الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾ يعني: من المنافقين، قال بعضهم لبعض: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾ في عسكر رسول الله -ﷺ- ليس لكم به موضع إقامة. قال مقاتل: هم بنو سالم من المنافقين [["تفسير مقاتل" 89 أ.]]. وقال السدي: يعني عبد الله بن أبي وأصحابه [[انظر: "الكشاف" 3/ 230، "زاد المسير" 6/ 359، "تفسير الماوردي" 4/ 381.]].
وقال ابن عباس: قالت اليهود للمنافقين: ﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا﴾ [[انظر: "تفسير القرطبي" 14/ 148.]]. قال أبو عبيدة: يثرب اسم أرض المدينة، ومدينة الرسول -عليه السلام- في ناصية منها، وأنشد لحسان مما قاله في الجاهلية [[البيت من الطويل، وهو لحسان في "ديوانه" ص 369. "مجاز القرآن" 2/ 134.]]:
سأهدي لها في كل عام قصيدة ... وأقعد مكفيا بيثرب مكرما
وروي أن النبي -ﷺ- نهى أن يقال للمدينة: يثرب، وسماها طيبة [[أخرج الإمام أحمد في "مسنده" 4/ 285 عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -ﷺ-: "من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة هي طابة" وذكره ابن كثير في "التفسير" 5/ 343، وقال: تفرد به الإمام أحمد، وهو ضعيف.]] كأنه كره ذكر الثرب؛ لأنه فساد في كلام العرب، يقال: شرب وأثرب وثرب إذا وسخ وأفسد [[نظر: "اللسان" 1/ 234 (ثرب).]]. ذكرنا ذلك في قوله ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ [يوسف: 92].
قوله: ﴿لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾. قال أبو إسحاق: لا مكان لكم تقيمون فيه [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 219.]]. والمقام اسم الموضع، يقال: مقام إبراهيم، ومنه قيل للمجلس والمشهد: مقام ومقامة. قال الله تعالى: ﴿وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء 58، الدخان:26]. قال الشاعر:
فأيي ما وأيك [[في (ب): (ما واك).]] كان شرًّا ... فقيد إلى المقامة لا يراها [[البيت من الوافر، وهو للعباس بن مرداس في "ديوانه" ص 148، "خزانة الأدب" 4/ 367، "الكتاب" 2/ 402، "لسان العرب" 12/ 506، "الحجة" 5/ 471.
المقامة: بالضمة المجلس وجماعة الناس، والمراد: أعماه الله حتى صار يقاد إلى مجلسه.]]
ودخلت التاء كما دخلت على المنزلة والمقامة، والمقامة موضع ثواء ولبث.
وقرأ عاصم: لا مقام لكم بضم الميم [["الحجة" 5/ 471، "الكشف عن وجوه السبع وعللها وحججها" 2/ 195.]].
قال الفراء [["معاني القرآن" 2/ 337.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 219.]]: من ضم الميم كان المعنى: لا إقامة لكم، يقال: أقمت إقامة ومقامًا.
وقال أبو علي: يجوز في قول من ضم الميم أن يكون المعنى: لا موضع إقامة لكم، وهذا أشبه؛ لأنه في معنى من فتح، يقال: لا مقام لكم [["الحجة" 5/ 471.]]. والمقام بضم الميم يكون [[في (ب): زيادة: (يكون المعنى لا موضع)، وهو خطأ.]] مصدرًا ويكون اسمًا لموضع الإقامة.
وقوله: ﴿فَارْجِعُوا﴾ قال المفسرون: أي إلى المدينة، وذلك أن رسول الله -ﷺ- والمسلمون خرجوا عام الخندق حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع والخندق بينه وبين القوم، فقال هؤلاء الذين يثبطون الناس عن رسول الله -ﷺ-: ليس لكم هاهنا موضع إقامة؛ لكثرة العدد وغلبة الأحزاب، فارجعوا إلى المدينة [[انظر: "تفسير الطبري" 21/ 135، "تفسير الماوردي" 4/ 382، "مجمع البيان" 8/ 545، "زاد المسير" 6/ 360.]].
قوله -عز وجل-: ﴿وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ﴾ أي: في الرجوع إلى المدينة. قال مقاتل: وهم بنو حارثة وبنو سلمة قالوا للنبي -ﷺ- إن بيوتنا عورة [["تفسير مقاتل" 89 أ.]].
قال الليث: العورة سوأة الإنسان وكل أمر يستحي [[في (أ): (يستحق)، وعلق في الهامش: يستحي.]] منه فهو عورة، والنساء عورة، والعورة في التفود وفي الحروب: خلل تخوف منه القتل.
قوله: ﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾: أي ليست بحريزة. ويقال في التذكير [[في (ب): (بالتذكير).]] والتأنيث والجمع عورة لمصدر [["تهذيب اللغة" 3/ 173 (عار).]]. قال الزجاج: يقال: عور المكان يور عورا وعورة فهو عور، وبيوت عورة، وعورة على ضربين فمن سكن كان المعنى: ذات عورة) [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 220 مع اختلاف يسير.]].
قال الفراء: يقال: أعور منزلك إذا بدت منه عورة، وأعور الفارس اذا كان فيه موضع خلل للضرب، وأنشد:
له الشدة الأولى إذا القرن [[في (ب): (القرآن)، وهو خطأ.]] أعورا [["معاني القرآن" 2/ 337.
وهذا شطر بيت لم أهتد إلى تمامه وقائله. قال الفراء: أنشدني أبو ثروان، وفي "تهذيب اللغة" 3/ 172، و"اللسان" 4/ 617 (عور) وقال: إنه في وصف أسد.]] ..
وقال ابن قتيبة: أصل العورة ما ذهب عنه الستر والحفظ، وكأن الرجال ستر وحفظ للبيوت، فإذا ذهبوا عنها أعورت البيوت، تقول العرب: أعور منزلك إذا ذهب سترها وسقط جدارها، وأعور الفارس إذا بدا فيه موضع خلل للضرب والطعن [["تفسير غريب القرآن" ص 348.]].
قال مجاهد والحسن ومقاتل: قالوا: بيوتنا ضائعة [[طمس في (ب).]] نخشى عليها السرق [[انظر: "تفسير الطبري" 11/ 1361، "تفسير مقاتل" 2/ 272، "مجمع البيان" للطبرسي 8/ 545.]].
وقال قتادة: قالوا: بيوتنا مما يلي العدو، ولا نأمن على أهالينا [[انظر: "تفسير الطبري" 11/ 136، "مجمع البيان للطبرسي" 8/ 545.]].
وقال الكلبي: بيوتنا عورة أي خلاء [[في (أ): (خال)، وهو خطأ.]] يعني من الرجال [["تفسير الماوردي" 4/ 383.]].
وقال أبو إسحاق: فكذبهم الله وأعلم أن قصدهم الهرب والفرار [["معاني القرآن وإعرابه" 4/ 219.]] فقال: ﴿وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا﴾ قال مقاتل: ما يريدون إلا فرارًا من القتال ونصرة النبي -ﷺ- [["تفسير مقاتل" 89 أ.]].
{"ayah":"وَإِذۡ قَالَت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُمۡ یَـٰۤأَهۡلَ یَثۡرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمۡ فَٱرۡجِعُوا۟ۚ وَیَسۡتَـٔۡذِنُ فَرِیقࣱ مِّنۡهُمُ ٱلنَّبِیَّ یَقُولُونَ إِنَّ بُیُوتَنَا عَوۡرَةࣱ وَمَا هِیَ بِعَوۡرَةٍۖ إِن یُرِیدُونَ إِلَّا فِرَارࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











