الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾. الآية. ذكرنا معنى (الاعتصام) [[عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ﴾. الآية: 101 من هذه السورة.]]. وأما (الحَبْل)؛ فقال أبو عبيد [[في "غريب الحديث" له: 2/ 219 نقله عنه بتصرف. وانظر: "تهذيب اللغة" 1/ 730 (حبل).]]: أصل الحَبْل في كلام العرب، ينصرف على وجوهٍ منها: (العَهْدُ) وهو الأمان [[انظر: "ما اتفق لفظه واختلف معناه" لليزيدي: 121 - 122.]]، وذلك أن العرب كانت تخفيف بعضها بعضًا في الجاهلية، فكان [[في (ج): (وكان).]] الرجل إذا أراد سفرًا أخذ عهدًا مِن [[في (ب): (على).]] سيِّد القبيلة [[في (ب)، (ج): (القبيل).]]، فَيَأمَن به ما دام في تلك القبيلة، حتى ينتهي إلى الأخرى، فيأخذ مثلَ ذلك أيضًا، يريد به الأمان. وربما أعطاه حَبْلًا أو سَهْمًا [[في (ب): (أن سهل). بدلًا من: (حبلًا أو سهامًا). وقوله: (وربما أو سهما): غير موجودة في "غريب الحديث". وقال السمين الحلبي معلقًا على هذا القول: (وهذا معنى غير طائل، بل سُمِّي العهد حبلًا للتوصل به إلى الغرض). "الدر المصون" 3/ 332.]].
و [[في (ب): (في).]] هذا المعنى ذَكَرَهُ الأعشى في قوله يذكر مَسِيرا له [[في "غريب الحديث": (يذكر مسيرًا له، وأنه كان يأخذ الأمان من قبيلة إلى قبيلة، فقال لرجل يمتدحه) وذَكَرَ البيتَ.]]:
وإذا تُجَوِّزُها حِبَالُ قَبِيلةٍ ... أَخَذَتْ مِنَ الأخْرَى إليكَ حِبَالَها [[البيت، في ديوانه: (151). كما ورد منسوبًا له، في "غريب الحديث" لأبي عبيد:== 2/ 219، "تأويل مشكل القرآن" 465، "المعاني الكبير" 1120، "تفسير الطبري" 4/ 30، "معاني القرآن" للزجاج: 1/ 450، "الزاهر" 2/ 307، "تهذيب اللغة" 1/ 730 (حبل)، "معاني القرآن" للنحاس: 1/ 453، "مقاييس اللغة" 2/ 131، "تفسير الثعلبي" 3/ 86 ب، "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" لأبي موسى المديني: 1/ 394، "اللسان" 2/ 760 (حبل)، "التاج" 14/ 134 (حبل)، وغيرها. وورد غير منسوب في الموضع في " التفسير" 38.
وروايته في الديوان: (فإذا تجوزها ..)، وعند الزجاج: (وإذا أجوز بها ..). وهذا بيت من قصيدة يمدح فيها الشاعر قيس بن معد يكرب، ويقول فيها مخاطبًا له، وذاكرًا ناقته -أي: ناقة الشاعر-: إنها -وهي تمر في أراضي القبائل، قاصدةً إليك-، لا يُسَوِّغ لها هذا المرور، ولا يُسَهِّل لها قطعَ هذه الطرق، إلا ما تأخذه من عهود الأمان من هذه القبائل، وهكذا من قبيلة إلى قبيلة حتى تصل إليك. انظر: "المعاني الكبير" 1120، "المقاييس" 2/ 131.]] قال أبو عبيد: [[في "غريب الحديث" له 2/ 219. نقله عنه بالمعنى.]] فالاعتصام بحبل الله؛ هو: ترك الفرقة، واتباعُ القرآن؛ لأن المؤمن إذا اتبع القرآن، أَمِنَ العذابَ [[في (ب): (العرب).]]، كما أن الآخذ [عهد] [[ما بين المعقوفين: غير مقروء في (أ). وفي (ب): (عن). والمثبت من (ج).]] سيِّد القبيلة يأمَنُ به.
قال ابن الأنباري [[لم أقف على مصدر قوله.]]: لمَّا ذَكَرَ اللهُ عز وجل الاعتصامَ، ذكر الحبلَ، إذ كان العهد في التمسك به والتوصل، يجري مجرى الحبل، فأقامه الله تعالى مقامه، وأجراه مُجراهُ، ولم تزل العربُ تُشَبِّهُ العهودَ بالحبالِ.
قال الشاعر: مازلتُ معتَصِمًا بِحَبْلٍ منكُمُ ... مَن حَلَّ ساحَتَكم بأسبابٍ نَجَا [[لم أقف على قائله. وقد ورد في مادة (حبل) في "تهذيب اللغة" 1/ 731، "اللسان" 2/ 759.]]
أي: بعهد وذِمَّةٍ.
فَسُمَي عهدُ الله حبلًا؛ لأنه سبب النجاة، كالحبل الذي يُتمسك به للنجاة من [سبي] [[هنا كلمة غير مقروءة في (أ)، (ج). وفي (ب): (شيء)، ولم أر لها وجهًا.]]. ونحوها [[في (ب): (ونحوهما).
قال ابن الأنباري: (والحبل توقعه العرب على السبب تشبيهًا له بالحبل المعروف والسبب المذكور في القرآن هو الحبل، سمَّاه الله -عز وجل- سببًا؛ لأنه يوصل من تمسك به إلى الأمر الذي يَؤُمُّهُ. وكذلك الأسباب المعروفة هي وُصلات وأسباب تصل شيئًا بشيء ..). "الزاهر" 2/ 307، وانظر: "تأويل مشكل القرآن" 464 - 469، "تفسير الطبري" 4/ 30.]].
قال ابن عباس [[قوله في "تفسير الثعلبي" 3/ 86 ب، "زاد المسير" 1/ 433.]]: أي: تمسكوا بدين الله [[وقد ورد نفى هذا المعنى عن ابن زيد، في "تفسير الطبري" 4/ 30، "النكت والعيون" 1/ 414، "زاد المسير" 1/ 433.]]. وقال قتادة [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 31، "تفسير الثعلبي" 3/ 86 - ب، "النكت والعيون" 1/ 413، "زاد المسير" 1/ 33. وفي رواية أخرى عنه، فسره بـ (عهد الله وأمره). انظر: "تفسير الطبري" 4/ 31، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 724.]]، والسدي [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 31، والمصادر السابقة.]]، والضحاك [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 31، "تفسير الثعلبي" 3/ 86 ب.]]: حبل الله، هو: القرآن [[ورد عنه ﷺ تفسير (حبل الله)، بقوله: (كتاب الله، حبل الله ممدود من السماء إلى الأرض). ورد ذلك من رواية أبي سعيد الخدري، أخرجها: أحمد، في "المسند" == 3/ 14، 17، 26، 59. والترمذي، في "السنن" 5/ 663 رقم (3788) كتاب المناقب، باب: (مناقب أهل البيت). وأورده من طريقين: الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد. والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم. وقال: (هذا حديث حسن غريب).
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 134 (30072)، والطبري في "تفسيره" 4/ 31، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 87 ب، وابن أبي عاصم في "السنة"630 (1554). وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 9/ 163 ونسب إخراجه إلى الطبراني في "الأوسط" وقال: (وفي سنده رجال مختلف فيهم)، وأورده السيوطي في "الدر" 2/ 107. ومدار سنده عندهم على عطية العوفي، وهو ضعيف، ويخطئ كثيرًا، وكان شيعيًّا مدلِّسًا.
انظر: "ميزان الاعتدال" 3/ 476، "تقريب التهذيب" 393 (4616).
وورد بلفظ: (إني تارك فيكم كتاب الله، هو حبل الله ..)، من رواية يزيد بن حبان، عن زيد بن أرقم. أخرجه: ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 134 (30069)، وابن حبان في "صحيحه" 1/ 330 - 331 (123)، والثعلبي في "تفسيره" 3/ 87 ب.
وورد بنفس السند وبنحو لفظه، إلا أنه ليس فيه تفسيره بأنه حبل الله، وإنما ورد فيه: (وأنا تارك فيكم ثَقَلَيْن: أولهما كتاب الله ..). أخرجه:
مسلم في "الصحيح" (2408) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب. وأحمد في "المسند" 4/ 366 - 367، وابن أبي عاصم في "السنة" 629 (1551)، والبيهقي في "السنن" 4/ 2090 (3359)، والدارمي في "السنن" 2/ 431 كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل من قرأ القرآن.
ووردت تفسيراتٌ أخرى لـ (حبل الله) عن بعض السلف، منها: أنه: طاعة الله، وقيل: إخلاص التوحيد، وقيل: الجماعة، وقيل: عهد الله.
انظر: "تفسير الطبري" 4/ 31، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 723، 724.
والاختلاف -هنا- من قبيل اختلاف التّنَوُّع، وليس التَّضاد، فإن من التزم القرآن فقد التزم الإسلام -أصلا-، وبالتالي، فقد أطاع الله، واستقام على عهده، وهو ما عليه جماعة المسلمين.]].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والخطاب في هذه الآية للأوس والخزرج [[ويدخل فيه المسلمون عمومًا؛ لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما هو مقرر فى أصول هذا الفن.]].
وقوله تعالى: ﴿جَمِيعًا﴾ منصوب [[من قوله: (منصوب ..) إلى (الاعتصام به): نقله بنصه عن "معاني القرآن" للزجاج: 1/ 450.]] على الحال؛ المعنى: اعتصموا بحبل الله، مجتمعين على الاعتصام به.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: أي: كما كنتم في الجاهلية مقتتلين على غير دين الله.
وقال قتادة [[قوله في "تفسير الطبري" 4/ 32 بنحوه، "النكت والعيون" 1/ 414.]]: لا تفرقوا عن دين الله الذي أمر فيه بلزوم الجماعة، والائتلاف على الطاعة.
وقال الزجاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 450 نقله عنه بنصه. وقد فسره الزجاج بلازمه؛ لأن التناصر من لوازم الوحدة وعدم التفرق.]]: أي: تناصروا على دين الله، ولا تتفرقوا [[(ولا تتفرقوا): غير موجودة في "معاني القرآن".]].
وقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله.]]: يريد: دين الإسلام.
﴿إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً﴾ يريد: ما كان بين الأوس والخزرج من الحرب التي [[في (ج): (الذي).]] تطاولت عشرين [[في (ج): (عشرون).]] ومائة سنة، إلى أن ألَّفَ اللهُ عز وجل بين قلوبهم بالإسلام، فزالت تلك الأحقاد، وصاروا إخوانًا في الإسلام، مُتَوادِّينَ على ذلك [[انظر حول ذلك: "تفسير الطبري" 4/ 33، "الكامل" لابن الأثير 1/ 402 - 420.]].
قال الزجاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 451. نقله عنه بتصرف.]]: وأصل (الأخ) في اللغة [مِن] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). ولكنه بعد التمعن والتدقيق قد يقرأ (من) كما
أثبتُه. وقد وجدته كذلك في تفسير الفخر الرازي:8/ 179؛ حيث نقل عبارة
الزجاج كما هي عند المؤلف- هنا-.]] [(التَّوَخِّي)، وهو] [[ما بين المعقوفين زيادة من (ج).
وقوله: (من التوخي، وهو الطلب) ليس في "معاني القرآن" وإنما حكى المؤلف المعنى، ونصها عند الزجاج -في آخر كلامه-، كالتالي: (والعرب تقول: (فلان يَتَوَخَّى مَسَارَّ فلانٍ)؛ أي: يقصد ما يسره).]]: الطَّلَبُ. فالأخ [مقصده مقصد] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). وفي (ب): (مقصد فمقصد). والمثبت من (ج).]] أخيهِ، وكذلك هو في الصداقة: أن تكون إرادةُ كلِّ واحدٍ من الأَخَوَيْنِ موافقةً [[في (ج): (مفارقة).]] لِمَا يُريد صاحِبُه [[قال الأزهري: (وأصله من: (وَخَى، يَخِي): إذا قصد. فقلبت الواو همزة). "تهذيب اللغة" 1/ 128 (أخو). ونقل عن أبي عمرو: (وَخى فلان يَخي وخيْا: إذا توجه لأمر). المصدر السابق: 4/ 3856 (وخى). وانظر: "معجم مقاييس اللغة" 6/ 95 (وخى)، 1/ 70 (أخو). وجمع (أخ): (أخُون، وإخْوان، وإخْوَة، وأخْوَة، وآخاء). ويرى سيبويه أن (إخوة) اسم جمع. انظر: "كتاب سيبويه" 3/ 625، "الصحاح" 6/ 2264 (أخا)، "اللسان" 1/ 40 (أخا).]].
قال أبو حاتم [[قوله في "تهذيب اللغة" 1/ 128 (أخ)، نقله باختصار وتصرف يسير. وقد تقدمت ترجمته.]]: قال أهل البصرة: (الإخوَةُ؛ في النَّسَبِ، و (الإخوان)؛ في الصَّداقة. قال: وهذا غلط [[في "التهذيب"، وهذا خطأ وتخليط.]]. يقال [[في (ج): (فقال).]] للأصدقاء، و [الأنسباء] [[ما بين المعقوفين: مطموس في (أ). وفي "تهذيب اللغة" وغير الأصدقاء. والمثبت من (ب)، (ج).]]: (إخوةٌ) و (إخوانٌ). قال الله سبحانه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، ولم يعْنِ [[في (ب): (يقل).]] النَّسَبَ.
وقال عز وجل: ﴿أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ﴾ [النور: 61]، وهذا في النَّسَبِ. وقوله تعالى: ﴿وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ﴾ (شَفَا الشيءِ): حَرْفُهُ، مقصورٌ [[في (ج): (مقصورة).]]، مثل: شَفَا البئر. والجمع: (الأشفاء). ويقال لِمَا بين الليل والنهار، عِند غُروب الشَّمس، إذا غاب بعضها: (شَفَا).
قال الراجز:
أدركتُهُ قَبْلَ شَفًا أو بِشَفَا ... والشمسُ [[في (ج): (فالشمس).]] قدكادت تَكُونُ دَنَفَا [[البيت، للعجاج، وهو في ديوانه (تح: د. عزة حسن): 493. كما ورد في "مجاز القرآن" 1/ 388، "العين" 6/ 288، 8/ 48، "غريب الحديث" لأبي عبيد: 2/ 427، "إصلاح المنطق" 409، "الجمهرة" 274، 679، "الخصائص" 2/ 119، "المخصص" 9/ 25، 17/ 31، "المقاييس" 2/ 304، "اللسان" 3/ 1432 - 1433 (دنف)،14/ 437 (شفى). == وورد في الديوان: (أشرفته قبل شفا). وفي "إصلاح المنطق"، "المخصص"، "اللسان": (أشرفته بلا شفى).
وقال في "اللسان" -في تفسير البيت-: (بلا شفى)؛ أي: وقد غابت الشمس، (أو بشفى)؛ أي: وقد بقيت منها بقية) 4/ 2294 (شفى).
يقال: (شَفَت الشمسُ، تشفو، وتشفي)، و (شفيت شَفًى)، فالكلمة واوية ويائية. انظر المصدر السابق: 4/ 2294 (شفى).
و (الدَّنَف): هو المرض اللازم، وقيل: مطلق المرض. ويقال: (رجلٌ دَنَفٌ، ودنِف، ومُدْنَف، ومدْنِف)؛ أي: براه المرضُ حتى أشفى على الموت. ويقال: (دِنفَت الشمس وأدْنَفَت): إذا دنت للمغيب أو أصفَّرَتْ.
وأراد في البيت: مداناة الشمس للغروب، فكأنها حينئذ كالشخص الدَّنِفِ، وهو استعارة انظر: "اللسان" 3/ 1432 - 1433 (دنف).]].
ومِن هذا، يقال: (أشفى على الشيء): إذا أشرف عليه؛ كأنه بلغ شَفَاهُ؛ أي: حَدَّهُ وَحَرْفَه [[انظر المعاني السابقة في مادة (شفا)، في "تهذيب اللغة" 2/ 1902، "تفسير الطبري" 4/ 36 - 37، "المخصص" 9/ 25، "اللسان" 4/ 2294 - 2295.]].
قال ابن عباس [[لم أقف على مصدر قوله. وقد ورد بنحوه عن السدي، في "تفسير الطبري" 4/ 38، "تفسير ابن أبي حاتم" 3/ 726.]]: يريد: لو مُتُّمْ على ما كنتم عليه في الجاهلية، لكنتم من أهل النار.
وقوله تعالى: ﴿فَأَنْقَذَكُمْ﴾ قال الأزهري [[في "تهذيب اللغة" 4/ 4643 (نقذ). نقله عنه بنصه.]]: يقال: (نَقَذْتُهُ)، و (أنقَذتُه)، و (استَنْقذتُه)، و (تَنَقّذتُه)؛ أي: خلَّصته ونجَّيته. ومنه يقال [[هذا قول أبي عبيد، كما في المصدر السابق: 4/ 4643 (نقذ).]]: (النقائِذ)، للخيل التي [[في (ب): (الذي)]] تُنُقِّذَت مِن أيدي الناس [[قال ابن دريد: (وكل شيء استرجعته من عدوك من بعير أو فرس، فهو: (نقِيذ)، والجمع: (نقائذ). "الجمهرة" 700.]] وقوله تعالى: ﴿مِنْهَا﴾.
الكناية [[أي: الضمير.]] راجعةٌ إلى النار، لا إلى الشَّفا؛ لأن القصد: الإنجاء مِن النَّارِ لا مِن شَفَا الحفرة. هذا قول الزجاج [[في "معاني القرآن" له: 1/ 451. وهو معنى قوله.]].
وقال غيره [[ممن قال بذلك: أبو عبيد، في "مجاز القرآن" 1/ 98، والطبري، في "تفسيره" 4/ 37 - 38.]]: الكِناية تعود إلى الحفرة، فإذا أنقذهم الله من الحفرة، فقد أنقذهم من شَفَاها؛ لأن شفاها منها. على أنه يجوز أن يُذكَر المضافُ، والمضافُ إليه، ثم تعود الكنايةُ إلى المضاف إليه دون المضاف، فذكر الشفا، وعادت الكناية إلى الحفرة. كقول [[من قوله: (كقول ..) إلى (وكذلك شفا الحفرة): ساقط من: (ب).]] جرير:
[أَرَى مَرَّ] [[ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). والمثبت من (ج)، ومصادر البيت.]] السِّنِين أَخَذْنَ مِني ... كما أخَذَ السِّرَارُ مِنَ الهِلالِ [[البيت في ديوانه: 341. وقد ورد منسوبًا له، في "مجاز القرآن" 1/ 98، 2/ 83، "الكامل" للمبرد: 2/ 141، "تفسير الطبري" 4/ 37، "الأصول في النحو" 3/ 478، "البحر المحيط" 3/ 19، "الدر المصون" 3/ 337، "الدر اللوامع" 1/ 20.
وورد غير منسوب، في "معاني القرآن" للفراء 2/ 37، "المقتضب" 4/ 200، "تهذيب اللغة" 1/ 1049، "الصاحبي" 423، "اللسان" 2/ 1187 (خضع)، "همع الهوامع" 1/ 47. == وروايته في الديوان وأكثر المصادر: (رأت مرَّ السنين ..).
والسِّرَارُ: هي آخر ليلة من الشهر. ويقال: (سَرَرُ الشهر، وسَرارُه، وسِراره)، وهو مشتق من: (استسر القمرُ)؛ أي: خفي ليلة السرار، وقد يكون ذلك ليلةً، أو ليلتين. انظر: "الصحاح" 682 (سرر).
قال الأستاذ محمود شاكر: (وأراد جرير بـ (السرار) -في هذا البيت-: نقصان القمر حتى يبلغ آخر ما يكون هلالًا، حتى يخفى في آخر ليلة، فهذا النقصان هو الذي يأخذ منه ليلة بعد ليلة، أما (السِّرَار) الذي شرحه أصحاب اللغة، فهو ليلة اختفاء القمر، وذلك لا يتفق في معنى هذا البيت). هامش "تفسير الطبري" 7/ 86 (ط. شاكر).
قال ابن السراج: (فقال (أخَذْنَ)، فردَه إلى السنين، ولم يرده إلى (مَرّ)؛ لأنه لا معنى للسنين إلّا مرُّها). "الأصول في النحو" 3/ 478.]] فَذَكَرَ (مَرَّ السِّنِين)، ثم أخبر عن السنين.
وكذلك قول العَجَّاج:
طُولُ اللَّيالي أسرعت في نَقْضِي ... طَوَيْنَ طُولِي وطَوَيْنَ عَرْضِي [[البيت من الرجز، في ملحق ديوانه (بعناية: وليم بن الورد، نشر ليبسك 1903 م): 80، مما نسب له.
وقد ورد منسوبًا له، في "كتاب سيبويه" 1/ 53، "مجاز القرآن" 1/ 99، "تفسير الطبري" 4/ 37، "المخصص" 17/ 78.
وقد نسبته بعض المصادر للأغلب العجلي، ومنها: "المُعمِّرون" لأبي حاتم السجستاني (تح: عبد المنعم عامر، ط: البابي الحلبي - مصر 1961م) 108، و"الأغاني" 21/ 28، "المقاصد النحوية" 3/ 395، "التصريح" للأزهري 2/ 31، "خزانة الأدب" 4/ 224 - 226.
وورد غير منسوب، في "البيان والتبيين" للجاحظ: 4/ 60، وقال فيه: (ورأى معاويةُ هُزالَه وهو مُتَعر، فقال: ..) وذَكَرَه. ولا يدلُّ هذا على أنه لمعاوية، بل قد يكون مما استشهد به من حفظه، وورده في "المقتضب" 4/ 199، "الخصائص" 2/ 418، "الأصول في النحو" 3/ 480، "الصاحبي" 423، "مغني اللبيب" 666== (وانظر:"شرح شواهد المغني" 881)، "منهج السالك" 2/ 284.
وقد ورد برواية: (إن الليالي ..) و (أرى الليالي ..)، ولا شاهد فيه -هنا- على هاتين الروايتين. وورد: (مرُّ الليالي ..).
وورد الشطر الثاني برواية: (نَقَّضن كلِّي ونقضن بعضي)، و (أخَذْنَ بعضي وتَرَكْنَ بعضي). والشاهد فيه: أنه تكلم عن (طول الليالي)، ولكن أخبر عن الليالي، حيث أنَّثَ (أسرعت)، و (طَوَيْنَ) مع أنه يعود على (طول) وهو مذكر؛ وذلك لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه، وهو (الليالي)، وليس الطول شيئًا غيرها، فأخبر عنها، دون الطول.]] وهذا إذا كان المضاف من جنس المضاف إليه [[(إليه): ساقطة من: (ج).]]. فإن (مَرَّ السنين)، هو السنون. وكذلك (شَفَا الحفرة). فَذَكَرَ الشَّفَا وعادت الكناية إلى الحفرة [[وذهب أبو حيان إلى عَوْد الضمير على (الشفا)، وعلَّلَ قائلًا: (لأن كينونتهم على الشفا، هو أحد جزئي الإسناد، فالضمير لا يعود إلا عليه، وأما ذكر الحفرة فإنما جاءت على سبيل الإضافة إليها ..) ثم أضاف: (وأما ذكر النار فإنما جيء بها لتخصيص الحفرة، وليست -ايضًا- أحد جزئي الإسناد [و] لا محَدّثا عنها، و -أيضًا- فالإنقاذ من الشفا أبلغ من الإنقاذ منها لا يستلزم الإنقاذ من الشفا، فعَوْدهُ على الشفا هو الظاهر من حيث اللفظ ومن حيث المعنى). "البحر المحيط" 3/ 19.]].
وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ﴾ الكاف [[من قوله: (الكاف) إلى (هدايته): نقله بنصه عن "معاني القرآن" للزجاج 1/ 451.]] في موضع نصب [[وفي هذه الحالة إما أن تكون نعتًا لمصدر محذوف، أو تكون حالًا؛ أي: (يبيِّن بيانًا مثل ذلك البيان). أو: (يبيِّن لكم تبيينًا مثل تبيينه لكم الآيات الواضحة). انظر: "الفريد في إعراب القرآن" 1/ 612، "الدر المصون" 3/ 338.]]؛ أي: مِثْلَ البَيَانِ الذي يُتلى عليكم، يُبَيِّنُ اللهُ لكم آياته لعلكم تهتدون؛ أي: لتكونوا على رجاء هدايته.
{"ayah":"وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِیعࣰا وَلَا تَفَرَّقُوا۟ۚ وَٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَاۤءࣰ فَأَلَّفَ بَیۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦۤ إِخۡوَ ٰنࣰا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةࣲ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَ ٰلِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق