قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ﴾ قال ابن مسعود: قامتا على غير عمد بأمره [[ذكره عن ابن مسعود: مقاتل 78 أ. وأخرجه ابن جرير 21/ 34، عن قتادة.]].
وقال الفراء: يقول: تدوما قائمتين بأمره بغير عَمَدٍ [["معاني القرآن" للفراء 2/ 323. وهو قول الزجاج 4/ 182.]].
قال ابن عباس: يريد: بقوته وقدرته.
قوله: ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ قال الكلبي: يعني النفخة الأخيرة [["تنوير المقباس" ص 340.]]. وقال مقاتل: يدعو إسرافيلَ من صخرة بيت المقدس حتى ينفخ في الصور عن أمر الله [["تفسير مقاتل" 78 أ. == وقد ورد في الصور أحاديث كثيرة، بعضها في الصحيح، وبعضها في غيره، فمن ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -ﷺ-: "يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو أربعين شهرا أو أربعين عاما فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحًا باردة من قِبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه" قال سمعتها من رسول الله -ﷺ-. قال: "فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون فيقولون فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دارٌّ رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس". أخرجه مسلم 4/ 2258، كتاب: الفتن وأشراط الساعة، رقم (2940). اللَّيت: صفحة العنق، وهما ليتان، وأصغى: أمال. "النهاية في غريب الحديث" 4/ 284.
وأما الأحاديث الضعيفة فكثيرة؛ منها حديث الصور الطويل الذي أخرجه الطبراني، في كتابه: "الأحاديث الطوال" ص: 36، المطبوع مع "المعجم الكبير" للطبراني 25/ 266، وقد ساقه بطوله ابن كثير في "تفسيره" 2/ 146، عند قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ [الأنعام: 73] ثم قال: "هذا حديث مشهور، وهو غريب جدًّا، ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة، وفي بعض ألفاظه نكارة".
أما ما ذكره الواحدي عن مقاتل في تحديد المكان؛ من صخرة بيت المقدس، فلم أجده بهذا اللفظ في الأحاديث، وهذا التحديد يحتاج إلى دليل. والله أعلم.]].
وقوله: ﴿مِنَ الْأَرْضِ﴾ معناه التأخير وإن قدم؛ لأن التقدير: إذا أنتم تخرجون من الأرض. كذا قال مقاتل وأكثر العلماء [["تفسير مقاتل" 78 ب. وتفسير ابن جرير 21/ 34، وأخرجه عن الضحاك. "تفسير الثعلبي" 8/ 168 أ، ونسبه لأكثر العلماء، ولم يسمهم. وذكره النحاس عن أبي حاتم، "القطع والائتناف" 2/ 532.]].
قال أبو إسحاق: أي إذا دعاكم للبعث حييتم بعد الموت [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 182، وليس فيه كلمة: حييتم.]]. ولهذا جعل بعضهم تمام الوقف عند قوله: ﴿دَعْوَةً﴾؛ لأن قوله: ﴿مِنَ الْأَرْضِ﴾ ليس من صلة الدعوة، وهو من صلة ﴿تَخْرُجُونَ﴾ وهو مذهب نافع؛ قال يعقوب: هذا من الوقف الذي يحق على العالم علمه. وخالفه أبو حاتم؛ وقال: أظن الوقف: ﴿دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ﴾ أي: وأنتم في الأرض، كما تقول: دعاكم من القبور، ودعوت فلانًا من بيته، أي: هو في بيته [["القطع والائتناف" 2/ 532.]].
وقال النحاس: ﴿إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً﴾ ليس بوقف؛ لأنه لم يأت بجواب ﴿إِذَا﴾ وجواب ﴿إِذَا﴾ على قول الخليل وسيبويه: ﴿أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ﴾ أي: خرجتم. وكذا قال سيبويه: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ [الروم: 36] تقديره عنده: قنطوا [["القطع والائتناف" 2/ 532. وقد سئل سيبويه الخليلَ عن هذه الآية، "الكتاب" 3/ 63، وذكره المبرد في "المقتضب" 2/ 58. وإنما قدمت كتاب النحاس لنقل الواحدي عنه مذهب الخليل وسيبويه.]]. والقول ما قال النحاس.
{"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦۤ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَاۤءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَاۤ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ"}