الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾ هذا وعْد مِنَ الله تعالى [[تعالى: ساقطة من: (ب)، (ج).]] للمؤمنين، في أهل الكتاب، أنَّهم منصورون عليهم، وأنَّه لا ينالهم منهم غَلَبَةٌ. ومعنى ﴿إِلَّا أَذًى﴾؛ أي: أذًى باللِّسانِ، مثل [[في (ج): (ثم).]]: الوعيد، والبُهْت [[البُهْت -بضم الباء-، والبَهِيتة، والبهتان: الكذب والافتراء. والبَهت -بفتح الباء-: أن يقول المرء في غيره ما لم يفعله. يقال: (بَهَته، يَبهَتُه، بَهْتًا، وبَهَتا، وبُهْتانًا). والبَهْتُ: الانقطاع والحَيْرة، يقال: (بَهَتَ، وبَهِتَ، وبُهِتَ): إذا تَحيَرّ. وهو أصل== معنى الكلمة. فـ (البُهتان): هو الباطل الذي يُتحير من بطلانه. انظر: (بهت) في. "مقاييس اللغة" 1/ 308، والنهاية في "غريب الحديث" 1/ 165، "اللسان" 1/ 367 - 368.]]. وقال الحسن [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 47، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 734، "زاد المسير" 1/ 240.]] وقتادة [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 46 ونصه عنده: (لن يضروكم إلا أذى تسمعونه منهم). "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 734.]]: أي: دعاء إلى الضلالة. وموضع ﴿إِلَّا أَذًى﴾ نصبٌ بالاستثناء المتصل؛ المعنى: لن يضروكم إلا ضَرَرًا يسيرًا. فـ (الأذى) وقع موقع الضَّرَر [[وقيل: هو استثناء منقطع؛ أي: لن يضروكم بقتال أو غلبة، ولكن بكلمة أذى أو نحوها. وممن قال بهذا: الأخفش، والطبري، والنحاس، ومكي، وأبو بكر الأنباري. انظر: "معاني القرآن" للأخفش: 1/ 213، "تفسير الطبري" 4/ 41، "إعراب القرآن" للنحاس: 1/ 358، "البيان" للأنباري: 1/ 285، "الدر المصون" للسمين الحلبي: 3/ 352، "مشكل إعراب القرآن" لمكي: 1/ 170.]]. والأذى: مصدر (أَذِيْتُ بالشيء أذًى) [[الأذى: هو ما تسمعه من مكروه. يقال: (أذِيتُ بالشيء، آذَى أذًى وأذاة وأذِيَّة)، فـ (أنا أذٍ). أمَّا (آذى)، فمصدرها: إيذاء، وأذيّة. وتأذَّيْت به تأذِّيا. انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 140 (أذا)، "الصحاح" 6/ 2266 (أذا)، "اللسان" 1/ 54.]]. وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾ قال أبو على [[هو: الفارسي، ولم أقف على مصدر قوله فيما رجحت إليه من مؤلفاته، وقد وجدته -مع اختلاف يسير جدًا- في "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: 2/ 447 في كلام طويل نقله عن أبي علي في تعليقه على قوله -تعالى-: ﴿فَلَنُوَليَنَّكَ قِبْلَة تَرضَاهَا﴾ [الآية: 144 من سورة البقرة].]]: (وَلَّى) منقول مِن (فَعل)؛ تقول: (داري تَلِي دارَهْ)، وَ (وَلِيَتْ [[في (ب): (ووليته).]] داري دارَه)، فإذا [[في (ج): (وإذا).]] نَقَلْتَ [[في "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: نقلته.]] إلى (فَعَّلَ)، قلت: (ولّاني مآخيرَهُ) [[في (أ)، (ب): (ما آخيره). والمثبت من: (ب)، (ج)، "إعراب القرآن". وفي "إعراب القرآن": (قلت: وَلِيتُ مآخيره، وولّاني مآخيره). والمآخير: لم أقف على المراد بها في معاجم اللغة التي رجعت إليها، وقد ورد فيها (المئخار)، وهي النخلة التي يبقى حملها إلى آخر الصِّرام، أو يبقى إلى آخر الشتاء، وجمعها: مآخير. انظر: "كتاب النخل"، لأبي حاتم السجستاني: 92، وانظر مادة (أخر) في "اللسان" 1/ 45، "التاج" 6/ 17. ولكن هذا المعنى ليس هو - المراد هنا، وإنما يراد بها هنا -والله أعلم- جهة الخلف من الإنسان: الظهر وما يليه. ويعزز هذا قوله بعده: (وولاني ميامنه).]]، و (ولّاني مَيَامِنَه) [[ورد في "إعراب القرآن" المنسوب للزجاج: (ووليت ميامنه، وولاني ميامنه). والميامن: جمع (مَيمَنه)، وهي خلاف الميسرة في الإنسان. انظر: "اللسان" 8/ 4967 (يمن).]]، فهو مثل: (فَرِحَ) و (فَرّحْتُه) [[في "إعراب القرآن" السابق، أضاف بعدها: (وليس مثل: لقي وألقيته ولقَّيْته).]]، ومثل هذا: قوله: ﴿لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ﴾ [الحشر: 12]، وقوله: ﴿وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾ [القمر: 45]، إلّا أنّ المفعول الثاني الزائِد في نَقل (فَعِلَ) [[في (أ): (فعِّل). وفي (ب)، (ج): (غير مشكولة). وما أثبته هو الصواب.]] إلى (فَعَلَ) محذوفٌ من الآيتين، ولو لم يُحذَفْ لكان كقوله: ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [[فـ (الأدبار) مفعول ثانٍ. انظر: "التبيان" للعكبري: ص 204، "الدر المصون" 3/ 352.]]. وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾ محمول [[من قوله: (محمول ..) إلى (ثم لا ينصرون): ساقط من (ج).]] على الاستئناف، لا على العطف [[انظر: "إعراب الحديث النبوي" للعكبري: 172.]]. والتقدير: ثم هم لا ينصرون. وإنَّما لم يُحتملْ [[في (ج): (يحمل).]] على العطف؛ لأنه غير مشاكل للمعطوف عليه؛ وذلك أن سبب التولية: القتال، وليس كذلك منعُ النصر؛ لأن [[في (ج): (لأنه).]] سببه: الكفر [[أي: لو قلنا بعطفه على جواب الشرط، للزم تقييد عدم نصرهم في حالة مقاتلتهم لنا فقط. ولكن -في الحقيقة- هم غير منصورين مطلقًا؛ لكفرهم، سواءً أقاتلوا أم لم يقاتلوا.]]. وأيضًا فإنه آخر آية، فكان الرفعُ فيه أقوى؛ ليشاكل [[في (ج): (لتشاكل).]] سائرَ الفواصل بالنُّون [[في (ب): (والنون).]]، كما قال: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: 36] [[في رفع ﴿فَيَعْتَذِرُونَ﴾ -هنا- وجهان: أ- أنها معطوفة على ما قبلها ﴿وَلَا يُؤْذَنُ﴾ فهي نفي؛ أي: فلا يعتذرون فلم يجعل الاعتذار متسببًا عن الإذن؛ إذ لو كان كذلك لنُصب وحذف النون. وذهب الفرَّاء إلى أن الرفع فيها لمراعاة الفواصل. ب- أنها مستأنفة؛ أي: فهم يعتذرونه ومعناها: أنهم ينطقون في مواقف دون أخرى. انظر: "معاني القرآن" للفراء: 1/ 229، 3/ 226، "التبيان" للعكبري: ص 204، "البيان" للأنباري: 2/ 488، "البحر المحيط" 8/ 408.]]. قال المفسرون: صدق الله وعْدَه بالنصر، فلم يقاتل يهودُ [[في (ب): (بعد) بدلًا من (يهود).]] المدينة رسولَ الله ﷺ والمسلمين [[(والمسلمين): ساقطة من: (ج).]]، إلّا ولَوا منهزمين، وكانت الدَّبْرَةُ [[في (ج): (الدائرة).= الدَّبْرَة: العاقبة، والهزيمة في القتال. أمَّا الدِّبْرة -بكسر الدال المشددة- فهي خلاف القِبلة. انظر: "القاموس المحيط" ص 389 (دبر).]] عليهم، ففيه أعظم دلالة على (صحة) [[زيادة من (أ).]] نبوة محمد ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب