وقوله: ﴿وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: يريد السفن مثل مركب نوح. وهذا قول مقاتل والحسن وأبي صالح والسدي عن أبي مالك. كل هؤلاء قالوا: يعني السفن الصغار، فإنها عملت بعد سفينة نوح على صنعتها [[انظر: "تفسير مقاتل" 107 أ، "الطبري" 23/ 10، "الماوردي" 5/ 19، "بحر العلوم" 3/ 101.]].
وقال آخرون: يعني الإبل. وهو قول عكرمة وعبد الله بن شداد [[انظر: "الطبري" 23/ 11، "الماوردي" 5/ 20، "زاد المسير" 7/ 22.]].
وذكر الكلبي القولين جميعًا، وقال: في البحر السفن، وفي البر الإبل [[لم أقف عليه عن الكلبي. وانظر: "القرطبي" 15/ 35، "المحرر الوجيز" 4/ 455.]]. والظاهر القول الأول؛ لأنه قال: ﴿مِنْ مِثْلِهِ﴾، والسفن هي التي تشبه ما عمله نوح، وهي أيضًا من الخشب الذي هو من خشب سفينة نوح. ومن ذهب إلى الإبل احتاج أن يجعل (مِنْ) زائدة، ويجعل الإبل من [[هكذا جاءت في النسخ، والذي يظهر أنها: (مثل) وليست (من).]] السفينة في أنها تحمل الإنسان في البر كما تحمله السفينة في البحر، فهو مثلها في العمل والحمل لا في الصورة والخلقة، ويدل على صحة القول الأول:
{"ayah":"وَخَلَقۡنَا لَهُم مِّن مِّثۡلِهِۦ مَا یَرۡكَبُونَ"}