الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ قال المفسرون: إنَّ زكريا عليه السلام لمَّا بُشِّر بالولد، سأل الله تعالى علامةً يعرف بها وقت حمل امرأته؛ ليزيد في العبادة؛ شكراً [[في (ب): (ذكرا).]] على هبة الولد [[انظر: "تفسير الثعلبي" 3/ 49 أ، "تفسير البغوي" 2/ 36، "زاد المسير" 1/ 386.]]، فقال الله تعالى: ﴿آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا﴾. أي [[من قوله: (أي ..) إلى: (أي: وأنت سوي): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج 1/ 409.]]: علامة ذلك أن تمسك [[في "معاني القرآن" للزجاج: (يُمْسَك لسانُك)، وهي الأصوب؛ لأن قوله بعدها: (وأنت صحيح سوي) لا تتناسب مع فعل (تمسك)، المبني للمعلوم، كما أن الآثار بعدها تدل على ذلك، وكذلك ما رواه الحاكم عن ابن عباس قال: (يُعتقَلُ لسانُك من غير مرض وأنت سوي) "المستدرك" 2/ 291 كتاب التفسير. وصححه، ووافقه الذهبي. وروى عن نوف البكالي: (فختم على لسانه ثلاثة أيام ولياليهن، وهو صحيح لا يتكلم). المرجع السابق: 2/ 591 كتاب التاريخ، وانظر: "تفسير ابن كثير" 1/ 388.]] لسانك عن الكلام، وأنت صحيح سَوِيٌ، لأنه قال في موضع آخر: ﴿أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ [مريم: 10]؛ أي: وأنت سَوِي.
قال الحسنُ [[لم أقف على مصدر قوله.]]، وقتادة [[قوله في "تفسير عبد الرزاق" 1/ 12، "تفسير الطبري" 3/ 259، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 646، "تفسير البغوي" 2/ 34، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 40، ونسب إخراجه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]، والربيع [[قوله، في "تفسير الطبري" 3/ 259، "المحرر الوجيز" 3/ 108.]]: أُمسِك لسانُه ثلاثةَ أيام، فلم يقدر أن يكلم الناس إلاَّ إيماءً، وجعل ذلك علامةَ حملِ امرأتِه.
و (الرَّمْزُ): الإيماء بالشَّفَتين، والحاجِبَيْن، والعينين؛ يقال: (رَمَزَ، يَرمُزُ، وَيرْمِزُ)، ومنه قيل للفاجرة: (رامِزَةٌ)، و (رمَّازَةٌ) [[(ورمازة): ساقطة من (د).]]؛ لأنها تَرمُز وتُومِئ [[انظر: "معاني القرآن" للفراء: 1/ 213، "تأويل مشكل القرآن" 489، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 409، "تفسير الطبري" 3/ 260، "تهذيب اللغة" 2/ 1467 (رمز)، "الصحاح" 3/ 880 (رمز).]]، ومنه الحديث: أنه (نهى عن كسب الرَّمَّازة) [[الحديث ورد بلفظ آخر، أخرجه البيهقي في "السنن" 6/ 126. ولفظه عنده: (عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب، ومهر الزَّمّارة). وأخرجه البغوي في "شرح السنة" 8/ 22 - 23 رقم (2038)، عن أبي هريرة بنحوه إلا أنه فيه (.. وكسب الزمّارة). وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" 1/ 204 بنحوه وذكر محقِّقُ الكتاب في الهامش سندَ الحديث، من نسخة أخرى لكتاب "الغريب". وأورده اليزيدي في "ما اتفق لفظه واختلف معناه": 155، والأزهري في "تهذيب اللغة" 2/ 1468 (زمر)، وابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" 20/ 312. وفي كل المصادر السابقة ورد (الزَّمّارة) بدلا من: الرَّمّازة). وأشار البغوي، وأبو عبيد، وابن الأثير، والأزهري إلى أن الحديث رواه البعض بلفظ: (الرمّازة). وقال أبو عبيد: (قال الحجاج: (الزمّارة): الزانية .. وقال بعضهم: (الرمّازة). وهو عندي خطأ في هذا الموضع. == أما (الرَّمَازة) في حديث آخر؛ وذلك أن معناها مأخوذ من (الرَّمْز)، وهي التي تومئ بشفتيها أو عينيها، فأي كسب لها ههنا ينهى عنه؟ ولا وجه للحديث إلا ما قال الحجاج: (الزمارة). وعقب ابنُ قتيبة على هذا الكلام بقوله: (الصواب (الرَّمازة)؛ لأن من شأن البَغِيَّ أن ترمز بعينها أو حاجبها). "تهذيب اللغة" 13/ 207. وصوب الأزهريُّ قول أبي عبيد، وكذا قال البغوي: (والأصح تقديم الزاي). "شرح السنة": 8/ 23. ومن الناحية اللغوية، فإن (الزمارة) و (الرمازة) كلامها هنا بمعنى الفاجرة، إلا أن (الزَّمّارة) يُحتمل أن تكون كذلك بمعنى المرأة المُغَنِّيَة. انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1467، 1555 (رمز، زمر)، وانظر قول ابن قتيبة في هامش "غريب الحديث" لأبي عبيد 1/ 342 نقله المحقق عن كتابه "إصلاح الغلط" مخطوط: ص 3، فقد أسهب في بيان هذا المعنى.
وورد الحديث بلفظ: (الزمارة) في كتاب "أحاديث ذم الغناء في الميزان" لعبد الله الجديع: 50 - 51 وعزا تخريجه للمحاملي في "الأمالي" وابن عدي، وابن طاهر في: كتاب السماع. وأورده في ص: 155 بلفظ: (أخبث الكسب كسب الزمارة)، وعزا إخراجه لابن أبي الدنيا في: "ذم الملاهي". وذكر الجديعُ إسنادَه، وحكم عليه بأنه ضعيف جدًّا.]].
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا﴾. إن [[في (ج): (أي).]] قيل: إذا مُنع من [[(من): ساقطة من: (ب).]] الكلام، واضطُرَّ إلى الإشارة، كيف يقدر على التسبيح؟ قيل [[في (ج)، (د) (فيقال).]]: إنَّ الله تعالى حبس لسانه عن التَّكلم بأمور [[في (ب): (بكلام).]] الدنيا، وما يدور بين الناس، ولم يُحبس لسانه عن التسبيح. فكانت هذه أبلغ في الأعجوبة من أن يُمنع من [[في (د): (عن).]] كلِّ ما يجري به اللسانُ [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 8/ 44، 21/ 191، "غرائب القرآن" 3/ 185، "أضواء البيان" 1/ 341.]].
وقوله تعالى: ﴿وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾ أي: صَلِّ لله تعالى. والصلاة تُسَمَّى تسبيحا [[في (ج)، (د): (سبحة).]]، لأن الصلاة يُوَحَّد فيها الله تعالى، وُينَزَّه، ويُوصف بكلِّ ما يُبَرِّئه من السوء [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 409، فقد نقل عنه المؤلفُ بعض العبارات في تفسيرالتسبيح.
قال الراغبُ: (والتسبيح تنزيه الله تعالى. وأصله: المرُّ السريع في عبادة الله تعالى .. وجُعِل التسبيح عامًّا في العبادات، قولًا كان، أو فعلًا، أو نِيَّة). "مفردات ألفاظ القرآن" 392 (سبح). وتفسير التسبيح هنا بالصلاة، قال به مجاهد، ومقاتل. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 646، "زاد المسير" 1/ 386.]].
و (العَشيُّ): آخر النهار، جمع (عَشِيَّة) [[قال الخليل: (العَشيُّ: آخر النهار. فإذا قلت: (عَشيَّة) فهي ليوم واحد، تقول: (لقيته عَشِيَّة يوم كذا)، و (عشِيَّة من العشيَّات". كتاب "العين": 2/ 188 (عشى). وفي "القاموس" (والعشيُّ، والعَشيَّة: آخر النهار، والجمع: عَشايا، وعَشِيَّات) ص 1311 (عشا). وعند الراغب: أنَّ العشي من زوال الشمس إلى الصباح. وعند الطبري: أن العشي من زوال الشمس إلى المغيب. وقال السمين الحلبي عن هذا القول: (هو المعروف). وعند الجوهري: أن العشي (من صلاة المغرب إلى العتمة، تقول: أتيته عشيَّ أمس، وعشيَّة أمس). انظر: "تفسير الطبري" 3/ 262، "الصحاح" للجوهري 6/ 2426 (عشا)، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب 567 (عشا)، "الدر المصون" 3/ 167، "تاج العروس" 19/ 677 (عشا).]]. و (الإبكار) مصدر: (أَبْكَرَ: إذا صار في وقت البُكرة [[البكرة: هي أول النهار. انظر: "عمدة الحفاظ" للحلبي 59 (بكر) وقال: (وقد اشتُق منها لفظ الفعل، فقيل: (بكر فلان في حاجته)؛ أي: خرج بُكرَة والبُكور: الخروج بُكرة، والبَكور بالفتح: المبالغ في البكور. ولتَقَدُّمِها على سائر أوقات النهار؛ استعمل منها كلّ متعجل، وإن لم يكن في ذلك الوقت، فقيل: بَكر فلان في حاجته، وابتكر، وباكر مُباكرةً).]]، أو سار [[في (ب): (صار).]] فيه، ومثله: (بَكَر)،و (ابتَكَر) [[في (د): (فابتكر).]] ، و (بَكَّر)، قال عمر بن [[في (د): (عمرو ابن).]] أبي ربيعة:
أمِنْ آل نُعْمٍ أنت غادٍ [[في (أ)، (ب): (حا)، في (د): (عاد). والمثبت من: (ج) لموافقته للديوان، وبقية المصادر.]] فَمُبْكِرُ [[في (ج): (فمنكر)، وفي (د): (فمسكر). البيت في: "ديوانه" 92. وورد في "تفسير الطبري" 3/ 262، "المحرر الوجيز" 3/ 111. وتمامه:
غَداةَ غدٍ أمْ رائحٌ فَمُهَجِّرُ
و (نُعْم): امرأة من قريش من بني جمَح. و (غادٍ)؛ أي: سائر في وقت الغَداة، وهو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، وأراد أول النهار. و (مُبْكِر)، من (التبكير)، وهو: الخروج بُكرةً، وهو: أول النهار. و (مُهَجِّرُ)، من التهجيِر؛ أي: السير في وقت الهاجرة، وهو: نصف النهار، عند زوال الشمس، حال اشتداد الحرِّ. انظر: "القاموس" ص 352 (بكر)، ص 1317 (غدو)، ص 495 (هجر).]]
وقال أيضًا:
أيُّها الرائِحُ المُجِدُّ ابتكارا [[من الشعر المنسوب لعمر بن أبي ربيعة. انظر: "ديوانه" 493 وتمامه:
قَدْ قَضى مِن تِهامة الأوطارا]] وقال زُهير:
بَكَرَنَ بُكوراً واسْتحَرْنَ بِسُحْرةٍ [[في (أ): حرة (بدلا من بسحرة)، والمثبت من بقية النسخ، ومن "ديوانه": ص 10، وقد سبق ورود البيت عند قوله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: 17].]]
و (باكرت الشيء): إذا بكَّرت له، قال لَبيد:
[باكرْتُ حاجَتَها الدجاجَ بسُحرةٍ [[(باكرت حاجتها الدجاج بسحرة): ساقط من (د). وهذا شطر بيت، وتمامه:
لأُعِلَّ منها حين هبَّ نيامُها
وهو في: "ديوانه": 315. وقد ورد البيت منسوبا له، في "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري 577، "تهذيب اللغة" 1/ 376 (بكر)، "شرح القصائد العشر" للتبريزي 163، "شرح المعلقات السبع" للزوزني: 244، "اللسان" 3/ 1328 (دجج)، 1/ 332 (بكر)، 3/ 1879 (زهف). وروايته في "الديوان": (بادرت حاجتها)، ويروى: (بادرت لذتها)، و (أن يهب نيامها).
قال الأزهري في معناه: (أي: بادرت صقيع الديك سحرًا إلى حاجتي)، أي: حاجتي في الخمر، وأضاف الحاجة إلى الخمر اتِّساعًا؛ أي: بادرت بشربها صياح الدَّيَكة. و (لأعِلَّ منها)؛ أي: أشرب مرَّة بعد مرَّة، من (العَلَل)، وهو: الشرب مرَّة ثانية. و (حين هبَّ نيامها)؛ أي: وقت استيقاظ النيام بالسَّحَرِ، يعني: أنه ذهب بليل.]]
هذا معنى (الإبكار)، ثمَّ يُسَمَّى ما بين طُلوعِ] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).]] الفجر إلى الضحى:
إبكاراً، كما يُسَمَّى: إصباحاً [[انظر المعاني السابقة، في "تفسير الطبري" 3/ 262، "اللسان" 1/ 332.]].
{"ayah":"قَالَ رَبِّ ٱجۡعَل لِّیۤ ءَایَةࣰۖ قَالَ ءَایَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَیَّامٍ إِلَّا رَمۡزࣰاۗ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ كَثِیرࣰا وَسَبِّحۡ بِٱلۡعَشِیِّ وَٱلۡإِبۡكَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق