عنده من خلال (الخير) [[هنا كلمة غير واضحة، واستوضحتها من "الوسيط" 2/ 588.]] ما يكون مثله في جماعة، ومن هذا يقال: فلان أمَّة وحده، أي: هو يقوم مقام أمة، قال الله تعالى-: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً﴾ [النحل: 120] [[انظر: "الوسيط" 2/ 588.]]. قال المفسرون: إن اليهود حسدت النبي ﷺ نكاح تسع نسوة، وقالوا: لو كان نبيًا لشغله أمر النبوة عن النساء، فأكذبهم الله تعالى وقال: ﴿فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 275، الطبري 5/ 138، "معاني الزجاج" 2/ 64.]] قال عطاء: يريد الفقه والعلم [[لم أقف عليه عن عطاء، وانظر: "زاد المسير" 2/ 111.]]. وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾. قال ابن عباس في رواية العوفي: يعني ملك سليمان [[أخرجه الطبري 5/ 140، وإسناده ضعيف، انظر: "زاد المسير" 2/ 111، وتحقيق المروي عن ابن عباس 1/ 325. وقد رجح هذا القول على غيره الطبري 5/ 141.]]. والمعنى على هذا: يحسدون (محمدًا كثرة) [[قد تكون العبارة: "محمدًا لكثرة".]] نسائه ويعيبونه بهن بقولهم: لو كان نبيًا لشغله أمر النبوة. أو فليحسدوه إن كانوا حسدوا محمدًا. وقال السدي: يعني بالملك العظيم ما أحل لداود من النساء، وهن تسع وتسعون. ولسليمان ألف، بين حرة ومملوكة [[أخرجه الطبري 5/ 140 بنحوه لكن فيه: "وينكح سليمان مائة"، وانظر: "زاد المسير" 2/ 111، "الدر المنثور" 2/ 309.]]. وقال الحسن وابن جريج وقتادة: الفضل في هذه الآية النبوة وكانت اليهود حسدت محمدًا ما آتاه الله من النبوة، وقد علموا أنَّ النبوة في آل إبراهيم فقيل لهم: أتحسدون النبي ﷺ وقد كانت النبوة في آله، وهم آل إبراهيم [[أخرجه عن قتادة بنحوه وعن ابن جريج مختصرًا: الطبري 5/ 139 - 140، أما الحسن فقد فسر الملك بالنبوة، لا الفضل، كما أخرج ذلك ابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" 2/ 309، "تفسير الحسن" 1/ 284.]]. وهذا الوجه اختيار أبي إسحاق [[الزجاج في "معانيه" 2/ 64، وانظر: "زاد المسير" 2/ 110.]]. والحكمة في هذا القول النبوة. وقال مجاهد في قوله: ﴿وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا﴾: النبوة [["تفسيره" 1/ 162، وأخرجه الطبري 5/ 140، وعبد بن حميد وابن المنذر. انظر: "الدر المنثور" 2/ 309، وهو قول الحسن كما تقدم.]]. لأن الملك لمن له الأمر والطاعة، والأنبياء لهم الطاعة والأمر. وليس يحتاج في تصحيح معنى الآية إلى إضمار، ومثله من الكلام أن نقول: أتحسدون زيدًا ما أعطاه الله من المال، فعند عمرو أكثر من ذلك، أو فقد آتى عمرًا أكثر من ذلك. وتأويل هذا: فلا تحسدوا زيدًا، ولتحسدوا عمرًا. وهذا مفهوم من فحوى الكلام وإن لم يذكر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب