الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ الآية.
قال القُرَظِيُّ [[قوله في: "تفسير الثعلبي" 3/ 131 أ. وقد نقله المؤلف بنصه عنه، من قوله: (لما رجع ..) إلى (.. ولقد صدقكم الله وعده).
وانظر قوله -كذلك- في: "أسباب النزول" للمؤلف (129)، و"زاد المسير" 1/ 475، و"تفسير القرطبي" 4/ 233.
والقُرَظي، هو: أبو حمزة، محمد بن كعب بن سليم بن أسد القُرَظي. تقدمت ترجمته.]]: لَمَّا رَجَعَ رسولُ الله ﷺ، وأصحابُه إلى المدينة، وقد أصابهم ما أصابهم بِأُحُد، قال ناسٌ مِن أصحابه: مِنْ أين أصابَنَا هذا، وقد وَعَدَنا اللهُ النصرَ؟ [فأنزل اللهُ] [[ما بين المعقوفين مطموس في (أ)، والمثبت من: (ب)، (ج)، و"تفسير الثعلبي".]]: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾؟.
وقال بعضهم: كان رسولُ اللهِ ﷺ، رَأَى في المنام أنَّه [[(أ)، (ب)، (ج): (أن). وما أثبَتُه هو ما استصوبته.]] يذبح كَبْشًا، فصدَق رُؤياهُ بقتل [[في (ب): (فقتل).]] طَلْحَةَ بن عثمان [[انظر: "تفسير الطبري" 4/ 125 - 126.
وعند الواقدي: هو طلحة بن أبي طلحة، وأبو طلحة هو: عبد الله بن عبد العُزَّى بن عثمان بن عبد الدار بن قُصَي. انظر: "المغازي" 1/ 220.
والذي ورد في كتب السِّيَر عن رؤيا رسول الله ﷺ: أنه رأى في منامه كأنه في دِرْعٍ حَصِينة، ورأى كأن سيفه ذا الفقار انفصم من عند ظُبَتِه، ورأى بقرا تُذبح، ورأى كأنه مردفٌ كَبْشًا. فأولَّ النبي ﷺ الدرعَ الحصينة بالمدينة، وأما انفصام سيفه من عند ظُبَته: فمصيبة في نفسه؛ بأن يُقتل رجلٌ من أهل بيته، وأما البقر المذبوح: فقتلى في أصحابه، وأما أنه مُرْدف كَبشا: فكبش كتيبة العدو الذي سيقتلونه، أي: حامل لواء المشركين. وفي رواية عن الواقدي: (ورأيت في سيفي فَلًّا فكرهته)، فهو الذي أصاب وجهه الشريف ﷺ.
انظر: "المغازي" 1/ 209، و"سيرة ابن هشام" 3/ 66 - 67، و"طبقات ابن سعد" 2/ 37 - 38، و"تاريخ الطبري" 2/ 502، و"إمتاع الأسماع" للمقريزي 1/ 116.]]، صاحبِ لِوَاءِ المشركين، يوم أُحُد، وقَتْلِ تِسْعَة نَفَرٍ بعده على اللواء [[انظر: "المغازي" 1/ 226 - 228، و"الطبقات الكبرى" 2/ 40 - 41، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 787.]]، فذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾؛ يريد: تصديق رؤيا رسول الله ﷺ.
والصِّدق يتعدى إلى مفعولين؛ تقول: صَدَقْتُهُ الوَعْدَ، والوَعِيدَ [[وقد يتعدى للثاني بالحرف، تقول: (صَدَقتك في القول).]].
قوله تعالى: ﴿إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾.
قال اللَيْثُ [[قوله في: "تهذيب اللغة" 1/ 816 (حسس). نقله عنه ببعض التصرف.]]: الحَسُّ: القَتْلُ الذَرِيع. قال: و ﴿تَحُسُّونَهُمْ﴾، أي: تقتلونهم قَتْلًا شديدًا كثيرًا.
وروى الحَرَّانيُّ [[هو: أبو شعيب، عبد الله بن الحسن الحَرّاني. تقدمت ترجمته.]] عن ابن السِّكِّيت [[في "تهذيب اللغة" 1/ 816 (حسس). وانظر قول ابن السكيت في "إصلاح المنطق" 26.]]: الحَسُّ: مصدرُ (حَسَسْتُ القومَ، أَحُسُّهُمْ، حَسًّا): إذا قتلتهم.
وقال أبو عبيدة [[في "مجاز القرآن" 1/ 104.]]، والزَّجَّاجُ [[في "معاني القرآن" 478.]]، وابنُ قُتَيْبَة [[في "تفسير غريب القرآن" له 113.]]: الحَسُّ: الاستئصال بالقتل؛ يقال: (جَرَادٌ مَحْسُوسٌ): إذا قَتَلَه البَرْدُ. و (سَنَةٌ حَسُوسٌ): إذا أتَتْ على كلِّ شيء [[هذا قول ابن قتيبة المصدر السابق، تصرف فيه المؤلف بالتقديم والتأخير.]] ومعنى ﴿تَحُسُّونَهُمْ﴾: تستأصلونهم قَتْلًا [[انظر: "تفسير الطبري" 4/ 127، "نزهة القلوب"، للسجستاني 155، و"الموضع في تفسير القرآن" للحدادي 39.]].
وقال أصحاب الاشتقاق: (حَسَّهُ، يَحُسُّهُ): إذا قَتَلَه؛ لأنه أبطل حِسَّهُ بالقتل، وأصابَهُ [[انظر: "مقاييس اللغة" 2/ 9 (حسس)، و"النكت والعيون" 1/ 429، و"تفسير القرطبي" 4/ 235.]]؛ كما يقال: (بَطَنَهُ): إذا أصاب بَطْنَهُ [[(إذا أصاب بطنه): ساقط من (ج).]]، و (رَأَسَهُ): إذا أصاب رَأسَهُ [[يقال: (بَطَنَه)، و (بَطَنَ له)، و (بَطَّنَه): ضرب بَطْنَه. انظر: "القاموس المحيط" ص 1180 (بطن).
و (رَأسَه، يرْأسَه، رَأسًا): أصاب رأسه. انظر: "اللسان" 3/ 1533 (رأس).]]. والتَّحَسُّسُ: طَلَبُ الأخبار بحَاسَّةِ السَمْعِ [[انظر: "الزاهر" 1/ 473.]].
وقوله تعالى: ﴿بِإِذْنِهِ﴾ أي: بِعِلْمِهِ [[هذا قول الزجاج في "معاني القرآن" 1/ 478.
وقيل: بأمره وحكمة وقضائه. وهو قول ابن عباس، والطبري، وأبو سليمان الدمشقي، وأبو الليث.
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 127، و"بحر العلوم" 1/ 308، و"زاد المسير" 1/ 476، و"تفسير القرطبي" 4/ 235.
وقيل: بلطفه، وقيل: بمعونته، وقيل: بصدق وعده. وهذه الأقوال الثلاثة ذكرها الماوردي في: "النكت والعيون" 2/ 906.]]
قال المفسرون [[انظر: "تفسير البغوي" 2/ 118، و"تفسير الثعلبي" 3/ 131 ب، و"تفسير ابن كثير" 1/ 444.]]: كان المسلمون يوم أُحُد، يقتلون المشركين قتلا ذريعًا حتى وَلَّوْا هاربين، وانكشفوا منهزمين؛ فذلك قوله: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ﴾.
ثم أَخَلَّ الرُّمَاةُ [[في (ب): (أجل الزمان).]] بالمكان الذي ألزمهم رسولُ الله ﷺ إيَّاهُ، فَحَمَلَ -حينئذ- خالدُ بنُ الوَلِيد [[هو: أبو سليمان، خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي. سماه الرسول ﷺ: (سيف الله)، كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وقائد خيلهم، وشهد مع الكفار حروبهم ضد المسلمين إلى عمرة الحديبية، وأسلم سنة سبع بعد خيبر، وقيل: قبلها. وهو من أشهر قادة الجيوشَ عند المسلمين. توفي سنة (21 هـ). انظر: "الاستيعاب" 2/ 11، و"الإصابة" 1/ 413.]]، مِن وَرَاء المسلمين، وتَرَاجَعَ المشركون، وقُتِلَ مِن المسلمين سبعونَ رجلًا، ثم هُزِمُوا [[انظر: أخبار غزوة أحد في: "صحيح البخاري" (4043) كتاب المغازي. باب غزوة أحد، و"سيرة ابن هشام" 3/ 3، و"الطبقات الكبرى" 2/ 36، و"إمتاع الأسماع" 1/ 116 وما بعدها، و"البداية والنهاية" 4/ 10 وما بعدها.]].
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ أي: جَبنْتُم عن عَدُوِّكم [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 478، و"تفسير الطبري" 4/ 128، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 786.]].
قال الليث [[قوله في: "تهذيب اللغة" 3/ 2792 (فشل). نقله عنه بتصرف يسير.]]: يقال: (فَشِلَ الرَّجُلُ، يَفْشَلُ) - عند الحَرْبِ والشِّدَّةِ: إذا ضَعُفَ، وذهبَتْ قُوَاهُ [[في (ب)، (ج): (قوته).]]. ويقال: (إنه لفَشْلٌ)، و (فَشِلٌ) [[(فشل): ساقطة من (ج).
وفي "التهذيب" ويقال: (وإنه لَخَشْلٌ فَشْل، وإنه لَخَشلٌ فَشِلٌ).
والفَشِلُ: الرجل الضعيف الجبان، وجمعه: أفشال. يقال: فَشِلَ فَشلا. أما الخَشل والخَشلُ: فهو -هنا-: الرديء من كل شيء. والله أعلم. انظر: "الصحاح" 4/ 1685 (خشل)، و"اللسان" 6/ 3418 (فشل)، 2/ 1167 (خشل).]].
واختلفوا في جواب ﴿حَتَّى إِذَا﴾ [[(إذا): ساقطة من (ج).]]:
فقال الفراء [[في "معاني القرآن" له 1/ 238. نقله عنه باختصار، وتصرف.]]: جوابه: ﴿وَتَنَازَعْتُمْ﴾، والواو فيه مُقْحَمَةٌ، معناها السقوط؛ كما قال: ﴿فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ﴾ [[سورة الصافات: 103، 104. وبقيتها: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ﴾. آية: 104.]]؛ المعنى: نَادَيْنَاه. واحتج بقول الشاعر:
حَتَّى إذا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ ... ورَأَيْتُمُ أبْنَاءَكُمْ شَبُّوا وقلبتمُ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنَا ... إنَّ اللَّئِيمَ العاجِزُ الخَبُّ [[البيتان للأسود بن يَعْفُر النهشلي. وهما في "ديوانه" 19.
وأورد البكريُّ في "معجم ما استعجم" 2/ 379 البيت الأول ضمن أبيات نسبها للأسود قالها في هجاء بني نَجيح من بني مجاشع بن دارم.
وقد أورَدتْهما المصادر التالية، بدون نسبة "معاني القرآن" للفراء 2/ 51، و"تأويل مشكل القرآن" 254، وكتاب "المعاني الكبير" 1/ 533، و"المقتضب" 2/ 81، و"مجالس ثعلب" 1/ 59، و"شرح القصائد السبع" لابن الأنباري 55، و"تهذيب اللغة" 3/ 3047 (قمل)، 1/ 84 (باب الواوات)، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 646، 647، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 121، و"الإنصاف" للأنباري ص 367، 368، و"شرح المفصل" 8/ 94، و"رصف المباني" 487، و"لسان العرب" 6/ 3742 (قمل)، و"الجنى الداني" 165، و"تذكرة النحاة" 45، و"خزانة الأدب" 11/ 44، 45.
ورد في: "شرح القصائد السبع" (وقلبتم بطن المجن). وورد في بعض المصادر: (إن الغَدُورَ الفاحشُ الخب)، وفي بعضها: (إن اللئيم الفاجر)، وفي "سر صناعة الإعراب" (حتى إذا امتلأت بطونكم).
قَمِلَت: من (قَمِلَ القومُ): كثروا، و (قَمِل الرجلُ): سَمِنَ بعد هُزَال. ويريد -هنا-: كثرت قبائلكم.
والمِجَنُّ: التُّرْس. وقوله: (وقلبتم ظهر المجن): كناية عن إسقاط الحياء والتنكر للمعروف، وإبداء العداوة
والخِبُّ -بفتح الخاء وكسرها-: الخدّاع الذي يسعى بين الناس بالفساد. أما بكسر الخاء فقط - (الخِبُّ) -، فهو: الغَدْر.
والشاهد فيه عنده: أن الواو في (قلبتم) زائدة، وحقها أن تسقط. و (قلبتم): جواب (إذا).]]
قال: يريد: قَلَبْتُم. هذا مذهب الكوفيين.
وعند البصريين: لا يجوز زيادةُ الواو. ويتأولون هذه الآيةَ وأمثالَها، على حذف الجواب، والتقدير عندهم: (حتى إذا فَشِلْتُمْ، وتَنَازَعْتُم في الأمر، وعَصَيْتُم، امْتُحِنْتُمْ [[في (أ): (امتَحَنْتم) -بالبناء للمعلوم-. وفي: (ب)، (ج): مهملة من الشكل. والصواب ما أثبتُّه.]]؛ بأن نِيلَ منكم، وعُوقِبْتُم بِظَفَرِ أعدائكم بكم)، فحذف الجواب؛ لبيان [[(لبيان): ساقطة من (ج).]] معناه؛ كما حذف في قوله -عز وجل-: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ﴾ [الأنعام: 35]؛ معناه: فافْعَلْ. فأسقط الجواب؛ إذْ أُمِنَ [[(أ)، (ب): (أمَرَّ). والمثبت من (ج).]] اللَّبْسُ [[وقد بينَّا مذهبي البصريين، والكوفيين في زيادة الواو من عدمه، مع ذكر طرف من أدلة الفريقين على ذلك. انظر التعليق على تفسير قوله تعالى: ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ آية: 50 من سورة آل عمران. والتعليق على زيادة الواو في قوله تعالى: ﴿وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ آية: 49، والتعليق على زيادة (إذ) في قوله: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾ آية: 35.]].
والآية -عند الفراء- على التقديم والتأخير؛ لأنه يذهب إلى أن الفَشَلَ مُؤَخَّرٌ بعد التَّنازُع؛ والمعنى عنده: (حتى إذا تنازعتم في الأمر وعَصَيْتُم؛ فَشِلتم). فقدم المؤخر وأخر المقدم؛ كقوله: ﴿إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [[سورة آل عمران: 55.]].
وغيره يقول: الفَشَل في موضعه، غَيْرُ مَنْوِيٍّ به التأخير. والتنازع والعصيان كانا بعد الفَشَلِ [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 1/ 478، و"تفسير الطبري" 4/ 128 - 129.]].
والتنازع [[من قوله: (والتنازع ..) إلى (.. من بعض): نقله بنصه عن "تفسير الثعلبي" 3/ 131 ب.]]: الاختلاف. وأصله مِنْ: (نَزَعَ القومُ الشيءَ، بعضُهُم مِن بَعْضٍ). وسنذكر شرحه عند قوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ﴾ [النساء: 59]، إن شاء الله.
وكان اختلاف القوم [[(القوم): ساقط من (ج).]]: أن المشركين لَمَّا انكشفوا؛ قال بعضُ الرُّمَاةِ: ما مُقَامُنا هاهنا، قد انْهَزَمَ القومَ. وقال بعضُهم: لا نُجَاوِزُ أمْرَ رَسُولِ الله ﷺ [[انظر: "صحيح البخاري" (4043) كتاب المغازي. باب غزوة أحد، و"سنن أبي داود" رقم (2662)، و"تفسير النسائي" 1/ 334، و"مسند الطيالسي" 2/ 95 - 96 رقم (761)، و"الطبقات الكبرى" 2/ 41، و"تفسير الطبري" 4/ 128 - 129، و"تاريخه" 2/ 507، و"إمتاع الأسماع" 1/ 127، و"البداية والنهاية" 4/ 26.]].
وقوله تعالى: ﴿وَعَصَيْتُمْ﴾. أي [[من قوله: (أي ..) إلى (.. تحبون) ساقط من (ج).]]: بِتَرْكِ المَرْكَزِ [[يعني ترك الرماة لموقعهم الذي عينه لهم رسول الله ﷺ وأمرهم ألّا يبرحوه انظر: "تفسير الطبري" 4/ 128 - 129.]].
وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ﴾ يعني: الظَّفَرَ والنَّصْرَ والفَتْحَ، حين كان الدَّبْرَةُ [[الدَّبْرَةُ -بفتح الدال-: الهزيمة في القتال. أما الدِّبرة -بكسر الدال-: فهي خلاف القبلة. انظر: "القاموس" ص 390 (دبر).]] على المشركين [[وهذا قول عامة المفسرين، منهم: ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والسدي، وابن إسحاق.
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 128 - 129، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 788.]].
وقوله تعالى: ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا﴾ يعني [[من قوله: (يعني ..) إلى (.. بالهزيمة) بنصه في: "تفسير الثعلبي" 3/ 132 أ.]]: الذين تَرَكُوا المَرْكَزَ، وأقْبَلُوا إلى النَّهْبِ.
﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ يعني: الذين ثَبَتُوا مَعَ عبد الله بن جُبَيْر -وهو أمير الرُّمَاةِ [[وهو أمير الرماة: ليس في "تفسير الثعلبي". وفي (ب): (الرملة). انظر: "تفسير الطبري" 4/ 129 - 130، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 789، و"المستدرك" 2/ 296 كتاب التفسير. سورة آل عمران.
وعبد الله بن جُبَيْر بن النعمان الأوسي الأنصاري. شهد العقبة وبدرًا، واستشهد يوم أحد -رضي الله عنه- انظر: "الاستيعاب" 3/ 14، و"أسد الغابة" 3/ 194.]] - حتى قُتِلُوا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾ [أي] [[ما بين المعقوفين في (أ): (إلى). والمثبت من: (ب)، (ج)، و"تفسير الثعلبي".]]: بالهزيمة؛ على معنى: صَرَفَ وجوهَكُم عنهم [[في (ج): (وههم).]].
وقال عَطَاء [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد: صرف حدكم [[هكذا في: (أ)، (ب)، (ج).
ومعناها -والله أعلم-: صرف بأسكم وقوتكم عنهم، لأن (حَدّ الرَّجُلِ): بأسه ونفاذُهُ. في نجدته. يقال: (إنه لذو حَدٍّ). انظر: "اللسان" 2/ 801 (حدد).]] عنهم. وهذا صريح في أن [المعصيةَ مَخْلُوقَةٌ لله] [[ما بين المعقوفين مطموس في (أ). والمثبت من (ب)، (ج).]] عز وجل؛ حيث أضاف انهزامهم وتَوَلِّيهم إلى نفسه؛ فقال: ﴿صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾، ولم يقل: (انْصَرَفْتُمْ) [[انظر تأويل المعتزلة لها في: "تنزيه القرآن عن المطاعن" 82.]].
وقوله تعالى: ﴿لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾. أي: لِيَخْتَبِرَكُمْ بِمَا جَعَلَ عليكم مِنَ الدَّبْرَةِ والهزيمةِ، فَيَتَبَيَّنَ الصابرُ [[(أ)، (ب): (الصابرين). والمثبت من (ج).]] مِنَ الجازع، والمُخْلِصُ مِنَ المنافق [[في (ب): (الشاك).]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ﴾ أي: ذَنْبَكُمْ [[في (ج): (دينكم).]]؛ حيث عصيتم رسولَ اللهِ ﷺ وحيث [[في (ج): (فحيث).]] انهزمتم، فَلَمْ يُؤاخِذْكُمْ بذَنْبِكُمْ.
وقال بعضُ المُفَسِّرِينَ [[ممن قال ذلك: مقاتل، والحسن، وابن جريج، وابن إسحاق، والطبري، وأبو الليث، والثعلبي.
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 131 - 132، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 789 - 790، و"بحر العلوم" 1/ 308، و"تفسير الثعلبي" 3/ 132 أ. والعبارة له.]]: ولقد عفا عنكم، فَلَمْ يَسْتَأصِلْكُم بعد المعصية والمخالفة، نظيره: ﴿ثُمَ عَفَوْنَا عَنْكُمْ﴾ [[سورة البقرة: 52. ﴿ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.]].
وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله بهذا النص. وقد أورد ابن الجوزي في "الزاد" 1/ 477، عنه قولَه: (إذ عفا عنهم جميعًا).]]: يريد: بالمَغْفِرَةِ.
{"ayah":"وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥۤ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰۤ إِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَنَـٰزَعۡتُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَیۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَاۤ أَرَىٰكُم مَّا تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن یُرِیدُ ٱلدُّنۡیَا وَمِنكُم مَّن یُرِیدُ ٱلۡـَٔاخِرَةَۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِیَبۡتَلِیَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق