الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ﴾. قال مقاتل: من جدالك عن طعمة [["تفسير مقاتل" 1/ 405، و"الكشف والبيان" 4/ 117 أ.]]. وقال السدي: (مما أردت من جدالك عنه) [[ما بين القوسين لم يتضح جيدًا في المخطوط، وانظر: "الوسيط" 2/ 698، ولم أقف على من خرجه.]]. وقال [....] [[لم يتضح اسم القائل، وكأنه مجاهد.]]: ("من همك بقطع اليهودي" [[لم أقف عليه.]] ونحوه روي عن ابن عباس) [[ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" 4/ 117 أ.]]. وقال الكلبي: من همك باليهودي أن (....) [[ما بين القوسين كلمة غير واضحة في المخطوط، وأظنها: "تقطعه". انظر: "الكشف والبيان" 4/ 117 أ، و"تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 96.]]. فإن قيل: فهل كان للنبي ﷺ في هذه القصة ذنب حتى أمر بالاستغفار؟ قيل: الأصل في هذا أن الأنبياء صلوات الله عليهم معصومون عن الكبائر، وذلك بإجماع العلماء [[انظر: "الفقه الأكبر" لأبي حنيفة مع شرحه ص 88، 89، و"أصول الدين" للبغدادي ص 167، 168.]]. فأما الصغائر: فمن العلماء من قال: كانوا معصومين عنها [[انظر: "الفقه الأكبر مع شرحه" ص 88، 89.]]، ومنهم من قال: ما كانوا معصومين عنها [[انظر: "أصول الدين" ص 168، والقرطبي 5/ 377.]]. وكذلك الخلاف في جواز السهو والنسيان عليهم [[انظر: "أصول الدين" ص 168.]]، مع إجماعهم على أن السهو غير جائز عليهم في تبليغ الوحي، وأن السهو إن وقع فهو في غير الوحي، فإنَّ الله لا يقررهم على السهو، بل ينبهم، والصحيح أن السهو والنسيان جائز عليهم، وعلى هذا دلت الأخبار [[قال البغدادي: "وأما السهو والخطأ فليسا من الذنوب، فلذلك ساغا عليهم. وقد سهى نبينا ﷺ في صلاته، حتى سلم من الركعتين، ثم بني عليها وسجد سجدتي السهو". "أصول الدين" ص (168)، وانظر: "شرح الفقه الأكبر" ص 92، 93.]]. فأما ذنب النبي ﷺ في هذه القصة فقد قيل: إنه همّ بقطع اليهودي [[تقدم هذا القول عن ابن عباس وغيره.]]. وقيل: إنَّه جادل عن طعمة، حتى قال للمدعي: عمدت إلى رجل مسلم ورميته بالسرقة من غير بينة [[أخرجه الطبري في الأثر الطويل عن قتادة بن النعمان 5/ 266. وتقدم قريبًا نحوه عن السدي ومقاتل. انظر ص 401.]]. وهذا مما يؤمر بالاستغفار عنه. والذين قالوا: لا تجوز الصغائر عليهم قالوا: إنه أمر بالاستغفار على طريق التسبيح، كما يقول القائل: "اسْتَغْفِرِ اللهِ" مكررًا له مرات كثيرة، على جهة التسبيح من غير أن يقصد بذلك إلى التوبة من ذنبٍ كره [[هكذا هذه الكلمة في المخطوط ولعل الصواب: ذكره، فسقطت الذال من الناسخ.]]. وقال بعض أهل العلم: استغفار الرسل إما أن يكون للأمة، واما أن يكون لذنب قبل النبوة، وإما أن يكون لزيادة الدرجة [[انظر: "الكشف والبيان" 4/ 117 ب.]]. وقد رُوي عن رسول الله أنه قال: " إن الله تعالى ليغفر ذنب الرجل المسلم عشرين مرة" [[لم أقف عليه.]] معناه زيادة الدرجات. قال أبو إسحاق: عرّف الله تعالى نبيه ﷺ قصة طعمة، وأعلمه أنه خائن، ونهاه أن يحتج له، وأمره بالاستغفار مما هم به، وأن حكم بما أنزل الله في كتابه فقال: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ﴾ يعني طعمة ومن عاونه من قومه، وهم يعلمون أنه سارق [["معاني الزجاج" 2/ 101.]]. والاختيان كالخيانة، يقال: خانه واختانه. وذكر ذلك عند قوله: ﴿عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: 187] ومعنى (يختانون أنفسهم): يخونوها [[هكذا في المخطوط، والصواب: "يخونونها" بالرفع.]] بالمعصية، والعاصي خائن لأنه مؤتمن على دينه. ويجوز أن يكون المعنى: أن وبال خيانتهم راجع إليهم بالفضيحة في الدنيا والعقوبة في الآخرة، فكأنهم خانوا أنفسهم وإن خانوا غيرهم في الظاهر (بالسرقة كما يقال لمن ظلم غيره: إنه قد ظلم نفسه. وقد صرحت الآية بالنهي) [[ما بين القوسين متكرر في المخطوط، ولعله سهو من الناسخ.]] عن المجادلة عن الظالمين في القليل والكثير، ألا ترى أن رسول الله ﷺ جادل عن طعمة على غير بصيرة، (.. [[ما بِين القوسين كلمة غير واضحة في المخطوط، والظاهر أنها: فعاتبه.]] ..) الله تعالى بهذا، وأمره بالاستغفار، ونهاه عن المعاودة إلى مثله، فما ظنك بمن يعلم ظلم الظالم، ثم يستجيز معاونته؟! وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ قال ابن عباس: "يريد خوانًا فاجرًا" [["تنوير المقباس" بهامش المصحف ص 96، وانظر: "بحر العلوم" 1/ 385.]]. قال المفسرون: إن طعمة خان في الدرع، وأثم في رميه اليهودي، فقال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾ [[من الثعلبي في "الكشف والبيان" 4/ 117 ب بتصرف.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب