الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ اختلفوا في معنى الدرك، فقال شمر: الدَّرك أسفل كل شيء ذي عمقٍ، كالرَّكيَّة ونحوها [["تهذيب اللغة" 2/ 1176 (درك).]]. وقال أبو عدنان [[لم أقف له على ترجمة.]]: درك الرّكيَّة: قعرها الذي أُدرك فيه الماء [["تهذيب اللغة" 10/ 110 (درك).]]. وقال الليث: الدَّرك: أقصى قعر الشيء، كالبحر ونحوه [["العين" 5/ 327، و"تهذيب اللغة" 10/ 110 (درك).]]. فعلى هذا المراد بالدرك الأسفل أقصى قعر جهنم. وبهذا قال ابن عباس، فقال: معناه في أسفل النار [["تفسيره" ص (163)، وأخرجه من طريق علي: الطبري 9/ 339.]]. وكذلك قال عكرمة [[لم أقف عليه]]. وقال آخرون: الدَّرك: الطبق من أطباق جهنم. رواه ثعلب عن ابن الأعرابي [["تهذيب اللغة" 10/ 110 (درك)]]. وقال الليث: الدَّرك: واحد من أدراك جهنم من السبع [["العين" 5/ 327، و"تهذيب اللغة" 10/ 110 (درك)]]. وأصل هذا من الإدراك، بمعنى اللحوق، ففيه إدراك الطعام وإدراك الغلام، فالدرك ما يلحق من الطبقة [[انظر: "العين" 5/ 328، و"تهذيب اللغة" 10/ 110 (درك)]]. والظاهر أن جهنم طبقات، السفلى أشدها. قال الأخفش وأبو عبيدة: جهنم أدراك، أي منازل، وكل منزلة منها درك [["مجاز القرآن" 1/ 242، ولم أجده عن الأخفش.]]. وقال الضحاك: (الدَّرج) إذا كان بعضها فوق بعض، و (الدَّرك) إذا كان بعضها أسفل من بعض [[لم أقف عليه.]]. وقال ابن جُريج: "سمعنا أن جهنم أدراك" [[أخرجه الطبري بسنده 5/ 338، ولكن بالسياق واللفظ التالي: " ... عن ابن جريج قال: قال لي عبد الله بن كثير: قوله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: 145]. قال: سمعنا أن جهنم أدراك، منازل".]]. وقال الفراء: ﴿فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ﴾ أي: في أسفل درج النار [["معاني القرآن" 1/ 292، وانظر: "الزاهر" 1/ 518، و"تهذيب اللغة" 10/ 110 درك.]]. واختلف القراء في (الدَّرك)، فقرئ بفتح الراء وجزمه [[قرأ بسكون الراء عاصم وحمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون بفتحها. انظر: "الحجة" 3/ 188، و"المبسوط" ص 159.]]. قال الفراء: هما لغتان، وجمعهما أدراك [[انظر: "معاني القرآن" 1/ 292، و"تهذيب اللغة" 2/ 1177 (درك)]]. وقال الزجاج: اللغتان جميعًا حكاهما أهل اللغة، إلا أن الاختيار فتح الراء، لأنه أكثر في الاستعمال [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 124 يتصرف، وانظر: "الكشف عن وجوه القراءات السبع" 1/ 401.]]. وقال أبو حاتم: جمع الدَّرَك: أدراك: كقوله: أجمال وأفراس، في جمع جمل وفرس. وجمع الدَّرْك: أدْرُك، مثل: أفلُس وأكلب [[لم أقف عليه.]]. قال أبو علي: هما لغتان في الكلمة، مثل: الشَّمَع والشّمَع -في الصحيح-، والقصّ والقصصَ -في المضاعف-، والعيب والعاب، والذيم والذَّام -في المعتل [["الحجة" 3/ 188.]]. قال أبو بكر ابن الأنباري: قد قال الله تعالى في المنافقين: إنهم في الدرك الأسفل من النار، وقال في آل فرعون: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46] فأيهما أشد عذابًا، المنافقون أم آل فرعون؟ قيل: الدرك الأسفل يجوز أن يكون هو أشد العذاب، فسمي باسمين مختلفين، كما يقول القائل: أدخل فلانًا المطبق، ثم يقول بعد ذلك: أدخله أضيق المجالس وأشدها، فيكون هذا موافقًا للأول، غير مخالف له [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا﴾ أي مانعًا يمنعهم من عذاب الله، من جهة شفاعة أو غير ذلك من وجوه النصر المتوهم أنه ينفعهم. قاله الزجاج وغيره [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 124.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب