الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتهَا﴾. قال المفسرون [[ممن ذكر ذلك: الطبري في "تفسيره" 3/ 235 يرويه عن ابن إسحاق، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 39 ب، والبغوي في "تفسيره" 1/ 30، ونسبه للكلبي عن ابن إسحاق.]]: هلك عمرانُ أبو مريمَ، وامرأته (حَنَّة) حاملٌ [[في (ب): (كامل).]] بمريمَ، ﴿فَلَمَّا وَضَعَتهَا﴾ أي: ولدتها. و (الهاء): راجعة إلى ﴿مَا﴾، في قوله: ﴿نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي﴾، و (ما) يقع على المؤنث، وقوعُهُ على المُذَكَّر [[وقيل: إن (الهاء) تعود على: النذيرة، أو النسمة، أو النفس، وهي ألفاظ مؤنثة، ولذا أنَّث الضمير. وهو رأي الطبري في "تفسيره" 3/ 237، والثعلبي: 3/ 39 ب، وانظر: "الكشاف" 1/ 425.]]، وكان ما في بطنها، أُنْثى.
وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾. اعتذار منها إلى الله حين فعلت ما لا يجوز من تحرير الأنثى للكنيسة [[هذا قول السدي؛ كما في "تفسير الطبري" 3/ 238، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 637، "زاد المسير" 1/ 377. وقيل: إنها قالته على سبيل التَّحسُّر، والتلهف على ما فاتها من رجائها وتقديرها. انظر: "المحرر الوجيز" 3/ 88، "الكشاف" 1/ 425، "البحر" 2/ 438. وإليه مال الطبري في "تفسيره" 3/ 237، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 39 ب، والبغوي في "تفسيره" 2/ 30.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾. قُرئ بإسكان التَّاء وضمها [[وردت القراءة بإسكان التاء وفتح العين في (وَضَعَتْ)، عن: عاصم برواية حفص والمفضل عنه، وابن كثير، ونافع، وأبي عمرو، وحمزة، والكسائي. أما القراءة بضم التاء وإسكان العين: (وَضَعْتُ)، فقد وردت عن: عاصم برواية أبي بكر، وعن ابن عامر، ويعقوب، وأبي رجاء، وإبراهيم النخعي. انظر: "السبعة" 204، "إيضاح الوقف والابتداء" 2/ 575، "القطع والائتناف" للنحاس: 221، "التيسير" 87، "النشر" 2/ 239.]]:فمن [[من قوله: (فمن ..) إلى: (.. بما وضعت): نقله بتصرف واختصار عن "الحجة" للفارسي: 3/ 34.]] ضم التاء؛ جعل هذا من كلام أمِّ مريم، وهو كقول القائل: (ربِّ قد كان كذا وكذا، وأنت أعلم بما كان). ليس يريد بقوله: (ربِّ قد كان كذا)، إعلام الله سبحانه [وتعالى] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ب).]]، ولكنه كالخضوع منه، والاستسلام لله تعالى، لذلك قالت: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾ [[في (أ): وضَعَتْ، وفي بقية النسخ، غير مضبوطة بالشكل، والصواب ما أثبته لتناسبها مع سياق الكلام.]]، لأنها لم ترد بقولها: ﴿رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾، إخبارًا لله تعالى.
ومن قرأ بإسكان التَّاء وهو أَجْوَدُ القراءتين، كان قوله: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾، مِن [[من قوله: (كلام ..) إلى (وأنت أعلم بما وضعتُ): ساقط من: (ج)، (د).]] كلام الله تعالى، ولو كان من قول أمِّ مريم، لكان: (وأنت أعلم بما وَضَعْتُ)؛ لأنها تخاطب الله سبحانه [وتعالى] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ب).]]؛ ولأنها قد قالت: ﴿رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى﴾، [فليست] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د)، "الحجة" للفارسي.]] تحتاج [[في (ب): (يحتاج).]] بعد هذا [القول] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (د)، وليست موجودة في "الحجة" للفارسي.]] أن تقول: والله أعلم بما وضعْتُ [[انظر: "الحجة" لابن خالويه 108، "الكشف" لمكي 1/ 340.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾. أي: في خِدْمَة الكنيسة والعِبِّادِ الذين فيها؛ لما يلحقها من الحَيْضِ والنفاس، والصيانة عن التَّبَرُّجِ [للناس] [[ما بين المعقوفين من: (ج)، (د).]].
قال عبد الله بن مُسْلِم [[هو ابن قتيبة، في "تفسير غريب القرآن" 104، نقله المؤلف عنه بالمعنى.]]: قوله: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى﴾، مؤخَّرٌ، معناه التقديم على قراءة العامة كأنه قال: إنِّي وضَعتها أُنثى وليس الذكر كالأنثى؛ لأنه من قول أمِّ مريم [[أما على القراءة الأخرى (.. وضَعْتُ) بضم التاء، فليس فيه تقديم ولا تأخير. انظر: "معاني القرآن" للنحاس 1/ 387.]].
قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ﴾. يقال: (عاذ فلانٌ بالله)؛ أي: التجأ إليه، وامتنع به، فأعاذه؛ أي: أجارَهُ، ومنعه [[انظر (عوذ) في: "العين " 229، "الصحاح" 2/ 566، "مقاييس اللغة" 4/ 183، 184.]]. فمعنى: ﴿أُعِيذُهَا بِكَ﴾ أي: أمنعها، وأجيرها بك.
وذكرنا معنى (العوذ) في قوله: ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [[(قال): ساقطة من (د)]] [[وانظر: "تفسير البسيط" 3/ 10.]] [البقرة: 67].
وقوله تعالى: ﴿مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾. أي: المطرود، المَرْمِيِّ [[في (ب): (الرمي).]] بالشُّهُبِ. وقال ابن عباس: ﴿الرَّجِيمِ﴾: الملعون [[لم أهتد إلى مصدر هذا القول عن ابن عباس، والذي عثرت عليه، أنه من قول قتادة، كما في "زاد المسير" 1/ 337، "الدر المنثور" 5/ 69 ونسب إخراجه لعبد ابن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]]. ويجوز أن يكون ﴿الرَّجِيمِ﴾ بمعنى: المسبوب المشتوم [[من معاني الرَّجْمِ في اللغة: الرمي بالحجارة، والقتل، والسب والشتم، واللعن. وينقل الأزهري عن ابن الأنباري، قوله: (والرجيم في نعت الشيطان: المرجوم بالنجوم، فصُرِف إلى (فَعِيل) من (مفعول). قال: ويكون الرجيم، بمعنى: المشتوم المسبوب، من قوله: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ [46 سورة مريم]؛ أي: لأسبنَّك. قال: ويكون الرجيم، بمعنى: المطرود. قال: وهو قول أهل التفسير). "تهذيب اللغة" 2/ 1375 (رجم)، وانظر: "القاموس المحيط" 1111 (رجم).]]. وذكرنا معاني (الرَّجْمِ) في سورة الحِجْر عند قوله: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: 17]. ومعنى هذه الإعاذة، وإجابة الله تعالى إيَّاها إلى ما سألت؛ هو: ما رواه أبو هريرة: أنَّ النبي ﷺ قال: "ما من مولود، إلاَّ والشيطان يَمَسُّهُ حين يُولَد، فيستَهِلُ صارخاً من مَسِّ الشيطان إيَّاه، إلا مريمَ وابنَها"، ثمَّ يقول أبو هريرة: (اقرأوا إنْ شِئْتُم: ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [[الحديث، أخرجه البخاري في: الصحيح: 5/ 166 كتاب التفسير سورة آل عمران، 4/ 138 كتاب الأنبياء، باب:44. ومسلم في "الصحيح" 4/ 1838رقمه (2366) كتاب الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام. وأحمد في "المسند" 2/ 274 (وانظر: "الفتح الرباني" 20/ 132، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 119، والطبري في "تفسيره" 3/ 240، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 2/ 638، والبغوي في "تفسيره" 2/ 30، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 32. وورد الحديثُ بألفاظ أخرى من طرق أخرى عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، انظر: "تفسير الطبري" 6/ 336 - 340، " الدر المنثور" 2/ 32. واستهلال الصبي: رفع صوته بالبكاء عند ولادته. انظر: "النهاية في غريب الحديث" 5/ 271، "القاموس" (1072) (هلل).]].
{"ayah":"فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّی وَضَعۡتُهَاۤ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَیۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّی سَمَّیۡتُهَا مَرۡیَمَ وَإِنِّیۤ أُعِیذُهَا بِكَ وَذُرِّیَّتَهَا مِنَ ٱلشَّیۡطَـٰنِ ٱلرَّجِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق