الباحث القرآني
وقوله: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ قال أكثر المفسرين: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء من هم الدنيا والآخرة إلا هم موسى وذكره؛ وهذا قول ابن عباس في جميع الروايات، ومجاهد ومقاتل وعكرمة وقتادة والحسن وسعيد بن جبير والكلبي [[نسب الثعلبي 8/ 141 ب هذا القول لأكثر المفسرين. وذكره البخاري عن ابن عباس معلقًا بصيغة الجزم 8/ 506. وأخرجه عنه الحاكم 2/ 441، رقم 3529. وأخرجه عبد الرزاق 2/ 88، عن قتادة، وأبي عمران الجوني. وهو في "تفسير مقاتل" 63 ب. و"تنوير المقباس" 323. وأخرجه أبو يعلى 5/ 12، من طريق سعيد بن جبير. وهو جزء من الحديث الطويل حديث الفتون، الذي سبق الحديث عنه قريبا.]]، واختيار الفراء وأبي إسحاق؛ قال الفراء: ﴿فَارِغًا﴾ لهمِّ موسى، فليس يخلط همّ موسى شيء [["معاني القرآن" للفراء 2/ 303. و"معاني القرآن" للزجاج 4/ 134. واختاره ابن الأنباري، في كتابه "الأضداد" 299.]].
وقال محمد بن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد: ﴿فَارِغًا﴾ من الوحي الذي أوحى الله إليها، والعهد الذي عهده إليها أن يرده عليها؛ وذلك أنها لما رأت موسى يرفعه موج، ويخفضه آخر جزعت، وأتاها الشيطان فوسوس لها، وقال: لو قتله فرعون كان للآخرة، وقد توليت قتله بالإلقاء في اليم. ثم لما أتاها الخبر بأن موسى وقع في يد آل فرعون [[أخرجه عنهما وعن الحسن ابن جرير 20/ 36، وأخرجه ابن أبيِ حاتم 9/ 2946 عن ابن إسحاق فقط. وذكره عن الحسن وأبو إسحاق وابن زيد الثعلبي 8/ 141 ب.]]، قالت: قد وقع في يد عدوه الذي فررت به منه، فأنساها عظيم البلاء ما كان من عهد الله إليها. وهذا أيضًا قول مرضيّ.
وقال أبو عبيدة: ﴿فَارِغًا﴾ من الحزن، لعلمها أنه لم يقتل، ولم يغرق [["مجاز القرآن" 2/ 98. وذكر هذا القول ابن الأنباري، "الأضداد" 298، عن بعض أهل اللغة، ولم يسمه، وجعل هذا الاختلاف مما يفسر من القرآن تفسيرين متضادين، وذكر القولين النيسابوري، "وضح البرهان" 2/ 146، وصدر القول الثاني بـ: قيل.]].
قال ابن قتيبة: وهذا من أعجب التفسير، كيف يكون فؤادها فارغًا من الحزن في وقتها ذاك، والله تعالى يقول: ﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ وهل يربط إلا على قلب الجازع المحزون؟ قال: والعرب تقول للجبان، والخائف: فؤاده هواء. لأنه لا يعي عزمًا، ولا صبرًا، وقد خالفه المفسرون إلى الصواب؛ فقالوا: ﴿فَارِغًا﴾ من كل شيء إلا من أمر موسى؛ كأنها لم تهتم بشيء مما يهتم به الحيُّ إلا أمرَ ولدها. انتهى كلامه [["غريب القرآن" 328. ويشهد له ما ذكره الفراء بإسناده عن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنه قرأ: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ من الفزع. "معاني القرآن" 2/ 303، وذكر هذه القراءة ابن جرير 20/ 37، ورد قول أبي عبيدة بقوله: وهذا لا معنى له؛ لخلافه قول جميع أهل التأويل.]].
ووجه قول المفسرين ما ذكر؛ وهو: أن قلبها صار فارغًا من الصبر والعزم، وإنما قال المفسرون: إلا [[كلمة: إلا، ساقطة من نسخة: (ب).]] من ذكر موسى، لدلالة باقي الآية عليه؛ وهو قوله -عز وجل-: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ قال ابن عباس في رواية عطاء: كادت تخبر أن هذا [[هذا، ساقطة من نسخة: (ب).]] الذي وجدتموه في التابوت هو ابني.
وقال في رواية عكرمة، وسعيد بن جبير: كادت تقول [[تقول، ساقطة من نسخة: (ب).]]: وابناه، من شدة وجْدِها به [[رواية عكرمة أخرجها ابن أبي حاتم 9/ 2947، والثعلبي 8/ 141ب ورواية سعيد ابن جبير أخرجها ابن جرير 20/ 37، وابن أبي حاتم 9/ 2947، والحاكم 2/ 441، رقم: 3529. ولم أجد رواية عطاء.]].
وقال مقاتل: خشيت عليه الغرق، وكادت تصيح شفقة عليه، فذلك قوله: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ تقول: إن همت لتشعر أهل مصر بموسى أنه ولدها [["تفسير مقاتل" 63 ب.]].
وعن مُغِيثِ بن سُمَيّ: كادت تقول: أنا أمه [[أخرجه ابن أبي حاتم 9/ 2947.
مغيث بن سُمي، الأوزاعي، أبو أيوب الشامي، ثقة، روى عن عمر -رضي الله عنه- مرسلاً، وروى عن ابن عمر وطائفة، وروى عنه: زيد بن واقد، وعبد الرحمن بن يزيد، وغيرهم. "الكاشف" 3/ 147، و"تقريب التهذيب" 964.]].
وقال أبو إسحاق: إن كادت لتظهر أنه ابنها [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 134.]].
وقال الفراء: ﴿إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ﴾ يعني: باسم موسى أنه ابنها؛ وذلك أن صدرها ضاق بقول آل فرعون: هو ابن فرعون، فكادت تبدي به؛ أي: تظهره [["معاني القرآن" للفراء 2/ 303. و"تفسير ابن جرير" 20/ 38.]].
وهذا معنى قول الكلبي [[ذكره عنه الثعلبي 8/ 141 ب. وهو في "تنوير المقباس" 323.]]؛ فالكناية من ﴿بِهِ﴾ تعود على اسم موسى على قول هؤلاء؛ وهو الصحيح. وسبب الإبداء مختلَف فيه، فعند بعضهم: وَجْدًا به. وعند مقاتل: شفقةً عليه من الغرق. وعند الكلبي ضيق صدرها [[في النسخ الثلاث: ضيق صدر.]] بما تسمع من قولهم: موسى بن فرعون [[ذكره عنه الثعلبي 8/ 141 ب.]].
ويقال أبدى الشيء، ودخلت الباء هاهنا؛ لأنه أريد بالإبداء: الإخبار والإشعار، يدل على هذا ما روي في حرف عبد الله: إن كادت لتشعر به [[ذكر هذه القراءة الفراء 2/ 303.]].
﴿لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا﴾ بالصبر واليقين والإيمان؛ قاله ابن عباس ومقاتل وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 88، عن قتادة. وكذا ابن جرير 20/ 38، وابن أبي حاتم 9/ 2947. و"تفسير مقاتل" 63 ب.]].
قال الزجاج: ومعنى الربط على القلب: إلهام الصبر وتشديده وتقويته [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 134. وذكره القاضي عبد الجبار في "متشابه القرآن" 543.]]. وذكرنا هذا عند قوله: ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ﴾ [الأنفال: 11] [[قال الواحدي: معنى الربط في اللغة: الشد، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران: 200] ويقال لكل من صبر على أمر: ربط قلبه، كأنه حبس قلبه عن أن يضطرب، ويقال: رجل رابط الجأش؛ قال الأصمعي: هو الذي يربط نفسه يكفها بجرأته وشجاعته.]].
وقوله: ﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: من المصدقين بوعد الله حين قال لها: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ قاله مقاتل والمفسرون [["تفسير مقاتل" 63 ب. وأخرجه ابن جرير 20/ 38، وابن أبي حاتم 9/ 2947 ، عن سعيد بن جبير والسدي. و"تفسير الثعلبي" 8/ 142 أ.]].
{"ayah":"وَأَصۡبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَـٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِی بِهِۦ لَوۡلَاۤ أَن رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق