الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ﴾ اختلف النحويون في إعراب (اللهمَّ)؛ فقال الخليل [[من قوله: (فقال الخليل ..) إلى (.. وسكون الميم التي قبلها): نقله بتصرف يسير جدًّا عن "معاني القرآن" للزجَّاج: 1/ 394.]]، وسيبويه [[في: (الكتاب)، له: 2/ 196، وانظر مذهبه ومذهب الخليل كذلك في "الأصول في النحو" لابن السراج 1/ 338.]]: (اللهمَّ)، بمعنى: يا الله. والميم [[(الميم): ساقطة من (د).]] المشدَّدَة عِوَضٌ [[في (ب): (عوضًا).]] من (يا)؛ لأنهم لم يقولوا: (يا) مع هذه الميم في هذه الكلمة. والضمة التي في الهاء [[في (ج): (أولها)، وكذا هي في "معاني القرآن" للزجاج، ولا وجه لها، والصواب ما أثبته.]]: ضمة الاسم المنادى المفرد [[ويبنى المنادى المفرد على ما كان يرفع به قبل النداء، في حالة كونه علمًا، أو نكرة مقصودة، على أن لا يكونا مضافين، أو شبيهين بالمضاف.]]، والميم مفتوحة؛ لسكونها، وسكون الميم التي قبلها.
وأنكر الفرَّاء هذا القول؛ فقال [[في "معاني القرآن" له: 1/ 203، نقله عنه بتصرف.]]: لم نجد العرب زادت مثل هذه الميم في نواقص الاسم إلَّا مخففة؛ مثل: (الفمُ)، و (هذا ابْنُمٌ)، و (سُتْهُمُ) [[قوله: (وهذا ابنم، وستهم): مطموسة في: (د). و (هذا) لم ترد في "معاني القرآن". و (ابنم): لغة في (ابن)، وتعرب إعرابها، وقيل إنَّ ميمها زائدة؛ للمبالغة، أو للعوض من لام الاسم المحذوفة، حيث إنَّ أصلها: (بَنَو)، وتعرب (ابنم) == بحسب موقعها في الجملة، وحركة النون فيها تتبع حركة الميم في جميع حالات الإعراب، وبعضهم يبقيها مفتوحة دائمًا، ويجوز إبقاء الميم وحذفها عند إضافتها إلى ياء المتكلم. انظر: "موسوعة النحو والصرف والإعراب": 19، "معجم الشوارد النحوية" 65. و (سُتْهُمُ)؛ غير موجودة في "معاني القرآن" المطبوع المتداول، وقد وردت في "تفسير الطبري" 3/ 221. ومعنى (ستهم): هو الرجل الأسْتَهُ، إذا كان عظيم الاست، ويقال للمرأة: (سُتْهُم)، و (سَتْهاء). انظر كتاب "خلق الإنسان" لابن أبي ثابت: 306، "تهذيب اللغة" 2/ 1625 (ستة).]].
فلو [[في (د): (ولو).]] كانت الميم بدلاً من (يا)، لم يُجمع بين الميم و (يا)، وقد أنشدني بعضهم:
وما عليكِ أنْ تَقُولي كُلَّمَا
صَلَّيتِ أو سَبَّحتِ: يا اللَّهما
اردُدْ علينا شَيخَنا مُسَلَّما [[ثلاثة أبيات من الرجز لم يعرف قائلها، وردت في: "المحلى" لابن شقير: 84 "اللَّامات" للزجاجي: 90، "تفسير الطبري" 3/ 221، "الإنصاف" للأنباري ص291، "رصف المباني" 373، "اللسان" 1/ 116 (أله) "ارتشاف الضرب" 3/ 285، 289، "الهمع" 5/ 347، "خزانة الأدب" 2/ 296، "الدرر اللوامع" 2/ 220. وقد ورد في بعض المصادر: (.. صَلّيتِ أو هلَّلْت ..)، وفي الطبري: أو كبَّرتِ)، وفيه: (يا اللهُمَا)، وفي بعضها: تُفصَل (ما) عن (اللهُمَّ). والشاعر هنا يأمر بُنيَّته أو زوجته بالدعاء له، إذا ما سافر أو غاب عنهم: أن يرده عليهم سالمًا. و (التسبيح): تنزيه الله وتعظيمه وتقديسه، و (الصلاة) هنا قد تكون بمعنى الدعاء، أو الصلاة الشرعية، و (الشيخ) هنا الأب، أو الزوج. والشاهد فيه: قوله: (يا اللهمَّما)؛ حيث جمع بين حرف النداء، والميم المشددة، ولم يكتف بذلك، بل وزادها ميمًا مفردة بعد الميم المشددة، دلالة على أن الميم ليست بدلًا من حرف النداء.]]
فقال: (يا اللهُمَّ). ثم قال: ونرى أنها كانت في الأصل كلمةً ضُمَّ إليها (أُمَّ)؛ يريد: (يا الله؛ أُمَّنا بخير)، فكثرت في الكلام حتى اختلطت [[في (د): (اختلط). ويعني بذلك: أنها اندمجت مع لفظ الجلالة.]] به، فحذفت الهمزة استخفافاً، فقيل: (اللهمَّ) [[(فقيل: اللهم): ساقط من (ج).]]، ثم كثرت هذه اللفظة حتى قالوا: (لاهُمَّ)؛ بمعنى: اللهمَّ.
قال الشاعر:
لاهُمَّ إنَّ عامِرَ بن جَهْمِ ... أوْذَمَ [[في جميع النسخ: (أودم). والصواب ما أثبته، كما سيأتي في التعليق على البيت.]] حَجّاً في ثِيَابٍ [[في (أ)، (ب): (ثبات)، والمثبت من: (ج)، (د).]] دُسْمِ [[بيت من الرجز، وقائله مجهول، ولم أقف عليه في "معاني القرآن" للفراء. وقد ورد غير منسوب في المصادر التالية: "غريب الحديث" لأبي عبيد: 1/ 347، "تأويل مشكل القرآن" 142، "كتاب المعاني الكبير" 1/ 480 "الصحاح" 5/ 2050 (وذم)، "أساس البلاغة" 1/ 271 (دسم)، "اللسان" 3/ 1375 (دسم)، 8/ 4806 (وذم)، "البحر المحيط" 2/ 416 وورد فيه: (.. أحرم جحا). و (أوذم عليه الشيء)؛ أي: أوجبه وألزمه نفسه، و (ثيابٍ دُسْم)؛ أي: وَسِخة، و (الدَّسَمُ): الوَضَر والدَّنَس. ويقال للرجل من قبيل المجَاز إذا تدنَّس بمَذامِّ الأخلاق: (إنَّه لَدَسِمُ الثوب). ومعنى البيت: أنه أحرم بالحج وهو متدنِّسٌ بالذنوب. انظر: مادة (دسم) و (وذم) في "أساس البلاغة" 1/ 271، "اللسان" 3/ 1375، 8/ 4806.]]
وقال آخر:
لاهُمَّ إن جُرْهُماً [[في (ج): (أجرهما).]] عِبادكا ... الناس طُرْفٌ [[في (د): (طرو).]] وهمُ تِلادُكا [[في (ج)، (د): (بلادكا). ولم أقف عليه في "معاني القرآن" للفراء، والبيت لعامر ابن الحارث بن مُضاض، سيِّد جُرْهم في مكة وقد ورد منسوبًا له في "تاريخ الطبري" 2/ 285، وذكر قصته ومناسبته. وتمامه كما عند الطبري: (.. بهم قديمًا == عَمِرَتْ بلادكْ). وقافيته عند الطبري كلها بالسكون. وورد في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام: 1/ 574. وروايته فيه: (اللهم إن جُرْهما عبادُك .. الناس طُرْفٌ وهم تلادك). وورد فيه برواية: (اللَّهم إن جرهما عبادكا .. القوم طرف وهم تلادكا). وقوله: (طرف): يعني به والله أعلم: أنها جمع (طارف) و (طريف)، وهو: المستحدث من المال. ونقيضه: التليد والتالد، وهو: المال القديم الأصلي الذي وُلد عندك. فيعني الشاعر هنا والله أعلم: أن جرهما هم أهل مكة وأهل الحرم، وأول من عمر بهم البلد الحرام، وأما الآخرون فهم حديثو عهد به. انظر: "اللسان" 1/ 439 (تلد)، 5/ 2657 - 2658 (طرف).]] فحذفوا الألف واللاَّم، لَمَّا كَثُرَ في كلامهم.
قال [[يعني: الفرَّاء كما سبق.]]: وقد خُفِّفت ميمها في بعض اللغات. أنشدني بعضهم:
كحَلْفَةٍ من ابن [[هكذا في: (أ)، (ب)، (ج)، (د). وورد في الديوان وبقية مصادر البيت: (أبي).]] رباح ... يَسْمَعها اللهُمُ [[في (أ): اللهُمَّ. ولم تضبط بالشكل في بقية النسخ. وما أثبَتُّه هو الصواب؛ لوروده في مصادره بتخفيف الميم، ولأن تشديدها، خلاف ما أراده المؤلف من إيراده شاهدًا على التخفيف فيها.]] الكُبارُ [[البيت مطموس في: (د). وهو للأعشى، في ديوانه: 82، وقد ورد منسوبًا له، في "سر صناعة الإعراب" 1/ 430، "أمالي ابن الشجري" 2/ 197، "اللسان" 1/ 116 (أله)، "الهمع" 3/ 64، "الخزانة" 2/ 266، 269، "الدرر اللوامع" 1/ 154. وورد غير منسوب في: "معاني القرآن" للفرَّاء: 1/ 204، 2/ 398، "تفسير الطبري" 3/ 221، والجمهرة: 1/ 327 (برك)، "تهذيب اللغة" 1/ 191 (أله)، "المسائل العضديات" 78، "شرح المفصل" 1/ 3، "شرح ما يقع فيه التصحيف" 310، "المقاصد النحوية" 4/ 238.
وقد وردت (أبي رياح) بدلا من: أبي رباح، في: الديوان، "معاني القرآن" والطبري، "التهذيب" "سر صناعة الإعراب" والجمهرة، "أمالي ابن الشجري" والخزانة، وقال صاحبها: (هو بمثناة تحتيَّة، لا بموحدة كما يزعم شُرَّاح الشواهد).== ووردت (لاهُهُ)، بدلًا من: (اللهُمُ) في: الديوان، والمسائل العضديات، "أمالي ابن الشجري" والخزانة. وورد في "سر صناعة الإعراب" "اللسان" (لاهُمُ). وورد في "معاني القرآن" 2/ 398 (.. الهمَّةُ الكبار)، وقال: (الهِمُّ، والهِمَّةُ: الشيخ الفاني)، وفي "معاني القرآن" 2/ 398 (.. الهمَّةُ الكبار)، وقال: (الهِمّ، والهِمَّةُ: الشيخ الفاني)، وفي: 1/ 204: (وإنشاد العامة: "لاهُهُ الكبار"، وأنشدني الكسائي: (يسمعها الله والله كبار). وفي "الخزانة" 2/ 269 أن الأصمعي رواها: (يسمعها الواحد الكبار).
و (الحَلْفةُ): المرَّة من الحَلِفِ؛ بمعنى: القسم. و (أبو رياح) وفق رواية المؤلف: رجل من بني ضُبَيعة، وكان قد قتل رجلا من بني سعد بن ثعلبة، فسألوه أن يحلف أو يعطي الدِّيَة، فحلف فقُتِل بعد حَلْفَته، فضربته العربُ مَثَلًا لِمَا لا يغني حِلفُه.
و (الكُبارُ): صيغة مبالغة لـ (الكبير). والشاهد فيه هنا: تخفيف ميم (اللهم).]] قال: والرفعة التي في الهاء من همزة (أُمَّ) لمَّا تركت، انتقلت إلى ما قبلها. قال: ونرى [[في (ج): (ويري).]] أن قول العرب: (هَلُمَّ) مثلها؛ إنما كانت: (هل) فضُمَّ إليها (أُمَّ) [[ومعنى: (هلُمَّ): أقبل، أو أعط. انظر: "اللسان" 8/ 4694 - 4695 (هلم). ولكن لم يرتض ابنُ سيده رأيَ الفرَّاء هذا في (هلم)، وردَّه مستدلًا على ذلك: بأن رأي الفرَّاء لا يخلو من أحد أمرين: (إمَّا أن تكون (هل) بمعنى: (قد)، وهذا يدخل في الخبر، وإما تكون بمعنى الاستفهام، وليس لواحد متعلق بـ (هلم) ولا مدخل). "المخصص": 14/ 88 ولكن هذا الردُّ لا يُسلَّم لابن سيده؛ حيث إن لـ (هل) استعمالات ومعاني أخرى غير ما ذكره ابن سيده، ومن ذلك: ما قاله ابنُ دريد في "الجمهرة" 2/ 988: (هلم) كلمتان جُعلتا كلمة واحدة؛ كأنهم أرادوا (هَلْ)، أي: أقبل، و (أمَّ)؛ أي: اقصد).
وقال الزبيدي في "التاج" 17/ 762 عن (هلم): (وقال الفراء: مركبة من (هل)، التي للزجر، و (أمَّ)، أي: اقصد، خفِّفت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن، وحذفت). وانظر في مجيء (هل) للزجر والتوبيخ والأمر والتنبيه وغيرها، في: "تهذيب اللغة" 4/ 3784 (هل)، "اللسان" 8/ 4689 (هلل).]].
وأنكر أبو إسحاق هذا القول إنكاراً شديداً، فقال [[في "معاني القرآن" له 1/ 393، ينقله عنه بتصرف كثير.]]: لو كان الأمر على ما قال، لجاز أن يقال: (الله أُمَّ)، فيُتَكلم به على أصله، كما يقال: (ويلُ أمِّه)، ثم يُتَكلم به على الأصل، فيقال: (ويلُ أُمِّهِ) [[جاءت (ويل) في الموضعين برفع اللام، ولم تضبط في بقية النسخ بالشكل، وما أثبته هو الصواب؛ لأن (ويل) إذا أضيفت بغير اللام فالوجه فيها النصب؛ على أنها مفعول به لفعل محذوف، يقال: (ويل الظالمين)؛ أي: ألزمَ اللهُ الظالمين وَيلًا. أما إذا أضيفت باللام، فتُرْفَع؛ مثل: (ويلٌ لأمِّه)، فهي مرفوعة بالابتداء. و (ويل): بمعنى: عذاب. وقد تُركَّب لفظة (ويل) مع (أمِّه)، فيقال للرجل: (وْيلُمِّه)، أو (ويْلِمِّه) بكسر اللام، من (ويلٌ لأمه): وتعني: أنه داهية، وأصلها: الدعاء عليه، ثم استعملت في التعجب. انظر في أصلها وتركيبها: "المسائل الحلبيات" 43، 45، "سر صناعة الإعراب" 113، 235، 745، "معجم النحو" 437، "معجم الشوارد النحوية" 640.]]، ولجاز أيضاً: (الله أُؤمُمْ) [[في جميع النسخ: (أمم)، ولا وجه لها، والمثبت من "معاني القرآن" للفرَّاء: 1/ 393.]].
فلمَّا لم [[(لم): ساقطة من: (ب).]] يُسمع أحدٌ من العرب تكلم به على الأصل الذي [هو] [[ما بيِن المعقوفين زيادة من (د).]] ذَكَر [[في (ج): (ذكره).]]، علم أنه ليس بأصل، وأيضاً لم يُسمع [[في (د): (نسمع).]] أحدٌ [[في (أ): (أحدا)، والمثبت من: (ب)، (ج)، (د).]] يقول: (يا اللهُمَّ)، والله عز وجل يقول: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ﴾ [الأنفال: 32]، وقال: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ﴾ [الزمر: 46].
وما احتجَّ به الفرَّاء من قوله: (أنشدني بعضهم) [[(بعضهم): ساقطة من (ج).]]، فليس يعارض الإجماعَ، وما أتى به كتابُ الله عز وجل، ووُجد في ديوان العرب. يقول قائل: (أنشدني بعضهم)، وليس ذلك البعضُ بمعروفٍ ولا مُسمَّى.
وقال غير أبي إسحاق مِمَّن نصر مذهبَ الخليل [[لم أهتد إلى هذا القائل، وقد يكون المبرد، كما في "الأصول في النحو" لابن السرَّاج: 1/ 338، حيث ورد موجز لهذا الرأي نقله عنه.]]: لو كان الأمر على ما ذكره الفرَّاء، لما صحَّ أن يقال: (اللهُمَّ افعل كذا)، إلَّا بحرف العطف؛ لأن قوله: (اللهُمَّ) حصل عنده في ضمنه الدعاء؛ لأن تأويله: (الله [[في (د): (اللهم).]]؛ أُمَّنا بخير)، فالدعاء الثاني يجب أن يكون معطوفاً عليه بحرف العطف. ولم نجد أحداً يقول: (اللهُمَّ اغفر).
وأجابَ الفرَّاءَ عن قوله: (هذه الميم، إنما تُزاد مُخفَّفةً)؛ بأن قال: إنما شُدِّدت الميمُ في (اللهمَّ)؛ لأنها عِوضٌ من حرفين [[(حرفين): ساقطة من (د).]] فشُدِّدت، كما قيل: (قُمتُنَّ) و (ضَربتُنَّ)؛ لمَّا كانت النون عِوضاً من حرفين في: (قُمتُموا) و (ضَربتُموا)، شُدِّدَت. فأما (قُمْنَ) و (ذَهبْنَ) فَعِوَضٌ من حرف واحد.
وما ذَكَر من قوله: (فَمُ) [[في (د): (قم).]] و (سُتْهُمُ) و (ابْنُمُ) [[في (د): (وانتم).]]، فإنما خُفِّفت الميم؛ لأنها عِوَضٌ من حرف واحد.
وليس حكمُ قولِكَ: (الله)، حكمَ (الفمُ) و (الابنُ)؛ لأنهما ناقصان أُتمَّا بالميم، و (اللهُمَّ) ليس زيادتها [[أي: زيادة الميم في (اللهم).]] تتميما للاسم، إنما هي لمعنىً آخر غير المعنى الذي في (الفمُ).
وأمّا ما احتَجَّ به من البيت؛ فجاز إدخال (يا) مع الميم لضرورة الشعر [[(لضرورة الشعر): ساقط من (د).]].
فأما [[في (ج)، (د): (وأما).]] احتجاجه بقوله: (هلُمَّ)، فعند الخليل [[انظر رأيه في: "الكتاب" 3/ 332، "تأويل مشكل القرآن" 557.]]: أنَّ الأصل فيه: (ها) التي [هي] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج).]] للتنبيه، دخلت [[في (ج): (وحلت).]] على (لمَّ) [[وأصل (لَم)، من قولهم: (لَمَّ الله شعثه)؛ أي: جمعه. كأنه أراد: لَمَّ نفسك إلينا؛ أي: اقْرُبْ. انظر (هلم)، في "الصحاح" 5/ 2060، "اللسان" 8/ 4694.]]، فلما كثر [[في (ج): (كثرت).]]، حُذِفت الألف [[انظر الأقوال في (هلم) في "إصلاح المنطق" 290، "الزاهر" 1/ 476، "تهذيب اللغة" 4/ 3788، "المسائل العضديات" للفارسي:221، "الصاحبي" لابن فارس: 279، "المسائل السفرية" لابن هشام: 34، "تنوير الحوالك شرح موطأ مالك" للسيوطي: 1/ 224 - 226، "تاج العروس" 17/ 762.]].
وأمَّا البيت الذي ذكر أنه جاء في (اللهُمُ)، بتخفيف الميم، فهو خطأ فاحشٌّ خصوصا عنده [[في (د): (عندهم).]]؛ لأن الميم في (اللهُمُ)، هو الميم الذي في (أُمَّنا)، وإنشاده بالتخفيف يفسد عليه مذهبه؛ لأنه لا يحتمل في البيت ذكر أن يكون (أُمَّنا)، إنما هو بمنزلة قولك: (يسمعهُ اللهُ الكبارُ)، فالرواية الصحيحة: يَسمعها لاهُهُ الكبارُ قال أبو إسحاق [[في "معاني القرآن" له 1/ 393، نقله عنه بتصرف.]]: وقوله: إنَّ الضمَّةَ [التي] [[ما بين المعقوفين من: (ج)، (د)، وكذا هي في "معاني القرآن".]] في الهاء من قوله: (اللهُم)، ضمةُ الهمزِة التي كانت في (أُمَّ) محالٌ؛ لأنه لا يُترك الضمُ الذي هو دليل على النداء المفرَد [[أي: المنادى المفرد: مثل: يا الله.]]، ويُجعل في اسم الله ضمةُ (أُمَّ) [[(أم): ساقطة من (د).]].
وقوله تعالى: ﴿مَالِكَ الْمُلْكِ﴾. في نصبه، وجهان: أحدهما: وهو قول سيبويه [["الكتاب" 2/ 196.]]: أنه منصوب على النداء، وكذلك قوله: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ﴾ [الزمر: 46]، ولا يجوز عنده أن يكون ﴿مَالِكَ الْمُلْكِ﴾ نصباً على النعت للنداء المفرد، الذي هو قوله: ﴿اللَّهُمَّ﴾؛ لأن هذا الاسم عنده لا يُوصَف.
الوجه الثاني: وهو قول أبي العباس [[هو المبرد، في "المقتضب" 4/ 239.]]: أنَّ (مالِكَ) وصف للمنادى المفرد. وهذا الوجه اختيار الزجَّاج؛ قال [[في "معاني القرآن" 1/ 394، نقله عنه بتصرف يسير.]]: لأن هذا الاسم ومعه [[في (ب): (ومنه).]] الميم، بمنزلته ومعه (يا) [[(ومعه يا): ساقط من (د).]]، فلا تمتنع الصفة مع الميم، كما لا تمتنع مع [[في (د): (ومعه).]] (يا) [[في (د) وردت هنا عبارة: (فلا تمتنع مع يا) مكررة.]].
ونَصَر أبو علي الفارسي قولَ سيبويه، وقال [[قوله، في "الإغفال" 554 - 557. نقله عنه باختصار وتصرف. وقوله ينتهي إلى عند: (بمنزلة صوت مضموم إلى صوتٍ، نحو: حي هل).]]: هو عندي أصح، وإن كان أغمض، وذلك [[في (ج): (ذلك).]]، لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء [[من قوله: (شيء ..) إلى (ما عليه الأسماء الموصوفة): ساقط من (ج).]] على حد (اللهُمَّ)، فإذا خالف ما عليه الأسماء الموصوفة، ودخل في حيّز ما لا يوصف من الأصوات، وجب أن لا يوصف.
والأسماء المناداة المفردة المعرَّفة، القياس فيها: أن لا توصف، كما ذهب إليه بعض الناس؛ لأنها واقعة موقع ما لا يوصف؛ وكما [[في (ج): (كما). ومن قوله: (وكما ..) إلى (.. موقع ما لا يوصف): ساقط من (د).]] أنه لمَّا وقع موقع ما لا يُعرب لم يعرب، كذلك لمَّا وقع موقع ما لا يوصف، وجب أن لا يوصَف [[في (د): (توصف).]].
فأما قوله: يا حَكَمُ الوارثُ عن عبد الملكْ [[بيت شعر من الرجز لرؤبة بن العجاج، في: "ديوانه": 118. كما ورد منسوبًا له في المصادر التالية: "المعاني الكبير" 2/ 870، "إعراب القرآن" "المنسوب" للزجّاج: 1/ 97، "شرح الأبيات المشكلة" للفارسي: 448، "أمالي ابن الشجري" 3/ 44، "شرح شواهد المغني" 1/ 52، 53.
وورد غير منسوب في "المقتضب" 4/ 208، "الخصائص" 2/ 389، 3/ 331، 332، "الإنصاف" للأنباري: ص 499، "مغني اللبيب" 28. وبعده وفق رواية الديوان: .. ميراثُ أحسابٍ وجُودٍ مُنسفِكْ. وورد في بعض المصادر بنصب لفظ (الوارثَ). والشاعر هنا يمدح الحكم بن عبد الملك بن بشر بن مروان. والشاهد هنا أن قوله: (الوارث) على رأي سيبويه وأبي علي الفارسي ليس نعتًا للمنادى، وإنما هو خبر لمبتدأ؛ تقديره: (أنت). بينما الوجه الآخر فيه أنه مرفوع؛ لأنه نعت للمنادى قبله، ونعت المنادى المفرد إذا كان مقترنا بـ (أل) يجوز رفعه تبعًا للفظ المنادى، ونصبه تبعًا لمحله، فإن المنادى المفرد العلم مبني على الضم في محل نصب. انظر: "الانتصاف من الإنصاف" للشيخ: محمد محي الدين عبد الحميد (مطبوع مع الإنصاف، لأبي البركات الأنباري): 2/ 630.]].
يا حَكَمُ بن [[في (ج)، (د): (ابن).]] المنذرِ بنَ [[في (د): (ابن).]] الجارودْ [[بيت من الرجز، وتكملته: أنت الجوادُ ابنُ الجوادِ المحمودْ.
قيل: هو لرؤبة بن العجاج، وقد ورد في: ملحق ديوانه: 172، وفيه أنه مما نُسب إليه، وقد نُسب إليه كذلك في "مجاز القرآن" 1/ 399، "الصحاح" 4/ 1496 (سردق).
وقيل: هو لعبد الله الأعور، المُسَمَّى بـ (الكذاب الحرمازي)، وقد ورد في: "كتاب سيبويه": 2/ 203، وفيه: (وقال الراجز من بني الحرماز). ونسبه له ابن قتيبة في "الشعر والشعراء" 2/ 689. كما ذكرته المصادر التالية، مع ذكر الاختلاف في نسبته إليهما "اللسان" 4/ 1988 (سردق)، "المقاصد النحوية" 4/ 210، "التصريح" 2/ 169، وورد غير منسوب، في "المقتضب" 4/ 232، "الأصول في النحو" 1/ 345، "شرح المفصل" 2/ 5، "أوضح المسالك" ص 200، "منهج السالك" 3/ 142.
والشاعر يمدح الحكمَ بن المنذر بن الجارود العَبْدي، أمير البصرة على عهد هشام ابن عبد الملك. والشاهد فيه هنا: أن (ابن) تُعْرَب على أنها مُنادى مضاف، فحقها النصب، ولا تعرب على أنها تابعة للمنعوت، وهو (حكم). و (حكم) يجوز فيها: النصب والرفع؛ لأنه العلم المفرد الموصوف بـ (ابن) المتصلة به، والمضاف إلى علم، يجوز فيه الأمران، إمَّا النصب فعلى الاتباع لحركة الصفة؛ لأنها جُعلت مع (ابن) كأنها اسم واحد لكثرة استعمالها، وكما أضيفت (ابن) إلى ما بعدها، فكذلك جعلوا (حكم) كأنها أضيفت إلى ما بعدها، فكانت كالمنادى المفرد المضاف في هذا البيت. وإمَّا الرفع فعلى النداء؛ لأنها علم، مفرد، معرفة. انظر: "شرح أبيات سيبويه" للنحاس: 134، "شرح المفصل" 2/ 5، "هداية السالك" لمحمد محيي الدين عبد الحميد (مطبوع مع "أوضح المسالك" 3/ 80.]]
و:
....... يا عُمَرُ الجَوادَ [[جزء من عجز بيت، وتمامه:
ما كعبُ بنُ مامَةَ وابنُ سُعدى ... بأجودَ منك يا عمرُ الجواد
هو لجرير، في: "ديوانه": 107. وقد ورد في المصادر التالية، ونسبه أكثرها إليه: "الكامل" 1/ 231، "المقتضب" 4/ 208، "الأصول في النحو" 1/ 369، "أمالي ابن الشجري" 2/ 40، 3/ 44، "أوضح المسالك" ص 201، "مغني اللبيب" 28، "المقاصد النحوية" 4/ 254، "منهج السالك" 3/ 143، "الهمع" 3/ 54، "شرح شواهد المغني" 1/ 56، "التصريح" 2/ 169، "الخزانة" 4/ 422، 9/ 399، "الدرر اللوامع" 1/ 153.
والشاعر يمدح عمر بن عبد العزيز رحمه الله. و (كعب بن مامه) من إياد، يُضرب به المثلُ في الجود والإيثار، ومن ذلك: إيثاره رفيقه بالماء على نفسه، ومات هو عطشًا، و (ابن سُعدى): هو: أوس بن حارثة الطائي، يُضرب به المثلُ -كذلك- في الجود والشاهد في البيت -هنا-: أن (الجَوادَ) انتصبت على الاختصاص، بتقدير فعل: (أعني) أو (أخص). وفي الديوان وبعض المصارد وردت (عمرَ) بالفتح، على أنها منادى مبني على الفتح؛ لأنه منعوت بـ (الجواد) المَنصوب. أو مبني على ضم مقدر منع من ظهوره فتح الإتباع؛ أي: أن الموصوف هنا يتبع الصفة في فتح آخرها، وهو مما يجيز الكوفيون الفتح فيه، سواء أكان المنادى موصوفًا بلفظ (ابن) أم لم يكن. انظر: "الأصول في النحو" 1/ 369، "أوضح المسالك" ص 201، "الهمع" 3/ 54. والأصل فيه أن يكون في المخطوط: (عُمَرَ) بالفتح؛ ليتحقق الشاهد؛ لأن الفارسي أراد أن يقول: إن (الجوادَ) نصبت؛ لا لكونها صفةً لـ (عمرَ) المنصوب، فتبعتها في الإعراب -لأن عنده: المنادَى المعرَّف المفرَد، لا يوصف-، وانما جعلها -في البيت- منصوبة بفعلٍ مُقَدَّرٍ، هو: (أعني).]]
فإن الأول، على: (أنت)، والثاني، على: نداء ثانٍ، والثالث، على: (أعني)، فلمَّا كان هذا الاسم، الأصل فيه: أن لا يُوصَف لِما ذكرنا، كان (اللهم) أولى أن لا يوصف؛ لأنه قبل ضم الميم إليه، واقعٌ موقع ما لا يوصف، فلمَّا ضُمَّت الميمُ إليه، وصيغ معه صياغة مخصوصة، صار حكمُهُ حكمَ الأصوات، وحكم الأصوات: أن لا يوصف [[في (د): (لا توصف)، وفي (ج) غير منقوطة، وأثبتُّ ما في الأصل، ونسخة (ب) على تقدير: أن لا يوصف الصوت.]]؛ نحو: (غاقِ) [[غاق: حكاية صوت الغراب، فإن نكَرَ، نُوِّنَ يقال: سمعتُ (غاق غاق)، وسمعت (غاقٍ غاقٍ). وسُمِّي الغُرَابُ: (غاقًا)، فيقال: (سمعت صوت الغاق). انظر: "سر صناعة الإعراب" 1/ 310، 2/ 494، 495، "اللسان" 6/ 3317 (غوق).]].
قال [[في (د): (مال).]]: وهذا المضموم إليه مع ما ضُمَّ إليه، بمنزلة صوتٍ مضموم إلى صوت؛ نحو: (حَيَّهَل) [[في (ج): (جبهل). و (حيَّهَلْ) و (حيَّهَلا) و (حيَّهَلًا) -مُنَوَّنًا وغير مُنَوَّنٍ-: كلمة يستحثُّ بها. ويقال: (حَيَّ هَلْ بفلان)، و (حيَّ هَلَ)، و (حَيَّ هَلا). ومعنى (حيَّ على كذا ..): هلمَّ وأقبِلْ، و (هلا) -كذلك- تقال للاستعجال والحَثِّ. وبُنِيَت (حيَّ) مع (هل)، وجُعِلَتا اسمًا واحدًا، وسُمِّي به الفِعْلُ، ويستوي فيه الواحد والجمع المؤنث. انظر: "الصحاح" 5/ 1853 (هلل)، "اللسان" 2/ 1082 (حيا)، "المسائل المشكلة" للفارسي: 152، "شرح الشافية" 2/ 294، "شرح المفصل" 9/ 84.]]، فحقُّهُ أن لا يوصفَ؛ كما لا يوصف (حَيَّ هلْ).
فأما التفسير: فقال ابن عباس [[قوله، في "تفسير الثعلبي" 3/ 29 أ، "أسباب النزول" للواحدي: 102، "تفسير البغوي" 2/ 23، "تفسير القرطبي" 4/ 52، وعزوه -كذلك- لأنس بن مالك.]]: لما فتح رسول الله ﷺ مكة، ووعد أمَّتَه مُلكَ فارسَ والرومَ، قالت المنافقون واليهودُ: هيهات، هيهات [[(هيهات): ساقطة من (د).]]! فأنزل اللهُ هذه الآية.
وقيل: إنَّ الله عز وجل أمر النبي ﷺ في هذه الآية، أن يسأله نقل عزِّ فارس إلى العرب، وذلِّ العرب إلى فارس [[لم أهتد إلى قائل هذا القول، وقد ورد في "معاني القرآن" للزجَّاج: 1/ 393 مصدرًا بلفظ (قيل)، وعقب عليه بقوله: (الله أعلم بحقيقة ذلك). والذي في كتب التفسير عن قتادة رحمه الله أن نبي الله ﷺ سأل ربه جل ثناؤه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته، فأنزل الله هذه الآية. انظر: "تفسير الطبري" 3/ 222، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 624، "تفسير الثعلبي" 3/ 29/ أ، "النكت والعيون" 1/ 384، "أسباب النزول" للواحدي: 102103، "تفسير البغوي" 2/ 23، "زاد المسير" 1/ 368، وأورده السيوطي في " الدر" 2/ 25 ونسب إخراجه -كذلك- لعبد بن حميد.]].
وقوله تعالى: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾. قال ابن عباس [[لم أهتد إلى مصدر قوله.]]: تؤتي ملكَ قيصر أمةَ محمدٍ ﷺ، وتنزع الملكَ منه.
الكلبي [[قوله، في "تفسير الثعلبي" 3/ 31 أ، "تفسير البغوي" 2/ 23.]]: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾: محمداً وأصحابَه، ﴿وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾: أبي جهل [[هو: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، تقدمت ترجمته.]]، وصناديدَ قريش.
وقال بعضهم: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾: العرب، ﴿وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾: الروم، والعجمِ، وسائرَ الأمم [[وردت هذه العبارة بنصها في "تفسير الثعلبي" 3/ 32 أ، وهو بنفس معنى قول مقاتل ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ يعني: محمدًا وأمته، ﴿وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾؛ يعني الروم وفارس). تفسيره: 1/ 269. وقد يكون الثعلبي حكاه بمعناه عن مقاتل ونقله المؤلف عن الثعلبي.]].
وذكر أبو إسحاق [[هو الزجَّاج، في "معاني القرآن" 1/ 392، نقله عنه بالمعنى.]] في ﴿الْمُلْكَ﴾ المذكور ههنا، قولين:
أحدهما: أن المراد بـ ﴿الْمُلْكَ﴾ ههنا: المال، والعبيد، والحَفَدَة [[في "معاني القرآن" (والحضرة)، وفسَّرها المحقق، بأنها: التَّحضر والثراء، وقد تكون (الحفدة) -هكذا- في نسخة أخرى لمعاني القرآن، والذي يؤكد ما نقله المؤلف -هنا- عن الزجاج، هو أن ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 369 نقل هذا القول عن الزجاج وفيه (الحفَدَة) كما هي عند الواحدي. و (الحفَدَةُ) و (الحفَدُ): الخدم، والأعواد. والمفرد: حافد. وحفدة الرجل: بناته، وقيل: أولاد أولاده، ومفردها، حفيد، وقيل: الأصهار. وأصلها من: (حفَد، يَحفِدُ، حفْدًا، وحفَدانًا، واحتفد احتفادًا)؛ أي: خفَّ وأسرع في العمل. انظر (حفد) في "اللسان" 2/ 922، "القاموس المحيط" ص 277.]]. والله تعالى يؤتيها من يشاء، وينزعها ممن يشاء.
الثاني: أن ﴿الْمُلْكَ﴾ ههنا: ظهور الدين، والغَلَبة. فمعنى ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾ أي ترزق الغَلَبةَ والظَّفَرَ الذين يطيعونك، ويعبدونك. والله تعالى قد جعل كل ما [[في (ج): (كلما).]] في مملكة [[في (ج): (ملكه)، في (د): (مملكته).]] مَلِكٍ غير مسلم للمسلمين مُلكاً وغنيمة، ولهم أن يُطالِبُوا به حتى يَحُوزوه، كما يُطالِبُ المَسْلوبُ ثَوْبَهُ [[في (ب): (المغلوب لوبه).]] بِثَوْبِه، والمأخوذ مالُهُ بما غلب عليه منه [[ولكن لفظ (الملك) -هنا- عام، ولا دليل على تخصصه، ولذا يقول ابن عطية في "المحرر الوجيز" 3/ 65: (والصحيح: أنَّه مالك الملك كله مطلقًا في جميع أنواعه)، وانظر: "تفسير الفخر الرازي" 8/ 7.]].
وقال أهل المعاني [[هذا قول الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 397، وانظر -في هذا المعنى-: "معاني القرآن" للفراء 1/ 204، "الطبري" 3/ 222، "معاني القرآن" للنحاس: 1/ 379.]]: معنى قوله ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾؛ أي مَنْ تشاءُ أن تُؤْتِيَه، وكذلك [[في (د): (كذلك).]] ﴿وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾ أي: ممن تشاء أن تنزعه، إلاَّ أنه حذف؛ لأن في الكلام ما يدل عليه.
قال الفرَّاء [[في "معاني القرآن" 1/ 204. نقله عنه بتصرف واختصار.]]: ومثله: قولك: (خذْ ما شئت)؛ أي: ما شئت أن تأخذه. وكذلك [[من قوله: (وكذلك ..) إلى (.. فلا تقم): ساقط من (ج).]] قولك: (إن شئت؛ فَقُمْ، وإن [[في (ب): (إن).]] شئت؛ فلا تَقُمْ) [[أي: إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن لا تقوم فلا تقم.]]، وكذلك قوله: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29] [فهذا بيَّن أنَّ] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في: (أ). وفي (ب): (فهذا فيه). والمُثْبت من: (ج)، (د) "معاني القرآن".]] المشيئة واقعة على الإيمان والكفر، وهما متروكان [[في (ج): (واقعان). والمعنى: أي: من شاء الإيمان، فلْيُؤمِنْ، ومن شاء الكفُرْ. فوقعت المشيئة على الإيمان والكفر، وتركا ولم يذكرا في الآية.]].
وقوله تعالى: ﴿وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ قال ابن عباس [[لم أهتد إلى مصدر قوله، وقد ورد هذا القول عن عطاء، كما في "تفسير الثعلبي" 3/ 32 ب، "تفسير البغوي" 2/ 23.]]: يريد: المهاجرين والأنصار، ﴿وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ﴾، يريد: الروم وفارس: وقيل [[لم أهتد إلى قائل هذا القول، وقد ورد في المصادر السابقة مصدرًا بلفظ: (قيل).]]: ﴿وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ [[شي (أ)، (ب)، (ج): (تعز) -بدون واو-. والمثبت من (د).]]: محمداً [[في (أ): (محمد). والمثبت من: (ب)، (د)، ومن المصادر السابقة.]] وأصحابه، حتى دخلوا مكة ظاهرين عليها، ﴿وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ﴾: أبا جهل وأصحابه، حتى حُزَّت [[في (د): (جرت).]] رؤوسهم وأُلقوا في القليب. ويدخل تحت هذا كلُّ ما به يُعِزُّ اللهُ ويذل، من الإيمان والكفر، والتوفيق والخذلان وأشباهها [[في (د): (وما أشبهها).]].
وقوله تعالى: ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ أي: الخير والشر، فاكتفى بالخير؛ لأن الرغبة إليه فعل الخير بالعبد دون الشر [[قال الحدَّادي: (وهذا من باب الاقتصار على أحد طرفي الكلام، وهذا مطرد في كلام العرب) انظر "المدخل لعلم تفسير كتاب الله" للحدادي: 306. وقال الزمخشري -مبيّنًا العِلَّة في ذلك-: (قلت: لأن الكلام إنما وقع في الخير الذي يسوقه إلى المؤمنين، وهو الذي أنكرته الكفرة، فقال: ﴿بِيَدِكَ الْخَيْرُ﴾ تؤتيه أولياءك على رغم أعدائك، ولأن كل أفعاله -تعالى- من نافع وضار، صادر عن الحكمة والمصلحة، فهو خير كله، كإيتاء الملك ونزعه) "الكشاف" 1/ 422، وانظر: "غرائب التفسير" للكرماني 1/ 249.]]، وهذا كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النمل: 81] أي: [تقيكم] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ج) و (د).]] الحَرَّ والبرد.
وقال ابن عباس في تفسير ﴿الْخَيْرُ﴾ ههنا [[لم أهتد على مصدر قوله: والذي في "تنوير المقباس" المنسوب إليه: 45: (بيدك الخير: العز والذل والملك والغنيمة والنصرة والدولة).]]: إنه عِزُّ الدنيا والآخرة.
{"ayah":"قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق