الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ يقال: نادى، مُناداةً، ونِداءً. فالكسر: مصدرٌ [[انظر: "جمهرة اللغة" 2/ 1061 (ندى).]]، والضم اسمٌ [[ويردُ الاسمُ منه كذلك بالكسر؛ فيقال: (نِداء)، و (نُداء). وجعل الجوهريُّ الكسرَ هو الأصل، فقال: (النِّداء: الصوت، وقد يُضم). "الصحاح" 6/ 2505. وانظر (ندى) في "تهذيب اللغة" 4/ 3545، "اللسان" 7/ 4388، "التاج" 20/ 233.]]. وأكثر ما جاءت الأصوات على ضَمِّ أولها؛ نحو: (الرُّغاء) [[في (ج)، (د): (الدعا). والرُّغاء: صوت البعير، والضبع، والنَّعام. انظر: "القاموس" ص 1289 (رغى).]]، و (البُكاء)، و (الصُّراخ)، و (الهُتاف) [[في جميع النسخ: (والهتات)، ولم أجدها في معاجم اللغة التي رجعت إليها، ولم أر لها وجهَا، وما أثبته هو ما رجَّحتُه؛ لأن (الهُتاف)، و (الهَتْف): هو الصوت الجافي العالي، أو الصوت الشديد. انظر: "المنتخب من غريب كلام العرب" لكراع النمل: 1/ 294، "اللسان" 8/ 4612 (هتف).]].
وفي قوله: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ﴾، قراءتان: التذكير، والتأنيث [[قرأ حمزة والكسائي من السبعة وخلف من العشرة (فناداه)، بإمالة الدال، وتروى هذه القراءة عن (علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، وعلي بن الحسين، ومحمد بن زيد وابنيه، وجعفر بن محمد). "القطع والائتناف" ص 222. والباقون: (فنادته). انظر: "السبعة" 205، و"الحجة" للفارسي 3/ 37، و"النشر" 2/ 239.]].
قال الفرَّاء [[في "معاني القرآن" له: 1/ 209، نقله بنصه.]]: (الملائكة)، وما أشبههم من الجمع، يُذَكَّر وُيؤَنَّث.
وقرأت القُرَّاءُ: ﴿يَعرُجُ الملائكة﴾، و ﴿تَعرُجُ﴾ [[والقراءة بالياء: للكسائي، وبالتاء: للباقين. انظر كتاب "الإقناع"، لابن مهران: 297، "حجة القراءات"، لابن زنجلة 721، "التبصرة" 708.]] [المعارج: 4]، و ﴿تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ و ﴿ويَتَوفَّاهم الملائكة﴾ [[الملائكة: ليست في: (ج) و (د).]] [[القراءة في الموضعين بالياء: لحمزة، وبالتاء: للباقين. انظر: "الكشف" 2/ 36، "حجة القراءات" 388.]] [النحل: 28]، فمن ذكَّر؛ ذهب إلى معنى التذكير، ومن أنَّث؛ فلِتأنيث الاسم.
قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 405. نقله عنه بتصرف يسير.]]: الجماعة، يلحقها التأنيث؛ للفظ الجماعة، ويجوز أن يُعبَّر عنها بلفظ التذكير؛ لأنه يقال: جَمْعُ الملائكة، وهذا كقوله: ﴿وَقَالَ نِسْوُةُ﴾ [يوسف: 30].
وقال أهل المعاني [[نقل المؤلف هنا عبارة الفراء باختصار عن "معاني القرآن" 1/ 210، وممن قال بذلك: الطبري في "تفسيره" 3/ 250، والزجاج في "المعاني" 1/ 405، والنحاس في "المعاني" 1/ 390، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 45 أ.]]: أراد بالملائكة [[قوله: (المعاني أراد بالملائكة): مكانها بياض في: (د).]] ههنا: جبريل، وحده [[ممن قال بأن المنادي: جبريل وحده: عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، والسدي، ومقاتل.== انظر: "تفسير مقاتل" 1/ 274، "تفسير الطبري" 2/ 449 - 450، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 641، "القطع والائتناف" للنحاس 222، "زاد المسير" 1/ 381، "الدر المنثور" 2/ 37.]]، وذلك جائز في العربية أن تخبر عن الواحد بمذهب الجمع؛ كما تقول في الكلام: (ركب السفنَ)، و (خرجَ على البِغالِ)، وإنما ركب بغلاً واحدًا. وهذا [[(ج) (وهو).]] جائز فيما لم يُقْصد فيه قَصْد [[في (أ)، (ب): (وقصد)، والمثبت من: (ج) (د)، ومن "معاني القرآن".]] واحدٍ بعينه.
قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 405، نقله عنه بتصرف يسير جدًّا.]]: المعنى: أتاه النداءُ من هذا الجنس، الذين هم الملائكة [[في (ج): (ملائكة). وقوله: (الذين هم ملائكة): ليس في "معاني القرآن".]]، كما تقول: (ركب فلانٌ في السُّفُن) وإنما ركب في سفينةٍ واحدةٍ؛ تريد بذلك: جَعْلَ ركوبه في هذا الجنس.
ومثل [[من قوله: (ومثل ..) إلى (.. جرى على هذا): نقله بتصرف يسير عن "تفسير الثعلبي" 3/ 45 أ.]] هذا مما في القرآن قوله: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾ [آل عمران: 173]، وهو نعيْمُ بن مَسعود [[هو أبو سلمة، نُعَيم بن مسعود بن عامر الأشجعي. صحابي مشهور، هاجر إلى الرسول يوم الخندق، وهو الذي خذَل المشركين واليهود حتى صرف الله المشركين، سكن المدينة، قتل في وقعة الجمل في أوّلِ خلافة علي، وقيل: مات في خلافة عثمان - رضي الله عنه -. انظر: "الاسيعاب" 4/ 70 (2658)، "الإصابة" 3/ 568 (8779).]]، ﴿إِنَّ النَّاسَ﴾، يعني: أبا سُفيان [[سيأتي بيان قصة الآية في موضعها من هذه السورة، عند تفسير آية: 173 إن شاء الله تعالى.]].
قال المفضَّل: إذا كان القائل رئيسًا، فيجوز الإخبار عنه بالجمعِ؛ لاجتماع أصحابه معه، فلمَّا كان جبريل عليه السلام رئيس الملائكة، وقلَّما يُبْعثُ إلاَّ ومعه جَمعٌ منهم، جُرِيَ على هذا. وهذا قول ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]، والأكثرين [[قوله: (والأكثرين)، سبق أن بينت أنه لم يقل بهذا القول غير ابن مسعود - رضي الله عنه - والسدي، ومقاتل، بناءً على المصادر التي رجعت إليها.]]: إنَّ المنادى جبريل وحده.
وقال غيره: ناداه جماعةٌ من الملائكة [[ورَجَّح هذا الطبري؛ حملًا لتأويل القرآن على الأظهر الأكثر من كلام العرب، دون الأقل، ما وُجِد إلى ذلك سبيل. وبيَّن أنَّه لا حاجة هنا لصرفه إلا أنه بمعنى واحد. وبيَّن أنَّ هذا قول جماعة من أهل العلم، ومنهم: قتادة، والربيع، وعكرمة، ومجاهد، وغيرهم. "تفسير الطبري" 3/ 250، وانظر: "تفسير عبد الرزاق" 1/ 120، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 641، "الدر المنثور" 2/ 37، ورجحه كذلك النحاس في "القطع والائتناف" (223).]].
وقوله تعالى: ﴿أَنَّ اللهَ يُبَشِرُكَ﴾ يُقْرأ بـ ﴿إِنَّ﴾ [[في (ج)، (د): (إن). وفي (د) بدلًا من: (بإن).]]: مكسورًا ومفتوحاً [[قرأ ابن عامر، وحمزة: ﴿إِنَّ﴾ بالكسر، وقرأ الباقون: ﴿أَن﴾ بالفتح. انظر: "السبعة" 205، "الحجة" للفارسي: 3/ 38، "الكشف" لمكي: 1/ 343.]]؛ فمن فتح [[من قوله: (فمن ..) إلى (.. فأضمر القول في ذلك كله): نقله باختصار وتصرف يسير عن "الحجة" للفارسي: 3/ 39، 38]]، كان المعنى: (فنادته بِأَنَّ اللهَ)، فلمَّا حذف الجارّ منها [[(منها): ساقطة من (ج).]]، وصل الفعلُ إليها فنصبها؛ فـ (أَن) [[في (ج): (بأن).]] في موضع [نصب] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (د)، ومن "الحجة". ويقتضيها السياق.]]. وعلى قياس قول الخليل: في موضع [[(في موضع): مكانها بياض في: (د).]] [جَرٍّ] [[ما بين المعقوفين زيادة من "الحجة" للفارسي، يقتضيها السياق. وانظر: "كتاب سيبويه" 3/ 126 - 129، 1/ 92، 37 - 39، "المحلى ووجوه النصب" لابن شقير: 76، "سر صناعة الإعراب" 130، "الكشف" لمكي 1/ 343. وانظر تفسير آية19 من هذه السورة، وما سيذكره عند تفسير ﴿أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ﴾ آية: 73 من هذه السورة.]]. وقد ذكرنا هذه المسألة فيما تقدم.
ومن كَسَرَ، أضمر القولَ؛ كأنه: (ناداه، فقال: إنَّ الله) فحذف القولَ. وإضمار القول كثير في هذا النحو، كما قال: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ [الرعد:23 - 24]، ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا﴾ [الأنعام: 93]، ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ﴾ [آل عمران: 106]، فأضمر القول في ذلك كلِّه [[هذا على مذهب البصريين القائلين بإضمار القول، أما على مذهب الكوفيين، فإنهم أجروا النداء مُجرى القول. انظر: "البحر المحيط" 2/ 446، "الدر المصون" 3/ 152، "إتحاف فضلاء البشر" للبنا ص 174.]].
وقوله تعالى: ﴿يُبَشِّرُكَ﴾ قد [[من قوله: (قد ..) إلى (.. وقرأ حمزة والكسائي: يبشرك): ساقط من (د).]] ذكرنا معنى التبشير في قوله: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البقرة: 25].
وقرأ حمزةُ والكسائيُّ [[انظر: "السبعة" 502، "الحجة" للفارسي: 3/ 41. وقد قرأ حمزة: (يَبْشُرُ) بالتخفيف في كل القرآن، إلا في قوله: ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [آية 54 من سورة الحجر]، فقرأها بالتشديد (يُبَشِّرون). أما الكسائي: فقد قرأها بالتخفيف في خمسة مواضع: (آل عمران: 39، 45) و (الإسراء: 9) == و (الكهف: 2) و (الشورى: 23). أمَّا نافع، وابن عامر، وعاصم، فقد قرأوها بالتشديد في كل القرآن. وكذا قرأها ابن كثير، وأبو عمرو في كل المواضع، إلا في آية (23 من الشورى). انظر: "السبعة" 205، "الحجة" للفارسي: 3/ 239، "الغاية" لابن مهران:125، "التيسير" للداني: 87، "النشر" 2/ 239، "اتحاف فضلاء البشر" ص 174.]]: ﴿يُبَشِّرُكَ﴾ [[وردت في: (أ) يَبْشِرُكَ بكسر الشين المخففة، وأهملت حركاتها في بقية النسخ، ولم ترد بها قراءة، والصواب من قراءتها ما أثبته، وما سبق الإشارة إليه، وقد ورد في قراءة مجاهد، وحميد بن قيس الأعرج: (يُبْشِرُكَ) بضم الياء، وتسكين الباء، وكسر الشين المخففة. انظر: "معاني القرآن" للزجَّاج: 1/ 405، "المحتسب" 1/ 161، "تفسير الثعلبي" 3/ 45 ب. انظر ترجمة حميد بن قيس في "غاية النهاية" 1/ 265 برقم (1200).]]، مُخَفَّفاً، من (البَشْرِ) [[في (أ): البَشرَ، ولم أر لها وجهًا، وأهملت حركاتها في بقية النسخ، وما أثبته، هو ما استصوبته. قال في "اللسان" 4/ 61 (بشر): (وقد بَشَرَه بالأمر، يَبْشُرُه بالضم بَشْرًا، وبُشُورا، وبِشْرًا، وبَشَرَهُ به بَشْرًا .. وبَشرَ يَبْشُرُ بَشْرًا وبُشُورًا) وانظر: "الصحاح" 2/ 590 (بشر).]] وهو بمعنى: التبشير [[قال الفرَّاء في "معاني القرآن" 1/ 212: (وكأن المشَدَّد على: بِشارات البُشَراء، وكأن التخفيف من وجهة الإفراح والسرور، وهذا شيء كان المشيخة يقولونه).]].
قال أبو زيد: يقال: (بَشَّرَ، يُبَشِّرُ)، [و (أبْشَرَ يُبْشِرُ] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج)، (د)، ومن "الحجة" للفارسي.]] إبْشارا)، و (بَشَرَ، يَبْشُرُ، بَشْرا)، ثلاث لغات [[لم أقف على قول ابن زيد فيما رجعت إليه من مصادر، ويبدو أن هذا قول أبي الحسن (الأخفش)، كما في "الحجة" للفارسي 3/ 37، ونصه: (قال أبو الحسن: في (يبشر) ثلاث لغات: ..) وذكر ما دُوِّنَ أعلاه، ثم بعدها نقل الفارسي قولًا آخر لأبي زيد مغاير لما هنا، فقال: (قال أبو زيد ..).]]. ونحو هذا قال ابن الأعرابي فيما روى عنه ثَعْلَب [[انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 338 (بشر).]].
وقال أهل اللغة [[انظر (بشر) في "إصلاح المنطق" ص21 - 22، 41، 277، و"الجمهرة" ص310، "تهذيب اللغة" 1/ 338، "الصحاح" 2/ 590، "مقاييس اللغة" 1/ 251.]]: أصل معنى (البَشْرِ): إصابة البَشَرَةِ يقال: (بَشَرتُ الأديمَ) [[الأديم هنا: الجلد. انظر القاموس (أدم) ص 1074.]]: إذا أخذتُ بَشَرَتَه بشَفْرةٍ، و (بَشَرَ الجرادُ الأرض): إذا أكلَ ما عليها، [فأخذ بَشَرَتها [[أخذ بشرتها؛ أي: أكل ما ظهر من نباتها، فجعل ظاهر الأرض كأنه بشرة لها.]]، فاستُعمِلَ هذا في إيراد الخبرِ [[في (د): هذا إيراد في الخبر.]] السَّارِّ؛ لأنه يصيب البَشَرَة بالهَشاشَةِ [[الهَشَاشة والهَشَاشُ: الارتياح، والخفَّةُ، والنشاط، يقال: (هَشِشْتُ إليه، أهَشُ، هَشاشة): إذا خففت إليه، وارتحت له. انظر: "إصلاح المنطق" 200، "القاموس المحيط" 610 (هش).]]] [[ما بين المعقوفين زياد من: (ج) (د).]].
وقال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له 1/ 405. ولكن النصَّ في "معاني القرآن" المطبوع المتداول يختلف بعض اختلافٍ في ضبط الكلمات عمَّا أورده الواحدي، ونصه في "معاني القرآن" (ومعنى: يُبْشرك: يسرك ويفرحك، يقال: بَشَّرتُ الرجلَ أبَشِّرُه، وأبْشُرُه: إذا أفرحته، ويقال: بَشُرَ الرجل يَبْشرُ)، وما أورده المؤلف مطابق لما فى "تهذيب اللغة" 1/ 338 (بشر)، وأورده كذلك ابن الجوزي في "الزاد" 1/ 382، وصاحب "اللسان" 1/ 287 (بشر) مما يعني أن يكون الأزهري، والواحدي، قد نقلا من نسخة أخرى غير المعتمدة في المطبوعة، أو يكون الواحدي، نقل النص عن الأزهري، وهو ما أرجحه؛ نظرًا لأن "التهذيب" من مصادره الأساسية، التي اعتمد عليها كثيرًا.]]:
معنى ﴿يُبَشِّرُكَ﴾ [[في (أ): يَبْشِرُكَ أما بقية النسخ فقد أهملت حركاتها. وفي "معاني القرآن" المطبوع == يُبشرك. وما أثبتُه هو ما استصوبته، وهو موافق لما في "زاد المسير" حيث ضبط الحركات بالحروف، "اللسان"؛ لأن الواحدي أراد أن يبين معنى القراءة بالتخفيف (يَبْشُرُكَ)، وما في "معاني القرآن" المطبوع لا استبعد الخطأ المطبعي في ضبط حركتها.]] بالتخفيف: يسُرُّكَ، ويُفرِحُكَ، يقال: (بَشَرْتُ الرَّجُلَ، أبْشُره): إذا أفرحته، فـ (بَشِرَ [[في (أ): (فبَشُرَ) وهو موافق لما في "معاني القرآن". وما أثبتُّه يوافق ما في "تهذيب اللغة"، "اللسان" وبقية مصادر اللغة، ولم أعثر على (بَشُرَ) في معاجم اللغة.]]، يَبْشَرُ): إذا فرِحَ.
وقال ابن الأعرابي [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 338، وهو ما أشار إليه المؤلف سابقًا.]]: (بَشِرتُ بكذا، وأبْشَرْتُ به) أي: فرحت [[نقله المؤلف باختصار، ونصه: (يقال: (بَشَرْتُهُ، وبَشَّرْتُهُ، وبَشِرْتُهُ، وأبْشَرته). قال: (وبَشِرْتُ بكذا، وبَشرْت وأبشرْت): إذا فرحتَ به.]]، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾ [فصلت: 30].
وقوله تعالى: ﴿بِيَحْيَى﴾. (يحيى) [[من قوله: (يحيى ..) إلى (.. وأنه معرفة): نقله بتصرف عن "معاني القرآن" للزجَّاج 1/ 406.]]، لا ينصرف، عَربيّاً كان، أو عجمِيًّا [[في (ج)، و"معاني القرآن": (أعجميا).]]: لأنه إن كان عجميَّا: فقد اجتمع فيه العُجْمةُ والتعريف، وإن كان عربيًّا: لا [[في (ج)، "معاني القرآن": (لم).]] ينصرف؛ لِشِبهه [[في (د): لتشبيهه.]] بالفعل، وأنه معرفة.
قال المفسرون: سمَّاه الله تعالى بهذا الاسم قبل مولده [[انظر: "تفسير الطبري" 3/ 252، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 642، "النكت والعيون" 1/ 389 - 390.]].
قال الحسين [[في (ج): (الحسن).]] بن الفضل [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 46 أ، وانظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب 269 - 270. وهو: أبو علي، الحسين بن الفضل بن عمير بن كَيْسان البجَلِي، تقدم.]]: إنَّما سُمِّيَ (يَحْيى) [[في (د): (بيحيى).]]، لأن الله [تعالى] [[ما بين المعقوفين زيادة من (د).]] أحياه بالطاعة، حتى لم يَعْصِ، ولم يَهم بمعصية. فمعنى (يحيى): أنه يعيش مطيعاً لله عمره، ألا ترى أنَّ الكافر يُسمَّى (مَيْتاً)؛ قال الله تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ [الأنعام: 122]، قيل في تفسيره: ضالاً فهديناه [[وهذا قول: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدِّي، وابن زيد، وعكرمة، وغيرهم. انظر: "تفسير الطبري" 8/ 21 - 24، "الدر المنثور" 3/ 81.]].
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾. نصب على الحال؛ لأنه نكرة، و (يَحيى) معرفة.
قال ابن عباس [[الأثر عنه في "تفسير الطبري" 3/ 253، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 651، "تفسير ابن كثير" 1/ 387، "الدر المنثور" 2/ 38، ونسب إخراجه كذلك للفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر. وهو قول مجاهد، والرقاشي، وقتادة، والربيع، والسدي، والضحاك. انظر المصادر السابقة.
وذهب أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 91 إلى أن (كلمة الله): كتاب الله، كما تقول العرب للرجل: (أنشدني كلمة كذا وكذا)؛ أي: قصيدة فلان، وإن طالت. وأنكر عليه الطبري ذلك إنكارًا شديدًا، وردَّه انظر: "تفسير الطبري" 3/ 254.]]: يريد: مُصدِّقاً بعيسى أنه روح الله، وكلمته.
وسُمِّيَ (عيسى) كلمةُ الله؛ لأنه حدث عند قوله: ﴿كُن﴾، فوقع عليه اسم (الكلمة)؛ لأنه بها كان.
قال المفسرون: وكان (يحيى) أول من آمن بـ (عيسى) عليهما السلام، وصدَّقه، وكان (يحيى) أكبر من (عيسى) [[قال به ابن عباس، والربيع، والضحاك. انظر: "تفسير الطبري" 3/ 250 - 253، "تفسير الثعلبي" 3/ 46 ب.]].
قوله تعالى: ﴿وَسَيِّدًا﴾. (السَّيِّد) من باب: (الصَّيِّب)، و (المَيِّت). وقد ذكرنا ما فيهما [[في (ج): فيها. وانظر: "تفسير البسيط" تح: د. الفوزان، عند آية: 19 من سورة البقرة وانظر ما سبق عند تفسير آية: 27 من سورة آل عمران. ويعني: أن (سَيِّد)، أصلها: (سَيْوِد)، مثل: (صَيِّب)، و (مَيّيت) حيث إنَّا أصلهما: (صيْوِب) و (مَيْوِت). انظر بيان هذه المسألة، والخلاف فيها، في "كتاب سيبويه" 4/ 365، "سر صناعة الإعراب" 153، 585، "الإنصاف" ص 624 - 625، وقد سبق الإشارة إلى ذلك عند تفسير آية: 27 من سورة آل عمران.]]. ويقال [[(ويقال): ساقطة من (ج).]]: (سادَ فلانٌ قومَه، يَسُودُهم، سُؤْدَداً، وسِيادَةً): إذا صار رئيسهم [[وفي لغة طيىء: (سُؤْود) بضم الدال، وورد من مصادره: (سَيْدُودَة). انظر (سود) في: العين، للخليل: 7/ 281، "الصحاح" 2/ 490، "اللسان" 4/ 2144.]].
قال أبو [[في (ب): ابن.]] إسحاق [[في "معاني القرآن" له: 1/ 406.]]: (السيِّد): الذي يفوق في الخير قومَه.
وقال بعض أهل اللغة: (السيد): المالك الذي [[من قوله: (الذي ..) إلى (.. والسيد الرئيس): ساقط من (د).]] يجب [[في (ج): (تجب).]] طاعته؛ ولهذا يقال: (سيِّد الغلام)، ولا يقال: سيِّد الثوب.
سَلَمَة [[هو: أبو محمد، سَلَمَة بن عاصم. تقدم.]] عن الفرَّاء [[قوله في "تهذيب اللغة" 13/ 35.]]: (السيِّد): المالك [[في "التهذيب" "اللسان" (سود): الملك.]]، و (السيِّد): الرئيس، و (السيِّد): الحليم، و (السيِّد): السَّخي، و (السيِّد): الزوج، ومنه قوله: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا﴾ [يوسف: 25]، [أي: زوجها] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج) (د)، ومن "تهذيب اللغة" 2/ 1590. وانظر في تفسير (سيِّدها) بـ (زوجها) "تفسير البيضاوي" ص 243، "تفسير أبي السعود" 4/ 267، "فتح القدير" 3/ 27.]].
وقال أبو خيرة [[في (د): أبو حيوة. وقوله في "تهذيب اللغة" 2/ 1590، "اللسان" 4/ 2144 - 2145. وأبو خيرة، هو: نهشل بن زيد البصري. أعرابي بَدَوي من بني عَدِيّ، دخل الحاضرة، وأخذ عنه الناس، وصنف في الغريب كتبا. انظر: "الفهرست" ص 72، "إنباه الرواة" 4/ 117، "معجم الأدباء" 19/ 243، "بغية الوعاة" 2/ 317.]]: سُمِّيَ (سَيِّدا)، لأنه يَسُودُ سَوادَ الناسِ، أي: عُظْمَهم [[في "تهذيب اللغة" معظمهم. و (عُظْمهم): أكثرهم، ومعظمهم. انظر: "الصحاح" 5/ 1987 (عظم).]]. هذا قول أهل اللغة في معنى (السيِّد).
فأما أهل [[(أهل): ساقطة من: (ب).]] التفسير: فقال ابن عباس [[لم أهتد إلى مصدر قوله، وقد أورده ابن الجوزي في "الزاد" 1/ 383، وهو قول مجاهد، والرقاشي. انظر: "تفسير الطبري" 3/ 254، "ابن أبي حاتم" 2/ 643، "البغوي" 2/ 34، "الدر المنثور" 2/ 38 أورده عن مجاهد ونسب إخراجه كذلك إلى عبد بن حميد. والوارد عن ابن عباس، تفسيره بـ (الحليم النقي)؛ كما في "تفسير الطبري" 3/ 254، "ابن أبي حاتم" 2/ 642، "زاد المسير" 1/ 383، "الدر المنثور" 2/ 39، ونسب إخراجه كذلك لعبد الرزاق، وابن المنذر، وابن عساكر.]]: السَّيِّد: الكريم على رَبِّهِ عز وجل. وقال قتادة [[قوله في "تفسير الطبري" 3/ 254، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 642، "تهذيب اللغة" 2/ 1590، "تفسير الثعلبي" 3/ 47 أ، "تفسير البغوي" 2/ 34.]]: السيِّد، هو: العابد، الورع، الحليم. وقال عِكرمَة [[قوله في "تفسير الطبري" 3/ 255، "ابن أبي حاتم" 2/ 642، "تهذيب اللغة" 2/ 1590، "الدر المنثور" 2/ 39، وزاد نسبته لابن أبي الدنيا في "ذم الغضب".]]: السيد: الذي لا يغلبه غضبُهْ.
وقوله تعالى: ﴿وَحَصُورًا﴾ (الحَصْرُ) في اللغة: الحَبْسُ [[قال ابن فارس في "مقاييس اللغة": (الحاء، والصاد، والراء؛ أصل واحدة وهو: الجمع والحبس والمنع 2/ 72 (حصر). وانظر: "غريب القرآن" لليزيدي: 34، "الصحاح" 2/ 630 - 632، وما سيأتي من مراجع.]]. يقال: (حَصَرَه، يَحْصُرُه، حَصْراً). و (حُصِرَ الرجلُ): إذا اعتُقِل بطنه [[في "الصحاح" (والحُصْرُ بالضم: اعتقال البطن، تقول فيه: (حُصِرَ الرجل)، وَ (أُحْصِرَ)، على ما لم يُسمَّ فاعِلُه) 2/ 362 (حصر).]]، و (حَصرَ [[ورد ضبطها في "تهذيب اللغة" (حُصِرَ)، حيث قال: (ورجل حَصُورٌ: إذا حُصِرَ عن النساء ..) 1/ 838، وانظر 1/ 839، وكذا ورد في "اللسان" 2/ 896 (حصر). ولكن ورد في "الصحاح" (وكل من امتنع عن شيء، فلم يقدر عليه، فقد حَصِرَ عنه، ولهذا قيِل: (حَصِرَ في القراءة)، و (حَصِرَ عن أهله) 2/ 631 (حصر).]] الرجلُ عن النساء)، فهو (حَصُورٌ).
والحَصُورُ: الضَّيِّقُ [[من قوله: (الضيق ..) إلى (.. ولا فيها بسوار): ساقط من: (ب).]]، البخيل، الذي يمنع مالَهُ، فلا يُخرِجُ مع النَّدامى [[النَّدامى هنا: هم الذي يجتمعون على الشراب، وهذا هو الأصل فيها، ثم استعملت في كل اجتماع للمسامرة. يقال: (نادمه على الشراب، مُنادمة، ونِدامًا). والمفرد: نَدِيم، ونَدْمان. والجمع: نَدامى، ونُدَماء، ونِدام. انظر (ندم) في "أساس البلاغة" 2/ 432، "التاج" 17/ 683.]] شيئاً للشراب [[انظر: "التهذيب" 1/ 838 (حصر). وقال ابن سيده في: "المخصص": 14/ 25: (والحَصير .. الذي لا يشرب مع القوم لبخله، وهو الحَصور)، وكذا ورد في "مجالس ثعلب" 509.]]، ومنه:
لا بالحَصُورِ ولا فيها بِسَوَّارِ [[قوله: (فيها بسوار): بياض في: (د). وهذا عجز بيت وصدره:
وشاربٍ مُربح بالكأس نادمني= وهو للأخطل، في شعره 168، كما ورد منسوبًا له في أغلب المصادر التالية: "مجاز القرآن" 1/ 92، "طبقات فحول الشعراء" 501، "مجالس ثعلب" 315، 509، "معاني القرآن" للزجاج: 1/ 407، "تفسير الطبري" 3/ 255، "القطع والاستئناف" للنحاس: 223، "جمهرة أشعار العرب" ص 328، "تهذيب اللغة" 1/ 838 (حصر)، "المحتسب" 2/ 241، "الصحاح" 2/ 631 (حصر)، "مقاييس اللغة" 3/ 115 (حصر)، "تفسير الثعلبي" 3/ 48 أ، "والمخصص": 14/ 25، "تفسير القرطبي" 3/ 158، "اللسان" 2/ 896 (حصر)، 4/ 2147 (سور). وورد في "مجالس ثعلب" برواية أخرى، وذكرها ابن جني في "المحتسب" (.. ولا فيها بسآر) بتشديد الألف الممدودة، وقال ابن جني: (وأجود الروايتين: (بسَوَّار)؛ أي: بمعربد)، وفي "القطع والائتناف" (وصاحب مربح ..). ومعنى (مُرْبح)؛ أي: يصف نديمه في الشراب، بأنه يُربح بائعها، ولا يبالي بأن يشتريها بثمن غالٍ، وهو هنا يمدحه بحب اللهْو والكرم، أو تكون (مربح) من: أرْبَح الرجلُ: إذا نحر لأضيافه (الرَّبَح)، وهي الفصلان الصغار. وقوله: (لا بالحصور)؛ أي: ليس بخيلا ممسكا. ومعنى: (ولا فيها بسوَّار)؛ السَّوَّار: الذي تَسُورُ وتدبُّ الخمرُ في رأسه سريعًا، فتثب به وثْبَ المُعَرْبِد على من يُشارِبُه. أما الرواية الثانية (ولا فيها بسآر)؛ أي: لا يبقى في الإناء سُؤْرًا، أي: بقية، بل يشتفُّهُ كلَّه. انظر: "اللسان" 3/ 1553 (ربح)، 2/ 896 (حصر)، 4/ 2147 (سور).]] و (الحَصور)، و (الحَصِرُ) أيضاً: الذي يكتم السِّرَّ، ويحبسه في نفسه.
قال جرير:
ولقَدْ تَسَقَطني الوُشاةُ فصادفوا ... حَصِرًا بِسِرِّكِ [[في (ج)، (د): (يسرك).]] يا أمَيْمَ ضَنينا [[في نسخة (ب) دمج بيت الأخطل مع بيت جرير، كالتالي:
لا بالحصر ولا عنها بسوار ... بسرك يا أميم ضنينا
وقد ورد بيت جرير، في "ديوانه": 476. كما ورد منسوبًا له في: "مجاز القرآن" 1/ 92، "تفسير الطبري" 3/ 255، "معاني القرآن" للزجَّاج1/ 407، "تهذيب اللغة" 1/ 839، "معجم مقاييس اللغة" 2/ 73، "تفسير الثعلبي" 3/ 48 أ، == "والمخصص": 3/ 20، "اللسان" 2/ 896 (حصر)، 4/ 2038 (سقط). وورد عند الطبري: (تَساقَطَني)، وفي "اللسان" 4/ 2038: (.. حَجِئًا بسِرِّك). و (تَسَقَّطه)، و (استسقطه)، و (تساقطه)؛ بمعنى: طلب سَقَطَه، أي: خطأه وعثرته، وعالجه على أن يخطئ، وفي البيت: عالجه على أن يسقط فيخطئ أو يبوح بما عنده. أما في الرواية الثانية: (.. حجئا بسرك)؛ أي: مستمسكًا به، من قولهم: (حَجِئَ بالشيء، وحَجَأ به، حَجْأ)؛ أي: تمسك به ولزمه. ومعنى (الضَّنِين): البخيل، الحريص على الشيء. انظر: "اللسان" 4/ 2038 (سقط)، 2/ 777 (حجأ)، "القاموس" 1212 (ضنن).]] قال ابن قتيبة [[في "تفسير غريب القرآن" له 99، نقله مع اختصار قليل.]]: الحَصُور: الذي لا يأتي النساء، وهو (فَعُولٌ) بمعنى: (مفعول)؛ كأنه [[في (ج): (فكأنه)، وفي (د): (وكأنه).]] محصور عنهن، أي: مأخوذ [[في (د): (أحود).]]، محبوس [[قال ابن قتيبة بعدها: (وأصل الحصر: الحبس).]]، ومثله: (رَكوب)، بمعنى: مَرْكُوب [[(بمعنى مركوب): ساقط من: (ج) (د).]]، و (حَلوب)، بمعنى: مَحْلُوب [[انظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 394.]]. ويجوز أن يكون (فَعُولاً) بمعنى: (فاعل)؛ يعني: أنه حَصَرَ نفسه عن الشهوات.
وجميع المفسرين: على أن (الحَصُور) ههنا: الذي لا يأتي النساءَ، ولا يقربهن [[وهو قول: ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وابن جبير، وقتادة، وعطاء، وأبي الشعثاء، والحسن، والسدي، وابن زيد، وعطية العوفي انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 643، 644، "تفسير الثعلبي" 3/ 48 أ، "تفسير ابن كثير" 1/ 387، "تفسير القرطبي" 4/ 78.]].
قال ابن عباس: هو الذي لا يجامع النساءَ، إنما له فَرْجٌ كفَرْجِ الصَّبِيِّ الصغير [[الذي في "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 643: (عن ابن عباس، قال: الحصور: الذي لا يأتي النساء.)، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 39، ونسب إخراجه إلى عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن عساكر.]] وقال سعيد بن المُسَيِّب [[قوله في "تفسير الطبري" 3/ 255، "تفسير الثعلبي" 3/ 48 أ. وقد تقدمت ترجمته.]]: هو العِنِّين.
وروي عن النبي ﷺ، أنه ذكر يحيى بن زكريا ثم أهوى بيده إلى قَذَاةٍ [[القذاة: هي الشيء الصغير جدًّا، مما يقع على العين والماء والشراب؛ من تراب، أو تُبْن، أو وسخ، أو غير ذلك. وجمعها: (قَذُى)، وجمع الجمع: (أقْذاء). انظر: "اللسان" 6/ 3562 (قذى).]] من الأرض فأخذها، وقال: "كان ذَكَرُهُ مثلَ هذه القذاةِ" [[الحديث: أخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 255، بسنده عن سعيد بن المسيب، عن ابن العاص إما عبد الله أو أبيه، من طرق مختلفة، مرفوعًا وموقوفًا، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 643 عن ابن المسيب عن ابن العاص مرفوعًا وموقوفًا، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 373، وقال: (صحيح على شرط مسلم)، ووافقه الذهبي، وأورد ابن كثير في "تفسيره" 1/ 387 رواية ابن أبي حاتم المرفوعة والموقوفة، وقال عن المرفوعة: إنها غريبة جدًّا، وقال عن الموقوفة: (فهذا موقوف، أصح إسنادًا من المرفوع)، وقال: (رواه ابن المنذر في "تفسيره" من طريق آخر عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص). وأخرجه ابن أبي حاتم والثعلبي في تفسيريهما عن أبي هريرة مرفوعًا. انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 643، "تفسير الثعلبي" 3/ 48 أ. وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 39، ونسب إخراجه كذلك إلى ابن المنذر وابن عساكر، وقال: (وأخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد في: "الزهد" وابن أبي حاتم، وابن عساكر، عن أبي هريرة من وجه آخر عن ابن عمرو، موقوفًا، وهو أقوى إسنادًا من المرفوع). وقد نقل ابن كثير بعد أن أورد بعضًا من هذه الآثار قولَ القاضي عياض حولها، ونصه كما في (الشفاء): (فاعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى بأنه حصُورٌ، ليس كما قال بعضهم: إنه كان == هَيُوبا [أي: يهاب الفعل المعروف]، أو لا ذَكَر له، بل قد أنكر هذا حذَّاق المفسرين، ونقَّاد العلماء، وقالوا: هذه نَقيصةٌ وعيب، ولا يليق بالأنبياء عليهم السلام، وإنما معناه: أنه معصوم من الذنوب؛ أي: لا يأتيها، كأنه حُصِر عنها، وقيل: مانعا نفسه من الشهوات، وقيل: ليست له شهوة في النساء. فقد بان لك من هذا؛ أنَّ عدم القدرة على النكاح، نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة، ثمَّ قمْعُها؛ إمَّا بمجاهدة، كـ (عيسى) عليه السلام، أو بكفاية من الله تعالى كـ (يحيى) عليه السلام فضيلة زائدة؛ لكونها مُشْغلةً في كثير من الأوقات، حاطَّةً إلى الدنيا؛ ثم هي في حقِّ من أقْدِر عليها، ومُلِّكَها، وقام بالواجب فيها، ولم يشغله عن ربه درجةٌ علياء، وهي درجة نبينا ﷺ الذي لم تشغله كثرتُهُنَّ عن عبادة ربِّه؛ بل زاده ذلك عبادة؛ لتحصينهنَّ، وقيامه بحقوقهنَّ، واكتسابه لهنَّ، وهدايته إيَّاهن؛ بل صرَّح أنها ليست من حظوظ دنياه هو، وإن كانت من حظوظ دنيا غيره) ثم ساق القاضي عياض الأدلة على ذلك. انظر: "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض: ص 88. ثم يقول ابن كثير: (والمقصود، أنه مَدْح ليحيى بأنه حَصُورٌ، ليس أنه لا يأتي النساء؛ بل معناه: .. أنه حصور عن الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال، وغشيانهنَّ، وإيلادهنَّ، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم، حيث قال: ﴿هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ كأنه قال: ولدا لهُ ذرية ونسل وعَقِب. والله سبحانه وتعالى أعلم). "تفسير ابن كثير" 1/ 388. وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 8/ 40 وقال بأنه (اختيار المحققين)، "غرائب القرآن" للنيسابوري 3/ 183، "تفسير الخازن" 1/ 289.]].
فعلى هذا القول: (الحَصور)، بمعنى: (المحصور)، وهو الذي حُصر عنهن، على [[في (ج): (وعلى).]] قول الجمهور، وهو (فَعُول) بمعنى (فاعل)؛ لأنه حَبَس نفسه عنهن. وقد استقصينا هذا الحرف عند قوله: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: 196].
{"ayah":"فَنَادَتۡهُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَهُوَ قَاۤىِٕمࣱ یُصَلِّی فِی ٱلۡمِحۡرَابِ أَنَّ ٱللَّهَ یُبَشِّرُكَ بِیَحۡیَىٰ مُصَدِّقَۢا بِكَلِمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَیِّدࣰا وَحَصُورࣰا وَنَبِیࣰّا مِّنَ ٱلصَّـٰلِحِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق