الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [[انظر: الطبري 5/ 278، و"بحر العلوم" 1/ 389، و"زاد المسير" 2/ 203.]]. (إن) ههنا معناه النفي [[انظر: "معاني القرآن" للنحاس 2/ 191، و"بحر العلوم" 1/ 389.]]، وهو كثير في القرآن بمعنى النفي، كقوله: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ [النساء: 159] وأشباه هذا كثير. ويدعون ههنا معناه: يعبدون. (.........) [[ما بين القوسين غير واضح بقدر كلمتين، ويحتمل: "وقد قال" أو "وروي عن".]] ابن عباس في تفسيره: "يريد: إن يعبدون" [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97.]]. قال الزجاج: وكذلك قوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60] أي اعبدوني، يدل على ذلك قوله في عقبه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي﴾ [غافر: 60] [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 108، وانظر: البغوي 2/ 188.]]. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ قال ابن عباس: يعني: عبادتهم الأوثان، اللات والعزى ومناة وأشباهها من الآلهة التي كانوا يعبدونها [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97. والثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في "تفسيره" ص 158 قال: "وقوله (إناثًا) يقول: ميتًا، وأخرجه الطبري 5/ 279 من طريق ابن أبي طلحة أيضًا وكذا ابن المنذر وابن أبي حاتم. انظر: "الدر المنثور" 2/ 394.]]. وهذا قول السدي [[أخرجه الطبري 5/ 279، وانظر: "زاد المسير" 2/ 203.]] ومجاهد [[سر مجاهد الإناث بالأوثان كما في "تفسيره" 1/ 174، وأخرجه الطبري 5/ 280، وانظر: "زاد المسير" 2/ 203.]] والكلبي [[انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97.]] والفراء [[في "معاني القرآن" 1/ 288.]] وعبد الله بن مسلم [[ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص130.]]، وكثير من أهل التأويل [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 121 ب.]]. قال الحسن: لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه، يسمونه: أنثى بني فلان، فأنزل الله تعالى: ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ [[أخرجه الطبري 5/ 279، وانظر: "زاد المسير" 2/ 203، و"الدر المنثور" 2/ 394.]]. يدل على هذا التأويل قراءة ابن عباس: (إلا أُثُنًا) جمع وثن [["معاني القرآن" للفراء 1/ 288، والطبري 5/ 280.]]، مثل: أسدَ وأسدْ، ثم أبدل من الواو المضمومة همزة، نحو: ﴿وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: 11] [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 1/ 288، والطبري 5/ 280، و"معاني الزجاج" 2/ 108، و"زاد المسير" 2/ 202، 203.]]. قال الزجاج: وجائز أن يكون: أُثُن، وأصلها: أُثْن، فأتبعت الضمة [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 108 وفيه: "فأتبعت الضمة الضمة"، وانظر: "زاد المسير" 2/ 203.]]. وقيل في معنى قوله: ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾: إلا أمواتًا. وهو قول مقاتل [["تفسيره" 1/ 407.]] وقتادة [[أخرجه الطبري 5/ 279، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 121 ب، و"زاد المسير" 2/ 203، و"الدر المنثور" 2/ 394.]] والضحاك [[ما وقفت عليه عن الضحاك هو أن المراد "الملائكة". أخرجه الطبري 5/ 279، وانظر: "الدر المنثور" 2/ 394.]]. واختلفوا لم سمي الموات إناثًا؟ فقال أبو عبيدة: الموات لا روح فيه كالخشبة والحجر والمدر ونحوها [["مجاز القرآن" 1/ 140 بنحوه، وانظر: "الكشف والبيان" 4/ 121 ب.]]. "وكانت آلهتهم مواتًا، والموات كلها يُخبر عنها كما يخبر عن المؤنث، تقول: من ذلك الأحجار تعجبني، كما تقول: المرأة تعجبني ولا تقول: تعجبونني، فلهذا أطلق اسم الإناث على آلهتهم إذ كانت مواتًا" [[من "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 2/ 110 بتصرف يسير، وانظر. "الكشف والبيان" 4/ 121 ب، و"زاد المسير" 2/ 203.]]. وقال غيره [[الضمير يعود إلى أبي عبيدة أو الزجاج، وهو وإن لم يذكر الزجاج إلا أن النص الأخير منه. ولعل هذا القائل هو الطبري. انظر: "تفسير الطبري" 5/ 280.]]: لأنها لا تضر ولا تنفع، فهي في القناع المنزلة تسمى إناثًا، لأن الإناث من كل شيء أرذله [[انظر: الطبري 5/ 280.]]. وقال عطاء عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾: "زعموا أن الملائكة بنات الله، وهم شفعاؤنا عنده" [[لم أقف عليه.]]. وقال ابن زيد: " ﴿إِلَّا إِنَاثًا﴾ بزعمهم، وذلك أنهم زعموا أن الملائكهَ بنات الله، وأن الأصنام بنات الله، فزعموا أنها إناث" [[ما وقفت عليه عن ابن زيد كالقول الأول أن المراد الأصنام خاصة، فقد أخرج الطبري عنه قال: قوله: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا﴾ [النساء: 117] قال:== آلهتهم، اللات والعزى ويساف ونائلة، إناث يدعونهم من دون الله". "تفسير الطبري" 5/ 279.]]. نظيره: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ [الزخرف: 19] وقوله: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ﴾ [النحل: 57]. وقوله: ﴿وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا﴾ قال المفسرون: كان في كل واحدة من آلهتهم شيطان يترايا [[هكذا في المخطوط يترايا ، ولعل الصواب: "يتراءى".]] للسدنة والكهنة يكلمهم [[انظر: "بحر العلوم" 1/ 389، و"الكشف والبيان" 4/ 121 ب، و"زاد المسير" 2/ 203، و"الدر المنثور" 2/ 394.]]. والمعنى: ما يعبدون بعبادتهم لها إلا شيطانا مريدًا، لطاعتهم له في عبادتها، فتلك العبادة ليست للأوثان، بل هي للشيطان. وقال الزجاج: يعني بالشيطان ههنا إبليس، لأنهم إذا أطاعوه بما سول لهم فقد عبدوه [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 108.]]. وهذا هو القول، لأن ما بعد هذه الآية يدل على أن المراد بالشيطان في هذه الآية إبليس، ويحتمل أن ما قاله المفسرون من ترائي الشيطان للسدنة أرادوا به إبليس. وقوله تعالى: ﴿مَّرِيدًا﴾. قال ابن عباس: "يريد يتمرد على الله بالعصيان مرة بعد مرة" [[لم أقف عليه، وانظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 97. وقد قال بنحو هذا القول قتادة. انظر: الطبري 5/ 280، و"الدر المنثور" 2/ 394.]]. قال ابن الأعرابي: التمرد [[في "تهذيب اللغة" 4/ 3373 (مرد): المرد.]] التطاول بالكبر والمعاصي [[في "تهذيب اللغة" 4/ 3373 (مرد).]]. وقال الليث: المرادة مصدر المارد، والمريد من شياطين الإنس والجن، وقد تمرد علينا أي عتا ومرد على الشر [[في "العين" 8/ 37: الشيء.]]، وتمرد أي عتا وطغى [["العين" 8/ 37، و"تهذيب اللغة" 4/ 3373 (مرد).]]. والمريد الخبيث، المتمرد الشرِّير، وشيطان مارد ومريد، واحد [["تهذيب اللغة" 4/ 3373، وانظر: "اللسان" 7/ 4172 (مرد).]]. وقال أبو إسحاق: معنى مريد خارج عن الطاعة متملص منها، يقال: حائط ممرَّد، أي مملس، ويقال شجرة مرداء، إذا تناثر ورقها ، ولذلك سُمى من لم تنبت له لحية أمرد، أي أملس موضع اللحية، ومرد الرجل يمرد مرودًا ومرادة، إذا عتا وخرج عن الطاعة [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 108، وانظر: "زاد المسير" 2/ 203.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب