الباحث القرآني

[و] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (د).]] قوله تعالى: ﴿الصَّابِرِينَ﴾ قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد: على دينهم، وعلى [ما] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (ب)، (ج)، (د).]] أصابهم. ﴿وَالصَّادِقِيَن﴾: قال قتادة [[قوله في "تفسير الطبري" 3/ 207 - 208، و"ابن أبي حاتم" 2/ 614، "الثعلبي" 3/ 20 أ، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 20، ونسب إخراجه لعبد بن حميد.]]: هم قوم صدقت نيَّاتهم، واستقامت قلوبُهم وألسنتهم، فصدقوا في السرِّ والعلانية. ومعنى الصدق: الإخبار بالشيء على ما هو به [[انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب: 478 (صدق)، و"التوقيف على مهمات التعاريف" 450.]]، وذكرنا أصله في اللغة عند ذكر اشتقاق الصدقة في سورة البقرة. ﴿وَالْقَانِتِينَ﴾ [[في (د): (والقانتين).]] الطائعين لله، عن أكثر المفسرين [[وبه قال: ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، والسدي، والشعبي، وجابر بن زيد، وعطاء، وابن جبير، والضحاك، والحسن البصري، وعطية، وطاوس، وغيرهم. انظر: "تفسير الطبري" 1/ 507 - 508، 2/ 568 - 571. ومن معاني (القنوت): السكوت، وبه فُسر قوله تعالى ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]. ومنها: طول القيام، وبه فُسِّر قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ الزمر: 9؛ أي: مصلٍّ، فسمى الصلاة قنوتًا؛ لأنها تكون بالقيام. وقيل للدعاء: (قُنُوت)؛ لأنه يُفْعَل أثناء القيام في الصلاة. ومن معانيه: الإقرار بالعبودية؛ كقوله: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ﴾ [الروم: 26]. ولكن ابن قتيبة أرجع كل هذه الوجوه إلى معنى: (الطاعة)، وقال معللًا: الأن جميع هذه الخلال: من الصلاة، والقيام فيها، والدعاء، وغير ذلك يكون عنها). وإليه ذهب الطبري، وجعل الطاعة هي أصل القنوت، وكل المعاني راجعة إليها. انظر: "تأويل مشكل القرآن" 451 - 452، "تفسير الطبري" 5/ 571 - 572، "تحصيل نظائر القرآن" للحكيم الترمذي: 50، "مفردات ألفاظ القرآن" 684 - 685 (قنت)، "نزهة الأعين النواظر" لابن الجوزي: 483.]]. ومضى الكلام في معنى القانتين. ﴿وَالْمُنْفِقِينَ﴾ قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد: الذين ينفقون الحلال في طاعة الله [تعالى] [[ما بين المعقوفين زيادة من: (د).]]. ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾. السَّحَر: الوقت الذي قبيل [[في (د): (قبل). وهكذا وردت هذه العبارة في "معاني القرآن" للزجَّاج: 1/ 385.]] طلوع الفجر. و (تَسَحَّر): إذا أكل في ذلك الوقت. و (استَحَرَ)؛ أي [[في (د): (إذا).]]: سار فيه [[انظر: (سحر) في "تهذيب اللغة" 2/ 1641، "اللسان" 4/ 1952 - 1953.]]. قال زهير [[هو: زهير بن أبي سلمى (ربيعة) بن رباح. شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته.]]: بَكَرْنَ بُكورًا، واسْتَحَرْنَ بسُحْرَةٍ [[تمامه: فَهُنَّ ووادي الرَّسِّ كاليد للفَمِ وهو، في "ديوانه" ص 10، "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري: 250، "تهذيب اللغة" 2/ 1640 (سحر)، "شرح المعلقات السبع" للزوزني: ص 76، "شرح القصائد العشر" للتبريزي: 109.]] والمُسْتَحِرُ من الطَّيْرِ: ما يَصيحُ [[في (أ): (يُصبح). والمثبت من بقية النسخ، وهو ما استصوبته لموافقته للمعنى المساق.]]، ويتحرك فيه [[(فيه): ساقطة من: (ج). وانظر هذا المعنى في "جمهرة اللغة" 511.]]. قال امرؤ القيس: إذا طَرَّبَ الطائرُ المُسْتَحِرْ [[عجز بيت، وصدره: يُعَلُّ به بَرْدُ أنيابها وهو في (ديوانه) ص 69، "جمهرة اللغة" 511، "اللسان" 5/ 2649 (طرب)، 4/ 1953 (سحر)، 6/ 3670 (قطر) "خزانة الأدب" 9/ 231. وورد في "الجمهرة" (.. إذا غَرَّد ..) وفي "اللسان" 5/ 2649 (كما طرَّبَ ..)، وفي: 6/ 3670 (يُعَلُّ بها ..)، ويروى: (إذا صوت الطائر ..). وقوله: (يُعَلُّ)؛ من: (عَلَّه، يَعِلُّه، ويَعُلُّه، عَلَّا، وعلَلا)، وهو: السقيا بالخمر، مرةً بعد مرة. انظر: "ديوانه" ص 69.]] وأسْحَرَ [[في (أ): (داسحر)، (ب): (ذاسحر)، والمثبت من: (ج)، (د)، وهو الصواب.]] دخل [[في (د): (رحل).]] في وقت السَّحَر [[انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1640. وفي "جمهرة اللغة" 511 (وأسْحرَ القومُ إسْحارًا: إذا خرجوا في وقت السَّحر).]]. ونذكر كلام النحويين في ترك إجراء (سحر) عند قوله: ﴿نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ﴾ [القمر: 34] إن شاء الله. قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]] في قوله: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾: يريد: المصلين صلاة الصبح [[ويريد هنا المصلين صلاة الصبح في جماعة.]]، وهو قول زيد بن أسلم [[الأثر عنه في "مصنف ابن أبي شيبة" 7/ 193 (35176)، "تفسير الطبري" 3/ 209، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 615 - 616، "تفسير الثعلبي" 3/ 20 ب، "النكت والعيون" للماوردي: 1/ 378، "تفسير البغوي" 2/ 16. وهو: أبو عبد الله، أو أبو أسامة، زيد بن أسلم العَدوي المدني، مولى عمر رضي الله عنه، ثقة عالم كثير الحديث، كانت له حلقة علم في مسجد النبي ﷺ، وله تفسير يرويه ابنه عبد الرحمن، توفي سنة 136 هـ). انظر: "الطبقات الكبرى" (القسم المتمم لتابعي أهل المدينة. تحقيق د. زياد منصور) 314، "تقريب التهذيب" ص 222 (2117)، "طبقات المفسرين" للداودي: 1/ 182.]]، وابن كيسان [[الأثر عنه في "تفسير الثعلبي" 3/ 20 ب. ولكن يرد على هذ القول: أن صلاة الصبح يبدأ وقتها بعد انتهاء وقت السَّحر، فكيف تدخل في المعنى؟! اللهم إلا أن يُراد أن التصاق وقت صلاة الصبح بوقت السحر وقربه المباشر له أدخل صلاة الصبح فيه استتباعًا، والعرب تقول: (لقيته بأعلى سَحرَين)، و (أعلى السَّحرَين)، لأنه أول تنفس الصبح. انظر: "اللسان" 4/ 1953. ولكن هذا التخريج أرى فيه تكلفًا، والله أعلم. ولذا استغربَ الكرمانيُّ إيرادَ الواحدي لهذا القول، فقال: والعجيب: قول الواحدي: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾: المصلين صلاة الصبح، فإن == الإجماع على أن الصائم يتناول الطعام في السحر، فكيف تصح صلاة الصبح فيه؟). "غرائب التفسير" 1/ 247. ويقصد الكرماني: أن وقت السَّحر متميز ومختلف عن وقت صلاة الصبح، الذي يَحرُمُ فيه الأكلُ على الصائم، وتصح فيه صلاة الصبح، فجواز أكل الطعام للصائم في السحر، فيِه دلالة على عدم دخول وقت الصبح، فكيف تصح فيه صلاة الصبح؟! فافترق وقت الصبح عن السحر، لغة، واصطلاحًا؛ بما ميَّز الشرعُ كلَّ وقت بحكم. هذا والله أعلم.]]. وقال مجاهد [[الأثر عنه في "تفسير الثعلبي" 3/ 20 ب، "زاد المسير" 1/ 361.]]، وقتادة [[الأثر عنه في "تفسير الطبري" 3/ 208، "تفسير ابن أبي حاتم" 2/ 615، "تفسير الثعلبي" 3/ 20 ب، "النكت والعيون" 1/ 378، "تفسير البغوي" 2/ 16.]]: يعني: المصلين بالأسحار [[قال ابن عطية في "المحرر الوجيز" 3/ 51 بعد أن ذكر بعض الوجوه في تفسير معنى الاستغفار هنا، ومنها ما سبق معنا: (وهذا كله يقترن به الاستغفار).]]. قال الزجَّاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 385 نقله عنه بتصرف واختصار.]]: وصف الله - تعالى [[في (ج): عز وجل.]] هؤلاء بما وصف، ثمَّ بيَّن أنهم مع ذلك لشدة خوفهم ووجلهم يستغفرون بالأسحار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب