الباحث القرآني
قال مقاتل: ثم خوفهم فقال: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يعني: الأمم الخالية كان عاقبتهم العذاب في الدنيا [["تفسير مقاتل" 77 أ.]]. والمعنى: أو لم يسافروا في الأرض فينظروا إلى مصارع الأمم قبلهم ويعلموا أنهم أهلكوا بتكذيبهم فيعتبروا. ثم وصفهم فقال:
﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ أي: أعطاهم من القوة ما لم يعطِ هؤلاء ﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ﴾ ذكرنا تفسير: الآثار، عند قوله: ﴿تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ [البقرة: 71] [[قال الواحدي في تفسير هذه الآية: ﴿تُثِيرُ الْأَرْضَ﴾ أي: تقلبها للزراعة. ومعنى الإثارة: تفريق الشيء في كل جهة، يقال: أثرت الشيء واستثرته إذا هيجته ...]] قال الفراء: حرثوها [["معاني القرآن" للفراء 2/ 322. وقال أبو عبيدة: أي: استخرجوها، ومنه قولهم: أثار ما عندي: أي: استخرجه، وأثار القوم: أيَ: استخرجهم. "مجاز القرآن" 2/ 119.]]. وهو قول مجاهد [[أخرجه ابن جرير 21/ 25.]].
وقال ابن قتيبة: قلبوها للزراعة [["غريب القرآن" ص 340.]].
وقال ابن عباس: يريد الأجنة [[هكذا في (أ)، (ب): (الأجنة)، وهي جمع جنة. قال الأزهري: الجنة: الحديقة، جمع جنانه "تهذيب اللغة" 10/ 503 (جنن).]] والأنهار وما غرسوا من الأشجار [[أخرجه ابن جرير 21/ 24، بلفظ: ملكوا الأرض وعمروها.]]. يريد أن أثارهم كان لأجل هذه الأشياء.
وقال مقاتل: يعني: وملكوا الأرض [[لم أجده في تفسير مقاتل، ولم أجده كذلك عند الثعلبي.]]؛ وهذا معنى وليس بتفسير؛ وذلك أنه يثير الأرض مالكها.
وقوله: ﴿وَعَمَرُوهَا﴾ يعني: الأمم ﴿أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ يعني: كفار مكة [["معاني القرآن" للفراء 2/ 322.]]. واختلفوا لِمَ كانت الأمم أكثر عمارة من أهل مكة؟ فذهب قوم إلى أنهم كانوا أكثر عمارة لأنهم كانوا أطول عمرًا؛ وهذا معنى قول الكلبي ومقاتل؛ قال الكلبي: وبقوا فيها أكثر مما بقي فيها قومك [["تنوير المقباس" ص 339.]].
وقال مقاتل: يقول: وعاشوا في الأرض أكثر مما عاش فيها كفار مكة [["تفسير مقاتل" 77 ب.]]. وإذا كانوا أطولَ بقاءً، وأكثرَ عيشًا كانوا أكثر عمارة. وقال آخرون: لأنهم كانوا أكثر عددًا؛ فقد روي أنه لم يبق نَشَزٌ [[النَّشَزُ، والنَّشْزُ، والوَشَز: ما ارتفع من الأرض. "تهذيب اللغة" 11/ 305 (نشز).]] من الأرض يحتمل عمارة إلا كان لها عامر على عهد عاد، والأمم السالفة. وذكر أبو إسحاق معنًى آخر؛ فقال: يعني: أن الذين أهلكوا من الأمم كانوا أكثر حرثًا وعمارة من أهل مكة؛ لأن أهلَ مكة لم يكونوا أصحاب حرث [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 179.]].
قوله: ﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ قال ابن عباس: يريد: الحلال والحرام، والأحكام والحدود. وقال مقاتل: فيعذبهم على غير ذنب [["تفسير مقاتل" 77 ب، في تفسير قول الله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ فلعل ذكر الآية سقط من النسختين. والله أعلم.]] ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بالكفر والتكذيب. ودلَّ هذا الكلام على أنهم لم يؤمنوا فأهلكوا؛ لأن الله أعلم أنه عذبهم غيرَ ظالم لهم.
قال صاحب النظم: يأتي [الظلم] [[كلمة (الظلم) غير موجودة في النسختين، وزدتها لاستقامة الكلام.]] في الكلام لثلاثة معانٍ؛ أحدها: وضع الشيء في غير موضعه، كقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: 13] وذلك أنه وضع الربوبية غير موضعها. والثاني: المنع والحبس، كقوله: ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ [الكهف: 33] والثالث: أخذ الشيء قبل وقت أخذه، كقول الشاعر:
وقائلة ظلمتُ لكم سقائي ... وهل يخفى على العَكِد الظليم [["تهذيب اللغة" 14/ 383 (ظلم)، ولم ينسبه. وكذا في "مقاييس اللغة" 3/ 469. وكذا في "لسان العرب" 12/ 375. سبق أن استشهد الواحدي بهذا البيت في تفسير سورة البقرة. والبيت غير منسوب في "جمهرة الأمثال" 1/ 131، واستشهد بهذا البيت في ذكر المثل: أهون مظلوم سِقاء مروَّب. وكذا في "مجمع الأمثال" 2/ 482، و"المستقصى" للزمخشري 1/ 444. والعَكِد: أجل اللسان. "تهذيب اللغة" 1/ 300 (عكد). معنى البيت: أن اللسان يدرك بالشرب أن اللبن قد ظُلِم بأخذه قبل وقته.]]
والظليم هاهنا: اللبن يُشرب قبل أن يُدْرِك وَيروب؛ والمعاني الثلاثة محتملة في هذه الآية؛ فيكون معنى قوله: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾ بوضع عذابهم في غير موضعه؛ بأخذهم قبل وقته، وبحبس شيء من أرزاقهم ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بوضعها في غير موضعها من التغرير بها، وتعريضها للهلاك بالكفر، وترك النظر لها. ويظلمون أنفسهم أيضًا بمنعها الخير من الإيمان.
{"ayah":"أَوَلَمۡ یَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ كَانُوۤا۟ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰ وَأَثَارُوا۟ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَاۤ أَكۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاۤءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَیِّنَـٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِیَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق