الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ﴾ الآية. قال المفسرون: لما ذكر الله تعالى في الآية الأولى مُضارّة الزوجات إذا أتين بفاحشة، بَيّن في هذه الآية تحريم المضُارة في غير حال الفاحشة، ونهى عن بَخس [[في (د): (يحسن).]] حقَّها من المهر إذا أراد الرجل طلاقها وأن يتزوج غيرها، فليس المهر للمرأة موقوفًا على التمسك بها، حتى إذا أراد الاستبدال جاز له أخذه، بل هو تَمليكٌ صحيح لا يجوز الرجوع فيه [[هذا من اهتمام المؤلف -رحمه الله- ببيان التناسب بين الآيات، وقليل من المتقدمين من اهتم بذلك. انظر: "البحر المحيط" 3/ 205.]]. وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا﴾. فيه دليل على جواز المُغالاة في المهر [[زيادة المهر وكثرته شيء، والمغالاة بمعنى التنافس في زيادته شيء آخر، والآية دلت على جواز الأول دون الثاني، والله أعلم.]]، فقد رُوي أنّ عمر - رضي الله عنه - قال على المنبر: ألا لا تُغالوا في مُهور نسائكم. فقامت امرأة وقالت: يا ابنَ الخطاب: الله يُعطينا وأنت تمنع، وتلت هذه الآية، فقال عمر: كُلّ الناس أفقه من عمر، ورجع عن كراهة المُغالاة [[أخرجه بنحوه أبو يعلى بإسناد جيد قوي، وابن المنذر، انظر: "تفسير ابن كثير"، 1/ 508، "الدر المنثور" 2/ 237.]]. وقوله تعالى: ﴿أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا﴾. البهتان في اللغة الكذب الذي يواجه به صاحبه على جهة المُكابرة له، وأصله من قولهم: بُهِت الرجل، إذا تحيّر، فالبهتان كذب يُحيِّر الإنسان لعِظَمه، ثم جُعل كل باطل يتحيّر من بطلانه بهتانًا، وهو اسم من البَهت، يقال: بَهَته، أي [[في (د): (إذا).]]: استقبله بأمر يقذفه به وهو منه بريء [[انظر: "معاني القرآن" للنحاس 2/ 48، "تهذيب اللغة" 1/ 400، "مقاييس اللغة" 1/ 307، "الصحاح" 1/ 224، "اللسان" 1/ 368 (بهت).]]، ومنه الحديث: إذا واجهت أخاك بما ليس فيه فقد بهته [[لعله يريد حديث الغيبة، وفيه: "وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته". أخرجه الإمام أحمد 2/ 230، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وكذلك مسلم (2589) كتاب البر، باب: تحريم الغيبة، وغيرهما، انظر: "المعجم المفهرس" 1/ 226 (بهت)]]. قال الزجاج: البهتان ههنا مصدر وضع موضع الحال، المعنى: أتأخذونه مباهتين وآثمين [["معاني الزجاج" 2/ 31 بتصرف، وانظر: "تهذيب اللغة" 1/ 400 (بهت).]]. وقال ابن عباس في هذه الآية: يريد أن أخذك إياه بعدما دخلت بها بهتان وإثم عظيم [[أورده المؤلف في "الوسيط" 2/ 415، ولم أقف على من خرّجه.]]. وفُسر البهتان في هذه الآية بالظلم [[ممن فسره بذلك ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص 122، والهواري في "تفسيره" 1/ 361، والطبري في "تفسيره" 4/ 314، وعزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 43، إلى ابن عباس ولم أقف عليه عنه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب