الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ﴾ الآية. قال ابن عباس: قالت اليهود: ذكر محمد الأنبياء ولم يذكر موسى فنزلت هذه الآية متضمنة ذكر موسى [[لم أقف عليه.]]. قال الزجاج: (ورسلًا) منصوب من جهتين: أجودهما: أن يكون منصوبًا بفعل مضمر، يفسره الذي ظهر، المعنى: وقد قصصناهم، كما تقول: رأيت زيدًا وعمرًا كلمته [[عند الزجاج: أكرمته.]]، على معنى: وكلمت عمرًا كلمته. الثاني: أن يحمل على معنى الفعل الأول؛ لمقاربة معنى: ﴿أَوْحَيْنَا﴾ لمعنى: أرسلنا، فكأنه قيل: أرسلناك والنبيين ورسلًا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 132 بتصرف.]]. قال ابن عباس: ﴿قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ﴾ يريد في القرآن في غير سورة [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 104.]]. قال بعض المفسرين: يعني في سورة الأنعام، فإنها نزلت من قبل [[لم أقف عليه.]]. قال الكلبي في هذه الآية: يقول: من الرسل من قد سميناهم لك في القرآن، وعرفناكهم إلى من بعثوا، وما رد عليهم قومهم، ومنهم من لم نُسمه لك، ولم نعرفكهم [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 104.]]. قال أهل المعاني: الذين نوه بذكرهم ههنا من الأنبياء يدل على تفضيلهم على من لم يذكر بأسمائهم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء: 55]. وقد ذكرنا معنى القص والقصص في قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: 62]. وقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ أي مخاطبة من غير وسيطة، وتأكيد ﴿وَكَلَّمَ﴾ بالمصدر يدل على تحقيق الكلام، وأنه سمع كلام الله تعالى؛ لأن أفعال المجاز لا تؤكد بذكر المصادر، لا يقال: أراد الحائط أن يسقط إرادة. وهذا رد على من يقول: إن الله خلق كلامًا في محل فسمع موسى ذلك الكلام؛ لأنه حينئذ لا يكون كلام الله [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 133 ، و"إعراب القرآن" للنحاس 1/ 473، و"زاد المسير" 2/ 256.]]. قال أحمد بن يحيى: لو جاءت ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ﴾ مجردة لاحتمل ما قلنا وما قالوا، فلمَّا جاءت ﴿تَكْلِيمًا﴾ خرج الشك الذي كان يدخل في الكلام وبطل الاحتمال للشيئين [["تهذيب اللغة" 4/ 3180 (كلم).]]. والتكليم في اللغة معناه: المخاطبة، وهو متعد يقتضي مفعولًا، والتكليم [[هكذا في المخطوط، ولعل الصواب: التكلم.]] لا يقتضيه. ومعنى تكلم: نطق وأوجد الكلام، وقال أهل اللغة: أصل هذه اللفظة التأثير في الشيء، ألا ترى أنك إذا كلمت غيرك أسمعته كلامك يؤثر فيه ما قلته، ولهذا استعملوا هذه اللفظة في الجراحة قالوا: كلمته أكلمه، إذا جرحته وأثرت فيه [[انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3180، و"مقاييس اللغة" 5/ 131، و"اللسان" 2/ 3922 (كلم).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب