الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ﴾. الآية. قال أبو إسحاق [[في "معاني القرآن" له: 1/ 445. نقله عنه بتصرف واختصار.]]: معنى (الأول) في اللغة: ابتداء الشيء. ثم جائزٌ أن يكون له ثانٍ، وجائزٌ أن لا يكون؛ كما تقول: (هذا أوَّلُ مالٍ [[في (ج): (ما).]] كَسَبْتُهُ). جائزٌ أن يكون بعده كسبٌ، وجائزٌ أن لا يكون، ولكن إرادتك: (هذا ابتداءُ كَسْبِي).
ومضى الكلامُ في معنى (الأول) واشتقاقه، عند قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ﴾ [البقرة: 41].
واختلفوا في تأويل قوله: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ﴾ فقرأت على الشيخ أبي حسَّان، محمد بن أحمد بن جعفر، فقلت: أخبركم أبو سَهْل، هارون بن محمد [[في مصادر ترجمته التالية: (هارون بن أحمد) بدلا من: (محمد).]] بن هارون الإسْتَرَاباذي [[هو: أبو سهل، هارون بن أحمد بن هارون بن بندار بن حريش -أو خداش- بن الحكم، والإستراباذي. شيخ فاضل، مكثر من الحديث، ارتحل إلى العراق والحجاز، وحدث سنين في نيسابور وبخاري ونسف وسمرقند، مات سنة (364 ص). انظر: "الأنساب" 1/ 216، "تاريخ الإسلام" للذهبي: 26/ 331 وفيات (351 - 380 ص).]] أبنا [[في (ج): (أخبرنا). قال السيوطي: (ويكتبون مِن (أخبرنا): (أنا)؛ أي: الهمزة والضمير. ولا تحسن زيادة الباء قبل النون؛ وإن فعله البيهقي وغيره؛ لئلا يلتبس برمز حدَّثنا). "تدريب الراوي" 2/ 87.]] أبو محمد، إسحاق بن أحمد الخزاعي [[في (ب): أبو محمد إسحاق بن محمد بن أحمد. وهو: أبو محمد، إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي، شيخ الحرم، من كبار أهل القرآن، وأحد فصحاء مكة، ثقة حجة، توفى سنة (307 هـ). انظر: "سير أعلام النبلاء" 14/ 289، ومقدمة محقق "أخبار مكة" للأزرقي: 1/ 16 - 17.]]، أبنا [[في (ج): (أخبرنا).]] أبو الوليد، محمد بن عبد الله الأَزْرَقي [[مؤرِّخ، من أهل مكة، أصله من اليمن، له كتاب: "أخبار مكة"، اختلف في سنة وفاته، ورجح محقق "أخبار مكة" القولَ بأنه كان حَيًّا في عهد الخليفة العباسي، المنتصر، الذي حكم سنة (247 - 248 هـ). انظر: "الفهرست" (158)، ومقدمة محقق "أخبار مكة": 1/ 13 - 15، "الأعلام" 6/ 222، "معجم المؤلفين" 3/ 429.]]، حدثنى مهدي بن أبي المهدي [[هو: مهدي بن حرب العبدي، الهَجَري، قال أبو حاتم: (شيخ ليس بمنكر الحديث). وقال ابن حجر: (مقبول).
انظر: "الجرح والتعديل" 8/ 335، "تقريب التهذيب" 548 (6928).]]، ثنا أبو أيوب البصري [[لم أقف على ترجمته.]]، ثنا هشام [[هو: أبو عبد الله، هشام بن حسان القُرْدُوسي البصري. ثقة، إمام كبير الشأن، توفي سنة (147 هـ)، أو (148 هـ).
انظر: "الجرح والتعديل" 9/ 54، "تهذيب الكمال" 30/ 181، "ميزان الأعتدال" 5/ 420، "تقريب التهذيب" 572 (7289).]]، عن حميد [[هو: أبو صفوان، حميد بن قيس الأعرج، المكي، القارئ، تقدمت ترجمته.]]، قال: سمعت مجاهدًا يقول: (خلق الله هذا البيت قبل أن يخلق شيئًا من الأرضين) [[أخرجه الأزرقي، في "أخبار مكة": 1/ 31 - 32، وانظر معناه، في "تفسير الطبري" 7/ 20 - 21، "تفسير البغوي" 1/ 328، "زاد المسير" 1/ 424.]].
وبه عن الأزرقي، قال: حدثني يحيى بن سعيد [[لم أقف على ترجمته.]]، عن محمد بن عمر بن إبراهيم [[في "أخبار مكة": (محمد بن عمر بن إبراهيم الجبيري). ولم أقف على ترجمته.]]، عن عثمان بن عبد الرحمن [[لم أقف على ترجمته.]]، عن هشام، عن مجاهد، قال: (لقد خلق الله موضع هذا البيت، قبل أن يخلق شيئًا من الأرض بألفي سنة، وإنَّ قواعده لفي الأرض السابعة السفلى) [[أخرجه الأزرقي، في "أخبار مكة" 1/ 32، والطبري في "تفسيره" 1/ 548، وأورده السيوطي في "الدر" 1/ 236، وزاد نسبة إخراجه إلى الحميدي، وعبد الرزاق - ولم أقف عليه في مُصنَّفِه، ولا في تفسيره.]].
وبه عن الأزرقي، ثنا علي بن هارون العجلي [[لم أقف على ترجمته.]]، ثنا [عن أبيه] [[ما بين المعقوفين زيادة من "أخبار مكة" 1/ 32. وهو: هارون بن مسلم بن هُرْمُز العجْلي، أبو الحسين البصري، صاحب الحِنّاء. من أتباع التابعين، قال ابن حجر: (صدوق)، وقال أبو حاتم: (فيه لين)، ووثقه الحاكم، وابن حبان، مات بعد المائتين. انظر: "ميزان الاعتدال" 5/ 411، "لسان الميزان" 7/ 241، "تقريب التهذيب" 569 (7240).]]، [قال] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج).]]: ثنا [القَاسم] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). والمثبت من: (ب)، (ج)، وأخبار مكة.]] بن عبد الرحمن الأنصاري [[قال عنه ابن معين: (ضعيف جدًا)، وقال أبو حاتم: (ضعيف الحديث، مضطرب الحديث). انظر: "الجرح والتعديل" 7/ 14 - 15، "لسان الميزان" 5/ 500 - 501.]]، حدثني محمد بن علي بن علي بن أبي طالب [[هو: أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل، من فقهاء المدينة، وكان يتولى الشيخين: أبا بكر وعمر، ويبرأ من عدوهما، ويقول: (فإنهما كانا إمامي هدى) وقال: (ما أدركت أحدًا من أهل بيتي، إلا وهو يتولاهما)، توفي سنة مائة وبضع عشرة. انظر: "تهذيب التهذيب" 3/ 650، "التقريب" 497 (6151).]]، عن أبيه [[هو: الملقب بـ (زين العابدين)، الثقة الثبت العابد الفاضل، المتفق على جلالته. قال الزهري: ما رأيت قرشيًّا أفضل منه، توفي سنة (193هـ). انظر: "الجرح والتعديل" 6/ 178، "التقريب"400 (4715).]]، قال: (إنَّ الله بعث ملائكته، فقال: ابنوا لي في الأرض بيتًا بمثال البيت المعمور وقَدْرِهِ، وأمر الله مَنْ في الأرض مِنْ خَلْقِه، أن يطوفوا به، كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور، وهذا كان قبل خَلْق آدم) [[جزء من أثر طويل، أخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" 1/ 32 - 34، وورد في "تفسير البغوي" 2/ 70.]].
وقال ابن عباس [[قوله، في "تفسير الثعلبي" 3/ 75 ب، "البغوي" 2/ 70، "زاد المسير" 1/ 424.]]: هو أول بيتٍ بناه آدمُ في الأرض.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه [[قوله: في "أخبار مكة" 1/ 61، "تفسير الطبري" 4/ 7، "الثعلبي" 3/ 75 ب، و"المطالب العالية" 14/ 539 (3556) - ونسب إخراجه لابن راهويه في مسنده.]]: هو أول بيت مبارك وهدى وُضِع [[وضع: ساقطة من: (ب).]] للناس. وهو قول الضحاك [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 75 ب، "تفسير البغوي" 2/ 70.]].
وروي عن ابن عباس أيضًا قال [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 75 ب.]]: هو أول بيت وُضِع للناس يُحَجُّ إليه. واختاره الزجاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 446، وهو قوله: (فجائز أن يكون أول بيت، هو البيت الذي لم يكن الحج إلى غيره).]].
وأخبرنا أبو الحسين بن أبي عبد الله الفَسَوي [[هو: أبو الحسين، عبد الغافر بن محمد (أبي عبد الله) بن عبد الغافر بن أحمد الفارسي، الفسوي. أحد رواة صحيح مسلم، وأحد رواة "غريب الحديث" للخطابي، يرويه عن مؤلفه. كان عَدْلا جليلَ القَدْر. قال عنه حفيدُه عبد الغافر الفارسي صاحب كتاب (السياق لتاريخ نيسابور): (الثقة الأمين الصالح الديِّن). توفي سنة (448 هـ). انظر: "المنتخب من السياق" 361، "سير أعلام النبلاء" 18/ 19، "شذرات الذهب" 3/ 277.
وقد أثبت محقق تفسير (الوسيط، من أول آل عمران- على آخر المائدة) اسمه كالتالي: (أبو الحسن الفسوي)، وأشار إلى وروده في نسخة أخرى لـ (الوسيط): (أبو الحسين القشيري)، وقد وهم المحققُ فَعَرَّف الفَسَوِيَ -هذا- بأنه: (أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله الفارسي)، وهو خطأ ظاهر. انظر: "تفسير الوسيط" من أول آل عمران إلى آخر المائدة: 275.]]، أبنا أحمد [[في (ج): (حمد). وهو الأصوب في اسم هذا الإمام؛ فقد قال -رحمه الله-:== (اسمي الذي سُمِّيت به: (حمْد) -[بتسكين الدال]-، ولكن الناس كتبوا (أحمد)، فتركته عليه). "وفيات الأعيان": 2/ 215. وهو: الإمام أبو سليمان، حمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البُسْتي، الخَطّابي.]] بن محمد البُسْتي، ثنا [[في (ب): (أبنا).]] إسماعيل بن محمد الصفّار [[نقل الحافظ العراقي قول ابن حزم فيه: إنه (مجهول)، ودفع هذا ابن حجر، وسَمَّاه: (الثقة، الإمام النحوي المشهور)، وذكر أنه حدَّث عن الكبار، وانتهى إليه عُلُوُّ الإسناد، وأنه روى عنه الدارقطني، وابنِ مَنْدَه، والحاكم، ووثقوه، صَحب المبرِّد وأخذ عنه. قال الدارقطني: (وكان متعصبًا للسُّنَّة)، مات سنة (341 هـ)، وله 94 سنة. انظر: "تاريخ بغداد" 6/ 302، و"إنباه الرواة" 1/ 246، وذيل "ميزان الاعتدال" 140، "لسان الميزان" 1/ 666.]]،ثنا [[في (ب): (أبنا).]] سعدان [[هو: أبو عثمان، سعدان بن نصر بن منصور البغدادي، الثقفي، البزار. ثقة صدوق، توفي سنة (265 ص)، وقد جاوز التسعين. انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 290، "تاريخ بغداد" 9/ 205، "سير أعلام النبلاء" 12/ 357.]]، ثنا [[في (ب): (أبنا).]] أبو معاوية [[هو: محمد بن خازم التميمي السعدي مولاهم، الضرير، الكوفي. ثقة، أحفظ الناس لحديث الأعمش، وحديثه عنه فيه اضطراب، اتهم بالإرجاء، والتدليس، مات سنة (195هـ). انظر: "الجرح والتعديل" 7/ 246، "سير أعلام النبلاء" 9/ 73، "تهذيب التهذيب" 3/ 551.]]، ثنا الأعمش عن إبراهيم التَيْمي [[هو: إبراهيم بن يزيد بن شَرِيك التيمي الكوفي، أبو أسماء. ثقة عابد، ولكنه يرسل ويدلس، قتله الحجاج سنة (92 هـ)، وله أربعون سنة. انظر: "الجرح والتعديل" 2/ 145، "الميزان" 1/ 74، "التقريب" 95 (269).]] عن أبيه [[هو: يزيد بن شَريك بن طارق التَيْمي الكوفي. ثقة، عَدَّه ابنُ حجر مِن طبقة كبار التابعين، وكان عريف قومه، يقال: إنه أدرك الجاهلية، مات في خلافة عبد الملك. انظر: "الجرح والتعديل" 9/ 271، "التهذيب" 4/ 417، "التقريب" 602 (7729).]]، عن أبي ذر [[اختلف في اسمه، وأصح ما قيل فيه: جُنْدُب بن جُنادة، الغِفَاري. من كبار الصحابة، قديم الإسلام، يقال: أسلم بعد أربعة، وتوفي بـ (الرَّبَذة) سنة (31 هـ) أو (32 هـ) وليس له عقب. انظر: "المعارف" لابن قتيبة: 252، "الاستيعاب" 4/ 216، "صفة الصفوة" 1/ 298، "الإصابة" 4/ 62.]]، قال: قلت: يا رسول الله ﷺ [[(ﷺ): ليس في (ج).]]؛ايُّ مسجد وُضِعَ في الأرض أوَّلا؟ قال: "المسجد الحرام". قال: قلت [[في (ج): (ثم قلت).]]: ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى". قال: قلت كم بينهما؟ قال: "أربعون سنة". قال: "فأينما [[فأينما: كتبت في (أ)، (ب)، (ج): (فأين ما). وكذا رسمت في صحيح البخاري: 4/ 117، وأثبَتُّها وفق الرسم الإملائي الحديث.]] أدركتك الصلاةُ فَصَلِّ [[في (ب): (فصلي).]]، فهو مسجدٌ" [[أخرجه البخاري في "الصحيح" (3366)، كتاب: الأنبياء باب: (10)، ومسلم في "الصحيح" (520). كتاب: المساجد ومواضع الصلاة. وأحمد في "المسند" 5/ 150، 156، 157، 160، 161، والطبري في "تفسيره" 4/ 8 - 9، والبغوي في "تفسيره" 2/ 70، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 76 أ، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 93، وزاد نسبة إخراجه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبيهقي في "الشعب".]].
وقوله تعالى: ﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ﴾.
بَكّة: هي [[في (ج): (قال هي).]] مكة، في قول الضحاك [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 10، "تفسير الثعلبي" 3/ 76 أ، "زاد المسير" 3/ 425.]]، ومجاهد [[قوله في مصنف ابن أبي شيبة 3/ 262 (14125)، "تفسير الطبري" 4/ 8، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 709، "النكت والعيون" 1/ 410، "تفسير القرطبي" 4/ 318، "الدر المنثور" 2/ 94، وزاد نسبة إخراجه إلى سعيد بن منصور، والبيهقي في "الشعب" وعبد بن حميد.
وأورد السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 94 عن مجاهد، أن (بكة) هي: الكعبة، ومكة: ما حولها. ونسبة إخراجه إلى عبد بن حميد.
ونَصُّ قولِ مجاهد -كما في الطبري-: (إنما سميت (بكة)؛ لأن الناس يتباكُونَ فيها، الرجال والنساء)؛ أي: يزدحمون. إلّا أن الطبري أتى بقول مجاهد شاهدًا على أن المراد بـ (بكة) موضع مُزدَحَمِ الناس للطواف، وأن ما كان خارج المسجد فـ (مكة) لا (بكة)؛ لأن ما كان خارج المسجد لا يوجب على الناس التّباك فيه؛ أي: التزاحم.]]، والمُؤَرّج [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 76 أ.]]. فأبدِلَت الميمُ باءً، كقوله [[في (ج): (كقولك).]]: (سَبَّدَ [[في (ب): (وشهد).]] رأسَهُ)، و (سَمَّدَ رأسَه) [[(رأسه، وسمد رأسه): ساقط من: (ب).
التسبيد أو التسميد -هنا-: ترك التدهن، وغسل الرأس، وقيل: هو الحلق واستئصال الشعر حتى يلصق بالجلد، وقيل: تطويل الشعر وتكثيره. فهو حرف من الأضداد. ويقال: (سَبَدَ شعرَه وسَبَتَه) -بالتخفيف-: إذا حلقه، ويقال: (سبَّد شعرُهُ): إذا نبت بعد الحلق، أول ما يظهر.
انظر: "الأضداد" لقطرب: 144، "الأضداد" للسجستاني: 91، "غريب الحديث" لأبي عبيد: 1/ 162، "الأضداد" لابن الأنباري: 309، "تهذيب اللغة" 2/ 1612، "ذيل كتاب الأضداد" للصغاني: 232.]]، و (أَغْبَطَت الحُمَّى)، و (أَغْمَطَت) [[في (ب): (وأغطش).
ومعنى: (أغْبَطَت الحمَّى وأغْمَطَت)؛ أي: لزمته الحُمَّى ولم تفارقه. وهو مأخوذ من وَضْع (الغَبِيط) على الجَمَلِ، و (الغَبيط): ما يوطَّأ للمرأة من هودج وغيره، ويقال: (أغْبَطْتُ الرَّحْلَ على الدابة إقباطا): إذأ ألزمته إيّاه.
انظر: "غريب الحديث" لابن سلام: 1/ 99، "تهذيب اللغة" 3/ 2631 (غبط)، "الفائق" 3/ 47، "النهاية في غريب الحديث" 3/ 341.]]، و (ضَرْبة لازِمٍ)، و (لازِبٍ) [[اللُّزوب: اللصوق، والثبوت. و (طين لازب)؛ أي: لاصق وثابت. و (الَّلازب واللاتب واللاصق)، واحد. وتقول العرب: (صار الأمر ضربة لازب)؛ أي: شديدًا لازمًا ثابتًا. ويقولون: (ليس هذا بضربة لازب) و (لازم)؛ بمعنى: ما هذا بواجب لازم؛ أي: (ما هذا بضربة سيف لازب)، وهو مَثَل. انظر: "إصلاح المنطق" 288، "التاج" 2/ 402 (لزب).]]. ومَكَّة سُمِّيَت بذلك؛ لقلة مائها، وعدم الزرع والضَرْع بها، من قولهم [[(من قولهم): ساقط من: (ج).]]: (مَكَّ الفَصِيلُ ضرْعَ [[في (ج): (زرع).]] أُمِّهِ)، و (امْتَكَّهُ) [[(وامتكه): ساقطة من: (ج).]]: إذا امتص كلَّ ما فيه.
وقال [ابن الأنباري [[قوله في "الزاهر" 2/ 112. نقله عنه بالمعنى.]]: سُمِّيَت مكة، لاجتذابها الناس إليها من كل أُفُقٍ وفجٍّ، من قولهم] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج).]]: (وقال تَمَكَّكْتُ المُخَّ من العَظْم): إذا استقصيت عليه في جِذْيه [[في (ب): (حديه)، في (ج): (حذبه). وفي "الزاهر": (تمككت العظمَ: إذا أجديت ما عليه من اللحم). وما أثبته صواب لغة؛ لأن (جِذْي كلِّ شيءٍ، وجِذْمهُ): أصله. انظر: "اللسان" 1/ 581 (جذا).]]، وكذلك (تَمَكُّك [[في (ج): (امتكاك).== والتَّمَكُّك، مصدر (تَمَكُّك)؛ أي: امتصَّ ما في الضرع. أما (مَكَّ)، فمصدرها: (المَكُّ). انظر: "اللسان" 7/ 4248 (مك).]] الفَصِيلِ ما في الضرع) [[في (ب): (الدرع). انظر المعاني السابقة، في "غريب الحديث" لابن سلام: 1/ 432، "تهذيب اللغة" 4/ 3435 (مك)، "معجم البلدان" 5/ 181، "اللسان" 7/ 4248 - 4249 (مكك).]].
وقال الآخرون [[في (ب)، (ج)، "تفسير الثعلبي" (آخرون). ومن قوله: (وقال الآخرون ..) إلى (لا يصلح ذلك إلا هناك): نقله -بتصرف يسير- عن "تفسير الثعلبي" 3/ 67 أ.
ومن هؤلاء الآخرين القائلين بهذا القول: مالك بن أنس، وعكرمة، وزيد بن أسلم، وعطية الحوفي، وضمرة بن ربيعة، وإبراهيم النخعي، ومقاتل بن حيان، والطبري.
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة" 3/ 261 - 262 "تفسير الطبري" 4/ 7 - 10، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 708 - 709، "تفسير الثعلبي" 3/ 76 أ، "تفسير القرطبي" 4/ 138، "معجم البلدان" 5/ 181.]]: (مكَّة): اسم البلد كله [[في (ب): (اسم البيت).]]، و (بَكَّة): موضع البيت والمطاف. سميت بكّة؛ لازدحام الناس بها، يَبُكُّ بعضهم بعضًا، أي: يدفع ويصلي بعضهم بين يدي بعض، وَيمُرُّ بعضهم بين يدي بعض، لا يصلح ذلك إلا هناك.
وقال الليث [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 377.]]: سميت مكَّةُ: بَكَّةَ [[(بكة): ساقطة من: (ج).]]؛ لأنها تَبُكُّ أعناقَ الجبابرة، إذا ألحدوا فيها؛ أي: تَدُقُّ. و (البَكُّ): دَقُّ العُنُقِ [[انظر: "مجاز القرآن" 97، "تفسير الطبري" 4/ 9، "الصحاح" 4/ 1576 (بكك)، "معجم البلدان" 1/ 475، "اللسان" 1/ 335 (بكك).]].
وقوله تعالى: ﴿مُبَارَكًا﴾ معناه [[(معناه): ساقطة من: (ج).]]: كثير الخير؛ أنْ جعل فيه وعنده البَرَكَة، ومعنى البَرَكَةِ: الكثرة في كل خير.
وقال بعض أهل المعاني: أصل البَرَكَة: الثُّبُوت، من قولك: (بَرَكَ بَرْكًا، وبُرُوكًا): إذا ثبت على حاله [[قال ابن فارس: (الباء، والراء، والكاف، أصل واحد، وهو: ثبات الشيء ثم يتفرع فروعًا يقارب بعضها بعضا). "مقاييس اللغة" 1/ 227 (برك).]]. فالبَرَكَة: ثُبُوت الخير؛ بِنُمُوِّهِ وتَزَيُّدِه.
ومنه: (البَراكاء) في القتال [[البراكاء: الثبات في العرب، والجدّ، ويقال -كذلك- لساحة العرب، وأصله من البُرُوك. انظر: (برك) في "الصحاح" 4/ 1575، "اللسان" 1/ 267.]]، ومنه: (البِرْكة)، شِبْهُ الحوض؛ لثبوت الماء فيها. و (تبارك الله)، لثبوته، لم يزل ولا يزال [[قال ابن الأنباري: (قال قوم: معنى (تبارك): تَقَدَّس؛ أي: تطهر وقال قوم: معنى (تبارك اسمك): تفاعل من (البَرَكة)؛ أي: البركة تُكتسب وتنال بذكر اسمك). "الزاهر" 1/ 148.
وفي "تهذيب اللغة" 1/ 318 أن (تبارك): ارتفع. والمتبارك: المرتفع. وينقل عن الزجاج: أنه (تفاعل) من (البركة).
انظر المعاني السابقة لـ (البركة)، في مادة (برك) في "تهذيب اللغة" 1/ 319، "الصحاح" 4/ 1574، 1575، "اللسان" 1/ 266.]].
وقال اللِّحْياني [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 319.]]: (باركت على التجارة، وغيرها)، أي: داومت وواظبت عليها [[وفي "مقاييس اللغة" 1/ 229، ينقل عن ابن السكيت قوله: (بَرَك فلانٌ على الأمر، وبارك، جميعًا: إذا واظب عليه).]].
وانتصب ﴿مُبَارَكًا﴾ على الحال. قال الزجاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 445.]]: المعنى: لَلَّذي [[في (ج)، "معاني القرآن" الذي.]] استقر بمكة في حال بَرَكَتِه، وقال [[هذا القول ليس في "معاني القرآن" عند الموضع السابق، وقد يكون نقله المؤلف من موضع آخر في كتاب المعاني، لم أقف عليه، وقد يكون المؤلف حكى معنى قول الزجاج.]]: هو حال مِنْ ﴿وُضِعَ﴾، أي: وُضِعَ مباركًا.
وقوله تعالى: ﴿وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾ قال أبو إسحاق [[في "معاني القرآن" له 1/ 445. نقله عنه بتصرف قليل.]]: المعنى: وذا هُدَى [[هذه العبارة غير موجودة في "معاني القرآن" في الموضع السابق.]]. قال: ويجوز أن يكون ﴿وَهُدًى﴾ في موضع رفع، على معنى: وهو هُدَى.
ومعنى كونه ﴿وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ﴾: أنه قِبْلةُ صلاتهم، ودلالة على الله تعالى من حيث هو المدبر له [[في (ب): (الذي) بدلًا من: (له بما).]] بما لا يقدر عليه غيره، مِن أَمْنِ الوحوش فيه، حتى يجتمع الكلبُ والظَبْي [[في (ج): (والصبي).]] فلا يعدوا عليه، وحتى يأنَسَ الطيرُ فلا يمتنع كما يمتنع في غيره، إلى غير ذلك من الآثار البينة فيه، مع البَرَكة التي يجدها من حج البيت.
{"ayah":"إِنَّ أَوَّلَ بَیۡتࣲ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكࣰا وَهُدࣰى لِّلۡعَـٰلَمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق