الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ قال ابن عباس: فيما روى الكلبي عن أبي صالح عنه: نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب، قالوا: يا رسول الله إنا نؤمن بك وبكتابك وبموسى والتوراة، ونكفر بما سواه من الكتب والرسل [[أخرجه الثعلبي 4/ 132 أ، وانظر: "أسباب النزول" للمؤلف ص 186، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 100، و"الدر المنثور" 2/ 414 - 415.]]. قال الضحاك: الخطاب لليهود والنصارى، يقول: يا أيها الذين آمنوا بموسى والتوراة، وعيسى والإنجيل، آمنوا بمحمد والقرآن [[أخرجه ابن المنذر بمعناه مطولاً كما في "الدر المنثور" 2/ 414 - 415، وانظر: "زاد المسير" 2/ 224.]]. وقال أبو العالية وجماعة من المفسرين: الآية خطاب للمؤمنين، وتأويل: ﴿آمَنُوا بِالله﴾ أي: أقيموا واثبتوا ودوموا عليه [["الكشف والبيان" 4/ 132 ب، وقد قال بهذا القول الحسن، انظر: "النكت والعيون" 1/ 535، و"زاد المسير" 2/ 224.]]. قال الزجاج: وهذا كما قال الله عز وجل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً﴾ [الفتح: 29] المعنى: وعد الله من أقام على الإيمان من أصحاب محمد ﷺ [["معاني القرآن إعرابه" 2/ 119.]]. وقال مجاهد: الآية خطاب للمنافقين، وذلك أنهم أمنوا في الظاهر بألسنتهم، وكفروا في السر بقلوبهم، فقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} يعني: بالألسنة في العلانية ﴿آمَنُوا﴾ بقلوبكم في السر [[انظر: "زاد المسير" 2/ 224.]]. ويدلك على هذا أن الله تعالى أخبر عنهم فقال: ﴿مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة: 41]. وهذان القولان ذكرهما الزجاج، ثم قال: والأول أشبه، والله أعلم [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 119.]]. وأبو بكر [[لم يتبين لي من هو، حيث إني وجدت اثنين يطلق عليهما (أبو بكر الوراق). انظر: "سير أعلام النبلاء" 13/ 179، 16/ 388.]] الوراق اختار أيضًا أن الآية في المؤمنين، وأن معني الأمر بالإيمان: الثبات عليه، واحتج بأن العرب تقول للقائم: قم، وللقارئ: اقرأ، يريدون الثبات على ذلك العمل، وقال الله تعالى لرسوله ﷺ: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [محمد: 19]، أي: أثبت على عملك [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ﴾ قال ابن عباس: "يريد القرآن وما فيه من الأحكام" [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 132 ب، و"تنوير المقباس"، بهامش المصحف ص 100.]]. ﴿وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ﴾ قال: "يريد كل كتاب أنزله على النبيين" [[المرجع السابق.]]. وذلك أنه اسم الجنس، فصلح للعموم. واختلفوا في قوله: (نزل) و (أنزل)، فقرئ بالضم والفتح [[أي بضم النون والألف وكسر الزاي فيهما، وبفتحهما مع فتح الزاي، وقرأ بالأولى ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، وبالثانية الباقون. انظر: "السبعة" ص 239، و"الحجة" 3/ 186، 187، و"المبسوط" ص 159، و"النشر" 2/ 253.]]، فمن ضم: فحجته قوله: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: 44]، وقوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ [الزمر: 1]، فأضيف المصدر إلى المفعول به، فالكتاب على هذا منزل. وحجته في قوله: (أَنْزَل) قوله: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: 114]. ومن قرأ بالفتح: فحجته قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر: 9]، وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ [النحل: 44] [["الحجة" 3/ 187 بتصرف يسير، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 320 - وقد قال الأزهري: "والمعنى واحد"، و"الكشف" 1/ 400.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب