الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾ الآية. قالَ الزُهْرِيُّ [[في (ج): (الأزهري). وقول الزهري، في "تفسير الطبري" 4/ 102.]]، وقتادة [[قوله، في: "تفسير الطبري" 4/ 102، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 770.]]، وابن أبي نَجِيح [[قوله هذا يرويه عن مجاهد، وهو في: "تفسير مجاهد" 136، و"تفسير الطبري" 4/ 102، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 770.]]: هذه الآية تَسْلِيَةٌ مِن الله -تعالى- للمسلمين، لِمَا نالَهُمْ يومَ أُحُد مِنَ القتل والجَرْح. ومعنى ﴿وَلَا تَهِنُوا﴾: لا تضْعُفُوا. والوَهْنُ [[من قوله: (والوهن ..) إلى (.. وهَنا لغة): نقله -بتصرف واختصار- عن: "تهذيب اللغة" 4/ 3966 (وهن).]]: الضَعْفُ في العَمَلِ، وفي العَظْمِ. يقال: (وَهِنَ [[هكذا جاءت في (أ): (وَهِنَ) -بكسر الهاء-. وفي (ب)، (ج): مهملة من الشكل. وفي "التهذيب" (وَهَنَ) -بفتح الهاء- وقد وردت الكلمة في مصادر اللغة بالحركات الثلاث (فتح الهاء وكسرها وضمها). انظر مادة (وهن) في: "الصحاح" 2215، و"التاج" 18/ 579.]]، يَهِن، وَهْنًا)، فهو (واهِنٌ): إذا ضَعُفَ في العمل. و (مَوْهُونٌ) في العَظمِ والبَدَنِ، و (وهِنَ وَهَنًا)، لُغَةٌ [[في (أ): (وَهْنًا) بتسكين الهاء وفي (ب)، (ج): مهملةٌ غير مشكولة. والمثبت هو الصواب. انظر: "تهذيب اللغة" 4/ 3966 (وهن).]]. و (أَوْهَنَهُ اللهُ) [[من قوله: (وأوهنه الله ..) إلى نهاية شطر بيت الشعر: (.. فقر): نقله -بتصرف يسير- عن "تهذيب اللغة" 4/ 3967 (وهن).]]، فهو (مَوْهُونٌ)؛ مثل: (أَحَمَّهُ)، فهو (مَحْمُوم)، و (أزْكَمَه) فهو (مَزْكُوم) [[انظر (وهن) في: "جمهرة اللغة" 996، و"الصحاح" 2215 - 2216، و"التاج" 18/ 579.]]. ومنه قول طَرَفَة: إنَّنِي لَسْتُ بِمَوْهُونٍ فَقِرْ [[عجز بيت، وصدره: وإذا تَلْسُنُنِي ألسُنُها وهو في: ديوانه: 53، وورد منسوبًا له في: "التهذيب" 4/ 3967 (وهن)، و"الصحاح" 2215 (وهن)، و"اللسان" 6/ 445 (فقر)، 7/ 4030 (لسن)، 8/ 4935 (وهن). ومعنى (تلسُنُني)؛ أي: تأخذني بلسانها، يقال: (لَسَنَه لَسْنًا): إذا أخذه بلسانه. انظر: "اللسان" 7/ 4030 (لسن). والمَوْهون: هو الذي أصابه وَجَعُ (الواهنة)، وهو وَجَعٌ يصيب العِرْق المستبطن حبْل العاتق إلى الكتف. انظر: "التهذيب" 4/ 3967 (وهن). والفَقِر: الذي يشتكي من فَقَارِهِ. انظر: "اللسان" 6/ 445 (فقر).]] قال المفسِّرُون: ﴿وَلَا تَهِنُواْ﴾ عن جهاد عدوِّكم، بما نالَكُم مِنَ الهزيمة [[انظر: "تفسير الطبري" 4/ 102 - 103، و"تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 771.]]، ﴿وَلَا تَحْزَنُوا﴾ على ما فاتكم من الغَنِيمَةِ [[في (ج): (القسمة). لم أقف على من قال بأنهم نُهُوا عن الحزن على ما فاتهم من الغنيمة. وقد ذكر هذا القول الثعلبي في "تفسيره" 3/ 122 ب. وصدَّره -مع القول السابق- بقوله: (وقيل: ..). ولم يبين القائل. وأورده ابن الجوزي في "الزاد" 1/ 466 وقال: (ذكره علي بن أحمد النيسابوري) يعني: المؤلف (الواحدي). ويرى مقاتل أنهم نُهوا عن الحزن على ما أصابهم من هزيمة يوم أحد. انظر: "تفسيره" 1/ 303. ويرى الماوردي أنهم نهوا عن الحزن على ما أصاب النبي ﷺ من شَجِّه، وكَسْرِ رَبَاعِيَتِهِ. انظر: "النكت والعيون" 1/ 466. وقيل: نُهُوا عن الحزن على مَن قُتِل من إخوانهم من المسلمين. ونسبه ابن الجوزي لابن عباس. انظر: "زاد المسير" 1/ 466.]]؛ فإنَّكم ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾؛ أي: لكم تكون العاقِبَةُ بالنَصْرِ والظَّفَرِ. قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد: في الدنيا والآخرة. وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ يعني: أَنَّ الإيمانَ يُوجِب ما ذكر مِن تَرْكِ الوَهْنِ والحُزْن. فقيلَ: إنْ كُنتم مؤمنين؛ فَلا تَهِنوا ولا تحزنوا؛ أي [[في (ج): (إلى).]]: من كان مؤمنًا فيجب ألّا [[في (ب): (أن لا).]] يَهِنَ، ولا يَحْزَن؛ لثقته باللهِ -جل وعَزَّ-. وإلى هذا أَشَار ابنُ عبَّاس، فقال [[لم أقف على مصدر قوله.]] في قوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ يريد: مُصَدِّقِينَ؛ تحريضًا مِنَ اللهِ تعالى لهم. وفيه وجْه آخر، وهو: أن [[(أن): ساقطة من (ج).]] المعنى: إنْ كنتم مؤمنين بِصِدْق [[في (ج): (لصدق).]] وَعْدِي إيَّاكُمْ بالنَصر؛ حتى تَسْتَعْلُوا على عَدُوِّكُم، وتَظْفَرُوا بِبُغْيَتِكُم. وفي قوله: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ وجهان: أحدهما: أنه في موضعُ الحَال؛ كأنَّهُ قيل: لا تَحْزَنوا عَالِينَ؛ أي: منصورين على عَدُوِّكُم [[(على عدوكم): ساقطة من (ج).]] بالحُجَّةِ [[انظر: "البيان"، للأنباري 1/ 222، و"الدر المصون" 3/ 401.]]. الثاني: أنه اعتراضٌ بِوَعْدٍ مؤكد؛ كأنه قيل: ولا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا إنْ كُنْتُم مؤمنين، وأنتم الأَعْلَوْن [[انظر: "الفريد في إعراب القرآن المجيد" 1/ 633.]]. وفي هذه الآية إشارَهٌ إلى أنَّ [[أن: ساقطة من (ج).]] مَنْ كان مؤمنًا، لا يَنْبَغِي له أن يَضْعُفَ لِمَا يَنَاله مِن مُصِيبَةٍ في الدُّنْيَا، بل يجب أن يسكن نفسُهُ، وينتفي حزْنُهُ بما هو عليه مِن الاستعلاء، والفوز بالأُمْنِيَةِ في العاقِبة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب